لوجوس – كريستولوجيا القديس يوحنا – تي. اي. بولارد – ترجمة: عماد عاطف
لوجوس – كريستولوجيا القديس يوحنا[1] – تي. اي. بولارد[2] –ترجمة عماد عاطف
(هذا المقال يناقش موضوع “اللوغوس” في إنجيل يوحنا، وهل هو ناتج عن تأثير هيليني أم هو إمتداد للفكر العبراني)
أ- المقدمة ومفهوم اللوغوس[3]
إن أهمية مفهوم اللوغوس والذي يستخدمة القديس يوحنا في مقدمة انجيله (1-18)، بالنسبة للصياغة الخريستولوجية اللاحقة بالكاد يُبالغ في تقديره، على الرغم من ذلك كما يقول ج. ل. برستيج G. L. Prestige[4] “ان عقيدة اللوغوس، كما تظهر أهميتها للاهوت، تأوي مخاطر مميته في حضنها”. سوف تتضح ماهية هذه المخاطر في سياق دراستنا هذه، في هذه المرحلة يجب طرح هذه الإسئلة: هل للقديس يوحنا “عقيدة للوغوس”؟، ما هو مضمون “مفهوم اللوغوس” عنده؟، ولماذا اختار مصطلح اللوغوس كوسيلة لتقديم انجيله عن يسوع المسيح؟.
يُجمع المُفسرون على التأكيد على أن مفهوم اللوغوس، أو بالآحرى المفاهيم المختلفة للوغوس كانت متداولة في العالم اليوناني- الروماني في القرن الأول الميلادي، وبذلك فهذا اللوغوس يُعتبر نقطة مناسبة للتلاقي، فيستطيع الانجيلي من خلاله أن يستودع انجيله. فإستخدامه للوغوس كان كنقطة للتلاقي بين استخدامه لهذا المصطلح في المقدمة فقط (بدون ان يستخدمة مره أخرى) وبين هدف إنجيله في كلماته الختامية حيث يقول أن الهدف من الانجيل “لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياه باسمه” (31:20).[5]
فالمفهوم الخريستولوجي المتكرر في انجيل يوحنا ليس هو اللوغوس ولكنه المسيح، ابن الله، “فالدور الخلاصي التاريخي للابن المتجسد له قوة حيوية، بينما مفهوم اللوغوس بالكاد يصلح للتعبير، في الواقع ان المؤلف (يوحنا) أسقط مصطلح اللوغوس حتى قبل أن تنتهي المقدمة، ليوضح أن مفهوم اللوغوس لا يقدر أن يوضح بما فيه الكفايه ما أراد أن يقوله عن يسوع”[6].
إن إنتشار المفاهيم المختلفة للوغوس في العالم الهيليني في القرن الأول الميلادي، مع التفسيرات المختلفة التي اُعطيت لهذا المفهوم من قِبَل الغنوسيين والآباء الأوليين، تجعل من فحص معنى هذا المصطلح بالنسبة للقديس يوحنا أمراً هاماً، والذي بقدر ما نعرف هو أول من قام بإستخدام هذا اللقب ليسوع المسيح. لقد تم الأستنتاج في الدراسات المُتعلقة بيوحنا في القرن الماضي أن جذور مفهوم اللوغوس هو تلك التكهنات التي كانت سائدة في القرون الأولى للمسيحية بل وحتى القرون اللاحقة[7].
لزمن طويل كان الأفتراض السائد هو أن الانجيل الرابع هو أكثر كتابات العهد الجديد”هيلينيةً”، وهو ذو إتصال قليل أو معدوم بفلسطين والتي دارت بها أحداث الانجيل[8]. لكن أخيراً، ونتيجةً لإكتشافات مخطوطات البحر الميت وتشابهها الملحوظ مع الانجيل الرابع، حدث تركيز متزايد على البيئة الفلسطينية اليهودية التي يستند عليها الفكر والتقليد اليوحناوي[9]. فإذا كان الفكر اليوحناوي له جذوره في التربة الفلسطينية ويرتكز على التقليد الفلسطيني-اليهودي الذي نشأ قبل سقوط أورشاليم في 70م[10]، فيكون إذًا من المعقول أن يكون المكان الأول الذي نبحث فيه عن مفهوم اللوغوس عند يوحنا هو نفس تلك البيئة (أي البيئة اليهودية-الفلسطينية).
هناك عدد كبير من الباحثين الذين أكدوا على جذور عقيدة (اللوغوس)، موجودة في العهد القديم وأن جذرها الرئيسي هو “كلمة يهوه”debhar Yahweh، كلمة الله الخالقة والكاشفة، والتي من خلالها خُلقت السموات والأرض والتي أوحت الأنبياء.[11] لقد ركز بيدرسن Pedersen على أن المفهوم العبراني “للكلمة” dabhar هو ديناميكي أكثر منه ثابت.[12] تطور هذا الفهم عن طريق بومنBoman[13]، ماكنيكول Macnicol[14] ونايت Knight[15] وآخرين. يقول ماكنيكول Macnicol أنه في الفكر العبراني “الكلمة الحقيقية هي كلٍ من القول والفعل”[16]، فكلمة الله “هي الله ذاته في فعله”، فالكلمة الفعالة “هي قوية بالتناسب، فهذه الكلمة هي كلمة الله ذاته، التي ينطقها القادر على كل شئ، ولذلك فهي محدده لتّكمل الذي يشاءه”[17].
يشير جريلمير [18] Grillmeier ودود Dodd[19]، بالإضافة إلى آخرين سبقوهم[20]، بشكل صحيح أن بالإضافة إلى فكرة العهد القديم عن “كلمة يهوه”، فهناك مفهوم آخر للعهد القديم يرتبط ارتباطاً وثيقاً يجب يؤخذ بالأعتبار وهو مفهوم الحكمة (الصوفيا)، على الرغم من أن “الحكمة” لا يُقال أبداً أنها “كلمة يهوه.”[21]
“فحكمة” العهد القديم و”لوغوس” يوحنا لهما العديد من الملامح المشتركة. فكلاهما كائن في البدئ (الأمثال 22:8، الجامعة 24، يوحنا 1:1، قارن تكوين 1:1)[22]، وهما يسكنان مع الله (الجامعة 24، 4 السبيعينة، أمثال 23:8-25، 30). العمل في العالم هو أمر مشترك بينهم، على الرغم من أن التركيز عليه في الأمثال والجامعة هوأكثر منه في يوحنا 3:1، 10. والحكمة واللوغوس يأتيتان للبشر (الجامعة 24: 7-22 السبعينية، الأمثال 31:8) و”يقيما خيمتهما/ يسكنان” معهم (الجامعة 8:24 السبعينية – يوحنا 14:1). التشابه إذَا بين مقدمة يوحنا، أمثال 8 وجامعة 24 هو شديد للغاية، حتى إننا نستطيع أن نقول أن هناك اعتماد أدبي.[23]
يقترح جريلمير Grillmeier أن القديس يوحنا قد تحاشى استخدام كلمة “الحكمة” بسبب أن نوعها في كلٍ من اللغة اليونانية والعبرية مؤنث، ومثل ذلك قد يؤدي إلى تكهنات غنوسية، على الرغم من أن ليس هناك دليلاً على أنه بحلول أواخر القرن الأول الميلادي (و هو أكثر التواريخ تأخراً لكتابة انجيل يوحنا)كانت مقترحات غنوسية أولية عن الذكر-الأنثى والتي سوف تصبح سمة بارزة للنظام الغنوسي المُعقد الذي سوف يهاجمه ايرناؤس وهيبوليتس وترتليان في القرن التالي.
