صلاة السيد المسيح بين الخيال والتحريف والفهم الخاطئ وطمس النصوص
صلاة السيد المسيح بين الخيال والتحريف والفهم الخاطئ وطمس النصوص
صلاة السيد المسيح بين الخيال والتحريف والفهم الخاطئ وطمس النصوص
كتب ديدات تحت عنوان “يسوع يصلي طلبًا للنجدة” ص15
(يقول إنجيل متى: ” وَابْتَدَأَ يَحْزَنُ وَيَكْتَئِبُ. فَقَالَ لَهُمْ: «نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدًّا حَتَّى الْمَوْتِ. ” .. “ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ، وَلكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ” (إنجيل متى 26: 37- 39) ، ويقول إنجيل لوقا: ” وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ، وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ. ” (لوقا22 :44)، لماذا كل هذا العويل والتباكي؟ أيبكي لينجو بنفسه؟ لو صح ذلك -وهو بالطبع غير صحيح- لما كان لائقًا به أن يتباكى! ألم ينصح الآخرين بقوله “فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ.” (إنجيل متى 5: 29-30) إننا نغمط عيسى عليه السلام حقه لو صدقناه أنه يبكي كامرأة لينقذ جسده من عذاب بدني).
ثم يطرح ديدات سؤالاً في ص16 (هل كان –عيسى- غير واع بذلك الاتفاق السماوي؟ من الدعوة إلى امتشاق السلاح بتلك الحجرة العلوية إلى الحنكة في توزيع القوات عند البستان والصلاة الله الرحيم طلبًا للنجاة. يبدو أن يسوع لم يكن يعلم شيئًا عن ذلك الاتفاق السماوي الذي كان يقضى بصلبه) وتحت عنوان “مضح على الرغم منه” ص16،17 كتب ديدات (إن الممثل الشخصي لله -عيسى- قد كان حريصًا ألا يموت. يتسلح! يتباكى! يعرق يجأر بالشكوى، لقد كان يسوع كما يصورنه هم أنفسهم ضحية راغبة عن التضحية).
هذا هو ديدات دون أي استغراب فكما تعودناه دائمًا فيما يكتب، ودائمًا يحاول تضليل القارىْ الذي يلقبه بالكريم،
إنه القارىْ الذي أتمنى أن يتابعني فيما أقدمه له من شواهد إنجلية. وأن يراجعها ليتأكد بنفسه من تدليس ديدات. أما الآن فيمكن لنا أن ندرس هجومه الجديد هذا، ولنرى هذا الافتراء غير المبرر على المسيح له كل المجد،
أولاً: ديدات يسأل: “هل كان يسوع غير واع بذلك الاتفاق السماوي؟” وأنا أجيب: لماذا يتجاهل ديدات ما يزيد عن 60 نصًا إنجيلاً يشهد من خلالها المسيح عن علمه الكامل، بكل أحداث رسالته التي سيتوجها بالصلب والقيامة من الموت والصعود للسماء، الكل واضح أمام المسيح، وقد أعلنه أكثر من مرة، وكأمثلة لمعرفة المسيح بكل شيء قبل حدوثه،
“ مِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ. “ (مت 16: 21)
لاحظ معنى عبارة “يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ” لا تؤكد علمه فقط بل إصراره على أن يتمم رسالته التي جاء من أجلها، وهي الموت صلبًا والقيامة في اليوم الثالث، أي هزيمة الموت الأبدي وسحقه إلى الأبد.
كذلك “وَفِيمَا كَانَ يَسُوعُ صَاعِدًا إِلَى أُورُشَلِيمَ أَخَذَ الاثْنَيْ عَشَرَ تِلْمِيذًا عَلَى انْفِرَادٍ فِي الطَّرِيقِ وَقَالَ لَهُمْ: «هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ، وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ لِكَيْ يَهْزَأُوا بِهِ وَيَجْلِدُوهُ وَيَصْلِبُوهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ».” (متى 20: 17- 19)
فهل هناك وضوح أكثر من ذلك؟ بل وعلم تفصيلي للأحداث والأشخاص والاْماكن وكل شيء، فقد حدد المسيح الأحداث وهي: التسليم، الاستهزاء، الجلد، الصلب، الموت، القيامة في اليوم الثالث، ثم الأشخاص: وهم رؤساء الكهنة، الكتبة ، الأمم ” بيلاطس وهيرودس والجنود الرومان”. وكل ذلك قبل حدوثه،
وقبل الصلب، جاءت امرأه وسكبت على رأس المسيح قارورة من الطيب، فقال المسيح “فَإِنَّهَا إِذْ سَكَبَتْ هذَا الطِّيبَ عَلَى جَسَدِي إِنَّمَا فَعَلَتْ ذلِكَ لأَجْلِ تَكْفِينِي” (متى 26: 6- 13) وكان ذلك قبل يومين من الصلب (متى 26: 1).
