تاريخ النور المقدس والرد على الأسئلة والتشكيكات المُثارة ضده | بيشوي مجدي
تاريخ النور المقدس والرد على الأسئلة والتشكيكات المُثارة ضده | بيشوي مجدي
تاريخ النور المقدس والرد على الأسئلة والتشكيكات المُثارة ضده | بيشوي مجدي
مع إرتفاع نسبة الإلحاد المعاصر في المنطقة العربية والتي أغلبها الآن يقع تحت حكم ثيؤقراطي مُقنّع، ومع إزدياد الأسئلة أو حتى الوصول للإدعاءات أو رميّ الشبهات، بات أن نستخدم اليوم ما هو عقلاني ومنطقي في الرد على سر الرجاء الذي فينا.
اليوم وبعد أكثر من ألفي عام لميلاد المسيح المعجزي، وأمام أعين العالم كله وبمعجزية فائقة للطبيعة لا نستطيع أن ندركها، يبزغ نور إلهيّ من قبر المخلّص كل عام حسب تقويم كنيستنا الأورثوذكسية الشرقية.
الإدّعاء الأول بزيف المعجزة –وهو الأكثر إنتشاراً حتى على الصفحات الإسلامية- هو ما يدّعيه المؤرّخ والكاتب الديني اليوناني “مايكل كالوبلوس” (Michael Kalopoulos) الذي قام عام 2005 وبحضور كهنة أورثوذكس وعلى مرأى الجميع في قناة ET3 اليونانية بغمس بعض الشموع في “الفسفور الأبيض” (white phosphorus). فأشتعلت الشموع تلقائيا بعد حوالي 20 دقيقة نتيجة لخواص “الإشتعال الذاتي” (self-ignition) للفسفور الأبيض (white phosphorus) بفعل الإحتكاك مع الهواء.
وعلق الكاتب والمؤرخ الديني “مايكل كالوبلوس” قائلا: “اذا تم إذابة “الفوسفور الأبيض” (white phosphorus) في “المذيبات العضوية” (organic solvents) المناسبة، فإن الاشتعال الذاتي (self-ignition) قد يتأخر حتى تتبخر “المذيبات العضوية” (organic solvents) تماما تقريبا. وأظهرت التجارب المتكررة أنه يمكن تأخير الاشتعال لمدة نصف ساعة أو أكثر، اعتمادا على كثافة المحلول (Density) وعمل المذيبات.”
الإدعاء الثاني من المؤرخ الإنجليزي الشهير “إدوارد جيبون” (Edward Gibbon): في كتابه “تاريخ سقوط الإمبراطورية الرومانية”([1])قائلاً:” النار المقدسة التي تشتعل عشية عيد الفصح في كنيسة القيامة.([2]) هو نوع من الأحتيال الورع ، ابتكر لأول مرة في القرن التاسع ([3])، وقد كان يُعترف بها بواسطة الصليبيين اللاتنيين، وتتكرر كل عام بواسطة مجموعة من رجال الدين اليونان والأرمن والأقباط ([4])، الذين يفرضونها على المتفرجين السذج ([5]) لمصلحتهم الخاصة، وذلك من أستبدادهم.”
الإدّعاء الثالث ويشبه ما قاله (جيبون) من عالم الإنسانيات اليوناني “أدامانتيوس كوراي” (Adamantios Korais) النار المقدسة أحد أنواع الغش الديني في بحثه “عن النور المقدس بالقدس” (On the Holy Light of Jerusalem) . وأشار إلى الحدث بأنه “مكائد كهنوتية احتيالية” (machinations of fraudulent priests) والضوء بـ “غير المقدس” (unholy) وكونه فقط “معجزة لكسب النقود والأموال والأرباح” (a profiteers’ miracle) من البسطاء.
سأقسم ردي على هذه الإدّعاءات في ثلاثة نقط:
1- ماهو الفسفور الأبيض وتاريخه وكيفية تكوينه.
2- سرد ما يحدث يوم السبت العظيم (سبت النور) التي تؤكد إستحالة إستخدام الفسفور الأبيض.
3- تاريخ معجزة النور المقدس من المراجع التاريخية.
