الثالوث القدوس ووحدانية الله عند اباء ما قبل نيقية
الثالوث القدوس ووحدانية الله عند اباء ما قبل نيقية
الثالوث القدوس ووحدانية الله عند اباء ما قبل نيقية
لقد أنشأ لقب “ابن الله” و“كلمة الله” للمسيح حتمية الدخول في معرفة الصلة الكيانية بين هذه الألقاب وبين طبيعة الله وذاته. والكتاب المقدَّس لم يترك هذا الموضوع دون أن يشير إليه في مواضع عديدة جدًّا، باصطلاحين يترددان دائماً، وهما: “في الله”، “من الله”.
أمَّا الاصطلاح الأول فيوضِّح في بساطة أن الرب بالرغم من ظهوره واستعلانه “كخارج من عند الآب” إلاَّ أنه قائم في وحدة الله غير منقسم أو منفصل عن هذه الوحدة ولا ممتد أو خارج عنها، بل قائم كبسيط في البسيط دون أي تركيب أو انقسام عددي في الله الواحد، لأن هذه هي صفة جوهر الله (فجوهر الله بسيط غير مركب من اجزاء).
وهذا المعنى العميق الرائع يوضِّحه القديس أثناسيوس في بساطة واختصار إعجازي هكذا:
[الابن والكلمة من الله وفي الله، كلٌّ منهما يتضمَّن الآخر، فإذا لم يكن هو “ابن” فهو ليس “كلمة”، وإذا لم يكن “كلمة” فهو ليس “ابناً”.]([1])
[فكيان الابن لأنه “من الآب” لذلك فهو “في الآب”.]([2])
لذلك وبهذين الاصطلاحين “من الله” و“في الله” استطاع الآباء أن يوازنوا بين “لاهوت المسيح” و“وحدانية الله”، وخاصة في دفاعهم ضد الوثنيين، لرفع أي التباس من جهة تعدد الآلهة بسبب القيام الذاتي للآب والابن معاً في الثالوث.
وإليك دفاع أثيناغوراس في هذا الشأن:
[لا يسخر أحد من القول بأن الله له ابن، لأنه ليست لنا مثل تلك الأفكار التي لدى شعرائكم، في الميثولوجيات، التي لا تجعل الآلهة أفضل من البشر في شيء، ولكن “ابن الله” هو “كلمة الآب”، وهو كخالق إنما يجمع بين الفكر والقوة. فالآب والابن واحد، فالابن كائن “في الآب” والآب كائن “في الابن”، في الوحدانية والقوة بالروح. فابن الله هو فكر وكلمة الآب.]([3])
وهكذا حينما بلغ الآباء في دفاعهم إلى يقين لاهوت الابن، عادوا في الحال ليحموا وحدانية الله من أي شائبة مادية تجنح بالفكر إلى التقسيم والتفريق في اللاهوت. ومن الناحية المقابلة ليتحفَّظوا من خطر الفكر الوثني الذي يحاول الفصل بين الابن والروح من الآب ليصنع من الثالوث تعدُّد آلهة.
ولهذا استخدم الآباء كلاًّ من الاصطلاحين “في الله” و“من الله” بالتتابع، للحفاظ على تساوي اللاهوت في الثالوث من جهة، ومن جهة أخرى للتأكيد على وحدانية الله المطلقة ذاتاً وكياناً.
أولاً: في الله:
من واقع إعلان الكتاب المقدَّس الذي ينبغي أن يُقبل دون أي مناقشة، أن الابن والروح القدس هما “في الله الواحد”، والله الواحد فيهما، لا مجرَّد الوجود الكياني بل الوجود الحي الفعَّال، لتكميل صفات الذات الإلهية الواحدة: أبوَّة وبنوَّة وروحانية، ثلاث صفات جوهرية مشخَّصة.
