Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

وتاكل كعكا من الشعير على الخرء – هل هو إله يأمر الإنسان بأكل فضلات الإنسان؟ شبهة والرد عليها

وتاكل كعكا من الشعير على الخرء – هل هو إله يأمر الإنسان بأكل فضلات الإنسان؟ شبهة والرد عليها

وتاكل كعكا من الشعير على الخرء – هل هو إله يأمر الإنسان بأكل فضلات الإنسان؟ شبهة والرد عليها

هل هو إله يأمر الإنسان بأكل فضلات الإنسان؟

«وَتَأْكُلُ كَعْكًا مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ». وَقَالَ الرَّبُّ: «هكَذَا يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ خُبْزَهُمُ النَّجِسَ بَيْنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَطْرُدُهُمْ إِلَيْهِمْ». فَقُلْتُ: «آهِ، يَا سَيِّدُ الرَّبُّ، هَا نَفْسِي لَمْ تَتَنَجَّسْ. وَمِنْ صِبَايَ إِلَى الآنَ لَمْ آكُلْ مِيتَةً أَوْ فَرِيسَةً، وَلاَ دَخَلَ فَمِي لَحْمٌ نَجِسٌ». فَقَالَ لِي: «اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ لَكَ خِثْيَ الْبَقَرِ بَدَلَ خُرْءِ الإِنْسَانِ، فَتَصْنَعُ خُبْزَكَ عَلَيْهِ».” (حزقيال 4: 12-15)

يقول د. منقذ بن محمود السقار وهو يُهاجم إله العهد القديم: “ويذكر سفر حزقيال أن الله أمر نَبِيَّه حزقيال بأوامر كثيرة منها أنه أمره وبنى إسرائيل أن يأكلوا كعك الشعير مخبوزاً مع فضلات الإنسان، ولما صعب الأمر على حزقيال، خفضه وسمح له أن يخبِز كعكة الشعير مع فضلات البقر، بدلاً من فضلات الإنسان”. فهل هذا معقول؟

هل فعلاً أمر الرب حزقيال أن يأكل كَعْكاً بالخُرْءِ؟

لكي نفهم الآيات السابقة لابُد أن نعرف ما هو الْخُرْء؟ وما هى الخلفية التاريخية لهذا الموقف؟ ولماذا طلب الرب من حزقيال هذا الطلب؟

أولاً: ما هو الْخُرْءِ؟

(الْخُرْءِ) هو فضلات الإنسان أو الحيوان، وهو فى اللغة الإنجليزية (dung)، وكانت “ولا تزال” تُستَخدَم كسِماد بلدى بعد أن يتم خلطها بالتراب والتِبن والقش وتركها لفترة طويلة حتى تَجِف، ثمَّ تُفَكَّك ويتم نثرها فى الحقول لتسميدها(1)، ونجِد هذا التشبيه فى:

(مز83: 10) “بَادُوا فِي عَيْنِ دُورٍ. صَارُوا دِمَنًا لِلأَرْضِ”.

الكلام هنا عن أعداء الرب فيقول: “صَارُوا دِمَنًا لِلأَرْضِ”. والدمن هو السماد البلدى، فتَرِد فى ترجمة (ك ج) “بَادُوا فِي عَيْنِ دُورٍ. وصَارُوا زِبْلاً لِلأَرْضِ”.

(إش 5: 25) “مِنْ أَجْلِ ذلِكَ حَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى شَعْبِهِ، وَمَدَّ يَدَهُ عَلَيْهِ وَضَرَبَهُ، حَتَّى ارْتَعَدَتِ الْجِبَالُ وَصَارَتْ جُثَثُهُمْ كَالزِّبْلِ فِي الأَزِقَّةِ”.

والكلمة فى اللغة العِبرية المُترجَمة (الْخُرْءِ) هنا هى (גֶֽלְלֵי) (جيليل)، يقول عنها قاموس (Brown): هى فضلات الإنسان أو الحيوان وتُسمَّى فى اللغة العربية (الجُلَّةُ) وتُستَخْدَم كوقود(2)

وكذلك تقول عنها بعض القواميس الأخرى(3): هى فى اللغة العربية (الجُلَّة). وهي مصنوعة من الفضلات الجافة تُستَخْدَم كوقود(4)

وقد وردت هذه الكلمة أربع مرات فى العهد القديم: منها مرتين فى هذا الإصحاح لتُعبِّر عن فضلات الإنسان وفضلات البقر والمرتين الأخرتين ترجمتا (جُلَّة) فنقرأ:

(حز4: 12) “وَتَأْكُلُ كَعْكًا مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ (גֶֽלְלֵי) الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ”.