أولاً: الفسفور الأبيض –P4 White phosphorus:
هو أحد نظائر الفسفور. مادة تشتعل ذاتياً وسامة جداً هو عبارة مادة شمعية شفافة وبيضاء ومائلة للاصفرار، وله رائحة قوية تشبه رائحة الثوم يستطيع أي انسان ان يميزها ويصنع من الفوسفات، وعندما يتعرض للهواء الجوي يتفاعل مع الأكسجين بسرعة كبيرة منتجا نارا ودخان أبيض كثيف.
عند تواجد الفوسفور الأبيض في الهواء فهو يحترق تلقائيا مع الأكسجين لينتج بينتوكسيد الفوسفور حسب هذه المعادلة:
P4 +5 O2 → P4O10
و بخصوص بينتوكسيد الفوسفور فهو يعتبر مسترطبا قويا، لهذا فهو يتفاعل مع أي جزيئة ماء مجاورة له ونتيجة التفاعل تنتهي بإنتاج قطرات من حمض الفوسفوريك
P4O10 + 6 H2O → 4 H3PO4
ويكون احتراق الفوسفور الأبيض مع الأكسجين بتواجد مواد أخرى، خصوصاً المؤكسِدة كالكبريت مثلاً، احتراقاً قوياً وانفجارياً. ودخان الفسفور الابيض هو حارق للجلد او اي مادة مصنوعة من مطاط ويسبب حروق لاذعة للوجه والعينين والشفتان وعند ملامسة الفسفور الابيض للجلد يستمر في الاشتعال ويحرق كل طبقات الجلد والانسجة حتي يصل إلى العظم ما لم يتم اطفاؤه. وفى حال تعرض منطقة ما بالتلوث بالفسفور الأبيض، يترسب في التربة أو قاع الأنهار والبحار أو حتى على اجسام الاسماك، وعند تعرض جسم الإنسان للفسفور الأبيض يحترق الجلد واللحم فلا يتبقى الا العظم.
وهنا نلاحظ الملحوظة الأولى ان الفسفور الابيض يتفاعل بسرعة مع الاكسوجين في الهواء الجوي وليس ببطء بمعني الشمعة التي بها فسفور أبيض لو افترضنا فهي لن تبقي ساعات حتي تشتعل بل ستشتعل بعد ثواني او دقائق قليلة. وساعود لاحقا إلى ترتيب حدوث المعجزة والوقت التي تستغرقه مما يؤكد عدم وجود فسفور ابيض.
الملحوظة الثانية هو حارق للجلد عندما يشتعل، فلو كانت الثلاثة وثلاثين شمعة بهم فسفور ابيض هذا يحرق جلد يد ووجه وعيني غبطة البطريرك ولو كانت كل شموع الكنيسة بها فسفور أبيض لكي لا يحرق من يضع يده في النار هذا يحرق الشعب في الكنيسة كله بحمض الفسفوريك لأننا نتكلم عن كمية تساوي قنبلة فسفورية. وسأعود إلى هذا ايضاً لاحقاً في الرد علي ان نار النور المقدس أول نصف ساعة لا يحرق.
