أصبح الله إنساناً في يسوع المسيح
أصبح الله إنسانا في يسوع المسيح
يعلم الكتاب المقدس أن يسوع كان إلها كاملا وإنسانا كاملا في نفس الوقت؟ قال بولس عن يسوع: “فإنه فيه يحل كل ملء اللاهوت (الله) جسديا”. فعلاقة يسوع مع الآب والروح القدس علاقة فريدة ضمن الثالوث الأقدس.
لقد اختار المسيح في تجسده طوعا أن يضع نفسه تحت سلطان الآب. لم يفعل ذلك لأنه كان مضطرا، لكن لأنه اختار ذلك كجزء من خطة الله. ويشرح بولس هذه الفكرة في فيلبي 2: 5-8:
“فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضا: الذي إذ كان في صورة الله، لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله. لكنه أخلي نفسه، آخذا صورة عبد صائرا، في شبه الناس. وإذ وجِدَ في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب.”
إن تخلى يسوع عن مساواته بالآب هو إقرار بأنه كان مساويا له. (الكلمة اليونانية المترجمة مساواة هنا مشتقة من جذر كلمة إيزوس المستخدمة في الهندسة لوصف المثلث المتساوي الساقين).
كذلك تعلم هذه الفقرة أن يسوع كانموجودا في هيئتين: الله (عدد 6) وعبد (عدد 7)، “وجِدَ في الهيئة كإنسان”. وتشير هذه الحقيقة التي ذكرها بولس إلى حدوث غير المتوقع- أي أن يصبح الله إنسانا. ولا تشير كلمة “خلسة” إلى أن يسوع كان يحاول إدعاء المساواة مع الله، بل إلى أنه -وهو المعادل لله- لم يتشبث بامتيازاته الإلهية وهو على الأرض. وعاش حياته الأرضية بقوة الله. لقد أصبح الله الابن الذي خضع (خضوعا وظيفيا وليس بالطبيعة) للآب إنسانا آخذا طبيعة بشرية بعد ذلك قدم بفعل هذا الخضوع بتقديم نفسه طوعا ذبيحة من أجل خطايا العالم.
إن خضوع يسوع لا يتنافى مع مساواته الجوهرية للآب والروح القدس، إذ لابد أن يكون الله الابن من نفس طبيعة الله الآب. وهذا واضح في يوحنا 5: 17،18. يعلق المفسر “ليون موريس” علي هذين العددين فيقول: “نقرأ أن يسوع شفى رجلا كسيحا في أورشليم يوم السبت، وأنه دخل في صراع عنيف مع قادة اليهود نتيجة لذلك. كان دفاع يسوع عن نفسه قائلا: “أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل” (يوحنا 17:5).
ثارت ثائرة اليهود لأنه لم ينقض السبت فحسب، بل دعا الله أبا له معادلا نفسه بالله (عدد 18). لا تشير صيغة الفعل المستخدمة هنا “يعمل” و”أعمل” إلى حدث واحد منفرد، بل إلى ممارسة مستمرة. كما أن هذه الممارسة لم تكن بلا هدف، أو أنها تعزي إلى إهمال أو تقصير ديني أو ما شابه، فهي تنبع من فكرة يسوع عن علاقته بالآب السماوي. قد تصرف كما تصرف يوم السبت لأنه هو الابن. ولهذا رأى اليهود في نظرته للسبت أكثر من مجرد كسر لإحدى الوصايا، ولكن تجديفا من أخطرنوع: “معادلا نفسه بالله”، ولهذا اضطهدوه.”