هناك أيضًا بعض المحاولات لربط اللوغوس اليوحناوي بالمبدأ الراباني اليهودي: الميمرا memra [24]، والتي سوف تستخدم كتورية إجلالية لأسم الله. على الرغم من أنه لا يجب أن يُهمل هذا الاحتمال كنظير واضح في الفكر اليهودي، لكن قلة الأدلة في تلك اليهودية المُعاصرة لانجيل يوحنا يجعل أي حجة متعلقة بإعتماد انجيل يوحنا علي هذا المبدأ هي حجة ضعيفة جدًا.
الإشارة السابق ذكرها والمُتعلقة بالتشابه الشديد بين المصطلحات وأشكال الفكر بين مخطوطات البحر الميت والكتابات اليوحناوية، قادت هذه العديد من الباحثين كي يروا في اليهودية الآسينية “بيئة يهودية قديمة أصيلة”[25] و”مناخ ايدلوجي”[26] للفكر اليوحناوي. فهناك تشابه ملحوظ بين يوحنا 3:1 و11:6 The Manual of Discipline، وهي الفقرة التي نراها في مواضع أخرى في الدليل ذاته وفي تراتيل الشكر Hymns of Thanksgiving[27]: “فكل شئ يأتي ليمر بعلمه [الله]، فهو مؤسس كل شئ بتصميمه وبدونه لا يكون أي شئ”[28]
يصرح براونلي Brownlee أن هذا “هو مدخل عقيدة اللوغوس”[29]، ويشير كولمان Cullmann أن هنا “الفكر الإلهي يظهر كوسيط للخلق”[30]، بينما يقول ريكي Reicke أن “ما يدعوه النص القمراني “علم” أو “فكر” الله هو في الواقع عقله المبدع أو بشكل أكثر نفس ما يدعوه الانجيل الرابع لوغوس (أي كلمة) الله.[31] التشابه شديد القرب ليكون غير مقصود، ومن الجائز أن نقول كما يقول جريلمير Grillmeier [32] عن “إعتماد أدبي” لمقدمة الانجيل على أمثال 8 وجامعة 24، يبدو أن هناك مبرر أكثر للحديث عن إعتماد أدبي ليوحنا 3:1 على هذه الترتيلة التي أصبحت الفقرة الختامية لنص The Manual of Discipline.
بالإضافة إلى ذلك، فإذا كان –كما يقترح جريلمير Greillmeier[33]– أن القديس يوحنا قد تفادى عن قصد مصطلح صوفيا (حكمة)، من المحتمل أيضا أنه تفادى عمداً المصطلح اليوناني المساوي للكلمة العبرية (معرفة) لأنها بالفعل كانت مُستخدمة في الدوائر الغنوسية. ومن المؤكد أن مثل هذا التفادي هو مقصود فبينما استخدم القديس يوحنا فعل (عرف) أكثر من أي كاتب آخر من كتاب العهد الجديد، فإنه لم يستخدم أبداً الأسم (معرفة).
عند فحص خلفية وجذور مفهوم اللوغوس عند القديس يوحنا، يظهر أن التأثير المحتمل “لصياغات العهد الجديد والأفكار التي تشكلت قبله”[34] لا يجب إغفاله. ففي باقي العهد الجديد وخصوصاً في أعمال الرسل ورسائل بولس، غالباً تحمل كلمة اللوغوس معنى “الرسالة”، على سبيل المثال: رسالة الانجيل (أعمال 25:8، 1 تسالونيكي 6:1، وأماكن أخرى)[35].
و بالنسبة للقديس يوحنا، المضمون الرئيسي للرسالة هو يسوع المسيح نفسه، فهو ذاته هو الرسالة، الرسالة صارت جسداً. من المحتمل أن نرى المقدمة الموجودة في مطلع يوحنا وحتى الرسالة الاولى ليوحنا مرحلة وسيطة بين إستخدام اللوغوس خارج الكتابات اليوحناوية، والتسميه اليوحناوية للمسيح نفسه على أنه اللوغوس، 1 يوحنا 1:1 “كلمة الحياة” والذي “شاهدناه، ولمسته أيدينا” (1:1)، لقد “أُظهرت” و”رأيناه” (2:1)، في 5:1 هذه الكلمة اللوغوس هي متساوية مع (الرسلة).
و لا واحد من هذه المفاهيم –الكلمة، الحكمة والمعرفة- في إستخدامها السابق للاستخدام اليوحناوي كانت مؤقنمة hypostasised أو مشخصنة personalized على الرغم من أن في الأدب الحكمي، تُشخصن الحكمة في الغالب (أمثال 8، الجامعة 24)، كما أيضاً هو اللوغوس في حكمة سليمان (15:18)[36]. يحاول س. ه. دودC. H. Dodd أن “يفسر كل عقيدة مقدمة انجيل يوحنا”[37]، مُجادلاً أنه من الهام أن ننظر وراء مفاهيم “كلمة يهوه” و”الحكمة” إلى مفهوم “اللوغوس” الموجود في الفلسفة اليهودية التوفيقية لفيلو السكندري. ويستنتج أن “جوهر عقيدة اللوغوس الموجودة طوال الانجيل تتشابه مع تلك التي لفيلو …. ومع ذلك التصور العبراني لكلمة الله”[38].
قليلاً من المفسرين على استعداد الآن أن يتبعوا تشديد دود Dodd على الخلفية الفيلونية (اي التي ترجع لفيلو) لإنجيل يوحنا، بينما يرى الغالبية أن محاولة تفسير عقيدة القديس يوحنا فيما يتعلق باللوغوس بمصطلحات خارج الاستخدام اليوحناوي يتضمن على الأقل أن الانجيلي يفتقر لأي أصالة. فالقديس يوحنايجب أن يُدَرك على أنه “مفكر فريد sui generis، فهو يقف فريداً ووحيداً ليس فقط في العالم القديم، لكن أيضاً في الكنيسة المبكرة”[39].
فهو “شخص له أصالته”[40]. فلا يوجد شخص مُطلع على كتابات فيلو يفشل في أن يُلاحظ التشابه مع مقدمة انجيل يوحنا، لكن هذه التشابهات يُمكن أن يُفسر على أنه ناتج عن الأعتماد المشترك بين فيلو وانجيل يوحنا على العهد القديم. “ففيما يتعلق بمفهوم اللوغوس، كلاهما يعتمد على الأدب الحكمي للعهد القديم”[41].