تاريخ وكيفية تكوين الفسفور الابيض:
الفسفور الأبيض ليس مادة طبيعية ولكن مصنعة يعود اكتشاف الفسفور الابيض لاول مره في التاريخ إلى القرن السابع عشر وتحديدا سنة 1669 م بواسطة هينيج براند بهامبورج (Henning Brand). وجاء الاكتشاف بالصدفة عندما كان يحاول ان يكون ذهب. وتجربته هي عبارة عن اخذ بول وتركه في انبوبة عدة ايام حتي يتحلل ثم بدا يغليه حتي تكونت عجينة. سخن هذه العجينة لدرجة حرارة مرتفعة مع كربون واخذ ابخرتها وبردها بماء بارد عن طريق التكثيف البارد حتي تتجمع ولكن خاب أمله فبدل من أن ينتج ذهب أنتج مادة بيضاء شمعية تلمع في الظلام فهو بتبخير البول انتج امونيا صوديوم هيدروفسفيت وهذا الملح عندما يسخن مع كربون يتحلل إلى الفسفور الابيض وصوديوم بيروفسفيت
- (NH4)NaHPO4—› NaPO3+ NH3 + H2O
- 8NaPO3+ 10C —› 2Na4P2O7+ 10CO + P4
ثم اتي بعده روبرت بويلي (Robert Boyle) من لندن سنة 1680 م الذي بسط المعادلة إلى:
4NaPO3 + 2SiO2 + 10C —› 2Na2SiO3 + 10CO + P4
عندما يحترق يجب ان يكون جاف في اكسوجين
P4 +5 O2 → P4O10
ومع الماء يكون حمض الفسفوريك الحارق
P4O10 + 6 H2O → 4 H3PO4
وهو أول من استخدم الفسفور لكي يشعل عود خشبي مغموس في كبريت والذي كان اساس صنع عود الكبريت المعروف ولكن ليس الفسفور الابيض
أيضا نار الفسفور الأبيض هي يصاحبها دخان ابيض كثيف Fenian fire وهو يستمر لحظات فقط في درجة 50 وانتهاء الدخان هو انتهاء نار الفسفور الأبيض وتنخمد الا لو اشعلت شيئ يكون مستمر بحرارته الطبيعية.
أضرار استخدامه:
- حروق في جسد الإنسان لدرجة أنها قد تصل إلى العظام.
- الفسفور الأبيض يترسب في التربة أو في قاع الأنهار والبحار، مما يؤدي إلى تلوثها الذي يسبب الضرر للإنسان.
- القذيفة الواحدة تقتل كل كائن حي حولها بقطر 150م.
- استنشاق هذا الغاز يؤدي إلى ذوبان: القصبة الهوائية، والرئتين.
- دخان هذه القذيفة الفسفورية يصيب الاشخص المتواجدين في المنطقة بحروق لاذعة في الوجه والعينان والشفتان والوقاية تكون بالتنفس من خلال قطعة قماش مبلولة بالماء.
بل مجرد استنشاقه يسبب اختناق وقد يصل لو من جرعه بسيطة إلى فشل كبدي حاد لهذا فهي مادة محظورة تحفظ تحت المياه لكي لا تشتعل
ثانياً: ما يحدث سنوياً يوم السبت العظيم
“اتجهٌ في طريقي خلال الظلام نحو القبر ثم أركع على ركبتي. هنا اردد بعض الصلوات التي أتت إلينا وعرفناها منذ قرون. ثم أنتظر لبعض الوقت. في بعض الأحيان قد أنتظر لبضعة دقائق. لكن في العادة تحدث المعجزة فوراً بعد أن أنهي صلاتي. من صميم الحجر نفسه الذي وضع عليه السيد المسيح تخرج النار.
وتكون عادةً باللون الازرق ولكن قد يتغير اللون ويتخذ اشكال وألوان مختلفة لا يمكن وصفها لعقل بشري. ضوء وضباب يرتفعان وتخرج الشعلة المضيئة التي تتخذ شكلاً مختلفاً كل عام.
في بعض الأحيان يغطي النور الحجر (مكان موضع المسيح) فقط. بينما في أحيان أخرى يغطي الضوء الغرفه كلها حتى أن الناس الموجودة خارج القبر يستطيعون ان يروا الضوء المنبعث من القبر. وهذا النور لا يحرق حيث لم تحرق لحيتي من النار المقدسة على مدى 16 سنة كنت فيها بطريركاً للقدس.
هذا الضوء يكون مختلفاً عن الضوء المنبعث من النار العادية التي تحرق في المصباح الزيتى. في مرحلة ما يخرج النار ويتكون على شكل عمود وتبدو النار ان طبيعتها مختلفة.
وأكون قادراً على إشعال الشموع بسهولة ثم أتوجه خارج القبر واعطي النار المقدسة أولا إلى بطريرك الأرمن ثم إلى الاقباط وفي النهايه توزع النار على جميع الموجودين في كنيسة القيامة”([6])
هذا ما وصفه غبطة البطريرك ديودورس بطريرك أورشليم (1981-2000) وصرّح به للمركز الأورثوذكسي للمعلومات عام 1998، وفي عُجالة نسرد ما يحدث يوم السبت العظيم (سبت النور) في كنيسة القيامة.