وكما عَرف وعَلِم بكل ذلك. عَلِمَ أيضًا بأن تلميذه المدعو يهوذا الإسخريوطي هو الذي سيقوم بتسليمه ” وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ اتَّكَأَ مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ. وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ قَالَ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ وَاحِدًا مِنْكُمْ يُسَلِّمُنِي». فَحَزِنُوا جِدًّا، وَابْتَدَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَقُولُ لَهُ: «هَلْ أَنَا هُوَ يَا رَبُّ؟» فَأَجَابَ وَقَالَ: «الَّذِي يَغْمِسُ يَدَهُ مَعِي فِي الصَّحْفَةِ هُوَ يُسَلِّمُنِي! إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِذلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي بِهِ يُسَلَّمُ ابْنُ الإِنْسَانِ. كَانَ خَيْرًا لِذلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ!». فَأَجَابَ يَهُوذَا مُسَلِّمُهُ وَقَالَ: «هَلْ أَنَا هُوَ يَا سَيِّدِي؟» قَالَ لَهُ: «أَنْتَ قُلْتَ».” (متى 26: 20- 25)
وقد عرف المسيح تلميذه الخائن يهوذا الإسخريوطي، ليس من حركاته ونظراته القلقة كما زعم ديدات في ص 11، فيهوذا لم يفعل ما يجعل الآخرون أو المسيح يعرف بأنه سيسلمه، إنما المسيح العالم بكل شيء قبل حدوثه، وذلك ببساطة لأنه الله الذي ظهر في الجسد.
كذلك ماذا قال المسيح بعد القيامة من الموت ” وَقَالَ لَهُمْ: «هذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ وَأَنَا بَعْدُ مَعَكُمْ: أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ». حِينَئِذٍ فَتَحَ ذِهْنَهُمْ لِيَفْهَمُوا الْكُتُبَ. وَقَالَ لَهُمْ: «هكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ، وَهكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِي الْيَوْمِ وَأَنْ يُكْرَزَ بِاسْمِهِ بِالتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا لِجَمِيعِ الأُمَمِ، مُبْتَدَأً مِنْ أُورُشَلِيمَ. وَأَنْتُمْ شُهُودٌ لِذلِكَ. ” ( لوقا 24: 44-48):
إنه يذكرهم بكلامه معهم قبل الصلب، ويعرفهم النبوات المكتوبة عنه أنه لابد أن يقوم من الموت في اليوم الثالث ويصعد إلى السماء.
كذلك تذكير الملائكة بعد قيامة المسيح عند القبر، حيث قال الملائكة للمريمات ” لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟ لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لكِنَّهُ قَامَ! اُذْكُرْنَ كَيْفَ كَلَّمَكُنَّ وَهُوَ بَعْدُ فِي الْجَلِيلِ قَائِلاً: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّمَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي أَيْدِي أُنَاسٍ خُطَاةٍ، وَيُصْلَبَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ». فَتَذَكَّرْنَ كَلاَمَهُ، وَرَجَعْنَ مِنَ الْقَبْرِ، وَأَخْبَرْنَ الأَحَدَ عَشَرَ وَجَمِيعَ الْبَاقِينَ بِهذَا كُلِّهِ.” (لوقا 24: 5-9).
أستطيع أن أقدم عشرات الآيات التي تفحم ديدات، وتظهر تحريفه وتزويره الفاشل للحقائق، لأن الحق لا يستطيع كائن من يكون تحريفه، غير أني سأترك شواهد كتابية تؤكد معرفة المسيح وعلمه المسبق لكل ما سيحدث قبل حدوثه. فأرجو الرجوع لها، (متى 17: 9 و 12و22و23 ،22، 20: 22 و28 ، 26: 2 و 28و 31-35 و45و46 ، مرقص 8: 31، 9 و31، 10: 33و 34و 39 و39 و45، 14: 8 و18- 21 و24و 28- 31 و41- 42 ، لوقا 9: 22و 44، 11: 30، 17: 25، 18: 31-33، 22: 15-22 ، يوحنا 2: 18-22 ،3: 14-21،6: 51، 64، 70، 71، 7: 6-8، 33-36، 8: 21، 11:49-25، 12:7-8 و32-33، 13: 1و2و10و11و18و21و26و27 ، 14: 19، 16:16و 19 و20و22و 32 ،17:11 -13و 18:4)
لا شك عزيزي القارىء تتفق معي بأن عدد هذه النصوص مذهل. وكلها تتحدث عن علم الرب يسوع المطلق المسبق بالصلب والقيامة بعد الموت. !
