صحة نصوص الكتاب المقدس – ترجمة ابراهيم زخاري
تعتبر زيارة بهو الوثائق (المحفوظات) في واشنطن بمثابة تجربه مقدسه. فهذه الغرفة الدائرية المبنية على الطراز الملكي التي تشعرك وكأنك في كاتدرائية مصممه ومخصصه لحفظ واحده من أعظم الوثائق في تاريخ الإنسانية. وهي وثيقة الاستقلال الأمريكي
تقبع هذه الوثيقة الموقرة تحت إطار من الزجاج في وعاء من البرونز مملوءة بغاز الهليوم الخامل. ويتم إنزالها كل ليلة إلى قبو بعمق اثنين وعشرين قدماً تحت الأرض في بيئة مناخيه محكمه ومحدده. والمسيحيون أيضاً لديهم وثيقة تأسيسية يستمدون منها إيمانهم وحريتهم وهي أكثر روعه من وثيقة إعلان الاستقلال الأمريكي.. انه الإنجيل الذي تم تحريره على مدار 1600 عام.. مكون من سته وستون سفر. مكتوباً بثلاثة لغات في ثلاث قارات.
الإنجيل الذي يتمركز حول موضوع جوهري وإطار واحد مترابط، ويؤمن المسيحيون بانه موحي به من الله ويعتبرونه معصوم من الخطأ والزلل ويكفي لكل احتياجات البشر. ونحن عندما نقول إن الإنجيل معصوم من الخطأ فإننا بذلك نعني الإنجيل والرقوق التي تشكل النسخ الأصلية الحقيقة للإنجيل والتي كتبها أناس موحي لهم من الله. المخطوطات الأصلية كما يسمونها ونحن لا ندعي أن نسخ هذه الوثائق معصومة من الخطأ.
فاذا أردت أنا على سبيل المثال نسخ” المزمور 23″ الآن وأضفت أو أسقطت عمداً كلمه واحده بحيث أقول مثلا” الرب يرعاني في جبال الألب ” فان هذه الترجمة غير الأمينة والخاطئة التي تقودنا إلى إضافة كلمة إلى النص الأصلي تعني أن النسخة كلها خاطئة. فبينما تكون النسخة الأصلية بدون أخطاء. لا أن هناك احتمال أن الأخطاء والانحراف في النص تسلل إلى النص عبر عمليات النقل على مدار قرون. فالنسخ ليست بالضرورة معصومة ولكن فقط المعصوم هو النصوص الأصلية والتي ليست بحوزتنا. وهذا يطرح سؤال هل يمكننا أن نثق في الإنجيل؟ وهل هذه النصوص جديرة بالثقة وجديرة أن نرهن حياتنا بها.
فالسؤال الأول في ذهن المتشكك ليس أن الإنجيل موحي به من الله أم لا.! ولكن السؤال هو. هل يتمتع الإنجيل بمصداقيه تاريخيه أم لا؟ وهذا السؤال يتطلب إجابه مزدوجة.
- هو دقيق في تركيبه
أولا هل الإنجيل محكم في تركيبه؟ هل النصوص الإنجيلية التي كتبها النساخ والمؤرخين حقيقيه وهل عاش هؤلاء فعلا في الزمن الذي وصفوه؟ فالبعض يرى أن الأناجيل على سبيل المثال قد تم كتابتها عن طريق كٌتاب مجهولين ومن مقتطفات صغيره من تقاليد شفاهيه وبعض الخرافات والتي قد يكون او لا يكون لها أي سند تاريخي حقيقي.
يفترض البعض أننا لا نعرف حقيقة من هم كتبة الأناجيل وبناء عليه لا يمكننا أن نؤمن ونسلم بالمعجزات والروايات التي كتبت عن شخص يسوع فبعضها قد يكون أساطير وبعضها خرافات أو ربما هي مجرد شذرات تاريخيه من الماضي الغامض.
ولكن الخرافات والأساطير يلزمها زمن لكي تتبلور وتتشكل أم نحن فلدينا بعض النسخ والمقتطفات من الإنجيل التي يعود تاريخها إلى زمن الرسل. يزيد على ذلك أن المفكرين الليبراليين الذين أرخوا لكتب العهد الجديد أنها تعود إلى القرن الثاني والثالث قد اضطروا وبسبب دراسات واكتشافات حفريه حديثه أن يصححوا أنفسهم ويرجعونه إلى القرن الأول. منذ سنوات أوضح يونج كيو كيم أن مجموعات قديمة من رسائل بولس يعود تاريخها ليس إلى السنة 200 بعد الميلاد بل هي أقدم من ذلك بحوالي مائة سنه أقدم حيث أنها تعود لنهاية القرن الأول.
