هل يعقل وجود ديانة واحدة صحيحة ؟
كيف يعقل ان يوجد ايمان حقيقي واحد فقط ؟ من العجرفة ان تقول ان ديانتك متفوقة فتحاول ان تهدي كل انسان اخر اليها, ان جميع الاديان خيرة بالتساوي وفعالة لتلبية حاجات اتباعها , ولكن اذا اخذنا ان هناك دين واحد فقط متفوق على الباقي فهذا يؤدي الي ما لا يوصف من النزاع والانقسام والصراع وربما هو اكبر عدو للسلام في العالم
هل يمكن ان نعثر على طرق نضطر جميعا بها الي الاعتراف ان كل دين يؤمن به الناس ما هو الا واحد من عدة سبل صحيحة بالتساوي تؤدي كلها الي الله ؟
في البداية علينا ان نقول ان المسيحية لا تدعي عدم وجود اي حق في الكتب الدينية غير المسيحية انها فقط تدعي بان الكتاب المقدس هو حق وصحيح وان كل ما يتعارض معه هو على خطأ , يوجد الكثير من الامور الصحيحة والحسنة في اديان غير مسيحية ,, مثلا ,قال كونفوشيوس(صاحب الديانة الكونفوشيوسية) : لا تفعل باخرين ما لا تريد لهم ان يفعلوا بك .. وهي مقولة غالبا ما يطلق عليها اسم الصيغة السلبية للقاعدة الذهبية المسيحية , انها لا تتعارض البتة مع القاعدة الذهبية الايجابية التي علمها الرب يسوع : فكل ما تريدون ان يفعل التاس بكلم افعلوا هكذا انتم بهم (مت 12:7) البوذية ومعظم الديانات الاخرى توافق التعليم المسيحي الذي يوصي باحترام الاهل ويعتبر القتل خطية , المسيحية لا تعلم ان الكتاب المقدس هو وحده يحتوى على الحق لكنها تجزم ان الكتاب المقدس هو حق وان كل ما يتعارض معه هو خطأ ,لان المتناقضات لا يمكن ان تكون كلها صحيحة في ان واحد
اولا : المتناقضات في الاديان
ان كان المسيحيون على حق بشأن كون السيد المسيح هو الله فإن اليهود والمسلمين يخفقون اخفاقا ذريعا في محبة الله كما هو بالحقيقة (اي انهم لا يعبدون الله الحقيقي)
وان كان اليهود والمسلمون على حق في قولهم ان السيد المسيح ليس الله بل بالحري معلم او نبي فان المسيحيين يخفقون اخفاقا ذريعا في محبة الله كما هو بالحقيقة
فوجود هذه المتناقضات بين الاديان لا يمكن ان يكون جميعها طرق صحيحة للوصول لله فلابد من وجود طريق واحد صحيح بين كل هؤلاء تصلنا بالله الحقيقي
ثانيا :الاختلافات بين الاديان غير مهمة !
كل دين له مفهومه عن الله فلا يمكن ان نقول ان الخلافات بين الاديان سطحية وغير مهمة , فاذا اخذنا مفهوم ان الله هو روح كلي المحبة في الكون فهذا التعريف متناقض مع باقي الديانات مثل البوذية حيث انها لا تؤمن باله مشخصن(شخص) فلا يمكن ان تكون جميع الاديان فكرتها واحدة عن الله فوجود هذه المفاهيم المتضاربة يجعل ان هناك مفهوم واحد فقط حقيقي عن الله, اما الاصرار على ان العقائد غير مهمة فمن السخرية ان هذه عقيدة في حد ذاتها ! فمن يتمسك بنظرة محدده عن الله تُوصف بانها اكثر سموا وتنورا من معتقدات الاديان فان انصار هذا الرأي يفعلون الامر عينه الذي يحظرونه على الاخرين !
ثالثا : نظرية ان كل الاديان تحمل جزء من الحقيقة
هل كل ديانة ترى جزء من الحقيقة الروحية ولكن لا تستطيع ايه منها ان ترى الحق كله ؟
فالاادرية احيانا تمثل هذه النقطة بحكاية العميان والفيل , فان بضعة عميان كانوا يسيرون معا وصادفوا فيلا سمح لهم بان يتلمسوه فقال الاعمى الاول الذي لمس خرطوم الفيل : هذا المخلوق طويل ومرن مثل الحية
قال الاعمى الثاني الذي يتحسس رجل الفيل : كلا انه ثخين ومبروم مثل جذع الشجرة
قال الاعمى الثالث الذي جس جنب الفيل : لا بل هو كبير ومفلطح
فكل واحد من العميان لم يستطيع ان يتصور الفيل بكامله وبنفس الطريقة يمكن لكل واحده من الديانات ان تلم بجزء من الحق بشأن الحقيقة الروحية ولكن لا تسطيع اية منها ان ترى الفيل كله وتدعي انها تحوز رؤية شاملة للحق
هذا الايضاح يرتد على مستخدميه فالقضية مروية من وجهة نظر شخص غير اعمى وكيف يمكن ان تعرف ان كل اعمى يعي فقط جزء من الفيل الا اذا زعمت انت انك قادر على رؤية القيل باكمله
المسيحية بعيدة عن شبهة الافضلية
– كما قلنا ان المسيحية تمدنا باساس راسخ لاحترام الاديان الاخرى وذلك لوجود تداخل لمجموعة القيم المسيحية ونظيرتها في حضارة ما وفي ديانة ما , اما سبب هذا التداخل يرجع الي ايمان المسيحيين ان جميع البشرية مخلوقة على صورة الله ومُهيأة للصلاح والحكمة ومن ثم فان عقيدة شمول صورة الله تؤدي بالمسيحيين لان يتوقعوا من غير المؤمنين ان يكونوا افضل مما يستطيع اي من معتقدات اولئك غير المؤمنين الخاطئة ان يجعلهم
– عقيدة شمول الخطية (الجميع اخطأوا ) المستفادة من الكتاب المقدس لا تدفع المؤمنين الي الشعور بالتفوق على اؤلائك الذين لا يؤمنون اذ لا يوجد من هو كامل حقا , فعقيدة المسيحيين ان المسيح قد جاء ليغفر لنا خطيانا واننا لا ننال الخلاص من خلال اعمال نعملها بل نناله عندما نعترف اننا عاجزين عن تنفيذ الوصية واننا بحاجة الي مخلص
– الايمان المسيحي يؤدي الي سلوك منفتح جدا حيال الاخرين , فصلب النظام الايماني المسيحي مصدر لممارسة الخدمة المتفانية والسخاء وصنع السلام, فنظرتنا الي الحقيقة هكذا : ان كان رجل قد مات لاجل اعدائه مصليا لاجل مسامحتهم فلا يمكن ان يؤدي التفكير في هذا الي طريقة معاملة مختلفة
– المسيحية تقدس الانسان وتقدس حياته وفنونه ومواهبه وقد خلقنا الله لكي نستمتع بكل ما قد خلقه فلا تحصرنا المسيحية في قوقعة معينة بل تحثنا على التفتح والتنور ومجاراة العصر وعدم الاصولية