ومع كل ذلك وغيره، يكتب ديدات: أن المسيح لم يكن راغبًا في تضحية بنفسه، وأن صلاته لكي ينجو بنفسه، في الوقت الذي يشهد الإنجيل عن المسيح. بأنه عالم بكل ما سيأتي عليه. فنقرأ مثلاً ساعة القبض عليه ” فَأَخَذَ يَهُوذَا الْجُنْدَ وَخُدَّامًا مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ، وَجَاءَ إِلَى هُنَاكَ بِمَشَاعِلَ وَمَصَابِيحَ وَسِلاَحٍ. فَخَرَجَ يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ بِكُلِّ مَا يَأْتِي عَلَيْهِ، وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ تَطْلُبُونَ؟» 5 أَجَابُوهُ: «يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ». قَالَ لَهُمْ: «أَنَا هُوَ». وَكَانَ يَهُوذَا مُسَلِّمُهُ أَيْضًا وَاقِفًا مَعَهُمْ. فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ: «إِنِّي أَنَا هُوَ»، رَجَعُوا إِلَى الْوَرَاءِ وَسَقَطُوا عَلَى الأَرْضِ. فَسَأَلَهُمْ أَيْضًا: «مَنْ تَطْلُبُونَ؟» فَقَالُوا: «يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ». أَجَابَ يَسُوع: «قَدْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي أَنَا هُوَ. فَإِنْ كُنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي فَدَعُوا هؤُلاَءِ يَذْهَبُونَ». “ (يوحنا 18: 3- 8) إنه النبل والشجاعة والشهامة في قمتها، وقوة هذه الآيات اضطر ديدات أن يتجاهلها أو يطمسها لعلمه بأنها تنهي قضيته إلى الموت ، وتغلق عليه كل نفق يريد حفره لتصدير خرافاته،
وبالتأكيد يأتي السؤال المنطقي: إذن، مع وجود كل هذه الآيات وغيرها، كيف تجرأ ديدات وكتب “هل كان يسوع غير واعٍ بذلك الاتفاق السماوي؟” كيف نثق فيما يقدمه ونحن نرى عكسه تمامًا؟ فيكف يصرح المسيح في إنجيلنا المقدس؟
ثانيًا: صلاة المسيح: يحق للقارئ كل هذا التأكيد من المسيح بحتمية صلبه وموته، فما معنى صلاته في البستان “ وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ، وَلكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ» “
أعتقد ديدات أن الْكَأْسُ هو مجرد الصلب والموت: وأن المسيح يصلي طالبًا الهروب منه، ولكن ما معنى كلمة “ الْكَأْسُ “؟
أ-عندما جاءوا للقبض عليه بعد هذه الصلاة مباشرة، أراد تلميذه بطرس أن يدافع عنه واستل سيفه وضرب أحدهم فقطع أذنه، فقال له المسيح “اجعل سيفك في الغمد، الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها؟” (يوحنا 18: 11)
لم يقل المسيح ” الكأس التي قدمها لي يهوذا بخيانته أو رؤساء الكهنة بغيرتهم، أو الكأس التي تسبب فيها الانقلاب الفاشل” بل “الكأس” التي أعطاها إياه اْبوه السماوي، ومعنى هذا أن موت الصليب هو مشيئة إلهية سيتممها المسيح بكل طاعة وسرور لأن فيها مشيئة الآب وخلاص الجنس البشري.
فما هي الكأس إذن؟ إن المسيح كما سبق وأشرت في الباب الأول، هو الوحيد في هذا الوجود الذي لم يخطئ ولم يرتكب أي شر على الاطلاق، فهو الذي وقف أمام جيله وقال لهم في قوة “مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟” (يوحنا 8: 46)
هذا الطاهر المطلق والقدوس الفادي الذي لم يعرف خطية، الآن سيتجرع الكأس الرهيبة أن يحمل خطية العالم كله، وأن يتحمل دينونة الآب المرعبة نيابة عن كل العالم في جسده البشري المطلق في قداسته، حيث لم يختبر الخطية قط، هذه هي مرارة الكأس التي تنبأ عنها أشعياء قبل الميلاد بحوالي سبعة قرون تقريبًا حيث قال أشعياء النبي ” لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً. وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا.” ( أشعياء 53: 4- 6)
هذه هي الكأس التي قصد المسيح أن يذكرها ثلاث مرات في صلاته ليؤكد أن السماء صمتت دون إجابة، ليؤكد للبشرية كلها، أنه لا خلاص إلا بالصلب نيابة عنهم، وأنه خاضع خضوعًا تامًا وبكل سرور لتنفيذ هذه المشيئة التي فيها خلاص البشرية، وأعلن خضوعه التام بهذه الكلمات “لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ”
هذه هي الكأس، والأمر هنا يمكن أن نفهمه ولكن لا يمكن لنا أن نختبره أو نشعر به، لأننا كثيرًا ما وقعنا في ارتكاب المعاصي والخطايا التي تحزن روح الله، بالإضافة إلى طبيعتنا البشرية الساقطة والوارثة لنتائج الخطية الجدية، فكل البشر بدون استثناء يخبرنا الكتاب المقدس عنهم بأنهم ” في الموازين إلى فوق” (مزمور 62: 9) وأن الجميع زاغوا وفسدوا معًا (مزمور 14: 3 ورومية 3: 12) ما عدا المسيح. ولذلك لا يقدر أي شخص أن يختبر شعور المسيح النقي والكامل المطلق في كل شىء – وهو يواجه الآن حمل خطايا العالم كله. كما أن اللاهوت المتحد به لن يتدخل ليرفع عنه هذه الآثام. ولهذا كانت صلاته الدامية، أنها صلاة قدوس عاش في العالم ولم يعيش العالم داخله، إنها صلاة بار وتقي عاش وسط الفساد البشري ولم يجد الفساد طريقًا إليه، وهو الآن عليه أن يحمل فساد العالم كله وشروره، ولبشاعة الخطية وطهارته المطلقة، أعلن في صلاته بشاعتها وخضوعه التام لتنفيض هذه المهمة الخلاصية.