وقد اثأر اثنان من المتخصصين الألمان وهما عالم البرديات كارستنثيديو الصحفي ماثيو دانكونا في كتابهما ” شهادة عيان ليسوع” استنتاجا اثأر ضجة حيث زعموا أن الثلاثة رقوق المحفوظة في كلية مريم المجدلية بأكسفورد وتحتوي على أجزاء من إنجيل متي قد يعود تاريخها إلى القرن الأول. ليس هناك متسع لدراسة كل كتب العهد الجديد ولكن أكثر كتب العهد الجديد شرحا هو إنجيل لوقا وان شكك بعض العلماء في أن يكون لوقا هو كاتب السفر إلا انه من المعلوم للجميع أن هذا السفر وسفر الأعمال تم تدوينهم بواسطة لوقا الطبيب وان لوقا كتب هذا الإنجيل قبل كتابة سفر الأعمال.
يعود تاريخ سفر الأعمال إلى ما بين عامي 60-70 ميلادي وبناء عليه فان تاريخ إنجيل لوقا يعود إلى زمن أقدم من ذلك. ولتلاحظ الطريقة التي بدا بها لوقا إنجيله ” 1 إذ كان كثيرون قد اخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا* 2 كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة* ” لوقا 1:1-2 لوقا يوضح جوانب متعده من حياة المسيح والتي كانت شائعه ومتداوله في منتصف القرن الأول وقد نشر العديد من كتاب السيرة والمؤرخين أشياء عديده عن المسيح بعضها اعتمد على روايات شهود عيان والبعض الآخر كان اقل مصداقية.
“ولأنني قد تتبعت كل شيء من الأول ارتئيت أن اكتب بتدقيق ” لوقا 3:1 كان لوقا ماهراً بطريقه لا يمكن إنكارها ويتمتع بقدرات أدبية عالية ومعرفه عميقه باللغة اليونانية وكان لوقا هو اليهودي الوحيد بين كتاب الأناجيل وقد كتب ما يقدر ب 28 % من العهد الجديد ويمثل هذا أكثر مما كتب غيره.
كان لوقا طبيبا وعالما كان كاتبا وطبيبا خادما كما اثبت انه مؤرخا من الطراز الأول فهو هنا يخبرنا قبل كتابة إنجيله انه تتبع كل شيء كالصحفي الباحث وانه دون بحثه بطريقه منهجيه مرتبه وبناء على تتبع دقيق. (4)
3 رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيق، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ،
4 لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ. ” لوقا ا:3-4
هل أصاب لوقا؟ بالطبع فهو قد ربط كل شيء بالتاريخ وقدم أسانيد تاريخيه عبر كل ما طرحه سواء في إنجيله أو في سفر الأعمال. وقد ثبتت صحة رواياته التاريخية حتى في أدق تفاصيلها. وعلى سبيل المثال لنلاحظ طريقة بدء الأصحاح الثاني ” وفي تلك الأيام صدر امر من أوغسطس قيصر بان يكتتب كل في كافة أرجاء العالم الخاضع للرومان (وكان هذا أول اكتتاب فيما كانكورنيوس حاكما لسوريا) وذهب كل شخص إلى مدينته للاكتتاب” لوقا 1:2-3
لوقا لم يقل فقط إن يوسف والعذراء مريم سافرا إلى بيت لحم بل قال انهم سافروا من اجل هذا الاكتتاب الذي حدث وقت إن كان رجل يدعي كيرينيوس حاكما لسوريا.
منذ حوالي مائة عام كان للنقاد يوم مشهود مع هذا النص حيث لم يكن هناك سند تاريخي يثبت أن قيصر أصدر هذا المرسوم بالاكتتاب ويزيد على ذلك انه لا يوجد دليل على ان كيرينيوس كان حاكما قط لسوريا في الوقت الذي ذكره لوقا.