(أي 20: 7) ” كَجُلَّتِهِ (גֶֽלְלֵי) إِلَى الأَبَدِ يَبِيدُ. الَّذِينَ رَأَوْهُ يَقُولُونَ: أَيْنَ هُوَ؟”.

أى مثل الجُلَّة سيحترق ولا يكون له وجود.

(صف1: 17) “وَأُضَايِقُ النَّاسَ فَيَمْشُونَ كَالْعُمْيِ، لأَنَّهُمْ أَخْطَأُوا إِلَى الرَّبِّ، فَيُسْفَحُ دَمُهُمْ كَالتُّرَابِ وَلَحْمُهُمْ كَالْجِلَّةِ(גֶֽלְלֵי)”.

وما هى الجِلَّة؟

هى عبارة عن فضلات البهائم بعد خلطها بقليل من القش، وتقطيعها إلى قطع صغيرة، وتركها فى الشمس حتى تَجِف. ثم تُستَخْدَم كوقود، وتمتاز بأنها غير مُكَلِّفة. وسهلة التحضير، فلا تحتاج مجهود فى تقطيعها أو نقلها أو تصنيعها. وهي بهذا الشكل وكانت تُستَخْدَم بعد ذلك فى الأفران البلدى فى القرى فى هذه الأفران يُصنَع الخبز.

فالخَرء (الجُلَّة) لا تُخلَط بالخبز ولكن تُستَخْدَم كوقود لتسوية الخبز عليها، فقد كانت توضع فى فتحة سفلية فى الفرن، بينما يوضع الخبز فى فتحة أخرى فى مستوى أعلى. ومن يقول: إن الخَرء يُخلط بالدقيق أو العجين فهو غير أمين، ولا يعرف الخلفي
ة التاريخية.

ثانياً: ما المقصود بكلمة تَخْبِزُهُ؟

إن الفعل (تَخْبِزُهُ) فى اللغة العبرية هو (תְּעֻגֶ֖נָה) من (خَبَزَ) (עוּג) (عوج) ويعنى يشعل النار على العجين لتسويته(5) وجاء فى قاموس آخر: المقصود تسوية الخبز المستدير على حجر سخن، أو على الفحم أو النار من الوقود(6).

وكان اليهود لا يستخدمون (الجُلَّة) كوقود لأنهم كانوا يعتبرون أن لمس براز الحيوانات نجاسة، وبالتالى كانوا لا يصنعون (الجُلَّة).

 

ثالثاً: عن ماذا يتكلم الرب مع حزقيال؟

يتكلم الرب بالنبوة فى الإصحاح الرابع من سفر حزقيال عن خراب أورشليم القادم بسبب شر الشعب وفساده وإبتعاده عن الرب، فيذكر أن المدينة ستدخل حصاراً شديداً وقاسياً لفترة طويلة، ولن يجدوا ما يأكلون أو يشربون، وهنا يطلب من حزقيال أن يُقدِّم مشهداً تمثيلياً للشعب يُبيِّن لهم فيه ما سيحدُث لهم من خراب ودمار كإنذار أخير لعلهم يتوبون عن شرورهم فنقرأ:

آية1 “وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ لِبْنَةً وَضَعْهَا أَمَامَكَ، وَارْسُمْ عَلَيْهَا مَدِينَةَ أُورُشَلِيمَ”.

 

هنا يطلب الرب منه أن يرسم أورشليم على لِبْنَة: أى لوح من الطوب اللبِن، أى لم يُحرَق بعد، فيمكن حفر الرسم عليه بسهولة. ثم يستكمل وصف الرسم للمدينة وهي مُحاصَرة فيقول:

آية2 “وَاجْعَلْ عَلَيْهَا حِصَارًا، وَابْنِ عَلَيْهَا بُرْجًا، وَأَقِمْ عَلَيْهَا مِتْرَسَةً، وَاجْعَلْ عَلَيْهَا جُيُوشًا، وَأَقِمْ عَلَيْهَا مَجَانِقَ حَوْلَهَا”.

