هل شهد داود النبي بتحريف الكتاب المقدس؟ ما هو التحريف الذي أشار إليه داود النبي؟
هل شهد داود النبي بتحريف الكتاب المقدس؟ ما هو التحريف الذي أشار إليه داود النبي؟
هل شهد داود النبي بتحريف الكتاب المقدس؟ ما هو التحريف الذي أشار إليه داود النبي؟
يقول كاتب المقال زاعماً بل وبدون تحقيق أو تدقيق لما يقرأ!!!! أن كاتب المزمور (56: 4و5) ينسب إلى داود عليه السلام بأن أعداءه طوال اليوم يحرفون كلامه: ” ماذا يصنعه بي البشر. اليوم كله يحرفون كلامي. عليّ كل أفكارهم بالشر ” ترجمة الفاندايك.
وقبل الرد نسأل كاتب المقال ونقول له: ما هو التحريف؟!
ونقول له أن كلمة تحريف في أي كتاب مقدس، بحسب المفهوم الإسلامي، تعني تحريف الكلام بمعنى تفسيره على غير معناه بدون دليل وإعطائه معنى يخالف معناه الحقيقي. ويعني اصل التحريف في اللغة تبديل المعنى. والتحريف اصطلاحاً له معانٍ كثيرة منها: التحريف الترتيبي: أي نقل الآية من مكانها إلى مكان آخر. ومنها تحريف المعنى وتبديله إلى ما يخالف ظاهر لفظه، وهذا يشمل التفسير بالرأي، وكل من فسر الكلام بخلاف حقيقته وحمله على غير معناه فهو تحريف. ومنها تحريف اللفظ: وهو يشمل كل من الزيادة أو النقص، والتغيير والتبديل.
أولاً: التحريف بالزيادة: بمعنى أنّ بعض الكتاب الذي بين أيدينا ليس من كلام الكتاب الأصلي، سواء بزيادة حرف أو كلمة أو آية أو جزء في الكتاب.
ثانياً: التحريف بالنقص: بمعنى أنّ بعض الكتاب الذي بين أيدينا لا يشتمل على جميع ما كتبه الأنبياء بالروح، بأنْ يكون قد ضاع بعضه إمّا عمداً، أو نسياناً، وقد يكون هذا البعض حرفاً أو كلمةً أو آية أو جزءاً من الكتاب. أي التحريف في تبديل كلمة بدل أخرى، التحريف في تبديل حرف بآخر، التحريف في تبديل حركة بأخرى.
هذا معنى التحريف وأقسامه كما عرفها وبينها علماء المسلمين. والسؤال هنا هو: هل ينطبق معنى التحريف هذا على ما جاء في هذا المقال؟ وهل ينطبق ذلك على كلام داود النبي في هذا المزمور المستشهد به؟
والإجابة هي كلا!!
فقد وُضعت كلمة ” يحرف ” وكلمة ” تحريف ” في ترجمة العهد القديم إلى اللغة العربية، الترجمة البيروتية (فاندايك)، لكلمات تعني في الآيات التالية، في لغتها العبرية الأصلية، الميل بالحقيقة عن العدل والحق، وبتأويل معنى الكلمة بغير معناها المقصود، يقول الكتاب ” لا تجب في دعوى مائلا وراء الكثيرين للتحريف ” (خر 23: 2)، وقد وردت كلمة تحريف في العبرية (נטה – nâṭâh) بمعنى يميل عن، ينحني، يخلص، يمتد .. الخ أي يميل بها عن العدل، وجاءت في الترجمة الإنجليزية: ” to wrest judgment “، أي يميل عن العدل أو يسيء تفسيره. لذا جاءت في الترجمة اليسوعية: ” ولا تُحَرِّفْ وأَنتَ تَشهَدُ في الدَّعاوى، مائلاً جِهَةَ الكَثيرين “.
وجاء في خروج ” لا تحرف (תטה – nâṭâh) حق فقير في دعواه -You shall not pervert the judgment of your poor in his cause ” (خر 23:6)، مستخدماً نفس الكلمة العبرية السابقة بمعنى لا تمل عن حق فقيرك، أو تجور على حق فقيرك. ومن هنا ترجمت في العربية المشتركة معنوياً: ” لا تسكُتْ عَن إنصافِ المِسكينِ في دعواهُ “.
وجاء في تثنية ” لا تحرف القضاء ولا تنظر إلى الوجوه – You shall not pervert justice ” (تث16: 19). مستخدما نفس الكلمة العبرية السابقة بمعنى لا تحكم إلا بالعدل ولا تحابى من لهم مكانة، وقد ترجمت في العربية المشتركة ” لا تَجوروا في الحُكْمِ، ولا تُحابوا أحدًا “.
وهنا يشكو داود من أن أعداءه الكثيرين: ” اليوم يحرفون كلامي. على كل أفكارهم بالشر ” (مز56: 5). ويستخدم الكلمة العبرية (עצב – ‛âtsab) والتي تعنى يعوج، يلوى، يغير المعنى، يتألم يغضب … الخ والمقصود هنا هو تغير معنى كلام داود من أعدائه:
” they wrest my words “
” they pervert my words “
” words they make wrong use of my “
أي يغيرون أو يلوون أو يسيئون استخدام كلمات داود نفسه وليس كلام الوحي!! وهذا ما حدث بالفعل عندما حاول أعداء داود النبي أن يحرضوا شاول عليه ” وقال داود لشاول لماذا تسمع كلام الناس القائلين هوذا داود يطلب أذيتك. هوذا قد رأت عيناك اليوم هذا كيف دفعك الرب اليوم ليدي في الكهف وقيل لي أن أقتلك ولكنني أشفقت عليك وقلت لا أمد يدي إلى سيدي لأنه مسيح الرب هو ” (1صم24 :9و10).
وكان أعداء داود يفكرون عليه بالشر ” على كل أفكارهم بالشر “، وكانوا يتعقبون خطواته ليوقعوا به عند شاول الملك ” فاذهبوا أكّدوا أيضا واعلموا وانظروا مكانه حيث تكون رجله ومن رآه هناك. لأنه قيل لي انه مكرا يمكر. فانظروا واعلموا جميع المختبآت التي يختبئ فيها ثم ارجعوا إليّ على تأكيد فأسير معكم ويكون إذا وجد في الأرض أني أفتش عليه بجميع ألوف يهوذا ” (1صم23: 22و23).
كان أعداء داود يحرفون كلام داود النبي، الكلام العادي وليس كلام الوحي الإلهي، ليوقعوا به عند شاول الملك!!