فإستخدام يوحنا لمفهوم اللوغوس في المقدمة له نقط تلاقي بينه وبين العديد من أشكال الأفكار المعاصرة له، ولكن من الواضح أنه “لا يحاول أن يجعل نفسه في تماشي مع العالم المُحيط، لكنه يجعل العالم المحيط يفهم شخص يسوع ذاته عن طريق حديثه للعالم بلغته التي يفهمها.”[42] فأياً كان معنى اللوغوس بالنسبة ليوحنا فهو يستخدمه فقط لكي يؤسس تلاقي بينه وبين قرائه.
فحالما يربط بين اللوغوس الذي صار جسداً مع “الابن الوحيد” في (14:1)، يطرح جانبًا بعد ذلك “اللوجوس” ولا يستخدمه مره أخرى أبداً. وهي الحقيقة -التي في حد ذاتها- يجب أن تكون كافيه لنتجنب البحث في مقدمة انجيل يوحنا عن عقيدة متطورة للوغوس والتي تعكس الأشكال المختلفة للأفكار المتُعلقة باللوغوس في عصره. فإذا كان هؤلاء الباحثين الذين يركزون على حقيقة يهودية الانجيل والخاصية الفلسطينية-اليهودية للتقليد اليوحناوي على صواب، يتضح أنه من غير الضروري وغير الحكيم أن ننظر خلف فلسطين اليهودية لكي نجد الخلفية اللوغوس والذي يلعب دوراً محدوداً في نص إنجيل يوحنا.
على الرغم أن المقدمة من الممكن أن تقف وحدها[43]، فمن الجلي أن القديس يوحنا مهتم بيسوع المسيح، ابن الله أكثر بكثير من اللوغوس، وأنه أراد أن تُفسر مقدمة انجيله في ضوء بقية الانجيل. أو، لنطرحها بطريقة أكثر تحديداً، لقد أراد أن يُفسر اللوغوس الخاص بمقدمة إنجيله على ضوء يسوع المسيح، ابن الله، الذي كانت خدمته الأرضية هي الموضوع الرئيسي للانجيل. فموضوع الانجيل هو يسوع المسيح، وليس مبدأ اللوغوس.
لذا، فعلى الرغم أننا أكدنا على الخلفية الفلسطينية- اليهودية للفكر اليوحناوي ينطبق على مفهوم اللوغوس بقدر ما ينطبق على بقية الانجيل، فالسؤال حول معنى المفهوم المُتعلق باللوغوس للقديس يوحنا هو في النهاية ذو أهمية ثانوية، ومن الممكن التأكيد على أنه في الواقع لم يكن لدى القديس يوحنا أي عقيدة متعلقة باللوغوس.[44]
إنه أمر بالغ الصعوبة، إن لم يكن مستحيلاً، أن نقرر في أية نقطة تحديداً في المقدمة، بدأ القديس يوحنا التفكير في اللوغوس المتجسد يسوع المسيح، أي في أية نقطة انتقل يوحنا من اللوغوس الموجود مُسبقاً إلى يسوع التاريخي؟. يرى سيرافن دي اوسيخو Serafin de Ausejo[45]أنه طوال المقدمة، فاللوغوس يعني “الكلمة-صار-جسداً”، وأن كل الترنيمة تُشير ليسوع المسيح. على الرغم من ذلك، ففي ضوء تركيز القديس يوحنا على أن يسوع هو ابن الله، يجب أن يُتفق على أن من البداية، يضع يوحنا يسوع المسيح في الاعتبار.
والمقدمة، والتي من الممكن أن تُقرأ كفلسفة هيلينية، أو كميستيكية رابينية، من الممكن ايضًا أن تُقرأ كتاريخ… فاللوغوس موجود، لكنه غير معروف، وغامض بعيداً عن شخص يسوع التاريخي.[46] فالمنظور اليوحناوي -الذي يعتبر مفهوم الوغوس أقل أهمية من مفهوم الابن- لم يُفهم من قبل بعض الكتاب المسيحيين الأوائل أو الغنوسيين، الذين ضخموا مفهوم اللوغوس ليصير المفهوم الرئيسي لتفكيرهم الديني.
البعض ملأ المفهوم بمحتوى التفكير اليوناني الفلسفي السائد (الرواقية والأفلاطونية المحدثة)، البعض ملأها بمحتوى من النظام التوفيقي لفيلو، بينما البعض فسره بمصطلحات اللاهوت اليهودي للكلمة والحكمة. وبذلك، آخذين عقيدة متطورة تتعلق باللوغوس، قدم كل واحد من هؤلاء الكتاب كلٍ حسب خلفيته، يُفسر بقية الانجيل في ضوء تفسيره الخاص لمقدمة يوحنا. هكذا، بُنيت رؤى خريستولوجية رائجة على أساس إساءه فهم غرض يوحنا الأساسي.
توفر المقدمة مُلخص للانجيل، أو بالاحرى فاتحة والتي فيها تم تعيين المناخ الذي مهد لدراما الانجيل، ولفكرة الإنجيل الرئيسية أن تُعلن. فاللوغوس أُظهر أنه موجود مُسبقاً قبل الوجود “مع” أو “في علاقة مع” الله وأنه هو ذاته “الله” [47] فهو كان/ وهو الوسيط لكل أعمال الله بشكل كامل ad extra. ويمكن إضافة حجة قوية لدعم فكرة أن يوحنا 3:1أ كل شئٍ به كان” لها حقل واسع من الإشارات أكثر من الإشارة التقليدية المتُعلقة بالخلق، فهي تُشير لكل عمل الله بشكل نهائي ad extra، في الخلق، الإعلان والخلاص، في إعلان عن الفكرة الرئيسية لوساطة اللوغوس-الابن، والتي سوف تُحدد لاحقاً في المقدمة على أنه الواسطة:
- في الخلق (10:1)
- في الإعلان: اللوغوس “هو النور”، طالنور الحقيقي” (4:1،5،9)، “مملوء نعمة وحق (14:1)، “النعمة والحق” صارا “من خلاله” (جملة يوناني)، فهو “الله الوحيد الذي في حضن الآب قد أخبر” (18:1)
- في الخلاص: لكل من قبلوه وآمنوا باسمه، “أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أطفال الله (12:1-13)، ومن ملئه يأخذ المؤمنين “نعمة فوق نعمة” (16:1)[48].
لذا فالمقدمة تُعلن أوجه الوساطة الثلاثة للوغوس. فالوساطة في الخلق لا تُذكر ضمن باقي الانجيل، والذي يتعلق بإعلان الله وفداء لبشر من خلال يسوع المسيح، ابن الله الوحيد، من خلال حياته وكلماته، موته وقيامته.