فى صباح يوم سبت النور وقبل مراسم خروج النور المقدس من قبر المقدس، يتم فحص القبر و التأكد من عدم وجود أي سبب بشري لهذه المعجزة، يبدأ الفحص في 10:00 وينتهي في 11:00 صباحاً أي ساعة كاملة تقريباً. فحص دقيق بواسطة رجال الشرطة الاسرائيلية ويشرف عليهم رئيس شرطة إسرائيل بنفسه ورئيس المدينة اليهودي ايضاً، وبعد التأكد من خلو القبر المقدس من أي مادة مسببة لهذه المعجزة، يتم وضع ختم من العسل الممزوج بالشمع على باب القبر
يتعرض غبطة البطريرك أيضاً للتفتيش ويخلع كل ملابسه الكهنوتية أمام الجميع قبل دخوله للقبر وهنا السؤال إذا إفترضنا وجود مادة الفسفور فلماذا لم تشتغل طيلة وجود البطريرك مع إزدحام الطريق المؤدي للقبر لكثرة عدد الحجّاج؟
يدخل القبر ويتلو طلبات خاصة ويظل راكعاً على ركبتيه ويحدث أن يخرج ضوء أزرق وأبيض من النور المقدس و أحياناً يخترق المكان –وهذا ليس له علاقة بضوء الفسفور الأبيض- وإن فرضنا مرة أخرى بوجود الفسفور في حزمة الشمع التي يدخل بها غبطة البطريرك في القبر المغلق الصغير فلماذا لم تحرق عينيّ أو جلد الأب البطريرك؟؟
صورة حقيقية توضح أنسياب خطوط من النور و ألتحامها بالشموع ليخرج الضوء من الشموع (2004) بطريقة اعجازية
إنه نور وليست نار
لعدة دقائق هذا النور المقدس لا يكون له خواص النار لمدة 33 دقيقة، فعلى الرغم من أنه يضيء شموع الكنيسة إلا انه نور، فيمكن ان تلمسه بيدك و تمرره على جسدك وهو لن يؤذيك فالضوء لا يحرق، ثم بعد عدة 33 دقيقة يتحول إلى نار ويكتسب خواص النار فلا تستطيع أن تلمسه بيدك.
وحاول المشكك ان يقول انه لا يحرق لان نار الفسفور الابيض باردة وهذا ليس صحيح فهذا معناه ان شمع الكنيسة كلها وهو يقدر يومها بمئات الالوف من الشموع كله به فسفور ابيض لكي لا يحرق كل من يمسك مجموعة شموع ويقربها من وجهه او يده في الدقائق الاولي.
ولو تماشينا مع افتراضية المشكك الكاذبة فهذه الكمية تعني ان في داخل الكنيسة كمية من الفسفور الابيض الحارق اكثر من ما يستخدم في القنبلة الفسفورية أي تحرق للعظام مدي 150 متر كل من يقابلها وتذيب ملابسه وجلده ولحمه.
والدخان الذي يصدر من هذه الشموع قادر علي القضاء علي الشعب الذي في داخل الكنيسة كله ويلتهم كل جلودهم وانسجتهم ويتركهم هياكل عظمية فقط وهذا لا يحدث بل لم يذكر التاريخ ان اي حادثة حريق او اي احد التهبت عينه او اصيب بحرق جلدي في كل مدار تاريخ النور المقدس.