ولكن سلسلة من الاكتشافات قد حدثت فيما بعد حيث اكتشف عالم الأثار الأسكتلندي السير ويليام رامسي وثائق تعود للقرن الأول تدل على أن الإمبراطورية الرومانية قامت بأجراء اكتتاب عام للضرائب مره كل أربعة عشر عاما وان هذا الأمر بدأ زمن أغسطس قيصر. ووثيقه أخرى تم العثور عليها في مصر عباره عن مرسوم مكتوب على ورق بردي من فابيوس ماكسيموس تصف كيفية إجراء هذا الاكتتاب وتحث دافعي الضرائب على العودة إلى مدنهم الأصلية للاكتتاب. وهناك نقش آخر اكتشفه رامسي في انطاكيه يشير إلى ذلك ويلمح إلى أن هناك رجل يدعي كيرينيوس يعمل كحاكم عسكري لسوريا من عام 12 قبل الميلاد إلى عام 16 بعد الميلاد.
ولنلاحظ في الأصحاح الثالث كيف كان لوقا شديد التدقيق في تأكيد مراجعه التاريخية ” وفي السنة الخامسة عشر من حكم طيباريوس قيصر عندما كان بيلاطس حاكما لليهوديةوهيرودس رئيس ربع الجليل وأخيه فيليب رئيس ربع في ايتوريا وتراكونتيس وكان ليسانياس رئيس ربع ابيلين وخلال حبرية رؤساء الكهنة قيافا وحنان انه قد كلمة الله أتت إلى يوحنا ابن زكريا في الصحراء” لوقا 3: 1-2
هل يبدو الأمر وكأنه أسطورة ضبابيه أو قصه مختلقه؟ أي شيء. ولكن لوقا تناول كرازة يوحنا تاريخيا من خلال ست إثباتات تاريخيه فكان توقيت ظهور يوحنا المعمدان متزامن مع:
- كان طيباريوس قيصر في السنة الخامسة عشر من حكمه.
- بيلاطس البنطي حاكم لليهودية.
- هيرودس رئيس ربع على الجليل.
- فيليب أخا هيرودس رئيس ربع في ايتوريا وتراكونتيس.
- ليسانياس رئيس ربع في ايبلين6 -حنانيا وقيافا شريكان في رئاسة الكهنة
معظم هذه الحقائق من السهل تأكيدها ولكن اثنان منهم شكلتا معضله منذ مائة عام عندما هاجم النقاد مرجعية لوقا فيما يخص ليسانياس قائلين إن ليسانياس المذكور في التاريخ قد قتل عام 36 قبل الميلاد أي حوالي ستون عاما قبل يوحنا المعمدان ولكن هؤلاء النقاد قد اخرسوا بعد ما اكتشف الأثريون نقش بالقرب من دمشق ينص على أن رجل يدعي ليسانياسكان رئيس ربيع على ابيلين في الوقت الذي ذكره لوقا. وجعل المشككون يتسألون عن بيلاطس لبنطي الذي لم يرد له ذكر في التاريخ الحديث أو في الوثائق التاريخية التي تعود لازمنه قديمة.
وادعي النقاد بان بيلاطس ما هو إلا فبركة تاريخية. ولكن حجر تم اكتشافه في قيصريه وجد فيه اسم بيلاطس محفورا بوضوح ليراه العالم كله بأنه كان حاكم اليهودية خلال هذا الوقت الدقيق الذي ذكره لوقا وان قيصريه كانت مقر قيادته.
ذكرت سابقا كيف أن رامسي سافر إلى الشرق الأوسط لدحض مرجعيات لوقا التاريخية وكيف اذهله بشده أن يجد أن أدلة لوقا صحيحه حتى في أصغر التفاصيل. والمذهل أن مؤرخي العالم القديم أمثال بوليبيوس وكوينتيليان وزينوفون ويوسيفيوس وحتسث وسيديدس لم يترددوا في تزييف الحقائق لتناسب أغراضهم ولكن في حالة لوقا وجدنا مؤرخا فريدا من العصر القديم ثبتت صحة كل ما يكتب.
إيجازا نحن نمتلك وثائق تعود إلى جيل الكُتاب الأصليين وتفاصيل تنبعث من صفحات العهد الجديد تثبت سلامة البحث وتثبت المصداقية التاريخية لهذه النصوص. وثائق دقيقه في تركيبها وهذا يقودنا إلى السؤال التالي هل يمكن الوثوق في نقل الإنجيل؟
- جدير بالثقة في نقله:
ما نقصده بالنقل هو الطريقة التي تم بها كتابة ونسخ الإنجيل على مدار العصور بدءا من زمن كتابته يدويا إلى زمن طباعته وهل ظلت النسخ المكتوبة باليد والتي أعيد نسخها مرات عديده على صحتها حتى يمكننا القول إن الإنجيل الذي لدينا الآن يحوي عمليا وبدقه نفس كلمات النسخ الأصلية.