ويوضِّح الرب نفسه أن “الابن في الآب والآب في الابن” (انظر: يو 11:14)، «والآب الحال (الساكن) فيَّ» (يو 10:14)، «الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب.» (يو 18:1)
هذه الآيات تعبِّر عن نوع وجود “الابن في الآب”، فهو ليس وجوداً مجرَّداً بل وجوداً مشخَّصاً حيًّا فعَّالاً متبادل العلاقات الكاملة الذاتية التي تقوم بين البنوَّة والأبوَّة، لتكمُل الأبوَّة في البنوَّة وتكمُل البنوَّة في الأبوَّة، وتنتهي إلى كمال “الذات الإلهية” من حيث كونها مصدر كل “أبوَّة” في السماء والأرض «الذي منه تسمَّى كل أُبوَّة (عشيرة) في السموات وعلى الأرض.» (أف 15:3)
ولكي يزيد الكتاب توضيحاً لمدى شدة وعمق العلاقة القائمة بين الآب والابن في الروح القدس، أعطى المثل على مستوى إدراكنا، من إحساسنا ومشاعرنا: «الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله لأن مَنْ مِنَ الناس يعرف أمور الإنسان إلاَّ روح الإنسان الذي فيه. هكذا أيضاً أمور الله لا يعرفها إلاَّ روح الله.» (1كو 10:2و11)
هذا الوجود المتبادل في الأقانيم (الثالوث) مع بقائهم في غير انفصال، أي في وحدة ذاتية كاملة، يعبَّر عنه في اللاهوت باصطلاح “الاحتواء”، وهي كلمة مشتقة من الأصل التي تفيد “التحرُّك والاحتواء” معاً. ويقابلها في الإنجليزية Coinherence، وتفيد أن الأقانيم تحتوي أو “ترتاح” في بعضها البعض، وهنا كلمة “الارتياح” تفيد نفس الكلام الذي سبق وقلناه أن وجود الأقانيم في بعضها ليس كمجرد تواجد بل هو “إرتياح” أي انسجام مطلق، وهذا الانسجام المطلق هو التساوي المطلق، ومن هنا تبرز معنى “الوحدة” ومعنى الانقسام أو الانفصال في الأقانيم بالرغم من تمايز كل منها في عمله. فالتعبير هنا ليس فلسفة بل واقع لاهوتي حي.
فالثالوث متواجد معاً ودائماً في كل من الأقانيم بدون انقسام أو انفصال.
وقد استخدم القديس أثناسيوس هذا الاصطلاح ضد الأريوسيين كتقليد كنسي وصل إليه بالتسليم([4])، وقد سبقه في استخدام هذا الاصطلاح ديونيسيوس بابا روما: [لأنه يتحتَّم أن يكون “الكلمة” الإلهي متحداً مع إله الكون كما يتحتَّم أن يرتاح الروح القدس ويسكن في الله.]([5])
وقد سبق ديونيسيوس في توضيح هذا المعنى أثيناغوراس:
[نؤمن بالله الآب والله الابن وبالروح القدس، ونعلن قوتهم في الوحدانية وتمايزهم في الترتيب، فالابن في الآب والآب في الابن بالروح القدس العامل في الوحدة والقوة.]([6])
وهكذا نرى أن الآباء منذ البدء كانوا مهتمين جدًّا بالتأكيد على هذا الاصطلاح أو على ما يفيد معناه لإثبات الوحدانية في الثالوث بحسب ما جاء في الكتاب المقدَّس. بل وحرصوا جدًّا أن تكون الخاتمة التي يختمون بها عظاتهم وتآليفهم، أي الذُكصا، تحتوي على هذا المعنى أي التمايز الأقنومي في وحدة الإله الواحد. فنسمع كليمندس الإسكندري في خاتمة كتابه عن المعلِّم هكذا:
[وإلى الواحد الوحيد، الآب والابن، والابن والآب، الابن قائدنا ومعلِّمنا، مع الروح القدس أيضاً واحداً في الكل والكل في الواحد … له المجد إلخ.]([7])
وهكذا كانت الإسكندرية منذ البدء صاحبة هذا التقليد بالتسليم الرسولي.
وقد كان هذا الاصطلاح الراسخ في اللاهوت الآبائي، أي ارتفاق الثالوث وتساويه المطلق في الله الواحد، هو القوة العظمى التي كانت كسلاح في يد أثناسيوس في دفاعه ضد الأريوسية. وإليك نموذجاً رائعاً لدفاعه.