بالإضافة إلى ذلك، فالمقدمة تُعلن بوضوح أثنتان من المفارقات الصارخة للإيمان المسيحي: (1) المفارقة الثالوثية للعلاقة بين الآب والابن، متمايزان مع ذلك واحداً في وحدة الإلوهية، مفارقة التمايز-في-الوحدانية، و(2) مفارقة إنسانية وإلوهية يسوع المسيح، الكلمة-الذي-صار-جسداً. كلاً من هذه المفارقات، مُعلن عنها في المقدمة، أصبح أوضح في هيكل الانجيل نفسه.[49]
ب- علاقة الابن بالآب
إن انجيل يوحنا هو على وجه الخصوص انجيل “الآب والابن”[50]. بقولنا هذا لا ننكر أن أبوه الله والبنوه الإلهية ليسوع تشغل مكانه هامه في رسائل بولس والأناجيل الإزائية. على سبيل المثال القول الشهير الموجود بالمصدر Q في متى 27:11 (و ما يوازيه لوقا 22:10) وإستخدام يسوع لكلمة “آبا” Abba في مخاطبته لله[51] تُظهر أن “الوعي الخاص ببنوة المسيح الإلهيه يكمن في أعمق طبقات التقليد السينوبتي [الإيزائي] كما هو أيضاً في يوحنا”[52].
على الرغم من ذلك، فالبنوة الإلهية ليسوع أو بالآحرى العلاقة الإلهية بين الآب والابن، تم التاكيد عليها بقوة من قبل القديس يوحنا أكثر من أي كاتب من كتاب العهد الجديد. بالنسبة ليوحنا، فبنوه يسوع هي “فريدة”( )[53]، وهو يؤكد بشكلٍ ملائم أن “الكلمة كان الله” (1:1ج)، وأن “الكلمة صار جسداً” (14:1)، وأن هذا اللوغوس المتجسد هو يسوع المسيح (17،16:1) وهو “ابن الله الوحيد” (14:1، 18، 16:3، 18 أنظر 1 يوحنا 9:4).
لاحقاً في الانجيل لا يُنكر يسوع أو يُفند التهمة التي تدعي أنه بكونه ابناً لله تعني أنه جعل نفسه إلهاً . طوال الانجيل يُلقب يسوع وحده أنه “الابن”، هؤلاء الذين يرحبون به ويؤمنون بأسمه يصيرون “أطفالاً” لله (12:1). فهو يدعي أنه والآب واحد (30:5)، وأنه في الآب والآب فيه (38:10، 10:14)، وأن من يراه فهو يرى الآب (9:14). وذروة الانجيل هي بعد القيامة، وللمرة الأولى واحداً من تلاميذه يعترف صراحةً بإلوهية يسوع، فيعلن توما “ربي وإلهي” (28:20)[54].
فالوجود المُسبق للوجوس مع الله “في البدء” مُعلن عنه بشكلٍ قاطع في افتتاحية كلمات الانجيل (1:1-2). والوجود المُسبق ليسوع المسيح، ابن الله، هو مؤكد عليه صراحةً في الانجيل ذاته (15:1، 30، 58:8، 5:17، 24)، وهي أيضاً ضمناً في مواقع عديدة أخرى في عبارة “آتى” (43:5، 14:6، 28:7، 39:9، 10:10، 27:11، 46:12، 22:15، 37:18،)، “آتياً من الله” (46:6، 29:7، 33:9، 27:16، 28، 8:17،)، “قد أُرسل” (17:3، 34، 34،4، 23:5، 24، 30، 36، 37، 29:6، 38، 39، 40، 44، 57، 16:7، 18، 29، 16:8، 18، 26، 29، 42، 4:9، 36:10، 42:11، 44:12، 45، 49، 20:13، 24:14، 21:15، 5:16، 3:17، 8، 18، 21، 23، 25، 21:20).
يتحدث س. ك. باريت C.K.Barrett عن أن بنوه يسوع لها مغزى أنطولوجي وأخلاقي بالنسبة للقديس يوحنا.[55] إنه أمر مختلف عليه عما إذا كان القديس يوحنا قد أعطى أى فكرة حول أن طبيعة البنوة الإلهية هي أنطولوجية، على الرغم أنه من المؤكد أن بالنسبة لقارئ انجيل يوحنا الذي تغذى بالفلسفة الهيلينية فعبارات الإنجيل المتُعلقة ببنوة المسيح تثير أسئلة أنطولوجية.
وبالنسبة للعقلية التي تغذت بالتفكير العبراني فطبيعة بنوة المسيح الأخلاقية هي أول إهتماماتها، فالابن الحقيقي هو الذي ينتج أفكار وأفعال والده.[56]هذه الفكرة بالتأكيد تتلاقى مع التركيز في تعليم القديس يوحنا حول علاقة الآب والابن. يسوع يقول “لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئاً إلا ما ينظر الآب يعمل. لأن مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك.
لأن الآب يحب الابن ويريه جميع ما هو يعمله” (يوحنا 19f:5)، يقول يسوع أنه لا يُنتج فقط أفكار وأفعال الآب ولكن هو من طبيعته أيضاً “لو عرفتموني لعرفتم أبي أيضاً” (19:8)، “الذي رآني فقد رأى الآب” (9:14). لذا فالقديس يوحنا يتضح أنه يرى شيئاً أكثر من الشبه الأخلاقي، “فيوحنا يبرز معنى البنوة أكثر من الأناجيل الإيزائية، فكلٍ من الشبه الأخلاقي والوحدة الجوهرية متضمنان.”[57]
وبالرغم من أن يوحنا يؤكد على الوحدة “الجوهرية”[58] للابن مع الآب، فلا يوجد وقت يغفل فيه القديس يوحنا التمايز بينهم (بين الآب والابن). فالابن أُرسل من الآب، وهو يطيع وصايا أبيه (10:15)، ولا يستطيع أن يفعل من نفسه شيئاً (19:5-20)، وكلماته التي يقولها ليست كلماته الشخصيه ولكنها لأبيه (10:14، 24، 8:17)، وأفعاله التي يقوم بها هي أفعال أبيه (10:14). يشدد القديس يوحنا مراراً وتكراراً أعتماد الابن الكامل على الآب[59]، إنه يُسجل قول يسوع “أبي أعظم مني” (28:14).
لذا فيوحنا لا يُسمح أبدأ للوحدة الجوهرية أن تمحي التمايز بين الآب والابن. “تفكير يوحنا به مفارقات، فهو -على الأرجح- مثله مثلما يجب أن تكون كل الأفكار الخريستولوجية.”[60]إن النقطة المحورية لإنجيله هي علاقة الابن بالآب، الأبدية والوجود المُسبق، ومع ذلك هي متجلية لعيون الإيمان في الوجود الأرضي للابن في شخص يسوع المسيح، وهي العلاقة التي نستطيع فقط أن نصورها في مصطلحات “الإتحاد” unity أو “الوحدة” oneness (30:10)، على الرغم من ذلك فهي تسمح بالتمايز في داخلها.
وهذا هو أول مفارقة في يوحنا –التمايز–في- الوحدة- المُعبر عنه في منتصف الانجيل في تعبير وجيز لكنه مذهل: “أنا والآب واحد” (30:10)، وهو التعبير الذي يلعب دوراً حيوياً في النزاعات الثالوثية بداية من القرن الثالث الميلادي فصاعداً.[61] لذا فالقديس يوحنا يُظِهر بطريقة أكثر وضوحاً وأكثر صراحةً -من أي من كتاب العهد الجديد الآخرين- إلوهية يسوع المسيح بما انه الابن الازلي لله وفي نفس الوقت يُعبر عن التمايز بين الابن والآب.
