تابع دراسة في الذبائح (16) ذبيحة المحرقة ὁλοκαύτωμα شريعة المحرقة.
[ب] شريعة المحرقــــــــــــــــــة
للرجوع للجزء الخامس عشر أضغط هنـا.
- [ب] شريعة المحرقة :
نجد أن بجانب هذه المحرقة التي كان يُقدمها الإسرائيلي بحرية واختياره الخاص، كانت هناك المحرقات الطقسية التي تُقدم في مناسبات مختلفة، وكانت تُمثل التكريس الكُلي للشعب باعتباره [ مملكة كهنة وأمه مقدسة ] (خروج 19: 6) وهذه هي المحرقات الطقسية التي كانت تُقدم عن الشعب كله:
1 – المحرقة اليومية :
فكان ينبغي أن تُقدم ذبيحة المحرقة في كل صباح وكل مساء [ وهذا ما تقدمه على المذبح خروفان حوليان كل يوم دائماً. الخروف الواحد تقدمه صباحا والخروف الثاني تقدمه في العشية ] ( خروج 29: 38 و 39)، [ وقل لهم هذا هو الوقود الذي تقربون للرب خروفان حوليان صحيحان لكل يوم محرقة دائمة. الخروف الواحد تعمله صباحا والخروف الثاني تعمله بين العشاءين. وعُشر الأيفة من دقيق ملتوت بربع الهين من زيت الرض تقدمة. محرقة دائمة هي المعمولة في جبل سيناء لرائحة سرور وقوداً للرب. و سكيبها ربع الهين للخروف الواحد في القدس اسكب سكيب مسكر للرب. والخروف الثاني تعمله بين العشاءين كتقدمة الصباح وكسكيبه تعمله وقود رائحة سرور للرب ] (عدد 28: 3 – 8)، وتكون المحرقة على الموقدة فوق المذبح كل الليل حتى الصباح. ثم يلبس الكاهن ثوباً من كتان وسراويل من كتان، ويرفع رماد الذبيحة ويضعه بجانب المذبح، ثم يخلع ثيابه ويلبس ثياباً أخرى ويخرج الرماد إلى خارج المحلة إلى مكان طاهر. والنار تتقد على المذبح على الدوام لا تُطفأ [أنظر لاويين 6: 8 – 13] …
عموماً نعود ونركز على أن هناك [ خروفان حوليان يقدمان كل يوم دائماً ]، وكانت هذه المحرقة تُسمى [محرقة دائمة ]، [ والنار على المذبح تتقد عليه، لا تُطفأ ] (لاويين 6: 12)
2 – في تكرس الكهنة :
كان يُقدم ثيران وكباش وحملان [ وتأخذ الكبش الواحد فيضع هرون وبنوه أيديهم على رأس الكبش. فتذبح الكبش وتأخذ دمه وترشه على المذبح من كل ناحية. وتقطع الكبش إلى قطعه وتغسل جوفه وأكارعه وتجعلها على قطعه وعلى رأسه. وتوقد كل الكبش على المذبح هو محرقة للرب رائحة سرور وقود هو للرب ] (خروج 29: 15 – 18)، [ ثم قدم كبش المحرقة، فوضع هرون وبنوه أيديهم على رأس الكبش. فذبحه ورش موسى الدم على المذبح مستديرا. و قطع الكبش إلى قطعه و أوقد موسى الرأس و القطع و الشحم. و أما الأحشاء والأكارع فغسلها بماء وأوقد موسى كل الكبش على المذبح انه محرقة لرائحة سرور وقود هو للربكما أمر الرب موسى. ] (لاويين 8: 18 – 21) .