ثالثاً: تاريخ ظهور النور المقدس:
- اول إشارة عن انبثاق النور المقدس في كنيسة القيامة من التقليد الأورثوذكسي ظهرت في اوائل القرن الرابع، أشار القديس جرجس النسكى (حوالى 394 م) فى كتاباته إلى أن القديس بطرس الرسول قد شاهد حدوث هذه المعجزة سنة 34 م.([7])
- أيضاً المؤرخ ايفسيفي من القرن الرابع أشار إلى أن في زمن البطريرك ناريسيس من القرن الثاني حدوث معجزة وهي لم يكن هناك زيت كافي لإيقاد المصابيح فملأ رجل مصباحه من ماء بركة سلوام وفجأة إشتعل هذا المصباح بالنور المقدس وإستمر مشتعل حتي نهاية خدمة القيامة.([8])
- بعد سنة 395 م زار الملك فيودوسي سراً أورشليم ودخل كنيسة القيامة ورأى إشتعال كل المصابيح. وفي هذا الوقت أعلن الملاك للبطريرك أن الملك موجود متخفياً.([9])
- وأيضاً كتبت عن هذه المعجزة سيلفيا الاكويتينية سنة 385 م.([10])
- شهادة مخطوطة من القرن التاسع محموظة في دار بطريركية أورشليم، وهي تحتوي على نصوص الصلوات التي تُتلى داخل القبر.([11])
- من شاهد عيان وموثّقة كانت من قِبَل راهب لاتيني يدعى (بيرنارد)([12]) عام 870م ([13]) ولكن تفاصيل شهادته عن هذه الظاهرة ذكرها رئيس دير روسي الأرشمندريت (دانيل) DanielKievsky أو كما هو معروف في كتب التاريخ بأسم (دانيل الرحّالة)، في مذكراته التي كتبها ما بين 1106م إلى 1107م .
هذا بالإضافة إلى شهادة العديد من المسلمين على حدوث هذه المعجزة ومحاولة تزييفها بإدّاعاءات واهية، لكن يكفينا من رأوا هذه المعجزة بأم أعينهم وتأريخهم لها.
- شهادة الجاحظ (834 م – 255 هـ)([14]) : أشار الجاحظ فى كتابه “الحيوان” إلى معجزة النار المقدسة و أنتقدها.
- المؤرخ العربى المسعودي([15]) كان شاهد عيان على حقيقة حدوث المعجزة و قد أشار لها فى أحد مجلداته التاريخية ، فقد سافر إلى القدس سنة 926 وقال أنه فى اليوم السابق لعيد القيامة عند المسيحيين أجتمعوا (المسيحيين) من كل الأنحاء فى القبر المقدس وقد نزلت النار من السماء و أشعلت شموع الكنيسة و شموع الحاضرين فيها.
- فى سنة 1187 بعدما أخذ المسلمون القدس تحت قيادة صلاح الدين الأيوبى ، قرر صلاح الدين فى هذه السنة أن يحضر أحتفال المسيحيين بعيد القيامة ، على الرغم من كونه مسلم إلا أنه ذهب إلى الكنيسة يوم سبت النور ، يخبرنا (جاوتير فينيسوف)Gautier Vinisauf“عند وصول صلاح الدين الأيوبى نزلت النار من السماء تضئ شموع الكنيسة ، وبدأ مساعديه فى التحرك من الخوف .. و أبتدأ المسيحيون فى تمجيد الله، المسلمين قالوا بأن النار سببها خدعة .. لذلك مسك صلاح الدين شمعة أشتعلت من النار التى نزلت من السماء، وحاول ان يطفئ هذه الشمعة، كلما أطفأها أنطلقت النار المقدسة منها مرة أخرى .. مرة ثم مرة أخرى ثم مرة ثالثة ، حتى أيقن أنها معجزة .. فأنهار وبكى وهو يقول (نعم، قريبا سأموت، أو أنا سأفقد القدس) وقد تحقق كلامه ومات فى الصوم الكبير التالي”([16])
- شهادة أحمد بن علي المقريزي فى كتابه “اتعاظ الحنفاء” ([17])كتب يقول : “فإذا كان يوم الفصح واجتمع النصارى بقمامة ونصبت الصلبان وعلقت القناديل في المذبح تحيلوا في إيصال النار إليه بدهن البيلسان مع دهن الزئبق فيحدث له ضياء ساطع يظن من يراه أنها نار نزلت من السماء”
- يذكر المقريزى فى كتابه “المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار”([18]): “وصارت المملكة كلها من أحوال الجيوش وأمور الأموال وغيرها متعلقة بالفخر إلى أن غضب عليه السلطان ونكبه وصادره على أربعمائة ألف درهم نقرة وولى وظيفة نظر الشيخ قطب الدين موسى بن شيخ السلامية ثم رضي عن الفخر وأمر بإعادة ما أخذ منه من المال إليه وهو أربعمائة ألف درهم نقرة فامتنع وقال: أنا خرجت عنها للسلطان فليبين بها جامعًا وبنى بها الجامع الناصريّ المعروف الآن بالجامع الجديد خارج مدينة مصر بموردة الحلفاء وزار مرّة القدس وعبر كنيسة قمامة(لاحظ أن كنيسة القيمة قد أطلق عليها المسلمون في مراجعهم التاريخية قمامة) فسُمع وهو يقول عندما رأى الضوء بها: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا.”
