هل يعبد المسيحيون إلها واحداً أم ثالث ثلاثة؟ جـ2
هل يعبد المسيحيون إلها واحداً أم ثالث ثلاثة؟ جـ2
المسيحيون كفار لأن القرآن الكريم يقول عنهم: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ (المائدة 73)
كما أثبتنا في المقالة السابقة (يمكنك قراءتها بالضغط هنا) أن المسيحيين يعبدون إلها واحداً وليس إثنان أو ثلاثة، وفي هذه المقالة نؤكد أن المسيحيين لا يقولون إن الله ثالث ثلاثة، بل أنه واحد وليس أول ثلاثة ولا ثانيهم ولا ثالث ثلاثة، فمعنى “ثالث ثلاثة” التي قصدها القرآن الكريم هو كمعنى “رابع أربعة” أو “خامس خمسة” أو “سادس ستة”، أي أن الله واحد من هؤلاء الثلاثة، وبالطبع المسيحيون لا يقولون بهذا على الإطلاق، ولكيلا يتهمنا أحد أننا نفسر على هوانا، فنورد لحضراتكم أقوال المفسرين المسلمين المعتمدين.
- تفسير حقي:
{ لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة } اى احد ثلاثة آلهة والالهية مشتركة بينهم وهم الله وعيسى ومريم.
- تفسير البغوي:
{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} يَعْنِي: الْمُرْقُوسِيَّةَ، وَفِيهِ إِضْمَارٌ مَعْنَاهُ: ثَالِثُ ثَلَاثَةِ آلِهَةٍ، لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْإِلَهِيَّةُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَمَرْيَمَ وَعِيسَى، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ إِلَهٌ فَهُمْ ثَلَاثَةُ آلِهَةٍ، يُبَيِّنُ هَذَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمَسِيحِ: “أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ”؟ (الْمَائِدَةِ، 116) ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الْإِلَهِيَّةَ لَا يَكْفُرُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: “مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ” (الْمُجَادَلَةِ، 7)
- تفسير زاد المسير:
ومعنى الآية: أن النصارى قالت: الإِلهية مشتركة بين الله وعيسى ومريم، وكل واحد منهم إِلهٌ. وفي الآية إِضمار، فالمعنى: ثالث ثلاثة آلهة، فحذف ذكر الآلهة، لأن المعنى مفهوم، لأنه لا يكفر من قال: هو ثالث ثلاثة، ولم يرد الآلهة، لأنه ما من اثنين إِلا وهو ثالثهما، وقد دل على المحذوف قوله تعالى: وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ. قال الزجاج: ومعنى ثالث ثلاثة: أنه أحد ثلاثة. ودخلت «من» في قوله تعالى: وَما مِنْ إِلهٍ للتوكيد. والذين كفروا منهم، هم المقيمون على هذا القول.
- تفسير البيضاوي:
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ أي أحد ثلاثة، وهو حكاية عما قاله النسطورية والملكانية منهم القائلون بالأقانيم الثلاثة وما سبق قول اليعقوبية القائلين بالاتحاد.
تعليق: يظهر من هنا جهل المؤلف ناصر الدين البيضاوي، صاحب التفسير، لأن المسيحيون لا يقولون بأن الله هو أحد الأقانيم، فقد خلط بين أن الله “أحد ثلاثة” وبين أن الله كجوهر هو “ثلاثة” أقانيم وليس أحدهم كأن الإثنين الآخرين آلهه غيره.
- تفسير الثعالبي:
الآية: إخبارٌ مؤكِّد كالذي قبله، عن هذه الطائفة النَّاطقة بالتثليث، وهم فِرَقٌ، منهم النُّسْطُورِيَّة وغيرهم، ولا معنى لذكْر أقوالهم في كُتُب التَّفْسِير.
وقوله سبحانه: ثالِثُ ثَلاثَةٍ: لا يَجوزُ فيه إلاَّ الإضافةُ، وخفض «ثلاثة» لأن المعنى أحدُ ثلاثةٍ، فإنْ قلت: زَيْدٌ ثَالِثُ اثنين، أَوْ رَابِعُ ثَلاَثَةٍ، جاز لك أنْ تضيفَ كما تقدَّم، وجاز ألاَّ تضيفَ، وتَنْصِب «ثَلاَثة» على معنى: زَيْدٌ يربِّع ثلاثةً.