وكما كان الآب يعمل باستمرار (المعنى المتضمن في العمل هو حفظ الكون وما شابه) كان يسوع يعمل بطريقة مماثلة- ليس كخادم يطيع الآب، لكن على قدم المساواة مع الآب. يقول الأستاذ “أي. و. هينجستبرج”:
“كانت فكرة استمرار الله في العمل يوم السبت، بشكل لايقل عن عمله في أي يوم آخر، أمرا معروفا لدى اليهود في زمن المسيح. فالراحة في السبت كما هو مبين في تكوين2: 3 تشيربكل جلاء إلى عمل الخلق ذاته. وهذا ما فهمه اليهود تماما. فالراحة المشار إيها تتعلق بالسبت الأول.
أما العمل الإلهي اللاحق فلا يعرف تمييزا بين الأيام. كذلك كان واضحا أن يسوع يدعو الله أباه بطريقة تختلف عن تلك التي يدعوه بها كل الشعب اليهودي أبا (إشعياء 54: 7). وقد أدرك اليهود ذلك من النتيجة التي يوصل إليها يسوع حول تلك العلاقة، وهي أن بنوته الفريدة لله هي التي تجعله يعمل جنبا إلى جنب مع الآب.”
يقول يسوع إنه كما أن الآب يعمل، فالابن أيضا يعمل. ولم يكن اختياره للكلمات مصادفة، فقد قصد بالسبت الراحة لا العمل، ولأنه كان قد شفى لتوه شخصا في السبت مريحا إياه من مرضه. لكن يسوع تابع كلامه ليقول إنه والآب، أباه الخاص الفريد، يعملان. فكما أن الآب يحفظ الكون باستمرار، يقوم يسوع أيضا باستمرار بحفظ الكون (انظر أيضا كولوسي 16:1). لكن هذا الأمر كان تجديفا بالنسبة لليهودي.
لقد فهم اليهود ما قصده المسيح بقوله إن الله أبوه على نحو فريد خاص. لم يقصد يسوع، كاليهود، بأن الله هو “أبونا” بمعنى عام تحت رباط العهد الذي قطعه معهم. لكنه باستخدام تعبير “أبي” قصد بأنه يتمتع بعلاقة خاصة، وفريدة، وطبيعة مع الآب.
ما سيحدث.وعندما يحدث ذلك تكون نهاية العالم قد أتت.. فعندما يدخل كاتب المسرحية إلى المسرح ويمشي على خشبته يكون ذلك إعلانا بانتهاء المسرحية. ويوما سوف يغزو الله العالم، لكن ما نفع قولك يومئذ إنك تقف في صفه- عندما ترى كل الكون المادي ينصهر ويذوب مثل حلم. وهناك شيء آخر- شيء لم يخطر ببالك قط- مودٍ وجميل جدا بالنسبة لبعضنا، لكنه فظيع جدا بالنسبة للبعض الآخر بحيث لا يعود لأي منا خيار. يومئذ لن يكون الله متخفيا، وسيسبب ذلك لكل شخص إما فيضا من المحبة أو رعبا لا يطاق، وسوف يكون قد فات الأوان لتحدد الجانب الذي تنضم إليه.”
يسوع المسيح الابن
تستخدم كلمة الابن في الكتاب المقدس بطرق عديدة ومختلفة، تدل أحيانا على البنوة الجنسية وأحيانا أخرى على البنوة بشكل مجازي. وهناك كلمتان يونانيتان تترجمان في العربية بكلمة “ابن” هما: “تيكنون” و “هيويوس”. كلمة “تيكنون”، وهي الكلمة المعادلة لكلمة ولد، مشتقة من جذر كلمة لها علاقة بالولادة، ويمكن ترجمتها إلى ابن أو ابنة أو ولد. لكن الكلمة اليونانية الثانية “هيويوس” فيمكن أيضا استخدامها حرفيا، لكنها مانت تستخدم بشكل واسع جدا كما تقول “موسوعة سترونج الشاملة” للدلالة على القرابة المباشرة أو المجازية.”
وقد استخدمت كلمة ابن للإشارة إلى يسوع أربعة استخدامات مختلفة على الأقل: ابن مريم، وابن داود، وابن الإنسان، وابن الله. تصف هذه التعابير الأربعة علاقة يسوع الطبيعية مع الآب والجنس البشري.
