Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

صرت غبيا وأنا أفتخر – كيف يقول بولس الرسول عن نفسه أنه غبي؟ وكيف يفتخر أنه غبي؟ هل قال عن نفسه حقاً أنه غبي؟

صرت غبيا وأنا أفتخر – كيف يقول بولس الرسول عن نفسه أنه غبي؟ وكيف يفتخر أنه غبي؟ هل قال عن نفسه حقاً أنه غبي؟

صرت غبيا وأنا أفتخر – كيف يقول بولس الرسول عن نفسه أنه غبي؟ وكيف يفتخر أنه غبي؟ هل قال عن نفسه حقاً أنه غبي؟

 

في كثير من الحوارات التي رأيتها بين المسيحيين والمسلمين، تجد المسلم يقول للمسيحي أن بولس رسولكم يقول عن نفسه أنه غبي، بل يتفاخر بهذا الغباء!، وفي أغلب الأحيان، يقول المسلم هذا لإضعاف نفسية الطرف المسيحي، والنص المعتمد عليه في هذا الإتهام هو:

2Co 12:11   قد صرت غبيا وأنا أفتخر. أنتم ألزمتموني! لأنه كان ينبغي أن أمدح منكم، إذ لم أنقص شيئا عن فائقي الرسل، وإن كنت لست شيئا.

فهل بحسب هذا النص، يقول بولس الرسول عن نفسه أنه غبيا، وأنه يفتخر بهذا الغباء؟

لندع القديس بولس يجب على هذا السؤال بنفسه، وليس هذا فحسب، بل من ذات الرسالة التي يستشهد بها المعترض، بل، ومن الأصحاح السابق لهذا الأصحاح الذي إستشهد المعترض بأحد نصوصه! فيجيب علينا القديس بولس بكل صراحة:

2Co 11:16   أقول أيضا: لا يظن أحد أني غبي. وإلا فاقبلوني ولو كغبي، لأفتخر أنا أيضا قليلا.

 

فهو لا ينهى فقط أن يقول أحد أنه غبي، بل ينهى حتى عن مجرد الظن أنه غبي! فكيف يقول قائل أنه يقول عن نفسه أنه غبي، بل أنه يفتخر بهذا الغباء؟ ومن هنا يتوضح لنا كيف أن المعترض لم يقرأ الكتاب المقدس، بل أقتطف نصاً وذهب ليسقط عليه فهمه الخاص!

 

ولكن، ما معنى كلام بولس الرسول؟ وهل كان يفتخر بأنه غبي؟!!

بقراءة سريعة للرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس، يتبين ما يقصده منه كلامه..

 

فقد كان هناك معلمين كذبة يقاومونه في خدمته ويعثرون أهل كورنثوس فيه، فمع هذا الهجوم عليه وعلى الرسل الآخرين الذين خدموا معه في كورنثوس، إضطُرَّ أن يدافع عن نفسه وعن الرُسل لكي لا يتعطل صليب المسيح والإنجيل بسبب كلام المعلمين الكذبة، فمع معارضته لهذا الدفاع

لأنه فيه سيضطر أن يذكر أشياء لا يريد ان يذكرها على سبيل ذكر مميزات الرُسل الحقيقيون، وهو يحسب هذا إفتخار، وهو يقاوم أن يفتخر بشيء إلا بالرب، ولكن،  لأجل هؤلاء المعلمين الكذبة الذين ينسبون لأنفسهم أشياء ليست فيهم ولا لهم لكي يساوا أنفسهم بالرسل الأطهار، ثم يبثون سمومهم في شعب المسيح في كورنثوس

فكان من باب أولى أن يذكر بولس الرسول على إستحياء، مجبراً لأجل الخدمة، ما كان يخفيه في قلبه من قامة الرسل الحقيقيين، فعلى الرغم من أنه بنفسه لا يحب أن يفعل هذا، ولكن لأجل ألا يتعطل صليب المسيح أضطر أن يتكلم بأسلوب المعلمين الكذبة الأغبياء الذين يفتخرون، لأن في إفتخارهم بما هو أرضي غباء وجهل، وليت هذا الإفتخار كان في محله، بل أنهم كانوا يفتخرون بما ليس فيهم، فمن باب أولى أن يذكر القديس بولس ما فعله الرُسل الحقيقيون لكي يفندوا إتهامات وادعاءات هؤلاء الكذبة.

