Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

المعمودية على إسم الثالوث القدوس قبل مجمع نيقية

المعمودية على إسم الثالوث القدوس قبل مجمع نيقية

المعمودية علي إسم الثالوث القدوس قبل مجمع نيقية

 

في رسالته إلي كنيسة كورنثوس يذكر بولس الرسول إن المعموديه تتم بإسم وعمل وشركة الثالوث فيقول:  أم لستم تعلمون أن الظالمين لا يرثون ملكوت الله: لا تضلوا، لا زناة ولا عبدة أوثان ولا فاسقون ولا مأبونون ولا مضاجعو ذكور ولا سارقون ولا طمَّاعون ولا سكِّيرون ولا شتَّامون ولا خطَّافون يرثون ملكوت الله. وهكذا كان أُناس منكم؛ لكن اغتسلتم بل تقدَّستم  بل تبرَّرتم باسم الرب يسوع وبروح إلهنا.

ق. بولس يقدِّم اعترافاً للمعمودية باسم الثالوث مبكِّراً جداً:

اغتسلتم بل تقدَّستم بل تبرَّرتم باسم الرب يسوع وبروح إلهنا“(1كو 11:6).

هنا ثلاثة مفاعيل:

اغتسل، تقدَّس، تبرَّر

لثلاثة أسماء:

باسم الرب يسوع، وروح، إلهنا.

الاغتسال بالإيمان باسم الرب يسوع.

التقديس في الروح القدس.

التبرير أمام الله الآب.

وقد علَّق عليها العلامة ثيؤدوريت بقوله([2]): [لأنه باستدعاء الثالوث الأقدس، تتقدَّس طبيعة المياه، وتُمنح مغفرة الخطايا].

والديداخي (التي تعود إلي عام 100- 150م) تصف ممارسة المعمودية هكذا:

[بعدما تتلون كل محفوظات الطقس (أي طريق الحياة والموت): عمِّد باسم الآب والابن والروح القدس في مياه جارية (مياه حيَّة)، فإذا لم تكن هناك مياه جارية ففي مياه أخرى. وإذا لم يكن بمياه باردة فبمياه دافئة. فإذا لم يكن هذا ولا ذاك، فاسكب المياه ثلاثاً على رأس المعمَّد باسم الآب والابن والروح القدس، وقبل المعمودية ليت المعمَّد والمعمِّد يصومان أولاً، والمعمَّد عليه أن يصوم يوماً أو اثنين قبل العماد.]([3]). وفي موضع آخر توصي الديداخي في أن يتم العماد “باسم الرب” (5:9) (أي باسم المسيح) ومن هذا يظهر أن الصيغتين (أي باسم الثالوث أو باسم الرب يسوع) كانتا مستعملتين وكان لهما مغزى واحد ومفعول واحد.

ربما لخص القديس أغناطيوس الأنطاكي (98- 117م) الاعتراف بالإيمان بقوله: [اثبتوا إذن على تعليم الرب والرسل، لكي تنجحوا فيما تعملون بالجسد والروح في الإيمان والمحبة في الابن والآب والروح القدس[4].]

وجاء في رسائل القديس كبريانوس (القرن الثاني):[أتؤمن بالله الآب والابن المسيح والروح القدس؟ أتؤمن بالحياة الأبدية وغفران الخطايا خلال الكنيسة المقدسة؟ أؤمن[5].]

و يقول القديس يوستينوس (160م) : [ونحن أيضاً نصلِّي ونصوم معهم. ثمَّ نقودهم إلى موضع به ماء وهناك يولدون من جديد بحسب الطريقة عينها التي وُلدنا نحن أيضاً بها ميلاداً جديداً، وذلك بأن ينالوا غسل الماء باسم الله الآب الضابط الكل ومخلِّصنا يسوع المسيح والروح القدس … ، الذي يكون قد تاب عن خطاياه، باسم الله الآب الضابط الكل. فالذي يقود المعمَّد إلى جرن المعمودية ينادى عليه بهذا الاسم … وهذا الاغتسال يُدعى استنارة لأن الذين يتعلَّمون هذه الأمور يستنيرون في معرفتهم. وبعد ذلك فالذي استنار يُعمَّد أيضاً باسم يسوع المسيح الذي صُلب على عهد بيلاطس البنطي، وباسم الروح القدس الناطق في الأنبياء بكل ما يختص بيسوع.]([6])

و يقول هيبوليتس الروماني (بدايات القرن الثالث) : ويجيب (طالب العماد) على أسئلة الإيمان قبل تغطيسه في الماء ثلاث مرَّات. وبعده يُعطى مسحة زيت البهجة أو الشكر بواسطة الكاهن، ويلتحق بالجماعة حيث يضع الأسقف عليه يده بصلاة ويدهنه بالزيت المقدَّس باسم الله الآب القادر على كل شيء والمسيح يسوع والروح القدس[7]، وأخيراً يختمه على جبهته ويعطيه قبلة السلام[8].