ابن مريم:
كان ليسوع، حسب طبيعته البشرية، أم فقط بلا أب- هي مريم. ويسوع الناصري بهذا المعنى هو ابن أو ولد حرفيا وجسديا.
ابن داود:
يستخدم الكتاب المقدس في هذه الحالة كلمة ابن (هيويوس)، وينظر إلى تعبير ابن داود عادة على أنه تعبير مجازي، لأن يسوع ليس ابنا مباشرا لداود (انظر متى 22: 42-45). غير أن ذلك يمكن أن يعني أيضا أن يسوع كان من ذرية داود،وأنه وريث له.
ابن الإنسان:
تعبير ابن الإنسان تعبير يهودي مميز استخدِم أولا في العهد القديم، وقد استخدم العهد القديم كلمتين للدلالة على الإنسان- آدم ونوس استخدمت كلمة نوس- وهي كلمة عبرية تعني الناس- بشكل عام، أي للجنس البشري، لذلك يمكن لأي فرد أن يدعى ابن الأنسان. على سبيل المثال أشير للنبي حزقيال تسعين مرة بتعبير ابن الإنسان. لكن هذه العبارة بدأت تأخذ أبعادا مسيانية (أي متعلقة بالمسيح المنتظر) كما هو الحال في دانيال 14،13:7.
أما في العهد الجديد فقد قصِرَ استخدام هذا التعبير على يسوع، إلا في عبرانيين 2: 6-8 حيث استخدم للدلالة على الجنس البشري بشكل عام. فبينما استخدمها العهد القديم بشكل عام، استخدمها يسوع بطريقة مجازية قائلا إنه “ابن الإنسان” الوحيد.
ولم يستخدم هذا التعبير إلا ثلاث مرات خارج الأناجيل (أعمال7: 56؛ رؤيا1: 13 ؛ 14: 14) بينما استٌخدِم اثنين وثلاثين مرة في متى، وخمس عشرة مرة في مرقس، وعشرين مرة في لوقا، واثنتي عشرة مرة في يوحنا. وقد جاء هذا الاستخدام في كل مرة على فم يسوع نفسه، باستثناء يوحنا12: 34 عندما سأله أحدهم عما قصده بلقب ابن ال‘نسان.
يظهر الاستخدام المتكرر لهذا التعبير في كل مرحلة من مراحل حياة المسيح: خدمه العامة، ومعاناته، وآلامه، وتمجده مستقبلا. وقد استمر يسوع في الأناجيل الأربعة يعطي معنى كاملا بشكل تدريجي لهذا اللقب.
يبدو أن استخدام يسوع لهذا اللقب يسير في خطين يقدمان فكرتين: أولا: يكشف لنا استخدام تعبير ابن الإنسان شخصا إلهيا. فقد استخدمه يسوع لإظهار سلطانه على مغفرة الخطايا (متى 9: 6؛ مرقس 2: 10؛ لوقا 5: 24)، وكونه رب السبت (متى 12: 8 ؛ مرقس2: 28؛ لوقا 6: 5). والتركيز هنا هو على سلطان المسيح. (وهنا إشارة ةاضحة إلى أن يسوع قصد أن له سلطانا لا يملكه إلا الله وحده. ويمكننا أن نرى أيضا التركيز على البعد الإلهي في استخدام يسوع لهذا العبير بالنسبة لتمجده مستقبلا).
ثانيا، يكشف لنا استخدام تعبير ابن الإنسان شخصا بشريا. ومما لا شك فيه أن استخدام يسوع لهذا اللقب يشير إلى انسانيته وألوهيته معا. ونرى ذلك بطريقتين هامتين في الأناجيل الأربعة: أولا، يستخدم هذا اللقب للإشارة إلى المسيح وهو منشغل بما يمكن أن يسمى عمله اليومي (متى 11: 19).