راجع:

2Co 10:2   ولكن أطلب أن لا أتجاسر وأنا حاضر بالثقة التي بها أرى أني سأجترئ على قوم يحسبوننا كأننا نسلك حسب الجسد.

2Co 10:3   لأننا وإن كنا نسلك في الجسد، لسنا حسب الجسد نحارب.

2Co 10:7   أتنظرون إلى ما هو حسب الحضرة؟ إن وثق أحد بنفسه أنه للمسيح، فليحسب هذا أيضا من نفسه: أنه كما هو للمسيح، كذلك نحن أيضا للمسيح!

2Co 10:8   فإني وإن افتخرت شيئا أكثر بسلطاننا الذي أعطانا إياه الرب لبنيانكم لا لهدمكم، لا أخجل.

2Co 10:12   لأننا لا نجترئ أن نعد أنفسنا بين قوم من الذين يمدحون أنفسهم، ولا أن نقابل أنفسنا بهم. بل هم إذ يقيسون أنفسهم على أنفسهم، ويقابلون أنفسهم بأنفسهم، لا يفهمون.

2Co 10:13   ولكن نحن لا نفتخر إلى ما لا يقاس، بل حسب قياس القانون الذي قسمه لنا الله، قياسا للبلوغ إليكم أيضا.

2Co 10:14   لأننا لا نمدد أنفسنا كأننا لسنا نبلغ إليكم. إذ قد وصلنا إليكم أيضا في إنجيل المسيح.

2Co 10:15   غير مفتخرين إلى ما لا يقاس في أتعاب آخرين، بل راجين إذا نما إيمانكم أن نتعظم بينكم حسب قانوننا بزيادة،

2Co 10:16   لنبشر إلى ما وراءكم. لا لنفتخر بالأمور المعدة في قانون غيرنا.

2Co 10:17   وأما من افتخر فليفتخر بالرب.

 

ثم بعد هذا، يعتذر القديس بولس عن أنه سيتنازل ويتكلم في فضائل الرُسل الحقيقيين، وأتعابهم وثمارهم، وكلامه هذا ليس نابعاً من رغبته في الكلام، كما أسلفنا، بل هو مجبر عليه لأجل الذين يقلقون سلام الكنيسة في كورنثوس، وتخدعهم الحيّة بمكرها، وتفسد أذهانهم عن البساطة في المسيح، فهو يقول هذا مضطراً، ورغم ذلك يقول لهم أن يحتملوه وهو يقول هذا الكلام الذي يعده جهل وغباوة لأن الإفتخار يكون بالرب، وليس بالأتعاب في الخدمة

فقال لهم أن ما سيفعله، سيفعله فقط لكي يقطع الطريق ويُفَوِّت الفرصة على الذين يمتحدون أنفسهم كذباً لكي يكونوا عند اهل كورنثوس مثل الرسل الحقيقيين، فلأنه يخاف على الرعية فأراد أنه حتى لو تنازل وتكلم فيما يتكلم فيه هؤلاء الرسل الكذبة، فهو سيكون أفضل منهم أيضاً

وهذا تنازلاً لأنه لا يفعل هذا بإرادته الشخصية بل مجبراً، ثم يخبرهم أن الذي سيقوله لن يقوله كأنه شيء ممدوح في المسيح، بل سيتكلم مجارياً هؤلاء الكذبة فيما يفتخرون به في جهلهم، فهو سيضع نفسه مجبراً مفتخراً حسب الجسد لأجل هؤلاء الذين في كورنثوس، فهل يقولون لكن أنهم عبرانييون؟ قبولس الرسول أيضاً عبراني!، هل هم إسرائيليون؟

