هل شهد إرميا النبي بتحريف الكتاب المقدس؟ ما هو التحريف الذي أشار إليه إرميا النبي؟
هل شهد إرميا النبي بتحريف الكتاب المقدس؟ ما هو التحريف الذي أشار إليه إرميا النبي؟
يقول صاحب الشبهة:
لقد اعترف كاتب سفر ارميا (23: 13، 15، 16) بأن أنبياء أورشليم وأنبياء السامرة الكذبة حرفوا كلام الله عمداً:
” وقد رأيت في أنبياء السامرة حماقة. تنبأوا بالبعل وأضلوا شعبي إسرائيل. وفي أنبياء أورشليم رأيت ما يقشعر منه. يفسقون ويسلكون بالكذب ويشددون أيادي فاعلي الشر حتى لا يرجعوا الواحد عن شره. صاروا لي كلهم كسدوم وسكانها كعمورة. لذلك هكذا قال رب الجنود عن الأنبياء. هانذا أطعمهم افسنتينا واسقيهم ماء العلقم لأنه من عند أنبياء أورشليم خرج نفاق في كل الأرض “.
وأيضاً: لقد اعترف كاتب سفر ارميا بأن اليهود حرفوا كلمة الله لذلك فهو ينسب لإرميا في (23: 36) توبيخ النبي إرميا لليهود:
” أما وحي الرب فلا تذكروه بعد لأن كلمة كل إنسان تكون وحيه إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كلام الإله الحي الرب القدير “.
رابعاً: ونجد أيضاً أن كاتب سفر ارميا ينسب لإرميا توبيخه وتبكيته لليهود لقيامهم بتحريف كلمة الرب:
” كيف تقولون إننا حكماء وكلمة الرب معنا؟ حقاً إنه إلى الكذب حولها قلم الكتبة الكاذب “.
وللرد نقول:
من الواضح هنا أن كاتب المقال لا يهمه شيء غير اصطياد كلمات يحور معناها ليصل بها إلى غرضه!!! ونقول له أن الدراسة النبيلة ذات الغرض النبيل تبحث كل شيء وتدرس كل شيء وتفهم كل شيء بحيدة، ولا تأخذ بالظواهر، ولو كان قد قرأ بقية الإصحاح لفهم المعنى!!
(أ) لقد كان عصر أرميا النبي يمتلىء بالأنبياء الكذبة وكان كل منهم يزعم أن الله يوحي إليه وقد تبعهم بعض الكهنة ولكن كان كلامهم كله كذب ولذا يوبخهم الله عن طريق ارميا النبي الذي كان النبي الموحى إليه من الله. أنه يوبخ الأنبياء الكذبة لأنهم ينسبون لله كلاماً لم يتكلم به معهم ويفسرون شريعته على هواهم!! يقول الكتاب: ” هكذا قال رب الجنود لا تسمعوا لكلام الأنبياء الذين يتنبأون لكم. فأنهم يجعلونكم باطلا. يتكلمون برؤيا قلبهم لا عن فم الرب. قائلين قولا لمحتقريّ قال الرب يكون لكم سلام. ويقولون لكل من يسير في عناد قلبه لا يأتي عليكم شر. لأنه من وقف في مجلس الرب ورأى وسمع كلمته؟ من أصغى لكلمته وسمع؟ ها زوبعة الرب. غيظ يخرج ونوء هائج. على رؤوس الأشرار يثور. لا يرتد غضب الرب حتى يجري ويقيم مقاصد قلبه. في آخر الأيام تفهمون فهما. لم أرسل الأنبياء بل هم جروا. لم أتكلم معهم بل هم تنبأوا. ولو وقفوا في مجلسي لأخبروا شعبي بكلامي وردّوهم عن طريقهم الرديء وعن شر أعمالهم ” (ار23:15-23).
(ب) ويشكو ارميا النبي من أن ” كلمة كل إنسان تكون وحيه إذ قد حرفتم كلام الإله الحي رب الجنود إلهنا (ار23: 36). ويستخدم الكلمة العبرانية ” הפך – hâphak ” والتي تترجم أسأتم استخدام كلام الإله “:
” for you have perverted the words of the living God” أي ” أسأتم استعمال كلمة الله الحي “. أي أنه يقول كل واحد يمشي على هواه ” كلمة كل إنسان تكون وحيه “. كما أنكم أسأتم استخدام كلمة الله في غير هدفها وبغير معناها الأصلي. وأيضاً ” you are twisting my words into a lie “!! أي فسرتم كلمتي بالكذب وبغير معناها الذي قصدته، أولتم كلامي تأويلاً فاسداً.
ولذا فقد ترجمت في العربية المشتركة: ” أمَّا وَحيُ الرّبِّ فلا تَذكُروهُ مِنْ بَعدُ، لأنَّ لِكُلٍّ مِنكُم كلامًا مِنْ وَحيهِ، فعكَسْتُم كلامَ الإلَهِ الحَيِّ والرّبِّ القديرِ”.
(ج) أما قوله ” كيف تقولون: نحن حكماء وشريعة الرب معنا؟ حقا انه إلى الكذب حولها قلم الكتبة الكاذب “. فلا يقصد هنا تحريف النص إنما تحريف الكتبة للمعنى لا للنص، فالكاتب يكتب تفسيرات لكلمة الله وفي هذه التفسيرات يفسر المعنى على هواه. وقوله ” حقا انه إلى الكذب حولها قلم الكتبة الكاذب “، يعني كذبوا في تفسيرها وتأويلها وشرح معناها وناوروا في كلمة الناموس ليفسدوا معناه. فقد كان هؤلاء الكتبة حافظين للناموس وقد حوروا معناه وأولوه على أهوائهم!!