صفات الله فى المسيحية – الرب يتمشى؟!
نص الشبهة
الرب يتمشي
تحكي أسفار العهد القديم عن أفعال بشرية تنسبها إلى الله، وهي فرع من عقيدتهم المجسِّمة لله، ومن ذلك أن الله يمشي، ولكن على شوامخ الجبال “فإنه هو ذا الرب يخرج من مكانه، وينـزل ويمشي على شوامخ الأرض.. كل هذا من أجل إثم يعقوب” (ميخا 1/3 – 5).
وجاء فى تكوين 8:3 ((وسَمِعَ آدمُ واَمرأتُه صوتَ الرّبِّ الإلهِ وهوَ يتمشَّى في الجنَّةِ عِندَ المساءِ، فاَختبأَا مِنْ وَجهِ الرّبِّ الإِلهِ بَينَ شجرِ الجنَّةِ. 9فنادَى الرّبُّ الإلهُ آدمَ وقالَ لَه: «أينَ أنتَ؟»10فأجابَ: سَمِعتُ صوتَكَ في الجنَّةِ، فَخفتُ ولأنِّي عُريانٌ اَختَبأتُ». 11فقالَ الرّبُّ الإلهُ: «مَنْ عَرَّفَكَ أنَّكَ عُريانٌ؟ هل أكلتَ مِنَ الشَّجرَةِ التي أوصَيتُكَ أنْ لا تأكُلَ مِنها؟» 12فقالَ آدمُ: «المرأةُ التي أعطَيتني لِتَكونَ مَعي هيَ أعطتني مِنَ الشَّجرَةِ فأكَلْتُ». 13فقالَ الرّبُّ الإلهُ لِلمرأةِ: «لِماذا فَعَلتِ هذا؟» فأجابَتِ المَرأةُ: الحَيَّةُ أغوتْني فأكلْتُ))
اولا: فانه هوذا الرب يخرج من مكانه وينزل ويمشي على شوامخ الارض(مي3:1)
ميخا النبي لا يتكلم عن صفات الله ولكنه يتنبأ عن عقاب الله لشعبه من ناحية ومن ناحية اخرى يتنبأ عن تجسد الكلمة في شبه الناس فيطأ اقدامه ارضنا اذ يقول انه ينزل أي يتنازل ويمشي وهذا يذكرنا بقول الرسول لكنه اخلى نفسه آخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس.(في7:2)
ساضع تفسير ابونا تادرس يعقوب
يصٌور النبي الله نازلاً من السماء، ماشيًا على الجبال، لكي يحطم السامرة لإصرارها على عبادة الأوثان وممارستها للرجاسات، وقد تسلل فسادها إلى يهوذا، فقد صارت دينونة يهوذا أيضًا على الأبواب.
نزول الرب ومشيه على شوامخ الأرض يُشير إلى أمرين: الأول أن كلمة الله، الخالق والمخلص يخرج كما من مكانه، إذ يقول عن تجسده وتأنُّسه: “لأني خرجت من قِبل الله وأتيت” (يو 8: 42)،
والثاني أن الرب يجلس على عرش رحمته، وإذ يؤدِّب بحزمٍ يبدو كمن يخرج من مكانه ليحطم كبرياء الإنسان وتشامخه. وكما جاء في إشعياء النبي: “لأنه هوذا الرب يخرج من مكانه ليعاقب” (إش 26: 26). إنه أب سماوي يشتاق ألا يُعاقب، ان أدّب إنما يكون كمن خرج من مكانه، أي من الرحمة المملوءة ترفقاً وحناناً. إثمنا وعصياننا يجعلانه كمن يخرج من مكانه ليعاقب… حتى في خروجه يطلب أن يضمنا إليه ليرجع بنا إلى عرش رحمته.
يرى البعض أنه يُشير هنا إلى خروج الرب كما إلى السحاب ليدين الأشرار المتشامخين، ويمجَد مؤمنيه المتواضعين.