تعليق: يظهر هنا أيضا إطلاق كلمة “تثليث” مع قوله أن النص القرآني يعني “أحد ثلاثة” ومن هنا نستطيع ان نعرف ان هذا المصطلح (التثليث) لم يكن مفهوما لدى المفسرين المسلمين، فها هو الرجل يخلط بين التثليث المسيحي، الآب والإبن والروح القدس، وبين التثليث الذي يقصده القرآن الكريم وهو: الله ومريم وعيسى، فلأن هؤلاء ثلاثة والآخرين أيضاً ثلاثة، فخلط الرجل بينهما.
- التفسير الحديث:
وعلّقنا عليها بما يغني عن التكرار. ولقد علّقنا على موضوع التثليث الذي تضمنته الآية الثانية وعقيدة النصارى بأن الآلهة ثلاثة في سياق الآية [171] من سورة النساء بما يغني كذلك عن التكرار. وإن كان من شيء نزيده هنا فهو تقرير الآية هنا كفر الذين يثلثون الآلهة ويقولون إن الله الذي هو في عقيدتهم واحد من الأقانيم الثلاثة ثالث ثلاثة. فهذا التقرير هنا جديد لأن آية النساء جاءت بأسلوب التنديد والاستنكار والنهي.
تعليق: يظهر هنا بجلاء مدى الخلط الواقع عند المفسر، فهو يقول صراحة “إن الله .. واحد من الأقانيم الثلاثة”! فهل يقول المسيحيون بهذا الكلام!!!؟! لكن ما يهمنا هنا هو تفسير الرجل للفظة “ثالث ثلاثة” بأنها تعني “واحد من الأقانيم الثلاثة” أي كما قال من سبقوه “أحد الثلاثة”.
- تفسير إبن عجيبة:
ثم ذكر تعالى صنفًا آخر منهم ، فقال : { لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة } أي : أحد ثلاثة ، عيسى وأمه وهو ثالثهم ، أو أحد الأقانيم الثلاثة ، الأب والابن وروح القدس ، يريدون بالأب الذات ، وبالابن العلم ، وبروح القدس الحياة ، لكن في إطلاق هذا اللفظ إيهام وإيقاع للغير في الكفر ، …
تعليق: ها هو يقولها صراحة: أحد الثلاثة، ويفصل هؤلاء الثلاثة بأنهم هم عيسى وأمه وهو (الله) ثالثهم، وقد أعطانا إحتمالا آخر، وهو أيضاً خاطيء، حيث قال “أو أحد الأقانيم” فهل يقول المسيحيون بأن “الله” هو أحد الأقانيم، ألا يعلم هذا المفسر أن المسيحيون يقولون بأن الآب هو الله والإبن هو الله والروح القدس هو الله؟!
- تفسير بحر العلوم للسمرقندي:
ثم أخبر أن الفريق الآخر من النصارى هم كفار أيضاً، فقال: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا: إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ فيه مضمر معناه: ثالث ثلاثة آلهة، ويقال: ثلث من ثلاثة آلهة، يعني: أباً وأماً وروحاً قدساً، يعني: الله ومريم وعيسى.
ونكتفي بهذا القدر من التأكيدات على معنى “ثالث ثلاثة” لكن، ربما يقول أحد الأحباء المسلمين أن هذه تفاسير بشر وأنها ليست حجة على المسلم، فنرد عليه بنص القرآن التي يوضح الأمر بلا مجال للشك، فالقرآن الكريم لم يتكلم ولا في مرة واحدة عن الآب والإبن والروح القدس، وهو ثالوث المسيحيين، بل على النقيض، فقد تكلم عن ثالوث آخر وهو ثالوث: الله ومريم وعيسى، فيقول القرآن في سورة المائدة 116 [وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ…] فها هو الثالوث الذي يقصده القرآن الكريم، الله (الإله الأول) يكلم عيسى (الإله الثاني)
ويقول له: أأنت قلت للناس إتخذوني وأمي (الإله الثالث)، فالقرآن يقول صراحة “إلهين من دون الله” فها هم الثلاثة آلهه، فهل هؤلاء هم ثالوث المسيحيين؟ بالطبع لا، فإن كان القرآن يتكلم عن إيمان مجموعة من النصارى الذين كانوا في شبة الجزيرة آنذاك ويدينهم، فنحن ندينهم أيضاً معه، لكن قال القرآن الكريم أن المسيحيين مشركين؟ في الحقيقة لا يوجد ولا نص واحد يدين المسيحيين حرفياً دون أن يحمله المسلمون ما ليس فيه.
و…..نكمل في المقال التالي..