و يقول في قوانينه[9] :

وقبل أن ينزل الماء بوجهه الملتفت نحو الشرق يقف بجوار الماء ويقول، بعد أن يكون قد مُسح بزيت إخراج الأرواح الشريرة: أومن وأنحني لك ولكل قواتك أيها الآب والابن والروح القدس. 123 – ثمَّ ينزل بعد ذلك إلى الماء ويضع الكاهن يده فوق رأسه ويسأله.124 – هل تؤمن بالله الآب القادر على كل شيء؟125 – يجيب الطالب المرشَّح نعم أومن، وبعدها يغطِّسه في الماء. ثمَّ يسحب الكاهن يده من على رأسه ويسأله مرَّة أخرى:126 -هل تؤمن بيسوع المسيح ابن الله الذي ولدته مريم العذراء وحملت به بالروح القدس،127 – الذي جاء ليخلِّص البشرية،128 – الذي صُلب من أجلنا في عهد بيلاطس البنطي، الذي مات وقام من بين الأموات في اليوم الثالث وصعد إلى السموات وجلس عن يمين الله الآب، والذي سيأتي ليدين الأحياء والأموات؟129 – يجيب أومن، فيغطس ثانياً في الماء، ثمَّ يسأله الكاهن مرَّة ثالثة:130 – هل تؤمن بالروح القدس،131 – المعزِّي المنسكب علينا من عند الآب والابن؟132 – يجيب: أومن. ثمَّ يُغطَّس في الماء للمرَّة الثالثة.133 – وكل مرَّة يقول المعمِّد: أعمِّدك باسم الآب والابن والروح القدس (المساوي).

و يقول العلامه ترتليان (القرن الثالث):

[ونحن تحت الماء نتطهَّر بحضور الملاك وهكذا نتهيَّأ للروح القدس. هذا أيضاً له مثال سابق، فيوحنا المعمدان كان هو الملاك السابق للرب يعد له الطريق، هكذا أيضاً الملاك الشاهد للمعمودية يجعل الطريق مستقيماً أمام الروح القدس المزمع أن يحل علينا عند تطهير خطايانا ويختمنا بالإيمان باسم الآب والابن والروح القدس. لأن من فم ثلاثة شهود تقوم كل كلمة (مت 16:18). حيث في بركة سر المعمودية يكون هؤلاء الثلاثة شهوداً لإيماننا ويكونون مثل موثّقين لخلاصنا. وهذا كاف جداً لرجائنا وبالأكثر بعد ضمان إثبات إيماننا وإعطاء وعد خلاصنا أمام هؤلاء الشهود الثلاثة: الآب والابن والروح القدس. ويلزم أيضاً ذكر الكنيسة لأنه حيث يكون هؤلاء الثلاثة تكون الكنيسة.]([10])

[وبعد أن نصعد من جرن المعمودية ندهن دهناً كاملاً بالمسحة المقدَّسة، وهذا الترتيب الطقسي قديم حينما كان يُمسح طالب الكهنوت بدهن القرن كما مُسح هارون أيضاً بواسطة موسى. ولذلك دُعي يسوع مسيح الرب لأنه مُسح بالروح بواسطة الله الآب، كما كُتب في سفر الأعمال: «لأنه بالحقيقة اجتمع على فتاك القدوس يسوع الذي مسحته» (أع 27:4).هكذا أيضاً في ما يختص بنا، فإن المسحة تتم جسدياً ولكنها تثمر روحياً كالمعمودية نفسها، لأنها تُجرى جسدياً عندما نُغطَّى في الماء بالجسد ولكن ثمرها روحي إذ نخلص من خطايانا.]([11])

[وبعد المسحة توضع اليد على المعمَّد بصلاة ودعاء الروح القدس … لأنه ليس عسيراً على الله أن يستخدم يد الإنسان وهو أصلاً صنعة يديه …

لأنه فوق أجسادنا التي اغتسلت من الخطية وتقدَّست يُرسل الأب روحه القدوس … وقد نزل على الرب يسوع بشبه حمامة. وكذلك في الفلك … وهكذا على أجسادنا حينما نخرج من جرن المعمودية بعد ترك خطايانا القديمة تنحدر حمامة الروح القدس.]([12])

و جاء في كتاب الدسقوليه :  [ولأجل المعمودية أيها الأسقف أو القسيس فقد أمرناكم من البدء ونقول لكم أيضاً هكذا تُعمِّد مثل وصية الرب لكم أن «اذهبوا وعلِّموا جميع الأُمم وعمِّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس وعلِّموهم حفظ كل شيء أوصيتكم به» – أعني الآب الذي أرسل المسيح الذي جاء والبارقليط الذي شهد[13].]

