معجزة السير على الماء بعيون يهودية 1
معجزة السير على الماء بعيون يهودية 1
صفحة: المسيح في التراث اليهودي
معجزة السير على الماء بعيون يهودية -1-
متى 14: 25 وَفِي الْهَزِيعِ الرَّابعِ مِنَ اللَّيْلِ مَضَى إِلَيْهِمْ يَسُوعُ مَاشِيًا عَلَى الْبَحْرِ.
سار المسيح على الماء في معجزة عظيمة وجليلة ، ولكنها تفتح لنا بابا من الاسئلة ، لماذا تلك المعجزة بالذات ؟ لماذا ظن التلاميذ من الوهلة الاولى عندما رأوا المسيح انه روح نجس يسير على الماء!؟ ،لماذا حاول بطرس ان يقلد المسيح وياتي له سيرا على الماء ؟ ، هل كان يسير على الموج ام كان يسير على الماء فيتخبط به الموج !؟
لنعرف اجابات تلك الاسئلة يجب ان نتعمق اكثر وننظر لتلك المعجزة ، لا بواسطة عيوننا ، وانما بواسطة عيون تلاميذ المسيح الذين بلا شك كانوا متشبعين بالفكر اليهودي التقليدي الذي تعلموه وشربوه من صغرهم.
دعونا اولا نتحدث عن عبور اسرائيل للبحر الاحمر بعد الفصح ، يقول الكتاب “فَدَخَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ عَلَى الْيَابِسَةِ، وَالْمَاءُ سُورٌ لَهُمْ عَنْ يَمِينِهِمْ وَعَنْ يَسَارِهِمْ.” (خروج 14: 22) ، جاء في النص الاصلي “יבשׁה” كلمة “يباشا” السالف ذكرها تعني “جاف” والتي تم ترجمتها يابسة ، وهذة الترجمة تُفهمنا معنى الآية ولكن الادق هو “جاف” فتكون الترجمة الحرفية للآية هكذا ” فدخل بنو اسرائيل في وسط البحر على الجفاف ..”
نعم ، لقد سار اسرائيل على ماء صلب في عبورهم للبحر الاحمر ، ماء متماسك يستطيع الانسان ان يسير عليه بسهوله ، لا تستعجب .. فمزمور 66 يخبرنا تلك الحقيقة اذ يقول “حول البحر الي يبس ..” (آية6) ماء البحر قد تحول الى حالة جافة صلبة للسير عليها . يستخدم المزمور كلمة “הפך – هفخ”
والتي تعني التحول من حالة لحالة او شئ لشئ ، فما حدث اثناء العبور هو ليس ان الله رفع الماء فكشف عن اليابسة (الارض التحتية) ، وانما حول الماء لحالة صلبة يمكن السير عليها . دعونا نتعمق اكثر ، ارضية البحار لا تكون مستوية وانما تحوي الكثير من النُقر والحفر والشقوق ،التلال والصخور العالية .
يقول المفسر اليهودي موسى بن عطار في تفسيره (اور هاحييم) ان الله لكي يجعل اسرائيل يتفادون السير على المنخفضات و المرتفعات التي على سطح ارض البحر ، فهو قد قسم الماء في البحر لطبقتين ، الطبقة الفوقانية قسمها بعد ذلك الى قسمين من اليمين واليسار وهما يمثلان الجدار المائي الذي سار اسرائيل بداخله ، اما طبقة الماء السفلية فقد حولها الله لحالة صلبة ليسير اليهود عليها ، وهذا نراه صراحة في الاغنية التي غناها الشعب بعد العبور “تَجَمَّدَتِ اللُّجَجُ فِي قَلْبِ الْبَحْرِ.” (خروج 15: 8)
لفظ “קָפָא – قفا” العبري تم ترجمته “تجمد” وهو يحمل ايضا معنى ان يزداد سُمك الشئ ، تزداد كثافته . وهذا عين ما حدث مع اسرائيل.وهذا يفسر لنا بشكل اكثر واقعيه ما قاله الله لموسى “..وَمُدَّ يَدَكَ عَلَى الْبَحْرِ وَشُقَّهُ، فَيَدْخُلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ..” (خروج 14: 16)
فبالفعل قد دخل اسرائيل في وسط البحر ، فالماء كانت على جانبيهم وايضا تحتهم ، بالمناسبة فلفظ شقّ جاء في الاصل العبري “בָּקַע – بقع”
وهو لا يعني بالضرورة شق لقسمين وانما ايضا يعني فتح فتحة في الشئ ، فبعصا موسى قد انفتحت فجوة في قلب الماء فسار اسرائيل “حرفيا” في وسط البحر، بالخطأ يظن الكثيرون ان انشقاق البحر الأحمر وعبوره تم في وقت النهار بينما الكتاب اعلن صراحة ان هذا الوقت كان في الهزيع الرابع من الليل –والهزيع الرابع هو يمتد من الساعة الثالثة ليلا وحتى السادسة قبل شروق الشمس- ويُسمى ايضا هزيع الصبح لإنه يسبق الشروق مباشرة (خر 14: 24-27).
هل رأيتم التشابه الآن !؟ ، هذة المعجزة العظيمة كررها المسيح مع التلاميذ فسار هو ايضا على الماء وقت الهزيع الرابع ، لماذا؟ ، لان اليهود يعرفون ان المسيح سيأتي ويفعل افعال موسى ويكون اعظم منه مستندين على بعض الايات ولعل اهمهما (تثنية 18: 18)
والتراث اليهودي ملئ بتلك الشهادات ، فالمسيح قد جاء وسار على الماء كما فعل موسى مع شعبه وذهب الى التلاميذ في وسط الماء ، فلما استوعب بطرس ذلك الامر استرجع قصة الخروج سريعا في ذهنه وتقدم ليسير هو الآخر على الماء كجدوده الاوائل ، وعندما شك سقط فرُفع بواسطة المسيح الذي هو بالحقيقة الرب الذي ظهر قديما وقت الخروج وانقذ جدوده من قبله .
يتبقى جزء صغير ولكنه هام من تلك القصة
يُتبع