[لأنه حيثما ذُكر الآب ذُكر ضمناً كلمته والروح القدس الذي هو في الابن، وإذا ذُكر الابن فإن الآب في الابن والروح القدس ليس خارج الكلمة، لأن من الآب نعمة واحدة تتم بالابن في الروح القدس. وهناك طبيعة إلهية واحدة وإله واحد «على الكل وبالكل وفي الكل» (أف 6:4).]([8])
[وإن كانت توجد في الثالوث المقدس المساواة وهذا الاتحاد فمن الذي يستطيع أن يفصل الابن عن الآب أو يفصل الروح القدس عن الابن أو عن الآب نفسه؟]([9])
[لنتأمَّل في تقليد الكنيسة الجامعة وتعاليمها وإيمانها منذ البدء التي أعطاها الرب وكرز بها الرسل وحفظها الآباء. على هذه تأسَّست الكنيسة، ومَنْ يسقط منها لا يُعتبر مسيحياً. إن هناك ثالوثاً مقدَّساً وكاملاً ومعتَرفاً به أنه الله الآب والابن والروح القدس، لا يتكوَّن من واحد يخلق وآخر يبدع بل الكل يخلقون، وهو متماثل (متساوي)، وفي الطبيعة غير قابل للتجزئة، ونشاطه واحد. الآب يعمل كل الأشياء بالكلمة في الروح القدس وهكذا تُحفظ الوحدة في الثالوث المقدَّس، وهكذا يُنادى بإله واحد في الكنيسة «الذي على الكل، وبالكل، وفي الكل» (هنا الكل يعني الثالوث) “فعلى” الكل كآب، “وبالكل” أي بالكلمة “وفي” الكل أي في الروح القدس، هو ثالوث ليس فقط بالاسم وبالكلام بل بالحق والفعل، لأنه كما أن الآب واحد وإله على الكل هكذا أيضاً كلمته واحد وإله على الكل. والروح القدس ليس بدون وجود فعلي بل هو كائن وله وجود فعلي.]([10])
[لأن كل ما للآب هو للابن أيضاً. إذن فتلك التي تُمنح من الابن في الروح القدس هي مواهب الآب، وعندما يكون الروح القدس فينا يكون أيضاً فينا الكلمة الذي يمنح الروح القدس والآب الذي هو في الكلمة. وهذا يتفق مع ما قيل «إليه نأتي أنا والآب وعنده نصنع منزلاً» (قارن: يو 23:14). لأنه حيث وُجد النور وُجد أيضاً شعاعه، وحيث وُجد الشعاع وُجد أيضاً نشاطه، ووجِدَت نعمته الخالقة.]([11])
ثانياً: من الله:
وهذا الاصطلاح الإنجيلي والمتكرِّر في كل أسفار العهد الجديد، اتخذه الآباء في شرح علاقة الابن والروح القدس بالآب، أي أنهما “من الآب”، للحفاظ على وحدة الأصل أو السلطان أو الملوكية في الثالوث. ومن ذلك تكوَّنت عقيدة Monarchia عند الآباء لحراسة مفهوم “وحدانية الله” ضد أي انحراف في مفهوم الثالوث ناحية الوثنية وتعدُّد الآلهة أو تعدُّد الأصول في الفلسفة. فكما يقول أثناسيوس سابقاً: [حيثما ذُكر الآب ذُكر ضمناً كلمته والروح القدس]، وهذا يُعتبر مفتاح فهم الثالوث وفهم لغة الكتاب المقدَّس من جهة الآب والابن والروح القدس.
فمثلاً نقرأ أن الآب هو “الإله وحده”، ثم يذكر بعد ذلك اسم الرب يسوع المسيح «وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته» (يو 3:17) حيث يقع هنا اسم يسوع المسيح موقع التكميل للتوضيح حسب عادة الكتاب المقدَّس في تفسير المعاني الصعبة. فالآب هو الإله الحقيقي الوحيد مع ابنه يسوع المسيح الذي أرسله لإعلان أبوَّته ووحدانيته والحق الإلهي الذي فيه.
وفي هذا يقول أثناسيوس:
[فإن كان الآب يسمَّى “الإله الحقيقي الوحيد” فهذا قيل ليس بغرض نفي حقيقة المسيح الذي قال عن نفسه: “أنا الحق”، ولكن بقصد إقصاء (الآلهة) التي ليست هي “الحق” عن الآب وكلمته اللذين هما الحق. ومن أجل هذا فإن الرب أضاف حالاً: «ويسوع المسيح الذي أرسلته» … وهكذا بإضافة نفسه إلى الآب أوضح أنه من جوهر الآب، وأعطانا أن نعرف أنه من الآب الحقيقي كابن حقيقي، ويوحنا نفسه كما تعلَّم (من الوحي في الإنجيل) هكذا كان يعلِّم (بالروح) في رسالته «ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح. هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية» (1يو 20:5).]