وماذا عن العهد القديم؟ انه وحتى وقت قريب كانت لدينا بعض المشكلات مع بعض النصوص العبرية القديمة حيث أن اليهود بسبب تقديسهم لكلمة الله قاموا بتدمير النسخ الممزقة والباليه ونعلم أيضا انه قبل عام 900 ميلاديه كان التاريخ اليهودي مضطربا وكانت حياة اليهود العامة معطله بسبب الحرب والنفي والتشتت. وعلى الرغم من ذلك فنحن نعرف أن الكتاب والنساخ كانوا على درجه من الدقة تفوق الوصف حتى انهم وضعوا أنظمة متطورة لترقيم كل حرف وكل كلمه حتى انه إذا أخطأ كاتب في حرف واحد فانهم يعدمون المخطوطة كلها.
ويوجد لدينا سبب وجيه أن العهد القديم تم نقله بأمانة حيث أننا لدينا أقدم نسخه عبريه يعود تاريخها إلى عام 1000 قبل الميلاد وان كان لا يمكن مقارنتها بنصوص أقدم لإثبات ما إذا كان شابها أي أخطاء لكن في عام 1947 قام أحد الصبية في قرية البحر الميت في قمران بألقاء حجر على أحدي قطيع الماعز ولكن الحجر طاش إلى مدخل أحد الكهوف الصغيرة وسمع الصبي صوت تكسير إناء فتسلق الجرف إلى الكهف ليتم اكتشاف أعظم الكشوف الأثرية على مر الزمان وهي رقائق البحر الميت وهي رقائق قديمة مخبأه في أنيه فخاريه داخل كهف لحمايتها من الغزاة الرومان.
وللمرة الأولى يصبح لدينا نسخ عبريه تعود إلى عصور ما قبل المسيحية وتحوي أجزاء من كل أسفار الكتاب المقدس ونسخه كامله محفوظه من سفر أشعياء ونسخه أخرى ممزقه. والنتيجة؟ أعرب جليسون ارشر أن نسختي سفر أشعياء اللتين اكتشفتا في كهف قمران قرب البحر الميت عام 1947 يعود تاريخها إلى ألف عام من قبل أقدم نسخه معروفه لدينا والتي تعود إلى 850 عام قبل الميلاد.
وقد ثبت تماثل هذه النسخة تماما وكلمه بكلمه مع النسخة التي لدينا من الإنجيل المدون بالعبرية وبنسبة 95% من النص وأما الخمسة بالمائة الباقية ما هي إلا زلات واضحة في الكتابة وأخطاء إملائية (1)
وقد قام دكتور ليرد هاريس بمقارنة أقدم طبعه من النسخة العبرية من أشعياء 53 مع النسخة الممزقة التي وجدت في قمران ووجد اختلافا في سبعة عشر حرفا عشره منهم بسبب خطأ إملائي واضح يشبه الفرق بين كلمة honor وhonour واهذا لا يحدث أي فرق على الإطلاق في المعني. وأربعة حروف ربط ويعود ذلك بصفه أساسية فقط إلى اختلاف أسلوب الكتابة والثلاثة حروف الباقية فهي المرادف العبري لكلمة نور والتي أضيفت إلى الآية رقم 11.
فمن 166 كلمه في هذا الأصحاح تبقي هذه الكلمة الوحيدة محل تساؤل بعد ألف عام من النقل وهذه الكلمة لا تغير على الإطلاق من معني الفقرة ولا معني النص بأكمله. (2) ولدينا طرق أخرى تثبت دقة التداول والنقل لنصوص للعهد القديم فحوالي 200 عام قبل المسيح وعلى سبيل المثال قام مجموعه من علماء اليهود بالإسكندرية بترجمة النصوص من العبرية لليونانية ويمكننا مضاهاة النص اليوناني القديم بالنص العبري للعهد القديم.
ولدينا أيضا النص السامري القديم لأسفار موسي الخمسة بالإضافة إلى (الترجوم) وهي الترجمة الآرامية للعهد القديم. كل هذه المصادر توفر أدلة هائلة أن النص العبري للعهد القديم قد تم الحفاظ عليه بطريقة جديرة بالثقة. وانه على الرغم من وجود بعض التفاوت هنا أو هناك فانه لا يؤثر في العقيدة الرئيسية وان هذا التفاوت يعود بمجمله إلى أخطاء إملائية أو نحويه أو إلى أسلوب الكتابة.