ثانيا، يستخدم هذا اللقب للإشارة إلى المسيح إنسانا تؤذن بحقيقة أنه لابد أن يموت في نهاية الأمر، وهذا مفهوم وجد اليهود صعوبة في تصديق انطباقه على مسيحهم المنتظر.
ثالثا: لم يقدِم يسوع نفسه كابن الإنسان الذي لابد له أن يتألم ويموت فحسب، لكنه قدم نفسه أيضا على أنه ذاك الذي سوف يعود للمجد (متى 24: 30؛ مرقس 14: 62؛ لوقا 17: 22؛ 18: 8؛ 22: 69 …. إلخ).
عندما حكم يسوع أمام السنهدريم اليهودي ورئيس الكهنة، قيافا، قدَم نفسه على أنه “ابن الإنسان” المشار إليه في دانيال 7: 14،13:
“كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام، فقربوه قدامه. فأعطي سلطاناٍ ومجدا وملكوتا لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول، وملكوته ما لا ينقرض.”
سأل قيافا يسوع: “أأنت المسيح ابن المبارك (الله)؟ فقال يسوع: أنا هو، وسوف تبصرون ابن الإنسان جالسا عن يمين القوة وآتيا في سحاب السماء.” (مرقس 14: 62،61). لقد قدَم يسوع بتصريحه هذا تأكيدا قويا عن مجيئه ثانية بمجد عظيم ليدين الأرض ويحكمها. ومن الجدير بالملاحظة أن هناك دلالة خاصة لقبول يسوع لقبي “ابن المبارك”و”ابن الإنسان” معا في لقائه مع قيافا (قارن يوحنا 3: 15-17).
يشرح “جليسون أرتشر” سبب ضرورة تمتع المسيح المنتظر بالطبيعتين الإنسانية والإلهية:
“يثير هذا الأمر سؤالا حول أمية دلالة لقب “ابن الإنسان”. لماذا قدِم المسيح ككائن بشري ممجد بدلا من أن يٌقدِم كملك المجد الإلهي؟ الجواب موجود في ضرورة التجسد التي لا غنى عنها من أجل فداء الإنسان.. لم يكن ممكنا أن يكفر عن خطايا الجنس الآدمي الساقط الخاطئ إلا حامل خطايا يمثل البشر بوصفه كائنا بشريا حقيقيا مثلهم يبذل حياته من أجلهم. والتعبير الذي يعني ضمنيا “الفادي القريب”.
وهذا كان لابد أن تربطه قرابة دم بالشخص الذي تبّنى قضيته وسدّد حاجته، مهما كانت هذه القضية أو الحاجة، سواء كانت افتداءه من الرق أو العبودية (لاويين 48: 25) أو تحرير ممتلكاته المرهونة (لاويين 25: 25)، أو الاعتناء بأرملته التي لم ترزق ذرية (راعوث 3: 13)، أو الانتقام من قاتله (عدد 35: 19).
أعلن الله نفسه لإسرائيل بوصفه “يهو إيل” للشعب الذي قطع عهدا معهم (خروج 6: 6؛ 15: 13؛ إشعياء 43: 1؛ مزمور 19: 14)؛ لكن قبل أن يصبح الله إنسانا من خلال معجزة التجسد والميلاد العذري، كان أمرا غامضا على شعب الله القديم كيف يمكن أن يصبح “يهو إيل” لهم، أي فاديا قريبا من نفس جنسهم. صحيح أن الله كان لهم أبا بالخلق، لكن “يهو إيل” تشير إلى العلاقة دم على مستوى مادي جسدي. وهكذا كان لابد أن يصبح الله إنسانا مثلنا حتى يفدينا من الخطية وعقابها: “والكلمة صار جسداوحل بيننا، ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب، مملوءا نعمة وحقا” (يوحنا1: 14).