- البيرونى (حوالى 1000 م) كتب : “اطفأ المسيحيون مصابيحهم وظلوا فى أنتظار النار التى تنزل و تضئ شموعهم .. هذه النار تضى الشموع فى الكنائس و المساجد! .. وقد تم كتابة تقرير إلى الخليفة ….الخ” ، أيضاً “الحاكم أحضر سلكا نحاسيا بدلا من فتيل الشموع، معتقداً ان النور لن يحدث لآنه لن يضئ النحاس ! لكن المعجزة حدثت و النار سطعت و أذابت النحاس “([19])
شهادات قديمة للنور المقدس:
شهادة بن تيمية للنور المقدس:
في هذا الموضوع سنتعرض لشهادة أحد أعلم أعلام شيوخ الإسلام، بل هو شيخ الإسلام “إبن تيمية”، وعلى الرغم من الكلام المسيء الذي ذكره في حقنا وفي حق القيامة إلا أن هذا ليس هو المقصود الآن، إنما المقصود هو تأريخه لحدث ظهور النور المقدس في وقتها، فيقول إبن تيمية في كتابه إقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، الجزء الأول، صـ 532 (الطبعة السابعة، دار عالم الكتب، بيروت، لبنان)
ويلي هذا الخميس يوم الجمعة، الذي جعلوه بإزاء يوم الجمعة التي صلب فيها المسيح على زعمهم الكاذب، يسمونها: جمعة الصلبوت، ويليه ليلة السبت التي يزعمون أن المسيح كان فيها في القبر، وأظنهم يسمونها: ليلة النور، وسبت النور، ويصطنعون (4) مخرقة (5) يروّجونها على عامتهم، لغلبة الضلال عليهم، يخيلون إليهم أن النور ينزل من السماء في كنيسة القمامة (6) التي ببيت المقدس، حتى يحملوا ما يوقد (7) من ذلك الضوء إلى بلادهم متبركين به، وقد علم كل ذي (8) عقل أنه مصنوع مفتعل، ثم يوم السبت يتطلبون (9) اليهود، ويوم الأحد يكون العيد الكبير عندهم، الذي يزعمون أن المسيح قام فيه.
فها هو شيخ الإسلام إبن تيمية قبل إكتشاف الفسفور الأبيض (1263-1328م) يشهد لوجود النور المقدس بل أن هذه عادة لدى المسيحيين، فكيف يأتي شخص ويقول أننا نصطنع هذا النور المقدس لنخدع العالم به وهو موجود قبل إكتشاف هذا الفسفور أصلاً؟
شهادة المؤرخ المسلم المقريزي للنور المقدس:
شهادة المؤرخ المقريزي عن يوم سبت النور وعن ذكر النور المقدس الذي لا يعتقد انه عمل اعجازي لكنه يقول انه من مخازيق النصاري ويبدو انه يقصد انه عمل خارق يقوم به النصاري لا يجد له تفسير وهو ما يؤكد أصالة هذه المعجزة منذ مئات الاعوام. ويذكر انه اليوم الثالث بعد خميس العدس وهو الاسم الشائع لخميس العهد حيث كان المسيحيون يأكلون العدس فيه.
المصدر من كتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار للمقريزي
( المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والاثار صفحة – ط: دار الكتب العلمية – بيروت – جزء 2 صـ 31)
سبت النور: وهو قبل الفصح بيوم، ويزعمون: أن النور يظهر على قبر المسيح بزعمهم في هذا اليوم بكنيسة القيامة من القدس، فتشعل مصابيح الكنيسة كلها، وقد وقف أهل الفصح، والتفتيش على أن هذا من جملة مخاريق النصارى، لصناعة يعملونها، وكان بمصر هذا اليوم من جملة المواسم، ويكون ثالث يوم من خميس العدس، ومن توابعه.