ولهذا يشرح الآباء العلاقة السرية بين لاهوت الابن ولاهوت الآب أنه: [نور من نور، إله حق من إله حق]. فهنا ذِكرُ الواحد يشمل الآخر بالضرورة الحتمية. لأنه ليس منه فقط بل وفيه! وهذا في نفس الوقت لا ينفي التميُّز كما يقول هيبوليتس:
[حينما أقول أن الابن متميِّز عن الآب، فأنا لا أتكلَّم عن إلهين ولكن كنور من نور وكنهر من نبع وكشعاع من الشمس.]([12])
كما ويتضح هذا مرَّة أخرى في رسالة بولس الرسول الأُولى إلى تيموثاوس حينما يصف الله الآب هكذا: «وملك الدهور الذي لا يفنى ولا يُرى الإله الحكيم وحده له الكرامة والمجد» (1تي 17:1)، هنا يقول الكتاب إن الله هو «الإله الحكيم وحده» ولكن معروف أن المسيح الكلمة هو «حكمة الله»، فالله لا يمكن أن ينفصل عن حكمته. فإن كان الله يُدعى «الحكيم وحده»، فهو واحد مع حكمته أي هو والمسيح الكلمة الإله الواحد الحكيم.
وعلى هذا الأساس من مفهوم الـ Monarchia، سجل الآباء مطلع قانون الإيمان الرسولي النيقاوي الذي لم يكن إلاَّ تسجيلاً لتقليد الرسل، هكذا:
[نؤمن بإله واحد الله الآب ضابط الكل … خالق السماء والأرض ما يُرى وما لا يُرى، نؤمن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الآب،
نعم نؤمن بالروح القدس الرب المحيي المنبثق من الآب.]
هنا الله الآب أُعطى صفة “الإله الواحد”، ثم ذُكر الابن والروح القدس في صميم الإله الواحد (منه وفيه) كمكمِّلين للثالوث المتساوي، فالإله يشمل الآب والابن والروح القدس.
هذا التفسير قديم جدًّا في الكنيسة، وهو تقليد محفوظ، ونقرأه لترتليان:
[إنه من الخطأ أن نتصوَّر أن العدد والترتيب في (ذكر) الثالوث هو انقسام في وحدانيته أو أن الوحدة تنفي الثالوث.]([13])
[إن تنازل الثالوث ابتداءً من الآب باتصال وثيق على درجات يتفق مع ألـ Monarchia أي وحدة الأصل وفي نفس الوقت يحمي التدبير.]([14])
ويوضِّح البابا ديونيسيوس الإسكندري هذه الحقيقة في اختصار شديد هكذا:
[نحن نمتد بالوحدة غير المنقسمة إلى الثالوث، ثم نركِّز على الثالوث غير المفترق لنبلغ الوحدة.]([15])
ومن هذا يتضح أنه يستحيل أن نعبد أحد الأقانيم الإلهية دون أن نعبد الكل معاً، وحينما نصلِّي إلى الآب فنحن نتقدَّم إلى حضرته السرية الفائقة في شخص ابنه وفي الروح القدس، كما تعوَّدنا دائماً أن نبدأ الصلاة أو نختمها في اسم الثالوث المتحد.