لم يكن ممكنا أن يغفر الله لنا خطايانا ما لم يدفع ثمنها كاملا؛ وإلا لكان متواطئا مع كل خرق وانتهاك لشريعته المقدسة وحاميا له. ولم يكن ممكنا إيجاد كفارة كافية عن خطايا الجنس البشري إلا بأن يصير الله إنسانا- وهذا ما فعله الله في المسيح. لأنه لا يمكن إلا لإنسان حقيقي أن يمثل الجنس البشري تمثيلا صحيحا.
لكن كان لابد لفاديناأن يكون -في ذات الوقت- الله، لأن وحده هو الذي يقدر أن يقدم ذبيحة ذات قيمة لا متناهية، للتعويض عن عقاب الهلاك الأبدي في الجحيم الذي تستحقه خطايانا حسب مطالب العدالة الإلهية المقدسَة. لم يكن في مقدور أحد غير الله أن يجد طريقة تمكنه من الحفاظ على عدالته في نفس الوقت الذي يستحقونه.. لأن هذا الإنسان الكامل هو أيضا الله غير المحدود الذي قدَم ذبيحة فعلية فعّالة لكل المؤمنين في كل العصور.”
يأخذ تعبير “ابن الأنسان” أكمل أبعاده عندما يأخ المرء في اعتباره الإشارة إلى دانيال 7: 13. فهذا اللقب -وبدون أدنى شك- مسيّاني (مرتبط بالمسيحالمنتظر)، وقد صرح المسيح بأنه هو الشخص المشار إليه في دانيال 7: 13. ويبدو أن اليهود فهموا أن هذا هو لقب المسيح المنتظر. أولا: رأى اليهود في النبوءات القديمة مسيحا منتظرا، لا مسيحا متألما، وكان تركيزهم ينصب على منقذ سياسي لا روحي. غير أن يسوع قدم لهم ابن الإنسان على أساس أنه الله المتجسد. فادعاء أحدهم بأنه المسيح المنتظر شئ، وادعاؤه بأنه المسيح ذو الطبيعة الإلهية شئ مختلف تماما.
تلخيصا لما سبق نقول إن “ابن الإنسان” الذي كان لقبا غامضا بالنسبة لمعاصري يسوع، كان لقبا ثريا بالمعاني والمضامين التي تبصّر الناس بطبيعة المسيح الفادي القريب، والخادم المتألم، والديّان القادم، وحاكم العالم.
ابن الله
نأتي الآن إلى تعبير “ابن الله”. ترى.. كيف يمكننا أن نفهمه؟ إن كون يسوع المسيح هو ابن الله، الأقنوم الثاني في الثالوث الأقدس، أمر جوهري لعقيدة التجسد. وابن الله في الكتاب المقدس هو يسوع، وليس الآب أو الروح القدس. فالآب لم يتجسد، والروح القدس لم يصبح إنسانا أيضا، لكن الابن هو الذي تجسد. يتساءل بعض الناس حول كلمة “ابن” ويفسرونها، حيثما تظهر، بالمعنى الحرفي –أي لبن يولد من أب وأم. ووفقا لهذا التصور لا يمكن أن يكون يسوع هو الله لأنه كان ابن الله بالمعنى الحرفي.
ويقول بعضهم محاولين استغلال فكرة أن يسوع ابن: “هل سمعت مرة أن هناك ابنا لم تكن له بداية؟” وهم يحاولون بهذا المقارنة بين الابن “المخلوق” مع “الآب غير المخلوق”. لكن بالتأكيد يمكننا أيضا أن نقلب السؤال قائلين: “هل سمعت مرة أنهناك أبا ليست له بداية؟” يمكن استخدام “ابن (هيويوس) الله” للدلالة على لاهوت المسيح الكامل، تماما كما رأينا أن تعبير “ابن الإنسان” يشير إلى إنسانيته الكاملة (ولاهوته أيضا).