3 – في أيام مُعينة من السنة وفي الأعياد كانت تُقدم المحرقات الآتية :
(أ) في السبوت [ قربان السبت ] :
كان يُقدم كل سبت حَمَلان حوليان صحيحان فضلاً عن المحرقة الدائمة اليومية [ وفي يوم السبت خروفان حوليان صحيحان وعُشران من دقيق ملتوت بزيت تقدمة مع سكيبه. محرقة كل سبت فضلا عن المحرقة الدائمة وسكيبها ] (عدد 28: 9 ، 10)
(ب) في بداية الشهر [ محرقة رأس الشهر ] :
كان يُقدم ثوران وكبش وسبعة حملان حولية صحيحة مع تقديم تيس واحد ذبيحة خطية [ في رؤوس شهوركم تقربون محرقة للرب ثورين ابني بقر وكبشاً واحداً وسبعة خراف حولية صحيحة. ثلاثة أعشار من دقيق ملتوت بزيت تقدمة لكل ثور وعُشرين من دقيق ملتوت بزيت تقدمة للكبش الواحد. عُشراً واحداً من دقيق ملتوت بزيت تقدمة لكل خروف محرقة رائحة سرور وقودا للرب. و سكائبهن تكون نصف الهين للثور وثلث الهين للكبش وربع الهين للخروف من خمر هذه محرقة كل شهر من أشهر السنة. و تيساً واحداً من المعز ذبيحة خطية للرب فضلا عن المحرقة الدائمة يقرب مع سكيبه. ] (عدد 28: 17 – 25)
(جـ) في عيد الفطير أو عيد الفصح [ الربيع 14 نيسان – شهر نيسان ניסןNisan : (عدد أيامه 30 يوم) وهو أول الشهور العبرية المقدسة، والشهر السابع من السنة المدنية ويقابل شهري مارس وأبريل، ويُسمى أيضاً شهر أبيب ( خروج 13 : 4 ، 23 : 15 ، 16 : 1 ) ] :
كان يُقدم في كل يوم من سبعة أيام العيد ثوران وكبش وسبعة حملان [ وفي الشهر الأول في اليوم الرابع عشر من الشهر (نيسان) فصح للرب. وفي اليوم الخامس عشر من هذا الشهر عيد سبعة أيام يؤكل فطير. في اليوم الأول محفل مقدس عملاً ما من الشغل لا تعملوا. وتقربون وقودا محرقة للرب ثورين ابني بقر وكبشاًواحداً وسبعة خراف حولية صحيحة تكون لكم. وتقدمتهن من دقيق ملتوت بزيت ثلاثة أعشار تعملون للثور وعُشرين للكبش. وعُشراً واحدا تعمل لكل خروف من السبعة الخراف. وتيساً واحداً ذبيحة خطية للتكفير عنكم. فضلاً عن محرقة الصباح التي لمحرقة دائمة تعملون هذه.
هكذا تعملون كل يوم سبعة أيام طعام وقود رائحة سرور للرب فضلاً عن المحرقة الدائمة يعمل مع سكيبه. وفي اليوم السابع يكون لكم محفل مقدس عملاً ما من الشغل لا تعملوا. ] (عدد 28: 16 – 25)
(د) في عيد الحصاد [ باكورة المحاصيل – 16 نيسان ] :
يُقدم خروف حولي واحد [ وكلم الرب موسى قائلاً: كلم بني إسرائيل وقل لهم متى جئتم إلى الأرض التي أنا أعطيكم وحصدتم حصيدها تأتون بحزمة أول حصيدكم إلى الكاهن. فيردد الحزمة أمام الرب للرضا عنكم في غد السبت يرددها الكاهن. وتعملون يوم ترديدكم الحزمة خروفا صحيحا حوليا محرقة للرب. وتقدمته عشرين من دقيق ملتوت بزيت وقوداً للرب رائحة سرور وسكيبه ربع الهين من خمر. وخبزاً و فريكاً و سويقاً (سنابل القمح) لا تأكلوا إلى هذا اليوم عينه إلى أن تأتوا بقربان إلهكم فريضة دهرية في أجيالكم في جميع مساكنكم ] (لاويين 23: 10 – 14)
(هـ) عيد الخمسين أو الأسابيع [ الربيع المتأخر وجمع المحاصيل 6 سيفان – شهر سيفان ، سِيوَان סיוןSivan : (عدد أيامه 30 يوم) وهو ثالث الشهور العبرية المقدسة، والشهر التاسع من السنة المدنية ويقابل شهري مايو ويونيو ( أستير 8 : 9 ) ] :
