السؤال 25 (أخطاء علمية) عهد آدم حتى ميلاد المسيح؟ عماد حنا
يقول لنا الكتاب المقدس أن عمر البشرية بحساب التواريخ وعلماء اللاهوت والمفسرين كلٌ على حسب توراته كما هو الآتي: في التوراة العبرية من عهد آدم حتى ميلاد المسيح هو (4004) سنة. وفي التوراة اليونانية من عهد آدم حتى ميلاد المسيح هو (5872) سنة. أما في التوراة السامرية من عهد آدم حتى ميلاد المسيح هو (4700) سنة.
والسؤال هنا للعقلاء فقط، يقول الدكتور عبد الجليل شلبي : “… وإبراهيم هو الابن العشرون له وولد بعده بنحو 1948 سنة، وهذا تاريخ لا يصدق ولا يعقل، هذا لأن إبراهيم عليه السلام وفد على سوريا في القرن الثامن عشر ق.م. عصر انتشار الهكسوس وهو عصر كانت الحضارة الانسانية قد تقدمت فيه شوطاً بعيداً جداً، لا يحدث إلا في آلآف عديدة من السنين، وعلى سبيل المثال كان العصر الجليدي في أوربا في نحو 500.000 – 400.000 ق م،
وفي الأرض التي عاش بها العبرانيون ترك أسلافهم أدوات حجرية وجدت في كهوف عدلون وجبل الكرمل وأم قطفة.. وغيرها وهي على حظ من الصنعة، ويقدر العصر الحجري في هذه البقاع أنه كان في نحو 150.00 سنة ق. م. وإذن فتقدير ميلاد إبراهيم انه 1944 تقدير ظاهر السخف.
الإجابة
أولاً، لا ينبغي أن تسرد أمور من دون توثيق، فمن هم العلماء والمفسرين الذين قالوا بذلك؟
لم يؤرخ الكتاب المقدس تاريخ البشر منذ البداية الى إبراهيم، ولكنه أرَّخ من كان له دور حيوي في تاريخ البشر، وربما جاءت حقبات وحقبات من التاريخ ما بين آدم وإبراهيم هي مرحلة اكتشاف البشر للأرض، ولكن الكتاب لم يجد لها دور هام في تاريخ الخلاص البشري فلم يشر اليها.
الكتاب المقدس يؤرخ ولكنه ليس كتاب تاريخ، يرصد بعض تحركات البشر ولكنه ليس كتاب توثيق فلا يمكن أن نعتبره أرشيف مواليد ووفيات.
انه كتاب يحكي تاريخ معاملات الله مع البشر، ويصف كيف أرضوه وأخفقوا في ارضاؤه، والوسيلة التي من خلالها يمكن ان يرجعوا اليه ويتوبوا له. هذا هو هم الكتاب المقدس وشغله الشاغل ومحور توثيقه لكل الأمور. وهو قد نجح في مهمته تماماً. فليتك تستقي منه ما هو لفائدتك، وابحث عن تاريخ الأرض وجيولجيا الأرض في ابحاث العملاء والمختصون.
ثانياً، الكتاب المقدس لا يُعطي عمر الإنسان من آدم إلى المسيح ومن المسيح إلى يومنا هذا، بل هذه اجتهادات يقوم بها الدارسون عند دراسة الأعمار المذكورة في سلاسل النسب.
ثالثاً، لا تهدف سلاسل النسب الموجودة في الكتاب المقدس إلى إظهار عمر الإنسان على الأرض، ولكن من أجل تعقُّب الأسماء الممثلة في سلسلة النسب التي تقود إلى إبراهيم، النسل الذي من خلاله سيبارك الله جميع قبائل الأرض، نسل الفادي الموعود. لذلك السؤال من أساسه خطأ.
رابعاً، هذه السلاسل قصيرة نوعاً ما، وهي موجودة فقط بسبب قرب علاقتها بنسل الوعد. مثلاً، سلسلة نسب إسماعيل في تك 25: 12-18 أقصر من سلسلة نسب عيسو في تك 36، لماذا؟ لأن عيسو له علاقة أقرب إلى العبرانيين من إسماعيل.
خامساً، كتّاب الكتاب المقدس الذين دوّنوا سلاسل النسب لم يوحوا أبداً في طيّات كتاباتهم أن يقدموا سلسلة نسب متكاملة (جد-أب-ابن-حفيد)، بل على العكس كان الكتّاب يتوقعون أن يفهم القرّاء أن الأسماء المكتوبة ما هي إلى اختيارات من عدة أجيال، فلم يهتم الكتّاب أن يدونوا أعمار متكاملة لأسباب تعود إليهم.
سادساً، خذ على سبيل المثال متى حيث يقول في سلسلة النسب التي يقدمها في مت 1: 1-17: “كتاب مواليد يسوع المسيح…جميع الأجيال من إبراهيم إلى داود… ومن داو إلى السبي…” فنلاحظ متى مع أنه ذكر جميع الأجيال إلاّ أنه في العدد الثامن يهمل ذكر ثلاثة ملوك من يهوذا، وفي العدد 11 يحذف يهوياقيم بعد يوشيا، لذلك من الواضح أن متى يستخدم كلمة “وَلَدَ” بمعنى من “نسل” فلان الفلاني وليس الابن المباشر له.
سابعاً، عودة أخرى إلى سلسلة نسب متى، ولاحظ أن السلسلة مقسمة إلى ثلاثة أقسام يحتوي كل منها على 14 اسم. ولكن بالملاحظة الجيدة نجد أن مجموع الأسماء هو 40 بدلاً من 42 الذي هو ناتج جمع الأقسام الثلاثة. فهل أخطأ متى؟ بالطبع لا. لأن الاسم الأخير في القسم الأول هو نفسه الاسم الأول في القسم الثاني، والاسم الأخير في القسم الثاني هو نفسه الاسم الأول في القسم الثالث، فهو يقوم بوضع هذه الأسماء في أقسام ذي 14 اسم لكل قسم لكي يسهل حفظها وليس لإضافتها بشكل عددي قسم1+قسم2+قسم3 ليكون المجموع 42 اسماً.
نفس الأمر ينطبق على سفر التكوين، لذلك لا يوجد أساس في سلسلة النسب من آدم إلى نوح يتم اعتماده لاحتساب عمر الإنسان، ببساطة لأن الكتاب المقدس لم يَقصُد تقديم هذه المفردة لأسباب أخرى غير احتساب عمر الإنسان.