شهادة ابن القص (٩٤٠م) عن النور المقدس
“فإذا كان فصح النصارى وهو يوم السبت الكبير وذلك يوم يخرج الناس من موضع القبر إلى الصخرة وحول الصخرة داربزينات يتطلعون إلى موضع القبر يبتهلون كلهم ويتضرعون إلى الله تعالى من وقت الأولى إلى المغرب ويحضر الأمير وإمام المسجد. ويغلق السلطان الباب الذي على القبر ويقعد على الباب فهم على هذا حتى يرون نورا كأنه نار بيضاء تخرج من جوف القبر. فيفتح السلطان الباب عن القبر ويدخل إليها وفي يده شمعة فيشعلها من ذلك النور فيخرجها والشمعة تشتعل و. فيدفعها إلى الإمام فيأتي الإمام بتلك الشمعة فيشعل قناديل المسجد. فإذا تداولت تلك الشمعة ثلاثة أيد احترقت بعد ذلك وصارت نارا. ويكتب الخبر إلى السلطان ويعلمه ان النار نزلت في وقت كذا من يوم كذا. فإذا نزلت وقت الصلوات الأولى من ذلك اليوم كانت دليلا عندهم على أن السنة ليست بخصبة ولا قحطة وإذا نزلت وقت العصر .دلت على أن السنة قحطة”
شهادة المؤرخ الجغرافي أبي الحسن علي بن الحسين المسعودي (٩٤٠م) عن النور المقدس.
شهادة أبو الريحان البيروني (٩٧٣م – ١٠٥٠م) عن النور المقدّس.
“ويحكى لسبت القيامة حكاية يبهت لها صاحب العلم الطبيعي بل لا يوجد مقرا بها، ولولا اطباق الخصوم على الأخبار عنه ذاكرين مشاهدته وتخليد الفضلاء من العلماء وغيرهم اياه في كتبهم لما يسكن القلب إليه، وقد عرفته من الكتب وأخذته سماعا عن الفرج بن صالح البغدادي ان في وسط كنيسة القمامة ببيت المقدس قبر المسيح منقور في صخرة واحدة مطبقة وعليه قبة تشرف عليها أخرى عظيمة وحوالي الصخر دار برمات يشرف منه المسلمون والنصارى ومن حضر إلى موضع القبر في هذا اليوم متضرعين إلى الله تعالى وداعين اياه من نصف النهار إلى اخره . ويجئ مؤذن الجامع والإمام وأمير البلد فيقعدون عند القبر ويجيئون بقناديل يضعونها عليه وهو معلق، وقد أطفأت النصارى سرجهم وقناديلهم قبل ذلك ويمكثون إلى أن يروا نارا صافية بيضاء قد اشعلت قنديلا فمنها سرج القناديل في الجامع والبيع. ثم يكتب إلى حضرة الخلفاء بوقت نزول النار ويستدلون بسرعة نزولها وقربه من نصف النهار على خضب السنة وبتأخره إلى العشاء وبعده على جدبها. وحكى هذا المخبر أن بعض السلاطين وضع في موضع الفتيل نحاسا كيلا يتقد فيفسد ذلك فانها اذا نزلت اتقد النحاس. ونزول هذه النار في يوم .متردد ومدة ما .موضع .العجب”
لا أجد كلمات أختتم بها مبحثنا هذا سوى فقرتين للقديس كيرلس السكندري
“الحق يجعل نفسه واضحاً لأولئك الذين يحبونه، ولكنّي أظن أنه يخفي نفسه ويسعى إلى أن يُحتَجَب عن أفكار الماكرين. فهم لا يظهرون أنفسهم مستحقين أن ينظروا الحق برؤية واضحة”([20])
“فإن الله يحمي الذي ينادي بحقه، ولكنه يزعزع بشدة، قوة أعدائه ويلاشيها ويبطل خططهم حتى إنهم لا يصلون إلى الهدف الذي كانوا يتوقعونه”([21])
[1] Decline and Fall of the Roman Empire, Vol. 5, by Edward Gibbon, [1788]: Chapter LVII: The Turks. Part III.