يُقدم ثوران وكبش وسبعة حملان ثم ثور وكبشان وسبعة حملان تًصاحب تقدمة خبز الترديد [ ثم تحسبون لكم من غد السبت من يوم إتيانكم بحزمة الترديد سبعة أسابيع تكون كاملة. إلى غد السبت السابع تحسبون خمسين يوما ثم تقربون تقدمة جديدة للرب. من مساكنكم تأتون بخبز ترديد رغيفين عُشرين يكونان من دقيق ويُخبزان خميراً باكورة للرب. وتُقربون مع الخبز سبعة خراف صحيحة حولية وثوراً واحداً ابن بقر وكبشين محرقة للرب مع تقدمتها وسكيبها وقود رائحة سرور للرب. وتعملون تيساً واحداً من المعز ذبيحة خطية وخروفين حوليين ذبيحة سلامة. فيرددها الكاهن مع خبز الباكورة ترديداً أمام الرب مع الخروفين فتكون للكاهن قدساً للرب. وتنادون في ذلك اليوم عينه محفلاً مقدساً يكون لكم، عملاً ما من الشغل لا تعملوا، فريضة دهرية في جميع مساكنكم في أجيالكم. ] (لاويين 23: 15 – 21)
(و) في اليوم الأول من الشهر السابع [ عيد الأبواق أو عيد الهُتاف (رأس السنة) – 1 تشري – شهر أَيْثَانيِم אתניםEthanim : ( عدد أيامه 30 يوم) وهو سابع الشهور العبرية المقدسة، والشهر الأول من السنة المدنية ويقابل شهري سبتمبر وأكتوبر، ويُسمى أيضاً ” تشري “؛ ( أنظر 1ملوك 8: 2 ) ] :
يُقدم فيه ثور وكبش وسبعة حملان، بالإضافة إلى تقدمة بداية الشهور [ وفي الشهر السابع في الأول من الشهر يكون لكم محفل مقدس، عملاً ما من الشغل لا تعملوا، يوم هتاف بوق يكون لكم. وتعملون محرقة لرائحة سرور للرب ثورا واحداً ابن بقر وكبشاً واحداً وسبعة خراف حولية صحيحة. وتقدمتهن من دقيق ملتوت بزيت ثلاثة أعشار للثور وعشرين للكبش. وعُشراً واحد لكل خروف من السبعة الخراف. وتيساً واحداً من الماعز ذبيحة خطية للتكفير عنكم. فضلاً عن محرقة الشهر وتقدمتها والمحرقة الدائمة وتقدمتها مع سكائبهن كعادتهن رائحة سرور وقوداً للرب ] (عدد 29: 1 – 6)
(ز) في يوم الكفارة – عيد الكفارة [ 10 تشري ] :
كان يُقدم من أجل الكهنة كبش [ بهذا يدخل هرون إلى القدس بثور ابن بقر لذبيحة خطية وكبش لمحرقة ] (لاويين 16: 3)؛ ومن أجل الشعب كبش [ ومن جماعة بني إسرائيل يأخذ تيسين من المعز لذبيحة خطية وكبشاً واحداً لمحرقة ] (لاويين 16: 5) ، ومن أجل اليوم نفسه ثور وكبش وسبعة حملان [ وفي عاشر هذا الشهر السابع يكون لكم محفل مقدس وتذللون أنفسكم، عملاً ما لا تعملوا. وتُقربون محرقة للرب رائحة سرور ثوراً واحداً ابن بقر وكبشاً واحداً وسبعة خراف حولية صحيحة تكون لكم. وتقدمتهن من دقيق ملتوت بزيت ثلاث أعشار للثور وعُشران للكبش الواحد. وعُشر واحد لكل خروف من السبعة الخراف. وتيساً واحداً من الماعز ذبيحة خطية فضلاً عن ذبيحة الخطية للكفارة والمحرقة الدائمة و تقدمتها مع سكائبهن ] (عدد 29: 7 – 11)
(حـ) في عيد المظال [ 15 – 21 تشري ] :
يُقدَّم 13 ثوراً وكبشان و14 حملاً في اليوم الأول. ثم يتناقص عدد الثيران المُقدَّمة واحداً كل يوم إلى أن يُصبح 7 ثيران وكبشين و14 حملاً في اليوم السابع من العيد وهذه هي الآيات بالترتيب :
[12 – وفي اليوم الخامس عشر من الشهر السابع يكون لكم محفل مقدس عملاً ما من الشغل لا تعملوا وتُعيدون عيداً للرب سبعة أيام.