ت- إلوهية وإنسانية المسيح
على الرغم من التركيز على إلوهية ابن الله، فإنجيل القديس يوحنا هو “تاريخ”[62]، والذي يروي وجود يسوع المسيح في التاريخ، كلمة الله الذي صار جسداً، الله الذي صار إنساناً. بالتركيز الشديد على “مجد” ابن الله، فالابن هو بالحقيقة “رجل حقيقي … يرى (يوحنا) أنه يمتلك سيكلوجيا بشرية (33:11، 27:12، 27:13). فمفهوم اللوغوس لم يَمح الصورة الحقيقة لإنسانية المسيح. فحقيقة حياته الأرضية تظهر بجلاء شديد.”[63]
الهرطقات الخريستولوجية المبكرة التي نجد لها آدله هي الدوسيتيه[64]، والتي ركزت على إلوهية يسوع وقلصت من إنسانيته إلى مجرد ظهورات أو خيالات.[65] حتى أنه من الواضح أن القديس يوحنا وضع هذه الخريستولوجية الدوسيتيه في اعتباره أثناء كتابته كلٍ من الانجيل والرسالة الأولى، يكتب يوحنا “الكلمة صار جسداً وحل بيننا” (14:1)، وخضع لنفس الآلام والقيود كالبشر.
فكل تركيزه على إلوهية المسيح، والمسيح بالنسبة له هو إنسان (30:1، 29:4: 40:8، 11:9، 16، 33:10)، لقد آمن أنه صار إنساناً “آتياً في الجسد”، وهي الفكرة الرئيسية في الإيمان المسيحي (1 يوحنا 22:2-23). ورسالة يوحنا هي مُوجهه للعبرانيين، يقول م. بارت M. Barth “لا يوجد كتاب آخر في العهد الجديد (بإستثناء الإنجيل الرابع) يضع الإلوهية الحقيقية والإنسانية الحقيقية ليسوع المسيح جنباً إلى جنب.”[66] فهو اللوغوس-الابن الذي ينتمي بوضوح لدائرة الإلوهية (كان الكلمة… كان الله” يوحنا 1:1ج)، كما أنه ينتمي أيضاً وبالتساوي إلى دائرة البشر.
هذا الأقتران بين الإلهي والبشري، اللوغوس والجسد، الله والانسان، لم تُعرف أو تحدد في أي مكان قبل القديس يوحنا، إنها ببساطة جزء من شهادته أن يسوع هو الله-الإنسان الذي من خلال الإيمان به يكون للبشر الحياة الإلهية. فتحليل وتفسير هذا الأقتران قامت به الكنيسة، وهي المفارقة اليوحناوية الثانية والتي صارت مركز النزاع حتى مجمع خلقيدونية (451م) وما بعد ذلك.
ث- الوسيط
إذا كان المفهوم الرئيسي للانجيل الرابع هو علاقة الآب والابن، فالفكرة المُكررة هي أن يسوع المسيح بإعتباره ابناً لله هو الوسيط الواحد والوحيد بين الله والانسان، وهي الفكرة التي طورها القديس يوحنا- كما رأينا قبل ذلك- طوال ثلاث خطوط متمايزة ومع ذلك متكامله.[67]
1- فيوحنا يضع أعمال الله في المسيح في أوسع إطار ممكن، فبما أنه اللوغوس، فالمسيح هو وسيط أعمال الله في الخلق. هذه الفكرة بالطبع ليست بجديدة أو فريدة للقديس يوحنا. فالقديس بولس يصف المسيح عل أنه “بكر كل خليقة. فإنه فيه خُلق الكل: ما في السماوات وما في الأرض. ما يُرى وما لا يُرى، سواء كان عروشاً أم سيادات أم سلاطين.الكل به وله قد خُلق. الذي هو قبل كل شئ، وفيه يقوم الكل” (كولوسي 15:1-17).
وكاتب العبرانيين يقول أيضاً أن الله “كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه …. الذي به أيضاً عمل العالمين” (عبرانيين 2:1). فعمل الخلق لا ينتمي ببساطة للوغوس-الابن، بل عمل الله “به” (يوحنا 3:1).
فهو الوسيط، ليس فقط وسيط يقوم بالعمل مع الله، لكنه مرتفع على جميع المادة ولا يستطيع أن يقوم بعمل بمفرده. فالتركيز على الوساطة يتعارض مع أي مفهوم للديمورج (أي الوسيط الخالق) demiurge أو كائن ذو مكانه وسيطة intermediary، وهو ما يميز مفهوم اللوغوس عند القديس يوحنا عنه عند فيلو أو من أي فلسفة يونانية. على الرغم من ذلك فيوحنا يتضح أنه أقل إهتماماً بالكوزمولوجي (وجود وخلق الكون) عن بولس[68].
فبخلاف اشارة واحدة أو على الأرجح إشارتان للخلق في المقدمة (الإشاره الأولى هي [10:1] وإحتمالية الإشارة الثانية [3:1]) فلا يوجد أي إشارة إلى الوساطة في الخلق في الانجيل ذاته “فيوحنا غير مهتم بالكوزمولوجي (الخلق)، فهو لا يفكر في الخلق لكن في الفداءredemption“[69].
2- بالنسبة للقديس يوحنا، يسوع المسيح هو الوسيط الوحيد لعمل الله في إعلانه عن ذاته (17:1، 18، 19:8، 38، 7:14، 9، 25:17). هنا أيضاً الفكرة ليست بجديدة أو فريدة للقديس يوحنا، إنها ضمنيه طوال العهد الجديد، وخصوصاً التصريح الواضح في عبرانيين 1:1-2 وفي أقوال المصدر Q “لا أحد يعرف الآب إلا الابن وإلا من كشف الابن له” (متى 27:11، لوقا 22:10)[70].
فبالنسبة للقديس يوحنا، يسوع هو “نور العالم” (12:8)، “الطريق الحق الحياة” (6:14)، “الذي رأى” يسوع “رأي الآب” (9:14). فالفكرة أن يسوع هو إعلان الله الآب، أو أنه الذي من خلاله يكشف الآب ذاته، هو واضح طوال الانجيل، ف”مجد” الآب يُرى في كل ما يقوله ويفعله الابن.
3- فوق الكل، يسوع هو الوسيط لعمل الله في خلاص البشر وتبنيهم في عائلته (12:1). فيوحنا المعمدان يناديه على أنه “حمل الله الذي يرفع خطية العالم” (29:1)، السامريين ينادوه على أنه “مخلص العالم” (47:4)، فهو “الابن الوحيد” الذي من خلال حب الآب أعطى الله البشر “ألا يهلكوا بل أن تكون لهم حياة أبدية” (16:3)، أن “العالم يخلص من خلاله” . فإعلان الآب عن ذاته من خلال الابن له غايته وهي أن البشر ينالوا الحياة الأبدية، أو الحياة في ملئها” (40:6، 10:10، 28، 3:17، 31:20)، فالخلاص يأتي من خلال الإيمان بابن الله (12:1، 16:3f، 36ff:9، 38:17، 31:20).