فبولس أيضاً كذلك!، هل هم من نسل إبراهيم؟ فبولس أيضاً، كذلك، فأي فضل لهم عليه؟، هل يقولون لكم انهم خدام المسيح؟، فجدلاً، بولس الرسول أفضل، في الأتعاب أكثر. في الضربات أوفر. في السجون أكثر. في الميتات مرارا كثيرة، تم جلده من اليهود في خمس مرات، أربعين جلدة إلا واحدة، تم ضربه ثلاث مرات بالعصى، تم رجمه مرة واحدة، إنكسرت السفينة به ثلاث مرات وهو في عرض البحر وعُرِّضت حياته للخطر  مما في البحر من مخاطر

وقضى نهار وليس في عرض البحر، سافر مرات كثيرة، وتعرض لخطر السيول ولخطر اللصوص، وبأخطار من اليهود والأمم، بأخطار في المدن والبراري، بأخطار من إخوة كذبة، تعبَ وكدَ كثيراً، جاع وعطش وصام مرارا كثيرة، تعرى في البرد، وفوق كل هذا كان يهتم بجميع الكنائس، بل أنه يهتم بهم فرداً فرداً، فمن منهم ضَعُفَ أو أُعثر ولم يهتم به بولس الرسول؟، فإن كان يجب الإفتخار من جانبهم، فسيفتخر بولس الرسول بهذه كلها مجبراً لكي لا يخدعوهم في كورنثوس مجبراً، هذا كله زيادة على أنه هرب من الملك في دمشق.

راجع:

2Co 11:5   لأني أحسب أني لم أنقص شيئا عن فائقي الرسل.

2Co 11:6   وإن كنت عاميا في الكلام فلست في العلم، بل نحن في كل شيء ظاهرون لكم بين الجميع.

2Co 11:7   أم أخطأت خطية إذ أذللت نفسي كي ترتفعوا أنتم، لأني بشرتكم مجانا بإنجيل الله؟

2Co 11:8   سلبت كنائس أخرى آخذا أجرة لأجل خدمتكم، وإذ كنت حاضرا عندكم واحتجت، لم أثقل على أحد.

2Co 11:9   لأن احتياجي سده الإخوة الذين أتوا من مكدونية. وفي كل شيء حفظت نفسي غير ثقيل عليكم، وسأحفظها.

 2Co 11:10   حق المسيح في. إن هذا الافتخار لا يسد عني في أقاليم أخائية.

2Co 11:12   ولكن ما أفعله سأفعله لأقطع فرصة الذين يريدون فرصة كي يوجدوا كما نحن أيضا في ما يفتخرون به.

2Co 11:16   أقول أيضا: لا يظن أحد أني غبي. وإلا فاقبلوني ولو كغبي، لأفتخر أنا أيضا قليلا.

2Co 11:17   الذي أتكلم به لست أتكلم به بحسب الرب، بل كأنه في غباوة، في جسارة الافتخار هذه.

2Co 11:18   بما أن كثيرين يفتخرون حسب الجسد أفتخر أنا أيضا.

2Co 11:22   أهم عبرانيون؟ فأنا أيضا. أهم إسرائيليون؟ فأنا أيضا. أهم نسل إبراهيم؟ فأنا أيضا.

2Co 11:23   أهم خدام المسيح؟ أقول كمختل العقل: فأنا أفضل. في الأتعاب أكثر. في الضربات أوفر. في السجون أكثر. في الميتات مرارا كثيرة.

2Co 11:24   من اليهود خمس مرات قبلت أربعين جلدة إلا واحدة.

2Co 11:25   ثلاث مرات ضربت بالعصي. مرة رجمت. ثلاث مرات انكسرت بي السفينة. ليلا ونهارا قضيت في العمق.

2Co 11:26   بأسفار مرارا كثيرة. بأخطار سيول. بأخطار لصوص. بأخطار من جنسي. بأخطار من الأمم. بأخطار في المدينة. بأخطار في البرية. بأخطار في البحر. بأخطار من إخوة كذبة.

2Co 11:27   في تعب وكد. في أسهار مرارا كثيرة. في جوع وعطش. في أصوام مرارا كثيرة. في برد وعري.

2Co 11:28   عدا ما هو دون ذلك: التراكم علي كل يوم. الاهتمام بجميع الكنائس.