وهكذا وجدنا أن مبدأ “وحدة الأصل مونأرخيا Monarchia” بدأ كعقيدة أرثوذكسية للحفاظ على حقيقة الوحدة في الثالوث. وسارت كتقليد مبكِّر جدًّا في الكنيسة، ولكن سرعان ما اختطفها الهراطقة من فم آباء الكنيسة ليستخدموها ضد العقيدة والإيمان كله. كما يقول ترتليان:
[إن الشيطان الذي ينافس ويناقض الحق بكل الطرق جعل نفسه بطلاً على أساس عقيدة أن الله واحد حتى يصنع أكبر هرطقة من كلمة “واحد”.]([16])
لقد تصَّوروا أن عقيدة لاهوت المسيح لا يمكن توافقها مع الإيمان بوحدة الله، أي أنها تتعارض مع الإيمان “بالله الواحد”. وهكذا تجمع كثير من الهراطقة الذين كانوا مختلفين في كل شيء ليتفقوا ويتحدوا في شيء واحد ضد الثالوث، وهو المناداة بوحدة الله ضد لاهوت المسيح. وفي هذا يقول ترتليان أيضاً:
[هؤلاء السذج، إن لم نَقُلْ – قصيرو البصر والجهلاء – الذين يكوِّنون السواد الأعظم من المؤمنين الذين بواسطة قانون الإيمان الرسولي عادوا من عبادة آلهة العالم الوثني إلى عبادة الله الحقيقي غير عالمين أن الإيمان بوحدانية الله إنما هو على أساس تدبيره المتعدِّد (أي الثلاثي: الخلقة، الفداء، التقديس). ولكن هؤلاء بسبب قصورهم يظهرون كخائفين من هذا التدبير الإلهي عينه، ويقولون عنَّا إننا نعبد ثلاثة آلهة، أمَّا هم ففي نظر أنفسهم يعبدون إلهاً واحداً ولذلك يقولون إنهم متمسِّكون بشدة بالمونأرخيا = الوحدانية.]([17])
ومن ضمن الذين وقعوا في هذه المونأرخيا (الوحدانية) الصورية زفرينوس بابا روما، على أساس تخوُّفه من عبادة ثلاثة آلهة، ولذلك يقول عنههيبوليتس:
[رجل جاهل غير مدرَّب على فهم اصطلاحات الكنيسة.]([18])
ويعود أوريجانوس يصف هذه الهرطقة هكذا:
[هذه البدعة التي أقلقت إيمان الكثيرين الذين يفتخرون بتعبُّدهم لله (الواحد) لأنهم كانوا قلقين وحذرين من عبادة إلهين.]([19])
وهكذا أطلقت الكنيسة على هؤلاء الذين انحرفوا بمفهوم المونأرخيا (الوحدة) اسم المونأرخيين (الموحِّدين). وظلت الكنيسة على مدى القرن الثالث توضِّح إيمانها بلاهوت المسيح على أساس وحدانية الله.
أمَّا هؤلاء المونأرخيون فنصفهم الأول كان ينكر لاهوت المسيح جملة وتفصيلاً، والنصف الآخر كان يعتبر المسيح مجرَّد قوة أو صفة مُنحت له من الله؛ وذلك لكي يدافعوا عن وحدانية الله.
أمَّا النصف الأول فلم يعطوا المسيح شخصية إلهية مستقلة، وهم براكسياس ونوئيتوس وكالليستس (بابا روما) وبيرللوس (أسقف بوسطرة ببلاد العرب)، وعلى رأسهم سابيليوس الذي يُظن أنه ليبي الأصل([20]) وكان متضلِّعاً في اللاتينية.
أمَّا النصف الثاني فهو ألوجي وثيئودوتس وأرتمون وعلى رأسهم بولس الساموساطي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) Athanas., Orat. IV. 24.
([2]) Ibid., III. 3.
([3]) Newman, op. cit., p. 172.
([4]) Athanas., Or., C., Ar., II, 33, 41, III, 1-6.
([5]) Deonysios of Rome, De Decretis, ch. 26; Beth. Bax., op. cit., p. 226.
([6]) Athenagoras, Leg., 12, Leg. 10.
([7]) Clement of Alex., Instruct.
([8]) Athanas. to Serap., I:14.
([9]) Ibid., I.20.
([10]) Ibid. I.28
([11]) Athamas., to Serap., I.30.
([12]) Newman op. cit., 178.
([13]) Newman op. cit., p. 176.
([14]) Ibid.
([15]) Athanas., ap. Dion. adv. Prax. 1 cited by Beth. Bax. p. 96.
([16]) Tertulian, adv, Prax., 1, cited by Beth. Back., p. 96.
([17]) Tertullian, adv. Prax., 3, cited by Beth. Back., p. 97.
([18]) Beth. Back., op. cit., p. 97.
([19]) Ibid., Origen, on John 2:2.
([20]) Cross, Dict., of Chr. Church., p. 1197.