هذه الفكرة تتضح بصورة أوضح في الرسالة الأولى “دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطيه” (7ff:1)،”فلنا شفيع عند الآب، يسوع المسيح البار، وهو كفارة لخطايانا، ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً” (1:2-2)، ” أن الله قد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به ” (9:4-10). مرة أخرى فالفكرة ليست بجديدة أو فريدة على الاطلاق بالنسبة للقديس يوحنا، وهذا جلىّ في طوال العهد الجديد وهي في الواقع الفكرة المركزية لرسالته.
إذاً فبالنسبة للقديس يوحنا، إنه الله الواحد الذي يخلق، ويكشف ويُخلص، أبو يسوع المسيح، ابنه الوحيد، كلمته الذي صار جسداً. الآب يُكمل كل شي من خلال الابن . يؤكد القديس يوحنا وساطة الابن في الخلق كي يزود الإطار الكوزمولوجي للإعلان الذاتي لله الآب وخلاص البشرية[71]. مثل القديس بولس، يُركز القديس يوحنا إنتباهه على الخلاص الذي أتمه الله من خلال يسوع المسيح.
ومثل القديس بولس، يبدأ القديس يوحنا من العمل الوسائطي في الخلاص (إعادة خلق الانسان والكون) إلى العمل الوسائطي في الخلق الأساسي.[72]فالذي في آخر الأيام أصبح وسيط إعلان الآب عن ذاته لخلاص العالم هو الذي كان في البدء مع الله وهو الوسيط في الخلق لكل شئ، الذي يجدد النظام المخلوق ليس آخر إلا الذي خلق منذ البدء.
هذا التركيز على الأوجه الثلاث لوساطة ابن الله هو ضروري هنا لأنه يلعب دوراً هاماً في تفسير انجيل يوحنا من قبل الكنيسة الاولى. فالمشكلة التي يعرضها انجيل يوحنا للكنيسة في القرون التالية هي المشكلة المُعقدة المُتعلقة بصياغة عقيدة خاصة بالله وشخص المسيح والتي تُبقي الاتزان الذي يتميز بمفارقة بين الوحدة الجوهرية للابن مع الله والتمايز بينهم، والاتزان الذي يتميز بممفارقة بين إلوهية وإنسانية المسيح، بينما في نفس الوقت تحافظ على المنظور السليم للأوجه الثلاث لطبيعة وساطة الابن. إلى حدٍ كبير هذا التعقيد من الممكن أن يُقلل إلى السؤال حول الحفاظ على مفهوم اللوغوس في المنظور اليوحناوي.
[1]هذا المقال هو الفصل الأول من كتابSociety for new testament studies, Monograph series 13: Johannine Christology & the Early church. by: T. E. Pollard, p.3-22 [المترجم]
[2] استاذ العهد الجديد، كلية نوكس، دانيدن [المترجم]
[3] إن كمية الكتابات حول المقدمة ومفهوم اللوغوس ضخم، لدراسة جيدة أنظر R. E. Brown, The Gospel according to St John, New York, 1966, 1, appendix n. Cf. also Arndt-Gingrich, Lexicon, λόγος
[4] God in Patristic Thought, London, 1952, p. 129
[5] من المُتفق عليه على العموم أن الفصل 21 هو خاتمة أُضيفت من قبل المحرر الأخير للانجيل، أنظر R. E. Brown, The Gospel according to St John, I, xxxvi
[6] F. V. Filson, ‘The Gospel of Life’, in Current Issues in New Testament Interpretation (ed. W. Klassen and G. F. Snyder), London, 1962, pp. 111 ff
[7] Cf. P. H. Menoud, L’evangile de Jean d’ aprec recherches recentes, Neuchatel and Paris, 1947; W. F. Howard, The Fourth Gospel in Recent Criticism (4th edn. revised by G. K. Barrett), London, 1955.
[8] Another of ‘the presuppositions of critical orthodoxy’ which J. A. T. Robinson, ‘ The New Look on the Fourth Gospel’, calls in question
[9] من غير الممكن أن نعطي قائمة مراجع كاملة عن هذه النقطة. المراجع التالية هي فقط عينة مُعبرة،
- E. Brown, The Gospel according to St John, 1, lix ff.; ‘ The Qumran Scrolls and the Johannine Gospels and Epistles’, CBQ,xvn (1955), 559 ff., reprinted in K. Stendahl (ed.), The Scrolls and the New Testament, New York, 1957, pp. 183 ff.; ‘Second Thoughts: the Dead Sea Scrolls and the New Testament’, ExpT, LXXVIII (1966-7), 21 ff.; K. G. Kuhn, ‘Johannesevangelium und Qumrantexte’, in Neotestamentica et Patristica (Supplement to NovT, vi), pp. 111 ff.; ‘Die in Palastina gefundenen hebraischen Texte und das N.T.’, £77f, XLVII (1950), 192 ff.; L. Mowry, ‘The Dead Sea Scrolls and the Background for the Gospel of John’, BA, xvn (1954), 78 ff.; W. H. Brownlee, ‘A Comparison of the Covenanters of the D.S.S. with pre-Christian Jewish Sects’, BA, xm (1950), 71 ff.; F. M. Braun, 4L’arriere-fond judaique du quatrieme evangile et la Communaute d’Alliance’, RB, LXI (1955), 5ff; Jean le theologien, Paris, 1959, 1, 226 ff.; Millar Burrows, The Dead Sea Scrolls, London, 1955, pp. 338 ff.; More Light on the Dead Sea Scrolls, London, 1958, pp. 123 ff.; M. Black, ‘Theological Conceptions in the Dead Sea Scrolls’, SEA, XVII-XIX (1953-4), 8° ff.; W. Grossouw, ‘The Dead Sea Scrolls and the New Testament: a Preliminary Survey’, StC, xxvi (1951), 289 ff.; XXVII (1952), 1 ff.; W. F. Albright, ‘Recent Discoveries in Palestine and the Gospel of John’, in The Background of the N.T. and its Eschatology (ed. W. D. Davies and D. Daube), Cambridge, 1956, pp. 153 ff.
[10] Cf. J. A. T. Robinson, ‘New Look’; R. D. Potter, ‘Topography and Archaeology in the Fourth Gospel’, SE, 1 (1959), 329 ff.; W. F. Albright, ‘ Recent Discoveries’; A. M. Hunter,’ Recent Trends in Johannine Studies’, ExpT, LXXI (1959-60), 164 ff.; C. H. Dodd, Historical Tradition
[11] T. W. Manson, Studies in the Gospels and Epistles, p. 118; cf. E. Stauffer, New Testament Theology, London, 1955, pp. 55 ff.
[12] J. Pedersen, Israel, its Life and Culture, 1-11, Oxford, 1926
[13] Hebrew Thought compared with Greek, London, i960, pp. 58
[14] Word and Deed in the N.T.’, SJT, v (1952), 237 f.
[15] A Biblical Approach to the Doctrine of the Trinity (SJT Occasional Paper 1), Edinburgh, 1953; From Moses to Paul, London, 1949.