- ابن الإنسان = إنسانية كاملة (ولاهوت كامل)
- ابن الله = لاهوت كامل
يقول “و. جي. تي. شيد”: “تدل تسمية”الابن” المعطاة للأقنوم الثاني على علاقة ملازمة متأصلة جوهرية أبدية”. ويحاول “شيد” أن يقول إنه إذا كان الآب أبديا، فلابد أن يكون الابن كذلك. أو كما أوضح “شولتز” قائلا: “لاتدل بنوّة المسيح وأبوّة الأاقنوم الأول على نقص في الجوهر أو المركز.”
كذلك يوضح بويتنر نقطة هامة:
“لقد أوضحنا في تناولنا السابق لعقيدة الثالوث أن تعبيري “الآب”و”الابن” لا يحملان في اللغة اللاهوتية أفكارنا الغربية عن مصدر كينونة وتفوق من ناحية (الآب) والخضوع والاعتماد من ناحية أخرى (الابن). لكنهما يحملان الأفكار السامية (التي لجنس بني سام) والشرقية عن المشابهة، وتماثل الطبيعة، والمساواة في الكينونة. وبطبيعة الحال، فإن التعابير المستخدمة في الكتاب المقدس تعابير سامية تفترض وعي السامية لمدلولاتها.
فحينما يدعو الكتاب المقدس المسيح “ابن الله” يؤكد على لاهوته الحقيقي الصحيح؛ إذ تشير هذه التسمية إلى علاقة فريدة لا يمكن أن تعزي إلى مخلوق أو يشترك فيها شخص فانٍ. فكما أن أي ابن بشري يشبه أباه في طبيعته الجوهرية التي هي إنسانيته، كذلك فإن المسيح –ابن الله- يشبه أباه في طبيعته الجوهرية التي هي اللاهوت، أو الطبيعة الإلهية.”
ويسهب شولتز فيقول:
“وعلى الرغم من أن الكتاب المقدس يطلق على أشخاص آخرين لقب “أبناء الله” مثل الملائكة، وآدم، وحزقيال، والمؤمنين بالمسيح يبقى المسيح هو “الابن” بمعنى فريد مقصور عليه دون غيره. ويلاحظ “جريفيث توماس” أن لقب “ابن الله” موجود في أشكال مختلفة في اللغة اليونانية.. فقد يستخدم أحيانا مضافة إليه ال التعريف في بداية الكلمتين “الابن الله”، وأحيانا بحذف ال التعريف من الكلمتين “ابن إله”. والصيغة الأولى لقب ألوهية، وهي مستخدمة خمس وعشرين مرة في العهد الجديد عن المسيح.
كذلك فهم اليهود من اتخاذ يسوع لهذا اللقب ما يحاول المسيح أن يقوله عن نفسه، فأدانوه بسبب النعاني المتضمنة فيه (متى 26: 63؛ لوقا 22: 70؛ يوحنا 19: 7). لم يكن يسوع يقصد فقط أنه المسيح، ولكه قصد أيضا أنه الله. لم يصنف الرب يسوع المسيح بنوته لله مع بنوة الآخرين له. لقد تحدَّث عن هذا الموضوع بتفصيل حتى يبقى كلا من البنوتين مميزا ومنفصلا (يوحنا 20: 17)، ومن الواضح أن التلامبذ فهموا أن المسيح كابن الله هو الله الأبدي.”
على ضوء ذلك يتضح لنا أن الاستخدامات المختلفة للقب “ابن الله” تشير إلى حقيقة التجسد، أي إن الله أصبح إنسانا. وبينما يعني تعبير “ابن الإنسان” أن المسيح إنسان، فإن تعبير “ابن الله” يعني أنه الله.
هل الله يتغير؟ وهل يعبد المسيحيون الجسد؟ – المذيع المسلم يذيعها مدوية: أنا لا أعرف شيء
هل أخطأ الكتاب المقدس في ذِكر موت راحيل أم يوسف؟! علماء الإسلام يُجيبون أحمد سبيع ويكشفون جهله!