و يؤكّد ايريناوس أنّ معرفة الله لدى المسيحيين تبدأ بالمعمودية التي ينالونها على اسم الآب والابن والروح القدس. يقول في ” الكرازة الرسولية”:إليكم ما يؤكده لنا الإيمان، كما سلّمنا إياه الكهنة، تلاميذ الرسل. انه يذكّرنا أوّلاً أننا نلنا المعمودية لمغفرة الخطايا باسم الله الآب، وباسم يسوع المسيح ابن الله الذي تجسّد ومات وقام، وفي روح الله القدوس… عندما نولد من جديد بالمعمودية التي تُعطى لنا باسم هذه الاقانيم الثلاثة، نغتني في هذه الولادة الجديدة من الخيرات التي في الله الآب بواسطة ابنه، مع الروح القدس. فالذين يعتمدون ينالون روح الله، الذي يعطيهم للكلمة، أي للابن، والابن يأخذهم ويقدّمهم للآب، والآب يمنحهم عدم الفساد. وهكذا بدون الروح، علينا رؤية كلمة الله، وبدون الابن لا يستطيع أحد الوصول إلى الآب. فان معرفة الآب هي الابن، ومعرفة ابن الله نحصل عليها بواسطة الروح القدس. ولكن الابن هو الذكي من شأنه توزيع الروح، حسب مسرّة الآب، على الذين يريدهم الآب، وعلى النحو الذي يريد[14]”

وفي ميلانو أيضًا كان الاعتراف بالإيمان يتم هكذا، إذ يقول القديس أمبروسيوس: [عند ذلك تُسأل: أتؤمن بالله الآب ضابط الكل؟ تقول “أومن”، عندئذ تغطس أي تدفن.

ومرة ثانية تُسأل: “أتؤمن بربنا يسوع المسيح وبصليبه؟” تقول: “أومن”، وعندئذ تغطس وهكذا تُدفن مع المسيح، لأن كل من يُدفن مع المسيح يقوم من الموت معه.

وفي المرة الثالثة تُسأل: “أتؤمن بالروح القدس؟” تقول: “أومن”، ومرة ثالثة تغطس.

وهكذا تغطس ثلاث مرات ويمحو اعترافك المثلث كل خطاياك السابقة[15].]

 

[1] هذا الموضوع مأخوذ بتصرف و إضافات عن كتاب المعموديه الإصول الأولي للمسيحيه، للاب متي المسكين.

 

([2]) Theodoret, PG. 86, 268, cited by Joseph H. Crehan, SJ, Early Christion Baptism and Creed. p. 15
[3]) Didache, 7

[4]Epis. ad Mag. 6.

[5] Epist. 69:7.

([6])Apol., I, 61.

[7]هذا هو ترتيب المعمودية بحسب كتاب هيبوليتس الأصلي المدعو “التقليد الرسولي”، وقد نشره وحقَّقه العالِم جريجوري دكس(Gregory Dix, The Treatise on the Apostolic Tradition of st. Hippolytus of Rome, 1968.). وفي عصر لاحق صيغت محتويات هذا الكتاب صياغة جديدة عُرفت باسم “قوانين هيبوليتس”.

[8] Ibid., 22, 1,2.

[9]Achelis, Die Canones Hippolyti, Leipzig, 1891, cited by Whitaker, op. cit., pp. 78-81

R.-G. Coquin, Les Canons d’Hippolyte, PO31,2 (1966), pp. 340-427

([10]) De Baptismo., C. 6.

([11]) Ibid., C. 7.

([12]) Ibid., C. 8.

(13) الدسقوليه تعليم الرسل ، د/ وليم سليمان قلاده، فصل 36 : 10

[14] الكرازة الرسولية، فقرات 3 و 4

[15] PL 16:423.

المعمودية على إسم الثالوث القدوس قبل مجمع نيقية

Exit mobile version