[2] In his Dissertations on Ecclesiastical History, the learned Mosheim has separately discussed this pretended miracle, (tom. ii. p. 214 – 306,) de lumine sancti sepulchri.
[3] William of Malmsbury (l. iv. c. 2, p. 209) quotes the Itinerary of the monk Bernard, an eye-witness, who visited Jerusalem A.D. 870. The miracle is confirmed by another pilgrim some years older; and Mosheim ascribes the invention to the Franks, soon after the decease of Charlemagne.
[4] Our travellers, Sandys, (p. 134,) Thevenot, (p. 621 – 627,) Maundrell, (p. 94, 95,) &c., describes this extravagant farce. The Catholics are puzzled to decide when the miracle ended and the trick began.
[5] The Orientals themselves confess the fraud, and plead necessity and edification, (Memoires du Chevalier D’Arvieux, tom. ii. p. 140. Joseph Abudacni, Hist. Copt. c. 20;) but I will not attempt, with Mosheim, to explain the mode. Our travellers have failed with the blood of St. Januarius at Naples.
[6] Niels Christian Hvidt (1998). “The Miracle of the Holy Fire in Jerusalem”. Orthodox Christian Information Center.
[7] The second word about Resurrection. Ioann Damaskin. Oktoih. The first Resurrection sedalih
[8] Evsevi Pamfil. Church history. Book 6. Chapter 9. 1-3.
[9] Bishop Porfiri (Uspensky). The book of mine beign, P. 3. S-Pb., 1896, p. 299-300. (in Russian)
[10] The pilgrimage of S. Silvia of Aquitania to the holy places (circa 385 AD), Palestine pilgrims text society, London, 1891.
[11] Codex Jerusalem Patriarchate Hagios Stauros 43 [HS 43].
[12] Mabilon. Acta Sancta. T. III. P. II. p. 473. Cited: Bishop Auxentios of Photiki. The Paschal Fire in Jerusalem: A Study of the Rite of the Holy Fire in the Church of the Holy Sepulchre.
[13] Peters, F.E. (1985). Jerusalem: The Holy City in the Eyes of Chroniclers, Visitors, Pilgrims and Prophets from the Days of Abraham to the Beginning of Modern Times. Princeton University Press. p. 262.
[14] Krachkovsky I. “Holy Fire” according narration of al-Biruni and other muslim writers of X-XIII cc. – Christian East. V.3. Edition 3. 1915, p.231. (in Russian)
[15] Krachkovsky I. Y. “Holy Fire” according narration of al-Biruni and other muslim writers of X-XIII c. – Christian East. V. 3. Ed. 3. 1915, p. 223-224. (in Russian)
[16] Hvidt N.C. Miracles – Encounters Between Heaven And Earth, Gyldendal. Pp. 203-229.
[17] أحمد بن علي بن عبد القادر، أبو العباس الحسيني العبيدي، تقي الدين المقريزي – ” اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء” الفصل الثاني – تحت سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة.
[18] أحمد بن علي بن عبد القادر، أبو العباس الحسيني العبيدي، تقي الدين المقريزي – ” المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار” الجزء الرابع – تحت عنوان جامع آق سنقر
[19] Krachkovsky I. Y. “Holy Fire” according narration of al-Biruni and other muslim writers of X-XIII c. – Christian East. V. 3. Ed. 3. 1915 (in Russian). Chronology of the Muslim scholar Al-Biruni (973 – 1048). Al Biruni / In the Garden of Science / Reklam – Leipzig 1991. English translation
[20] الرسالة الثانية إلى سوكينسوس، الرسالة رقم 46، (فقرة 1).
[21] الرسالة إلى الأسقف رابولا، الرسالة رقم 74، (فقرة 4).
أعتقد مده 33دقيقه كافيه لأختبار ضوء الشموع أو نور الشموع حتى يتحول لنار تؤذى بعد ال33 دقيقه
فهل يصور أو تصور هذه ال33 دقيقه ويختبرها الناس !!