13- وتُقربون محرقة وقود رائحة سرور للرب ثلاثة عشر ثوراً أبناء بقر وكبشين وأربعة عشر خروفاً حولياً صحيحة تكون لكم.
14- وتقدمتهن من دقيق ملتوت بزيت ثلاثة أعشار لكل ثور من الثلاثة عشر ثورا وعُشران لكل كبش من الكبشين.
15- وعُشر واحد لكل خروف من الأربعة عشر خروفاً.
16- وتيساً واحداً من المعز ذبيحة خطية فضلاً عن المحرقة الدائمة وتقدمتها وسكيبها.
17- وفي اليوم الثاني اثني عشر ثوراً أبناء بقر وكبشين وأربعة عشر خروفاً حولياً صحيحاً.
18- وتقدمتهن وسكائبهن للثيران والكبشين والخراف حسب عددهن كالعادة.
19- وتيساً واحداً من الماعز ذبيحة خطية فضلا عن المحرقة الدائمة وتقدمتها مع سكائبهن.
20- وفي اليوم الثالث أحد عشر ثوراً وكبشين وأربعة عشر خروفاً حولياً صحيحاً.
21- وتقدمتهن وسكائبهن للثيران والكبشين والخراف حسب عددهن كالعادة.
22- وتيساً واحد لذبيحة خطية فضلاً عن المحرقة الدائمة وتقدمتها وسكيبها.
23- و في اليوم الرابع عشرة ثيران وكبشين وأربعة عشر خروفاً حولياً صحيحاً.
24- و تقدمتهن وسكائبهن للثيران والكبشين والخراف حسب عددهن كالعادة.
25- وتيساً واحداً من المعز لذبيحة خطية فضلا عن المحرقة الدائمة وتقدمتها وسكيبها.
26- و في اليوم الخامس تسعة ثيران وكبشين وأربع عشر خروفاً حولياً صحيحاً.
27- و تقدمتهن وسكائبهن للثيران والكبشين والخراف حسب عددهن كالعادة.
28- و تيساً واحداً لذبيحة خطية فضلاً عن المحرقة الدائمة وتقدمتها وسكيبها.
29- و في اليوم السادس ثمانية ثيران وكبشين وأربعة عشر خروفاً حولياً صحيحاً.
30- وتقدمتهن وسكائبهن للثيران والكبشين والخراف حسب عددهن كالعادة.
31- وتيساً واحداً لذبيحة خطية فضلاً عن المحرقة الدائمة وتقدمتها وسكيبها.
32- و في اليوم السابع سبعة ثيران وكبشين وأربعة عشر خروفا حولياً صحيحاً.
33- و تقدمتهن وسكائبهن للثيران والكبشين والخراف حسب عددهن كعادتهن.
