هل الرب إله تشويش أم إله سلام؟ عماد حنا
هل الرب إله تشويش أم إله سلام؟ عماد حنا
قال بولس الرسول:
“لأَنَّ اللهَ لَيْسَ إِلهَ تَشْوِيشٍ بَلْ إِلهُ سَلاَمٍ، كَمَا فِي جَمِيعِ كَنَائِسِ الْقِدِّيسِينَ.” (1 كو 14: 33).
وجاء في سفر التكوين:
“وَقَالَ الرَّبُّ: «هُوَذَا شَعْبٌ وَاحِدٌ وَلِسَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهِمْ، وَهذَا ابْتِدَاؤُهُمْ بِالْعَمَلِ. وَالآنَ لاَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ كُلُّ مَا يَنْوُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ. هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ». فَبَدَّدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ هُنَاكَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، فَكَفُّوا عَنْ بُنْيَانِ الْمَدِينَةِ، لِذلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا «بَابِلَ» لأَنَّ الرَّبَّ هُنَاكَ بَلْبَلَ لِسَانَ كُلِّ الأَرْضِ. وَمِنْ هُنَاكَ بَدَّدَهُمُ الرَّبُّ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ.” (تك 11: 6-9).
وفي الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيكي 2 عدد 11 نجد أن الله يرسل إليهم عمل الضلال حتى يصدقوا الكذب.
فمن نصدق رواية بولس، أم رواية سفر التكوين بالعهد القديم؟ وهل يتعارض كلام الله؟
وهل نفهم من ذلك أن تعلم اللغات الأجنبية محرم من الله حسب كتابكم المقدس؟ الإجابة
تستطيع أن تصدق رواية بولس فهو وحي إلهي، وأيضا رواية سفر التكوين فهو أيضا وحي إلهي، وكلاهما معصوم عن الخطأ والزلل.
هل يتعارض كلام الله؟
كلام الله لا يتعارض ولكننا نحن نربط آيات ببعضها ليس لها أي علاقة ببعضها فمثلا في تسالونيكي الثانية لا يمكن أن نقرأ الآية الحادية عشر وحدها دون نقرأ العشرة آيات التي قبلها والتي يوضح فيها بعض معالم يوم الرب أو بالحري يوم الدينونة، ويصف الأحداث التي قبلها ويتكلم عن مضلين أرادوا أن يضلوا شعب الكنيسة فيريد أن يحذرهم، الأمر الذي يعتبر بعيد جدا عن سياق سفر التكوين وأيضا عن كورنثوس الأولى 14. هذا الرب الذي يهدف إلى التشكيك في صحة الكتاب المقدس لا يمكن أن ننجرف فيه لأننا تعلمنا ألا نقرأ الآية مفردة بل نضعها في سياقها وهذا أبسط مبدأ في علم التفسير.
نحن نتفق مع بولس الرسول أن الله إلهنا هو إله سلام وليس إله تشويش، وحادثة سفر التكوين لم يكن الغرض منها التشويش، أو محبة الله في أن يشوش على البشر بلغات متعددة، ولكن رغبته كانت في أن يتكاثر الشعب ويثمر على وجه الأرض. ذلك هو الهدف الأساسي منذ البدء (راجع تكوين 1). الإنسان أراد أن يدمر نفسه بتمرده على خالقه بعمل برج يستقر فيه ولا يتبدد على وجه الأرض فبلبل الرب الالسنة حتى يجبره على طاعته، وهنا هو لا يشوش عليه، ولكنه يجبره على الطاعة.
الجدير بالذكر أن سياق الشواهد الثلاث التي أتى بها المشكك تختلف تماما عن بعضها فالشاهد الأول يتكلم عن أننا يجب أن نتكلم في الكنيسة بترتيب ونظام، والشاهد المتعلق بسفر التكوين يتكلم عن رغبة الشعب في التقوقع في مكان واحد متمردا على الله والشاهد الثالث يتكلم عن يوم الدينونة وما سيحدث قبلها وبعدها فما الذي جمع الثلاث شواهد معا سوى رغبة مفضوحة للمشكك في أن يشككنا في كلام الله بلصق أي كلام في أي كلام ويقول إنه تناقض!!!
هل تعلم اللغات الأجنبية محرم من الله حسب كتابكم المقدس؟
لا ليس محرم تعلم اللغات الأجنبية ولكن الوحي سطر لنا في سفر التكوين كيف جاءت تلك اللغات الأجنبية بعد أن كانت الأمم كلها لسان واحد، وأعتقد أنه من الأفضل جدا لو كان العالم كله يتكلم بلسان واحد حتى نفهم بعضنا البعض دون الحاجة إلى تعلم آلاف من اللغات واللهجات حتى نفهم، ويقول سفر التكوين أن تعدد اللغات جاء نتيجة محاولة الإنسان التمرد على الله.
فهندما خلق الله آدم قال ” أثمروا وتكاثروا واملأوا الأرض…. “سفر التكوين 1: 28 ولكن البشر رفضوا طاعة هذا الأمر وقالوا ” هيا نشيد لأنفسنا مدينة وبرجا يبلغ رأسه السماء، فنخلد لنا أسما لئلا نتشتت على وجه الأرض كلها” سفر التكوين 11: 4 ونلاحظ هنا أن وجهة نظر الإنسان هو التجمع في مكان واحد وعدم التشتت وهذا عكس إرادة الله ووصيته بأن يثمروا ويملأوا الأرض.
فجاء العقاب وهو بلبلة الألسنة فلا يفهم كل واحد صاحبه فيبدأوا في التشتت وملء الأرض. وهذا ما حدث. من هنا جاءت اللغات الأجنبية وجاءت معها معاناة الشعوب في تعلم تلك اللغات الكثيرة المنتشرة على وجه الأرض لكي يفهموا بعضهم البعض الأمر الذي ما كان يحدث لولا تمرد الإنسان.