v لنتأمل الآن عبارة يسوع: “لأني خرجت من قِبَلْ الله وأتيت” (يو ٨: ٤٢). يبدو أنه نافع ليّ أن أضع بجانب هذه الكلمات، الكلمات التالية من ميخا: “اسمع يا شعبي كلماتي، ولتصغِ الأرض وملؤها، وليكن الرب شاهدًا في وسطكم، الرب من بيت المقدس. فإنه هوذا الرب يخرج من مكانه ويطأ شوامخ الأرض، فتهتز الجبال تحته، وتذوب الوديان كالشمع أمام النار، وكالماء المنصب في منحدرٍ” (مي ١: ٢-٤). الآن تأملوا ما إذا كانت العبارة: “إني خرجت من قِبَل الله” تعادل هذه العبارة، حيث أن الابن في الآب، بكونه في شكل الآب قبل إخلائه لنفسه (في ٢: ٦-٧)، كان الله في مكانه، فإنه يبدو كما في تناقض أنه يخرج من قِبَل الآب وفي نفس الوقت لا يزال في الله
v العلامة أوريجينوس:: يُقال إن الله ينزل عندما يتنازل ليعطي اهتمامًا بالضعف البشري. هذا يلزم تمييزه خاصة بالنسبة لربنا ومخلصنا، هذا الذي إذ “لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله، لكنه أخلى نفسه وأخذ شكل العبد” (في ٢: ٦-٧)، بهذا نزل. فإنه “ليس أحد صعد إلى السماء إلاَّ الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء” (يو ٣: ١٣) فإن الرب نزل، ليس فقط لكي يهتم بنا بل وأيضًا ليحمل ما هو لنا، إذ “أخذ شكل العبد”، ومع كونه هو نفسه غير منظور بالطبيعة، إذ هو مساوٍ للآب، إلاَّ أنه أخذ شكلاً منظورًا، إذ “وُجد في الهيئة كإنسانٍ” (في ٢: ٧)
هل العقيدة المسيحية تجسم الله ؟
عقيدتنا عن الله واضحة وهي ان الله روح فلا يمكن ان نجسم الله في اي حال من الاحوال ولكننا نعبر عن الروحيات بامور جسدية لكي يصل لنا المعنى ولكننا مهما حاولنا لن نقدر ان نصف ما هو روحي فقد قال بولس عندما ذهب الى السماء الثالثة انه سمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لانسان ان يتكلم بها.(2كو4:12)
ثانيا : وسمعا صوت الرب الاله ماشيا في الجنة عند هبوب ريح النهار
فاختبا ادم وامراته من وجه الرب الاله في وسط شجر الجنة(تك8:3)
(ACV) And they heard the voice of LORD God walking in the garden in the cool of the day. And the man and his wife hid themselves from the presence of LORD God amongst the trees of the garden.
الكتاب يقول سمعا “صوت الرب” ماشيا مع ان الصوت لا يمشي وكلمة ماشيا في العبري تفيد انه يمشي الى المسرة وكأن الله يمشي الى ادم بمسرة لكنه لا يقابلة شخصيا فهو يظهر لهم بصوته
اختم بتفسير ابونا تادرس يعقوب
يقول الكتاب: “وسمعا صوت الرب الإله ماشيًا في الجنة عند هبوب ريح النهار” [٨.] لقد سمعا “صوت الرب” ماشيًا مع أن الصوت لا يمشي، لكنه هو “صوت الرب” أي (كلمته)، الابن وحيد الجنس الذي جاء مبادرًا بالحب ليقتنص الإنسان الساقط ويقيمه. جاء عند هبوب ريح النهار، إذ نلتقي به بالروح القدس، لأن كلمة “روح” و “ريح” في العبرية هي واحدة. جاء في وسط النهار لنتعرف عليه خلال نوره. وكما يقول المرتل: “بنورك يا رب نعاين النور” بمعني آخر لن نسمع صوت الرب متمشيًا فينا ما لم يهب بروحه القدوس علي جنته في أعماقنا ويضيء عليها بنوره الإلهي فنصير كمن في وسط النهار.
لم ينتظر الله الإنسان ليأتي إليه معتذرًا عن خطاياه، إنما تقدم إليه لكي بالحب يجتذبنا إلى معرفة خطايانا والاعتراف بها. بنفس الروح يطالبنا ربنا يسوع أن نذهب نحن إلى أخينا الذي أخطأ إلينا ونعاتبه ولا ننتظر مجيئه إلينا (مت 18: 15). وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم إن المخطئ غالبًا ما يحجم عن المجيء بسبب خجله، لذا يليق بنا أن نذهب إليه أولاً بمفردنا لكي بالحب نربحه لأنفسنا كما يربح هو نفسه.
هكذا بادر كلمة الله بالحب، فنادي آدم وقال له: “أين أنت؟” [9.] لم يكن يجهل موضعه لكنه أراد الدخول معه في حوار، كاشفًا له أنه قد صار غير مستحق أن يكون موضع معرفة الله، وكأنه قد صار مختفيًا عن النور الإلهي. يقول القديس أغسطينوس أن الشرير يخرج بشره من دائرة نور الله فيصبح كمن هو خارج معرفة الله، لا بمعنى أن الله لا يعرفه، وإنما لا يعرفه معرفة الصداقة والشركة معه، لهذا يقول للجاهلات: “الحق أقول لكن إني ما أعرفكن” (مت 15: 14). يقول القديس جيروم: [سمعنا أن الله لا يعرف الخطاة، لنتأمل كيف يعرف الأبرار؟