34- و تيساً واحداً لذبيحة خطية فضلا عن المحرقة الدائمة وتقدمتها وسكيبها. ] (عدد 29 : 12 – 34)
(ط) اليوم الثامن من عيد المظال [ 22 تشري ] :
ثور وكبش وسبعة حملان [ في اليوم الثامن يكون لكم اعتكاف عملاً ما من الشغل لا تعملوا. وتُقربون محرقة وقوداً رائحة سرور للرب ثوراً واحداً وكبشاً واحداً وسبعة خراف حولية صحيحة. وتقدمتهن وسكائبهن للثور والكبش والخراف حسب عددهن كالعادة. وتيساً واحداً لذبيحة خطية فضلاً عن المحرقة الدائمة وتقدمتها وسكيبها. ] (عدد 29: 35 – 38)
[4] محرقات تُقدم للتطهير:
[أ] بعد ولادة الأطفال الذكور بأربعين يوماً وثمانين يوماً للإناث: ويُقدم حَمَل أو فرخ حمام أو يمام حسب استطاعة مُقدم الذبيحة [ أنظر لاويين 12 ] .
بالطبع لا داعي أن نؤكد أن التناسل والحَبَل والولادة ليست في حد ذاتها خطية، بل ولا تحمل في أصلها أي نجاسة أو أي نوع من أنواع الدنس، لأننا نعلم أن الله في خلقته للإنسان [ ذكراً وأنثى خلقهم، وباركهم الله وقال لهم ك أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض وأخضعوها ] (تكوين 1: 27 – 28)، إلا أن أحد نتائج تعدي آدم وحواء على وصية الله وعدم الطاعة كان صدور الحكم الإلهي على المرأة بالمعاناة والوجع في حبلها وولادتها للأطفال، حتى أنها تحسب أن ساعتها قد جاءت وقاربت الموت [ المرأة وهي تلد تحزن لان ساعتها قد جاءت ولكن متى ولدت الطفل لا تعود تذكر الشدة لسبب الفرح لأنه قد ولد إنسان في العالم. (يوحنا16: 21) ]، وكانت تُحسب المرأة نجسة بعد الولادة ولا تمس شيئاً مقدساً ولا تذهب إلى المقدس حتى تكمل أيام تطهيرها، والواقع أنه لا يُمكننا أن نتصور أن ما خلقه الله يُحسب نجساً في ذاته على الإطلاق، أو في أي طور من أطواره؛ لئلا نتهم الله أنه هو من وضع في الإنسان ما يكدر حياته ويُهيأ له الخطية، أو أنه يذكره بخطاياه وكأنه يضعه تحت مذلة، لأن الله لا يزل أحد، وفي هذا يقول القديس أثناسيوس الرسولي في رسالته للقديس آمون [ Migne XXVI,1169,1176 ]: [ إن كنا نعتقد حسب الكتب أن الإنسان هو من عمل يدي الله،فكيف يخرج عمل دنس من قوة نقية ؟ وإن كنا نحن ذرية الله، حسب قول سفر أعمال الرسل (أعمال 17: 28و 29)، فليس فينا شيء غير نقي، لأننا نُصبح نجسين فقط حينما نرتكب خطية. ولكن حين تحدث إفرازات جسدية – دون تدخل من الإرادة – حينئذٍ علينا أن نحسبها مثل سائر الأشياء ، ضرورات طبيعية ] .
ونحن نستطيع بسهولة أن نكتشف من الذبائح التي كانت تُقدمها المرأة عند اكتمال أيام تطهيرها ما يُشير إلى مغزى هذه الذبائح، من تقديم الشكر لله على إحساناته من أجل هبة الحياة التي أعطاها للمولود، وذلك بذبيحة المحرقة، وطلب المغفرة والتكفير عن الخطية التي تسببت في أوجاع الحَبَل والولادة – حسب العقاب الذي هو ثمرة الخطية والعصيان – وذلك بتقديمها ذبيحة الخطية .