2Co 11:29   من يضعف وأنا لا أضعف؟ من يعثر وأنا لا ألتهب؟

2Co 11:30   إن كان يجب الافتخار، فسأفتخر بأمور ضعفي.

2Co 11:31   الله أبو ربنا يسوع المسيح، الذي هو مبارك إلى الأبد، يعلم أني لست أكذب.

2Co 11:32   في دمشق والي الحارث الملك كان يحرس مدينة الدمشقيين يريد أن يمسكني،

2Co 11:33   فتدليت من طاقة في زنبيل من السور، ونجوت من يديه.

 

لكن بولس الرسول، يعود فيُؤكد ويُذكِّر أنه لا يوافقه هذا الإفتخار ولا يرضى عنه، لأنه إفتخار بأمور بشرية، ومن يفتخر فليفتخر بالرب، وبعد أن قام بولس الرسول في مجاراة الإخوة الكذبة فيما يفتخرون به مجبراً، وأثبت، أنه حتى إن قارنهم بما لديه، في ذكر الأمور البشرية، فسيكون هو أفضل منهم بكثير، يقوم الآن بذكر الأمور الروحية التي من الرب في تواضع كبير، فيتكلم عن إعلانات الرب له وأنه إختُطِف إلى السماء الثالثة، إلى الفردوس، وسمع بكلمات لا ينطق بها،

ولا يجوز لأنسان أن يتكلم بها، فهو من جهة هذا فقط، يفتخر ، ولا يفتخر  فيما عدا هذا إلا بضعفاته، فحتى إن إفتخر بالأمور الروحية أو حتى تنازلاً الأرضية، لا يكون غبي، لأنه يقول الحق، ولكن لأجل الكرازة فهو لا يفتخر إلا بالأمور الروحية فقط، ومن كثرة هذه الإعلانات، فلكي لا يرتفع متكبراً، أعطي شوكة في الجسد لكي يشعر بضعه رغم كل هذه الإعلانات، وعندما طلب من الرب أن يزيل هذه الشوكة، قيل له أن قوة الرب في ضعفه تكمن، فالله قادر أن يخلص بالقوي والضعيف

فالله هو العامل فينا، وليس بقدرتنا أو بقوتنا، ثم يقول بولس الرسول أنه يسر بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح. لأني حينما هو ضعيف في كل هذا فحينئذ هو قوي بالمسيح.

لذا، فبولس الرسول لم يتفاخر بالأرضيات إلا لمجاراة من يتفاخر بها عن جهل، ولكنه حتى هو إن تفاخر بالأرضيات لا يكون غبياً (كما قال هو نفسه، 2كو 12: 6) لأنه يقول الحق، وكما أكد أن لا يظن احد، مجرد الظن، أنه غبي (2كو 11: 16)، ففي الأرضيات هو أفضل، وفي السماويات هو أفضل بالأكثر، فهو لا يقول عن نفسه أنه غبي، بل يقول أن من يفتخر بهذه الأرضيات عن إرادته، وعن عمد هو غبي، إذن، وبماذا كان يفتخر؟

في الحقيقة عبارة “وأنا أفتخر” ليست أصيلة، فهى غير موجودة في أقدم وأهم المخطوطات، مثل البردية 46 والسينائية، والسكندرية والفاتيكانية وبيزا و F و G و K ومخطوطات الترجمات القبطية القديمة والفولجاتا وبعض مخطوطات اللاتينية القديمة وغيرها من المخطوطات القديمة والمهمة، حتى أن غالبية كتب القراءات النصية في المخطوطات لا تذكرها من فرط وضوح أنها ليست من النص.

وبهذا، يكون مقصود بولس الرسول قد أصبح واضحاً، ولم تعد هناك حجة أو شبة حجة أو دليل أو شبة دليل يتمسك به المعترض ليتبجح ويقول أن بولس الرسول يقول عن نفسه أنه غبي!!!

صرت غبيا وأنا أفتخر – كيف يقول بولس الرسول عن نفسه أنه غبي؟ وكيف يفتخر أنه غبي؟ هل قال عن نفسه حقاً أنه غبي؟

Exit mobile version