فماذا عن العهد الجديد؟
هنا نحن نقف على ارض أكثر صلابة حيث لدينا وفره من النسخ القديمة والمخطوطات الأصلية والتي أجريت عليها أبحاث مضنيه ومنها ما هو مكتوب على ورق البردي والتي اهترأت من كثرة قراءتها. في القرن الرابع بدأ النساخ في استخدام مواد أكثر تحملا مثل الرقوق المصنوعة من جلود الحيوانات وأصبحت هذه الرقوق هي الأكثر شيوعا في الكتابة لألف عام حتى بدا استخدام الورق في القرن الثالث عشر.
انه لمن الرائع أن نعرف ما حدث للنسخ الأصلية فقد كتب ترتليان في عام 208 قبل الميلاد أن كتابات الرسل الأصلية الخاصة كانت تقرا في الكنائس ولا نعرف ما إذا كان يعني إن رسائل بولس الأصلية كانت لا زالت تقرا أم أن الكنيسة كانت تستخدم نسخ ثقات ومضمونه.
وعلى أي حال فان أقدم الأجزاء من نسخ العهد الجديد تعود إلى زمن الرسل أنفسهم والتي تعرف بقصاصة رايلاند ويعود تاريخها إلى بداية القرن الثاني وهي تحتوي على خمس آيات من إنجيل يوحنا ويرجعها المؤرخين إلى عام 125 بعد الميلاد. (3) وبما انجيل يوحنا قد كتب عام 100 ما يعني أن هذه القصاصة للنص الأصلي كانت متداوله لمدة خمسه وعشرون عاما.
من المثير أن نعرف أن النقاد الألمان ونقاد النص الأوربيين في القرن التاسع عشر قد صدموا إيمان الكثيرين بادعائهم أن إنجيل يوحنا كتبه مؤلف مجهول بعد وفاة يوحنا بمائة أو مائتي عام. فهم يدعون أن تطور الرموز اللاهوتية والعمق الموجودان في إنجيل يوحنا كان في احتياج لوقت طويل وبناء عليه فانه يستحيل أن يكون يوحنا هو كاتبه أو انه يعود للقرن الأول. ولكن الله سمح باكتشاف هذه القصاصة في مصر ووجد أنها تحتوي بعض الآيات من انجيل يوحنا ومع هذا الاكتشاف البسيط تم نسف الآف المحاضرات وكتب ونشرات وأطروحات المشككين لتصبح هباء منثورا.
ولدينا أيضا بردية شيستر بيتي والتي تعود إلى عام 200 ميلاديه وتحتوي على أجزاء كبيره من العهد الجديد كما يوجد نسختان كاملتان من العهد الجديد وهما النسخة السينائية والفاتيكانية واللتان يعود تاريخهما إلى عام 300 ميلادي بالإضافة إلى خمسة آلاف مخطوطه باليونانية ونسخ وترجمات عديده قديمة مثل نسخة جيروم فولجاتا للعهد الجديد المترجم إلى اللاتينية والتي تعود إلى أواخر عام 300 ميلادي.
ولدينا النسخة السريانية القديمة والترجمة اللاتينية التي تعود إلى عام 150 ميلادي وكذا الترجمة المصرية والتي تعود إلى عام 200 ميلادي بالإضافة إلى ما لا يحصي من اقتباسات العهد الجديد في كتابلت آباء الكنيسة من القرن الأول والثاني والثالث وما يتلى في الصلوات العامة.
اختصارا فان عدد المخطوطات التي تثبت صحة نصوص العهد الجديد والتي يقترب زمن كتابتها لزمن كتابة الأصول يفوق أي شيء أخر معروف في تاريخ الأدب الإنساني. هناك 9 إلى 10 نسخ صالحه عن حروب قيصر في بلاد الغال وأقدم مخطوطه موجودة لهذا تعود إلى ألف عام بعد النسخة الأصلية وهناك فقط سبعة نسخ من كتابات أفلاطون وهناك فجوه زمنيه بين كتابة النص الأصلي والنسخة الموجودة يقدر بحوالي 1200 عام.
وكذا ثوسيديديس الذي عاش في زمن ملاخي وكتب تاريخه قرب نهاية حقبة العهد القديم. أقدم نسخه موجودة لدينا من ثوسيديديس تعود إلى عام 900 ميلاديه أي ما يعادل 1300 عام بعد كتابة النص الأصلي.. فكم نسخه من كتابات ثوسيديديس تعود إلى عام 900 ميلاديه وما بعدها؟ ثمانية فقط. ورغم ذلك لم يشكك أحد في دقة ثوسيديديس بل ويعتبرونه مؤرخ من الطراز الأول.