وطبعاً لنا أن نعلم أيضاً أن إسرائيل في ذلك الزمان لم يكن عنده وعي طبي، ولكي يقي الرب الجماعة من أي مرض لكي لا ينتشر وسطهم، كان يضع قانون مخصص لهذه الحالات، وأيضاً لكي يأصل مفهوم أن الإنسان في كل حالاته أصبح بسبب السقوط والعصيان طبعه مشوه ويحتاج للتطهير في كل حالاته مهما ما كانت حسنة وطبيعية، أما في العهد الجديد فالكل تجدد في المسيح ونال سر المعمودية وسكنى الروح القدس [ الإله الذي خلق العالم وكل ما فيه هذا إذ هو رب السماء والأرض لا يسكن في هياكل مصنوعة بالأيادي (أعمال 17: 24)؛ أما تعلمون إنكم هيكل الله و روح الله يسكن فيكم (1كورنثوس 3: 16) ]، والرب نفسه طهر المسكونة بدمه فكل من يؤمن به وينال سر الولادة الجديدة لا يحتاج لتطهير آخر سوى تقديم التوبة الدائمة والتي تعني [ ألبسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيرا للجسد لأجل الشهوات (رومية13: 14) ]، ولنا أن نعلم أن الله لا يطلب طهارة أجساد اليوم بل يطلب نقاوة القلب [ إنما صالح الله لإسرائيل لأنقياء القلب (مز 73 : 1)، طوبى للأنقياء القلب لأنهم يُعاينون الله (مت 5 : 8)، أنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به(يو 15 : 3) ]
[ب] بعد الشفاء من البرص :
ويقدم حمل أو فرخ حمام أو يمام حسب استطاعة مُقدم الذبيحة [ أنظر لاويين 14 ]، والبَرَص مرض عضال عسير الشفاء، وليس هناك مرض آخر مثله يتسبب في تشويه شكل الإنسان، لذلك اتخذه الوحي في العهد القديم ممثلاً للنجاسة الروحية التي تصنعها الخطية في الإنسان، إذ يُعلن من خلاله أن طبيعة الإنسان تشوهت بسبب السقوط، ولا يصح – تحت أي مبدأ أو مفهوم – أن نطبق اليوم على من لديهم هذا المرض نفس المعنى والتشبيه أو نظن أنه أصبح نجساً يُفصل عن الكنيسة ولا يتناول أو يشترك في الصلاة إلا بعد التطهير والشفاء، وهذا الكلام اليوم مغلوط تماماً. ويقول القديس الشهيد يوستين [ ليُفهم البَرَص كرمز للخطية، والأشياء التي ذُبحت كرمز لذاك الذي ذُبح لأجلنا ] ANF,Vol I,p.301
[جـ] بعد الشفاء من السيل :
يُقدم فرخ حمام أو يمام. [ أنظر لاويين 15: 13 – 15 ؛ 25 – 30 ]. العلة عموما للنجاسة حسب الشريعة الموسوية هي الإفرازات الجسدية التي تخرج من أعضاء التناسل في الرجل أو المرأة. وقد ذكر الوحي للرجل ثلاثة حالات من هذه النجاسة: واحدة مرضية؛ واثنتان طبيعيتان. وذكر للمرأة حالتي : أحداهما طبيعية وهي حالة الطمث؛ والأُخرى مرضية كنازفة الدم في العهد الجديد .
ونجد في كل الحالات التي ذُكرت اعتبر السيل نجساً ومُنجساً لصاحبه ولكل مَن يمسه، سواء كان من الناس أو من الأشياء. والنجاسة التي تنتج من طبيعة الجسد كانت تستلزم الغسل بالماء للتطهير فقط، ويكون صاحبها نجساً إلى المساء. أما في الحالات المرضية، فبعد أن يُشفى المريض من مرضه كان يُحسب له سبعة أيام لطهره، وفي اليوم الثامن يُقدَّم عن نفسه ذبيحة خطية وذبيحة مُحرقة يمامتين أو فرخي حمام، يُكفر بهما الكاهن عنه أمام الرب .