 

ويطلب الرب من حزقيال أن يوضح للشعب ما سيحدُث له فى أثناء الحصار بصورة تمثيلية أخرى وذلك لتوصيل التحذير الشديد بصورة أوضح فيقول:

وَخُذْ أَنْتَ لِنَفْسِكَ صَاجًا مِنْ حَدِيدٍ وَانْصِبْهُ سُورًا مِنْ حَدِيدٍ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ، وَثَبِّتْ وَجْهَكَ عَلَيْهَا، فَتَكُونَ فِي حِصَارٍ وَتُحَاصِرَهَا. تِلْكَ آيَةٌ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ…. وَأَنَا قَدْ جَعَلْتُ لَكَ سِنِي إِثْمِهِمْ حَسَبَ عَدَدِ الأَيَّامِ، ثَلاَثَ مِئَةِ يَوْمٍ وَتِسْعِينَ يَوْمًا، فَتَحْمِلُ إِثْمَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ. فَإِذَا أَتْمَمْتَهَا، فَاتَّكِئْ عَلَى جَنْبِكَ الْيَمِينِ أَيْضًا، فَتَحْمِلَ إِثْمَ بَيْتِ يَهُوذَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا. فَقَدْ جَعَلْتُ لَكَ كُلَّ يَوْمٍ عِوَضًا عَنْ سَنَةٍ.

ويُحدِد الرب هنا أن الحِصار سيكون لمدة 390 يوماً كفترة أولى، ثم تتلوها فترة ثانية لمدة أربعين يوماً، وبعدها ينجح جيش بابل فى عمل ثغرات فى السور، ويحطموا المدينة بالكامل.

ثم يطلب منه أن يستكمل الطريقة التمثيلية ليوضح للشعب ما سيحدُث لأُورُشَليم أثناء الحصار من جوع شديد، فيقول له:

9 “وَخُذْ أَنْتَ لِنَفْسِكَ قَمْحًا وَشَعِيرًا وَفُولاً وَعَدَسًا وَدُخْنًا وَكَرْسَنَّةَ وَضَعْهَا فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ، وَاصْنَعْهَا لِنَفْسِكَ خُبْزًا كَعَدَدِ الأَيَّامِ الَّتِي تَتَّكِئُ فِيهَا عَلَى جَنْبِكَ. ثَلاَثَ مِئَةِ يَوْمٍ وَتِسْعِينَ يَوْمًا تَأْكُلُهُ”.

فالأكل سيكون قليلاً جداً، ومن النوع الردئ، لذلك يطلب منه أن يصنع الخبز من مواد رديئة وقليلة ويخلطهم معاً لكي يشبع، وفى الحقيقة مثل هذا الطعام لم يكن يأكله البشر بل كان يُقَدَّم كعلف للبهائم، وكل هذا ليؤكد لهم أن الطعام بسبب الحصار سيكون رديئاً جداً وبكميات قليلة جداً.

 

10وَطَعَامُكَ الَّذِي تَأْكُلُهُ يَكُونُ بِالْوَزْنِ. كُلَّ يَوْمٍ عِشْرِينَ شَاقِلاً. مِنْ وَقْتٍ إِلَى وَقْتٍ تَأْكُلُهُ.

والشاقل حوالي 10 جرام، أي كل ما يأكله فى اليوم الواحد 200جم وهو بالطبع غير كافٍ للشبع. وعبارة “مِنْ وَقْتٍ إِلَى وَقْتٍ” أى أنه بالرغم من ردائته لكنه غير متوافر أيضاً لذلك سيأكل الناس عدد وجبات أقل.

 

11وَتَشْرَبُ الْمَاءَ بِالْكَيْلِ، سُدْسَ الْهِينِ، مِنْ وَقْتٍ إِلَى وَقْتٍ تَشْرَبُهُ.

و”سُدْسَ الْهِينِ” أي حوالي 150 ملى، فهو قليل جداً، وهذا يدل على أن الماء أيضاً فى فترة الحصار سيكون غير متوفِّر.

 

ونأتى للآية محل التساؤل:

آية12 “وَتَأْكُلُ كَعْكًا مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ”.

وهنا يطلب الرب من حزقيال أن يأكل كعكاً من الشعير، بشرط أن يستخدم الجُلَّة المصنوعة من فضلات الإنسان بدلاً من فضلات البهائم كوقود يخبز به. ويخبزه أمام عيون كل الشعب، وذلك لكي يعلن لهم أنه عندما يتم الحصار ستكون المجاعة شديدة، وسوف يستهلكون كل مواد الإيقاد من خشب وفحم وحطب وغيره، وبلا شك سوف يذبحون كل البهائم ويأكلونها ليعيشوا، وبالتالى سيختفي روث البهائم الذي كان من الممكن أن يصنعوا منه الجُلَّة ويستَخدمونها كوقود لصنع الخبز، وبالتالى سيضطروا لصنع الجُلَّة من فضلات الإنسان بدلاً من فضلات البهائم ليكون لهم وقود.