[16] ‘Word and Deed’, p. 240.
[17] P. 247. Cf. Boman, p. 67. James Barr (The Semantics of Biblical Language, Oxford, 1961, pp. 129 ff(
ينتقد بيدرسن Pedersen وماكنيكول Macnicol لمعالجتهم dabhar. هذا النقد لا يظهر أنه يتطبق على دراسة ماكينيكول Macinicol عن debhar yahweh، التي تظهر أنها صالحة حتى لو كانت معالجة dabhar ذاتها مفتوحة للنقد.
[18] Christ in Christian Tradition, pp. 30
[19] The Interpretation of the Fourth Gospel, Cambridge, 1953, pp. 273 ff.
[20] E.g. J. Rendell Harris, The Origin of the Prologue to St John’s Gospel, Cambridge, 1917. Cf. also P. Bonnard, La Sagesse en Personne, annoncee et venue: Jesus-Christ, Paris, 1966, pp. 123
[21] على الرغم من أن الجامعة 3:24، الحكمة تقول “من فم العلي أتيت”
[22] Cf. Rashi’s Commentary on the O.T. (ed. A. M. Silbermann, London, 1946) at Genesis i. 1
[23] Grillmeier, pp. 30 f.
[24] Cf. Strack and Billerbeck, Kommentar zum N. T. aus Talmud und Midrasch, Munich, 1924, u, 302-33; C.K.Barrett, The Gospel according to St John, London, 1955, p. 128; R. E. Brown, The Gospel according to St John, 1, PP- 523 f.
[25] Grossouw, ‘D.S.S. and N.T.’, p. 289 (see p. 7, n. 4 above)
[المترجم]. أنظر هامش رقم 25
[26] O. Cullmann, ‘The Significance of the Qumran Texts for Research into the Beginnings of Christianity’, JBL, LXXIV (1955), 216, reprinted in K. Stendahl (ed.), The Scrolls and the N.T, p. 20
[27] Manual iii. 15; xi. 17 f.; Hymns i; x; xiv. 27.
[28] G. Vermes’ translation in The Dead Sea Scrolls in English, London, 1962, p. 93.
يجب أن نُشير أن سياق هذه الفقرة ليس كوسمولوجياً لكنه أخلاقياً، أنظر مقالتي
It should be noted that the context of this passage and of all the echoes of it is not cosmological but ethical; cf. my article ‘ Cosmology and the Prologue of the Fourth Gospel’, VC, xn (1958), 147-53.
[29] ‘Comparison of the Covenanters of the Dead Sea Scrolls’, pp. 71 ff. (p. 7, n. 4 above)
[المترجم]. أنظر هامش رقم 25
[30] Significance of the Qumran Texts’, p. 216
[31] ‘Traces of Gnosticism in the D.S.S.?’, NTS, 1 (1954-5), 140.
[32] Christ in Christian Tradition, pp. 30 f.; cf. p. 9, n. 6 above
[المترجم]. أنظر هامش رقم 39
[33] أنظر ص 31 [السابق]
[34] أنظر ص 31 [السابق]، يستشهد وصف بولس للمسيح على أنه “حكمة الله” (1 كورنثوس 24:1)، طصورة الله الغير منظور، بكر كل خليقة” (كولوسي 15:1).
[35] Cf. Brown, Gospel according to St John, 1, appendix II
[36] Cf. R. E. Murphy, ‘Assumptions and Problems in O.T. Wisdom Research’, CBQ xxix (1967), 109 ff.
[37] Interpretation of the Fourth Gospel, p . 273.
[38] السابق ص 279، لنقد مُفصل حول حجة دود Dodd أنظر مقالتي The Background of the Fourth Gospel and its Early Interpretation’, ABR, VII (1959), 41 ff لقد كنت ناقد بشده لإصرار دود على إعتماد يوحنا على مفهوم الحكمة. فإستخدام دود لمفهوم اللوغوس الخاص بفيلو ليوضح الانجيل يتشابه مع of the Philonic Logos-concept to illuminate the Gospel is paralleled by H. A. Wolfson, The Philosophy of the Church Fathers, 2nd ed., Harvard, 1964, 1, 177 ff
[39] Stauffer, N.T. Theology, p. 42.
[40] R. Bultmann, Theology of the N.T., London, 1955, II, 9
[41] Brown, Commentary, p. lviii; cf. R. McL.Wilson, ‘Philo and the Fourth Gospel*, ExpT, LXV (1953-4), 47 ff- F. M. Braun {Jean le theologien, 11, 298):
“إذا لم يكن فيلو موجوداً أبداً، من المرجح جداً أن الانجيل الرابع ما كان ليختلف عما هو عليه”
Gf. also A. H. Armstrong and R. A. Markus, Christian Faith and Greek Philosophy, London, 1960, pp. 19 ff
[42] H. Odeberg, ‘Ueber das Johannesevangeliums’, ZST, 1939, quoted by P. H. Menoud, Uevangile de Jean d’apres recherches recentes, p. 46
[43] من المثير للاعجاب أن مجموعة من الباحثين قد جادلوا أن خلف المقدمة يكمن ترنيمة كُونت في الدوائر اليوحناوية أو كُرست من قِبلهم، اُدمجت لتشكل مقدمة انجيل يوحنا.
Gospel. R. E. Brown, Gospel according to St John, pp. 18 f.,
يعدد [رايموند براون] تحليل ثمان باحثين، ويضيف محاولته في إعادة التكوين، أن الترنيمة قد كونت الأساس للمقدمة لا نشم في ذلك، ما يهمنا هنا هو أن المقدمة تقف في سياق الانجيل.
[44] W. F. Lofthouse, The Father and the Son: A Study in Johannine Thought, London, 1934, p. 64.
[45] ‘Esun himno a Cristo el prologo de San Juan’, Estudios Biblicos, xv (1956), 223-77, 381-427. Cf. R. E. Brown, St John, p. 25.
[46] C. K. Barrett, The Gospel according to St John, p. 129.
[47] إن اكتشاف قراءة [كلمة يوناني] في مخطوطة بودمر Bodmer papyri، P66 وP75، جعل الأصالة للقراءة الأصعب شبه مؤكد
[48] لقد ناقشت يوحنا 3:1 وعلاقتها بالمقدمة بالتفصيل في [مقالة] Cosmology and the Prologue of the Fourth Gospel5, VC, xn (1958), 147-53
و حجتي قد اُخذت وطُورت من قِبل بول لامارشي Paul Lamarche [في مقالته] ‘Le prologue de Jean’, RSR, LII (1964), 497 ff., والذي يقوي حجتي بأدلة أقوى من السبعينية وانجيل الحقيقة [المنحول] 37.22-24
[49] من الممكن أن يُثار إعتراض حول تعبير [مفارقة]، وهي الكلمة التي صارت مشتيه فيها فياللاهوت النظامي. فالكلمة الموجودة بالعهد الجديد [كلمة يوناني] “سر” قد تكون المفضلة، لكن أي محاولة للتصريح ب”سر” شخص المسيح، تظهر بالنسبة لي أنهارتحتاج استخدام لغة “المفارقة”، ومن ثم فكلمة “مفارقة” يصعب أن تتفادى.