ونحن لا نمتلك عشر او إحدى عشر نسخه ولكن خمسة آلاف نسخه يونانية من العهد الجديد يعود تاريخها إلى خمسة وعشرون عاما فقط من زمن كتابتها الحقيقي. ولدينا اقتباسات وقراءات تعود إلى عصور الكنيسة المسيحية الأولى وهذا من منظور الاستدلال الأدبي. وعليه فقد كنب البروفيسور بيركلي ميكلسين إن الاستنتاج المنطقي الوحيد من هذا أن نصوص العهد الجديد هي الأقوى مصداقيه على الإطلاق من أي مخطوطات أخرى من العصور القديمة. (5)
وبسبب هذا التفاوت الطفيف عند مقارنة كل هذه المخطوطات والذي يعود إلى أسلوب الكتابة أو الإملاء أو الصياغة فان الترجمات تحتوي على هوامش تظهر أن هذه الكلمة أو الفقرة يمكن صياغتها بطريقه أخرى.
وحقيقة فان هناك فصيلين من النصوص اليونانية وان علماء العهد الجديد قضوا زمنا طويلا لشرح الفرق بينهما وان ظل الجزء الأكبر من النصوص بينهما متطابقا تماما وان هذه النسخ تقدم شهادة موحده. فلا يوجد أي عقيده أساسيه للأيمان المسيحي قد أبطلت بالي حال بسبب غموض أو اختلاف النصوص فهل هذا يثبت أن الإنجيل هو كلمة الله الموحى بها؟ لا بل يؤكد أن الإنجيل يقدم أساسا يعتمد عليه للأيمان وانه جدير بالثقة ودقيق في صياغته وفي نقله رغم تهكم العديد من الناس وقولهم انه أسطورة مثل فانس هافنر الذي قال إن الإنجيل مغلوط ومضلل وبائس.
الخلاصة:
انه عندما تحمل الإنجيل بين يديك فأنك تحمل وثائق ذات مصداقيه تم بحثها بعناية عن طريق كتاب ومدونين بما فيهم أبرز مؤرخي العالم القديم عن إنسان من الناصرة عاش لمدة 30 عاما كنجار قروي وانه علم لمدة ثلاثة سنوات تاليه وانه ادعي عن نفسه ما لم يدعه أي شخص آخر وانه غرس واكد هذه الادعاء اتباع الأدلة حتى انه قلب مفهوم اللاهوت اليهودي لدي جمهوره ومستمعيه مقنعا إياهم بانه المسيا لإسرائيل وانه سيد العالم.
فهو شفي الأعمى وأقام الميت وملا اليائسين فرحا وقد سلم نفسه للموت بأبشع وسيله ثم وجد قبره فارغا وقد اظهر نفسه حيا ببراهين وادله وغير العالم الذي ولا زالت رسالته وبعد مرور الفي عام عليها الأكثر تصديقا ويؤمن بها الكثيرين أكثر من ذي قبل هذه الأشياء تم تحريها بتدقيق منذ البدء وصيغت بترتيب ليكون لنا قاعده صلبه للأيمان لكي نعرف دقة وصحة ما تعلمناه
المراجع
1Gleason Archer، A Survey of Old Testament Introduction (Chicago: Moody Press، 1974), 25.
2R. Laird Harris، “How Reliable Is the Old Testament Text?” in Can I Trust the Bible?ed. Howard F. Vos (Chicago: Moody Press، 1963)، 124.
3Two scholars، Carsten Peter Thiede and Matthew D’Ancona، have recently advanced the theory that three fragments of papyrus currently housed at Magdalen College، Oxford، can be dated even earlier. But their conclusions have been questioned. Their book Eyewitness to Jesus is published by Doubleday (New York، 1996) and is subjected to a critical review، “Indiana Jones and the Gospel Parchments،” in Christianity Today، October 28، 1996، 26-27.
4For a chart showing the manuscript evidence of the New Testament compared with other authors and works of antiquity، see Josh McDowell’s Evidence That Demands a Verdict (San Bernardino: Here’s Life Publishers، 1986).
5A. Berkeley Mickelsen، “Is the Text of the New Testament Reliable?” in Can I Trust the Bible? ed. Vos، 176.