تخيل معى مدى الكارثة! فإن كانوا يستخدمون الجُلَّة المصنوعة من فضلات البهائم، لأنها بالنسبة لهم نجاسة، فكم بالحري الجُلَّة المصنوعة من فضلات الإنسان التى هى أكثر نجاسة؟!

وأرجو أن تلاحظ أن الرب يقول: “وَتَأْكُلُ كَعْكًا مِنَ الشَّعِيرِ” فهو كعك مصنوع من الشعير فقط، ولكن يستخدم الجُلَّة المصنوعة من فضلات الإنسان فى الطهي عليها. لذلك كان يجب على المترجم أن يقدم فقرة على فقرة حتى يتضح المعنى تماماً كالآتى:

“وَتَأْكُلُ كَعْكًا مِنَ الشَّعِيرِ. تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ، عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ”.

وهذا المعنى نراه واضحاً فى كل التراجم الإنجليزية الآتية:

(GNB) You are to build a fire out of dried human excrement, bake bread on the fire, and eat it where everyone can see you.

(GW) Eat the bread as you would eat barley loaves. Bake the bread in front of people, using human excrement for fuel.

(CEV) Use dried human waste to start a fire, then bake the bread on the coals where everyone can watch you.

(ISV) You are to eat it as barley cakes and bake it right in front of them, using dried human dung for cooking fuel.

(ESV) And you shall eat it as a barley cake, baking it in their sight on human dung.

(ERV) You must make your bread each day. You must get dry human dung and burn it. Then you must cook the bread over this burning dung. You must eat this bread in front of the people.

إذاً كل التراجم تؤكد أن الكعك يُخبَز عن طريق إشعال الجُلَّة المصنوعة من فضلات الإنسان كوقود.

ولم يرض حزقيال بهذا الأمر لأنه يعرف أن لمس خرء الإنسان هو نجاسة بحسب الناموس، فترجى الرب ألا يصنع بشعبه هكذا فنقرأ:

14فَقُلْتُ: “آهِ، يَا سَيِّدُ الرَّبُّ، هَا نَفْسِي لَمْ تَتَنَجَّسْ. وَمِنْ صِبَايَ إِلَى الآنَ لَمْ آكُلْ مِيتَةً أَوْ فَرِيسَةً، وَلاَ دَخَلَ فَمِي لَحْمٌ نَجِسٌ”.

فسمح الرب له بأن يستخدم الجُلَّة المصنوعة من فضلات البقر بدل الجُلَّة المصنوعة من فضلات الإنسان ليصنع عليها الخبز فنقرأ:

آية15 فَقَالَ لِي: “اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ لَكَ خِثْيَ الْبَقَرِ بَدَلَ خُرْءِ الإِنْسَانِ، فَتَصْنَعُ خُبْزَكَ عَلَيْهِ”.

وأرجو أن تلاحظ عبارة ” فَتَصْنَعُ خُبْزَكَ عَلَيْهِ”. أى يستخدمه كوقود فقط، وهذا يؤكد أن ما قصده فى عدد 12 هو أن يُصنع الخبز من الشعير فقط، باستخدام الجُلَّة كوقود ولا يُعجَن بها.

والسؤال:

هل أخطأ الرب عندما طلب من حزقيال أن يحذر الشعب بصورة عملية ملموسة ويمثِّل ما سيحدُث لهم أمام عيونهم؟ هل أخطأ عندما طلب منه أن يأكل خبزه مُستَخدِماً الجُلَّة المصنوعة من فضلات البهائم كوقود؟ هل أساء إليهم عندما حذَّرهم بهذا الأسلوب أنه كان سيسئ إليهم لو لم يُحذِّرهم؟!

المراجع

هل أخطأ الكتاب المقدس في ذِكر موت راحيل أم يوسف؟! علماء الإسلام يُجيبون أحمد سبيع ويكشفون جهله!

وتاكل كعكا من الشعير على الخرء – هل هو إله يأمر الإنسان بأكل فضلات الإنسان؟ شبهة والرد عليها

Exit mobile version