وهكذا نجد أن الشريعة قد ميَّزت بطريقة قاطعة بين ما يحدث للرجل أو المرأة خلال الطبيعة، وبين ما يتم كحالة مرضية. فالحالة الأولى لا تطلب تقديم ذبائح ولا تكفيراً عن خطية إطلاقاً، إنما يكتفي المتطهر بغسل جسده وثيابه، وذلك لكي لا ينقل أي مرض أو تلوث لباقي الشعب، أما الحالة الثانية فهي حالة مرضية تحتاج إلى فحص وعلاج، وإذا شُفيت فإنها تتطلب تقديم ذبيحة الخطية والمحرقة للتكفير عنها .
ومن المعروف أن الأمراض التناسلية عادة تكون بسبب الخطية الجنسية، كما تنتقل للأطفال الحديثي الولادة، وأشهر مرض هو المعروف بالسيلان. وطبعاً هذه الأمراض الجنسية التي تسببها الخطية ما هي إلا تحذير قاطع من الخطايا التي تتم عن طريق هذه الأعضاء المقدسة التي خُلقت في الإنسان لأجل تكاثره بالزواج بواسطة هذا السر المقدس الذي يُثمر للكنيسة بنين وبنات على صورة الله ومثاله. لأن الرب لم يخلق [ الجسد للزنا بل للرب، والرب للجسد ] (1كورنثوس 6: 13)، لذلك يقول الرسول: [ ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح ؟ أفآخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاء زانية ؟ حاشا ! أم لستم تعلمون أن من التصق بزانية هو جسد واحد، لأنه يقول: يكون الاثنان جسداً واحداً. وأما من التصق بالرب فهو روح واحد. أهربوا من الزنا. كل خطية يفعلها الإنسان هي خارجه عن الجسد، لكن الذي يُزني يُخطئ إلى جسده. أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم، الذي لكم من الله، وأنكم لستم لأنفسكم ؟ لأنكم قد اُشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله ] (1كورنثوس 6: 15 – 20)
[5] محرقة نذر النذير :
يُقدم فرخ حمام أو يمام محرقة إذا تنجس عن اضطرار خلال أيام نذره، وفي ختام أيام نذره يُقدم حملاً محرقة للرب [ أنظر عدد 6 ]
[6] المحرقة اللازمة لذبيحة الخطية التي يُقدمها الفقير :
يُقدم فرخ حمام أو يمام [ وإن لم تنل يده كفاية لشاة فيأتي بذبيحة لإثمه الذي أخطأ به، يمامتين أو فرخي حمام إلى الرب أحدهما ذبيحة خطية والآخر محرقة. يأتي بهما إلى الكاهن فيقرب الذي للخطية أولاً يحز رأسه من قفاه و لا يفصله. و ينضح من دم ذبيحة الخطية على حائط المذبح والباقي من الدم يعصر إلى أسفل المذبح انه ذبيحة خطية. وأما الثاني فيعمله محرقة كالعادة فيكفر عنه الكاهن من خطيته التي أخطأ فيصفح عنه ] (لاويين 5: 7 – 10)
[7] المحرقة اللازمة لذبيحة الخطية تُقدمها الجماعة إذا أخطأت سهواً :
يقدم ثوراً واحداً [ وإذا سهوتم ولم تعملوا جميع هذه الوصايا التي كلم بها الرب موسى. جميع ما أمركم به الرب عن يد موسى من اليوم الذي أمر فيه الرب فصاعدا في أجيالكم. فإن عمل خفية عن أعين الجماعة سهواً يعمل كل الجماعة ثوراً واحداً ابن بقر محرقة لرائحة سرور للرب مع تقدمته وسكيبه كالعادة وتيساً واحداً من المعز ذبيحة خطية. فيكفر الكاهن عن كل جماعة بني إسرائيل فيصفح عنهم لأنه كان سهواً، فإذا أتوا بقربانهم وقوداً للرب وبذبيحة خطيتهم أمام الرب لأجل سهوهم. يصفح عن كل جماعة بني إسرائيل والغريب النازل بينهم لأنه حدث لجميع الشعب بسهو ] (عدد 15: 22 – 26)
وفي الجزء القادم سنتكلم عن
ذبيحة المحرقــــة ذبيحة طاعة