[50] هذا هو عنوان الدراسة الممتازة حول اللاهوت اليوحناوي والتي نادراً ما تُلاحظ لو. ف. لوفتهوز W. F. Lofthouse، أنظر ص 13، هامش 2 السابق.
[51] أنظرT. W. Manson, the Teaching of Jesus, 2nd edn. Cambridge, 1935, PP. 330; J. Jeremias, the Central Message of the New Testament, London, 1965 PP. 9 ff.
[52] Jerusalem Bible comment on Matt. xi. 27.
[53] Cf. D. Moody, ‘ “God’s Only Son”: the Translation of John iii. 16 in the R.S.V.’, JBL, LXXII (1953), 213 ff.; R. E. Brown, St John, pp. i3f.; G. H. Turner, ‘6 uios nou 6 dyocirriTos’, JTS, xxvn (1926), 113 ff.
[54] من المشوق أن نُشير تتابع “الاعترافات” المتعلقة بيسوع في الاناجيل: “حمل الله” (29:1، 36)، “المسيا/المسيح” (41:1)، “ابن الله، ملك اسرائيل” (49:1) عندما يُراد أن تفهم “ابن الله” بنصطلحات ملكية مسيانية، “المعلم الذي أرسله الله” (2:3)، “النبي” (مُعرفة/ نكرة) (19:4 النبي الذي كان ينتظره السامرين ؟)، “قدروس الله” (69:6)، “النبي” (40:7 مثل موسى؟)، “ابن الانسان”(38:9)، “ملك اليهود” (19:24)، “ربي وإلهي” (28:20).
[55] The Gospel according to St John, p. 60
[56] Cf. E. Hoskyns, The Fourth Gospel, London, 1956, on John v. 19-2
[57] G. K. Barrett, The Gospel according to St John, p.60
[58] إن استخدام مثل هذا المصطلح من مراحل متأخرة للتطور الخريستولوجي يجب ألا يُسمح له أنه يحمل أي آثار لمعناها المتأخر. على الرغم أنه من الصعب أن نتفادى الحديث بمصطلحات مثل “جوهر”، “جوهري”، “اونطولوجي” … إلخ، يجب الا نحول يوحنا إلى آب من آباء القرن الرابع.
[59] Cf. J. E. Davey, The Jesus of St John, London, 1958, pp. 90-151
“لا يوجد أي عنصر مميز في الانجيل الرابع أكثر من العرض المتسق والكوني للمسيح، في حياته وأعماله وأقواله وفي كل نواحي أفعاله، على أنها تعتمد على الآب في كل نقطة (صفحة 90).
[60] Barrett, The Gospel according to St John, p. 77
[61] Cf. my article, ‘The Exegesis of John x. 30 in the Early Trinitarian Controversies’, NTS, in (1956-7), 334-49
[62] يُلقب ر. ه. لايتفوت R. H. Lightfoot هذا الانجيل “تاريخ ابن الله: (الذي فيه) من يتحدث ويعمل على الأرض هو مازال دائماً بجانب أبيه” (History and Interpretation in the Gospels, London, 1935, p. 224).
[63] Grillmeier, p. 34. Gf. E. K. Lee, The Religious Thought of St John, London, 1950, p. 135:
“هذا هو حجر الزاوية الذي يعتمد عليه كل البنية الفكرية اليوحناوية. فيسوع التاريخي المنظور هو المكان في التاريخ حيث يظهر مجد الله”
[64] “ليس من الصدفة أن تكون الدوسيتية هي الهرطقة الأولي للمسيحية المبكرة، وهي الوحيدة التي يُرى بوضوح أنها قد هُجمت من قبل العهد الجديد”
(O. Gullmann, Salvation in History, London, 1967, p. 91).
[65] “أنظر كلمات جيروم الظريف “فبينما كان الرسل باقين على الأرض، وبينما كان دم المسيح يدخن في تربه اليهودية، أكد البعض أن جسد الرب كان شبحاً”
(quoted by E. K. Lee, p. 135(.
[66] ‘ The Old Testament in Hebrews’, in Current Issues in N. T. Interpretation (ed. W. Klassen and G. F. Snyder), p. 58.
[67] لا يوجد كلمة في انجيل يوحنا تُترجم إلى “وسيط”، على الرغم من ذلك ففكرة الوساطة ظاهرة طوال الانجيل، أنظر
- Clavier, ‘Mediation in the Fourth Gospel’, Bull. SNTS, no. 1, Cambridge, 1950, pp. n-25.
[68] هل كان اهتمام بولس بالكوزمولوجي يرجع لحقيقة أنه كان يواجه التكهنات حو “الرئاسات والقوى، … إلخ”، [هذه] التكهنات لا تظهر في انجيل يوحنا؟.
[69] Lofthouse, The Father and the Son, p. 47
يذهب ليقول ” من المحتمل أن بعضاً من اصدقائه وقراءة المُتوقعين قد إنجذبوا لمحاولة فيلو المبتكرة لمصالحة الفلسفة اليونانية في وقته بأسفار موسى الخمس Pentateuch، إذاً، يتضح أنه يقول “إذا كنت تريد أن تربط اللوغوس بإيمانك، من الممكن، لكن عندما تستخدم المصطلح، لاحظ ماذا تقصد به. من الممكن أن تراه في الفصل الأول لسفر التكوين، حيث البدء. فالله ينطق بالكلمة الخالقة ويُخلق العالم. لكن الأمر أكثر من ذلك. فهي وسيلة الحياة، إستنارة للبشر. فقط في هذه الأيام اصبحنا نعرفها. إنها ليست فكرة ولا قوة. إنها ظهرت في شخص بشري. بها نُمنح أن نكون اولاد الله، فلا فيلو ولا الرواقيين قالوا بذلك. فنحن نراها، بكل مجد السماء مثل الشاكيناه حولها، في يسوع المسيح، ابن الله. وبعد ذلك، اسمحوا لنا ألا نزيد حول [موضوع اللوغوس]، لنتأمل مجد الابن.
[70] أنظر النقاش الشيق لجيريمايس Jeremias في (The Central Message of the N.T., pp. 23-5) الذي يدعمه ر.اي. براون R. E. Brown في (‘How much did Jesus Know?’, CBQ,xxix (1967), 32) وهو أن القول الوارد في المصدر Q يسوع “يرسم مثل أن الآب والابن يعرفا بعضهما البعض بشكلٍ وثيق، وأن الابن هو أفضل شخص ليكشف أعمق أفكار الآب” Brown على الرغم من أن هذا القول لا يكشف [يسوع] أعمق أفكار الآب لكن الآب ذاته.
[71] Cf. p. 20, n. 3 above; also A. E. J. Rawlinson, The JV.T. Doctrine of the Christ, London, 1929, pp. 209 ff.
[72] أنظر S.Hanson, The Unity of the Church in the N.T., Uppsala, 1946, pp. 109 ff., لنقاش حول علاقة الكوزمولوجي والخلاص (السوتيرولوجي) عند بولس.