ولهذا قال عنه الوحي المقدس ” وَتَعْلَمُونَ أَنَّ ذَاكَ أُظْهِرَ لِكَيْ يَرْفَعَ خَطَايَانَا، وَلَيْسَ فِيهِ خَطِيَّةٌ. ” (يوحنا الأولى 3: 5) وقال عنه أيضًا “لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ.” (كورنثوس الثانية 5: 21)،
وسط كل هذا العمق اللاهوتي، يكتب ديدات عن صلاة المسيح أنها صلاة جبان يتهرب من الموت، لا تسأل كيف، أنه ديدات.
ب- بل أكثر من هذا: فقد استنكر أصلًا ديدات صلاة المسيح في هذا البستان في ص 14، فتحت عنوان “أستاذ التكتيك” كتب ” والسؤال الذي يفرض نفسه على أي مفكر هو: لماذا ذهبوا جميعًا إلى ذلك البستان؟ ألكي يصلوا؟ ألم يكونوا يستطيعون الصلاة في تلك الحجرة العلوية؟ ألكي يصلوا؟ ألم يكونوا يستطيعون الذهاب إلى هيكل سليمان ولقد كان على مرمى حجر منهم وذلك لو كانت الصلاة هي هدفهم؟ كلا! لقد ذهبوا إلى البستان ليكونوا في موقف أفضل بالنسبة لموضوع الدفاع عن أنفسهم”.
وأنا أقول: لماذا يضطر ديدات دائمًا للكذب وسرقة الآيات؟
إن هناك حوالي 13 آية إنجيلية تتحدث عن صلاة المسيح في جبل الزيتون “حيث البستان” كأمثلة لذلك لك هذه الآية المفحمة، حيث يقال الوحي الإلهي “وَخَرَجَ وَمَضَى كَالْعَادَةِ إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ” (لوقا 22: 39) هل ترى معي عزيزي القارىء كلمة “كَالْعَادَةِ“؟ إذن لم تكن هي المرة الأولى التي ذهبوا فيها لجبل الزيتون حيث البستان الذي تم القبض فيه على المسيح، حتى يدعى ديدات أنهم ذهبوا للدفاع عن أنفسهم؟ الرجل يكذب في كل شىء لأنه لا يملك أي شىْ.
وفي ذات السياق نقرأ في الإنجيل المقدس عن المسيح وتلاميذه في ليلة القبض عليه ” ثُمَّ سَبَّحُوا وَخَرَجُوا إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ .. إِلَى ضَيْعَةٍ يُقَالُ لَهَا جَثْسَيْمَانِي ” (متى 26: 30،36) إن بستان جثسيماني تابع لجبل الزيتون حيث اعتاد السيد المسيح الصلاة هناك (راجع مرقس 14: 26، 32 أيضًا) ولذلك كان يهوذا يعرف المكان الذي تعود المسيح الذهاب إليه (يوحنا 18: 2) فواضح إذن أن ذهابهم إلى هناك كان طبيعيًا مثلما حدث من قبل، بل إن المسيح ذهب لهذا البستان بالذات كعادته ، ليسهل المهمة على يهوذا ومن معهم ليقبضوا عليه بكل سهولة، ألم يقل لهم أثناء لهم أثناء القبض عليه “هذه ساعتكم وسلطان الظلمة” ؟ (لوقا 22: 53). ربما التزوير قد ينجح في أمور الدنيا: أما في الأمور السماوية، فمستحيل أن يكمل غايته.