آباء البرية والحياة النسكية (2) – د. سعيد حكيم
آباء البرية والحياة النسكية (2) – د. سعيد حكيم
الكتاب المقدس والحياة النسكية:
لقد شكّل الكتاب المقدس، كجزء من تقليد الكنيسة الحي الذى استلمته من الرسل ثم من الآباء، مصدرًا أساسيًا لتلك المبادئ السامية التى استندت إليها الحياة الرهبانية. فهو المنبع الذى نهل منه النساك حتى ارتوا، وهو المرشد الذى يضبط مسيرة الحياة الروحية من أى انحراف قد يعتريها، وهو الذى يشرح معنى النسك الحقيقى، وفيه يجد الراهب إجابة على تساؤلاته واستفساراته، وحلاً لتلك الأمور التى لا يجد لها حل.
ولذلك كان الآباء الشيوخ ينصحون بالرجوع للكتاب المقدس باستمرار.
إن الثراء الكتابى الذى تميز به آباء البرية، كنتيجة للاستخدام المستمر للكتاب المقدس فى الحياة اليومية، هو ما جعل الكتاب المقدس يشكل حجر الأساس الذى استندت إليه التعاليم اللاهوتية لآباء البرية.
وكان الهدف من هذا الاهتمام الواضح من قِبل آباء البرية بمكانة الكتاب المقدس فى الحياة النسكية، التأكيد على أهمية العلاقة الشخصية بين الراهب ونصوص الكتاب القدس. فى هذه العلاقة الخاصة بين الشخص والنص تصير الصلاة هامة وضرورية لنقاوة النفس حتى يُفهم هذا النص كما أن النص الكتابى على درجة كبيرة من الأهمية أيضًا لأنه يُغنى ويعمق خبرة الصلاة. هكذا علّم وهكذا عاش آباء البرية. ولهذا عندما سُأل الأنبا أنطونيوس عن معنى جزء من سفر اللاويين خرج خارج قلايته وطلب معونة الله، لكى يعطيه تفسيرًا صحيحًا لهذا الجزء[1].
وفى رهبنة الشركة كان هناك حرصًا على أن يعقب الصلاة الجماعية تفسير للكتاب المقدس ثم بعد ذلك يذهب الراهب إلى قلايته متفكرًا فيما سمعه، ليحفظه فى قلبه من أجل بنائه الداخلى. ويمكننا التحقق من الأهمية الكبرى للكتاب المقدس فى الحياة النسكية بالرجوع إلى البدايات الأولى لأولئك الذين صاروا فيما بعد من مشاهير آباء البرية:
1ـ كان القديس أمون يداوم على سماع القديس أثناسيوس وهو يفسر الكتاب المقدس ويمتدح البتولية[2].
2ـ كان القديس ثيودوروس قارئًا للإنجيل فى كنيسته لمدة 12 سنة، قبل أن يرحل إلى الشركة الباخومية[3]
3ـ القديس الأنبا باخوميوس عاش بالقرب من القديس الشيخ بلامون لمدة عشرة سنوات يستمع فيها لتفسير الكتاب المقدس[4].
4ـ أيضًا القديس الأنبا شنودة عاش سنوات طويلة بالقرب من خاله القديس الأنبا بيجول متعلمًا من الكتاب المقدس[5].
ونظرًا لأهمية الكتاب المقدس لحياة النساك الروحية، كانت القوانين الرهبانية تُلزم أى شخص يرغب فى الانضمام إلى أحد الأديرة، معرفة القراءة وإن لم يكن يعرفها كان مُلزمًا أن يتعلّمها، وهذا القانون كان إجباريًا ولا يُستثنى منه أحد. وكان على الراهب ان يحفظ عن ظهر قلب مواضع مختلفة من نصوص الكتاب المقدس. ولهذا كان على المنضمين حديثًا أن يعرفوا القوانين، وأن يحفظوا عشرين مزمورًا، ورسالتين من رسائل العهد الجديد[6].
ويؤكد Douglas Burton أن القداسة فى البرية كانت تظهر من الطريقة التى بها يسلك الراهب والتى كانت تعكس تأثير كلمات الكتاب المقدس بعمق فيه[7]. وهكذا أعطيت أهمية لحفظ الكتاب حتى أثناء العمل. هذا التأثير الكبير الذى يتركه النص المكتوب على نموذج الحياة الروحية لدى النساك، أدى إلى ظهور ما يُسمى بكراسات الكتاب المقدس والتى كانت تحتوى على أجزاء متنوعة من الكتاب المقدس. هذه الكراسات ساهمت بقدر كبير فى فهم ودراسة الكتاب المقدس، وبسبب صغر حجمها، كان لها انتشار واسع بين الرهبان[8]، وأعطت الفرصة للرهبان ليلهجوا باستمرار فى كلمة الله.
وكانت أديرة الأنبا شنودة تتميّز بهذا الاستخدام المكثف للكتاب المقدس فى الحياة اليومية للرهبان. فقد كان الكتاب المقدس هو المصدر الدائم الذى استقى منه الأنبا شنودة تعاليمه اللاهوتية. ويقول E. Crum “إن الدارسين للعهد الجديد سيجدون فى إشارات الأنبا شنودة التى لا تنتهى للعهد الجديد، شهادة لها أهمية كبيرة، وهى من الأمور التى لم تُبحث بشكل كافى حتى الآن”[9]. وقد اعتاد الأنبا باخوميوس أن يعلّم رهبانه العقيدة المسيحية والكتاب المقدس لمدة طويلة. أيضًا اعتاد ثيودوروس أن يذهب كل يوم عصرًا إلى دير فاو لكى يسمعه.
وفى اليوم الذى صار فيه أمون وهو فى سن السابعة عشر مقبولاً بدير فاو سنة 352م، وجد ثيودوروس جالسًا تحت نخلة وحوله ستمائة أخ يفسر لهم الكتاب المقدس. وفى نهاية التفسير كان يقف مع الإخوة ليصلى، حتى يتذكّر الجميع كلمة الله على الدوام، من أجل خلاص نفوسهم[10]. ويؤكد الأنبا باخوميوس بأن مزمورًا واحدًا يكفى أن يخلِّصنا بشرط أن يُقرأ جيدًا وأن يلاقى اهتمامًا وافرًا، حتى يوضع موضع التطبيق، وهذا ينطبق بشكل أساسى على الإنجيل الذى يشكل كمال كل الكتب. ويصف ثيودوروس حياة الشركة بين الرهبان كأناس قد انتقلوا من الأرض إلى السماء، ولم يعد لهم اهتمام آخر سوى الحوار فيما بينهم حول كلمة الله.
وإذا حدث وتقابل راهب مع أخ له فى الشركة، وكان هذا الأخ غنيًا بفضائل الاحتمال ومعرفة الله، فكان يسأله عن معنى الجزء الكتابى الذى يشغله، حتى يعرف تفسيره، وإن كان فى نفس عمره أو أصغر منه فكان يسأله أيضًا إذا ما كان قد سمع بالتفسير حتى ينقله له، وبهذه الطريقة كان كل واحد يقول لإخوته ما يعرفه وما يسمعه[11].
إن أعمال وأقوال وتعاليم آباء البرية، تُظهِر كيف أن كلمة الله يمكن أن يُعبّر عنها حتى داخل مشاكل وتفاصيل الحياة اليومية. هكذا يُستعلن ملكوت الله ليس بشكل مجرد ونظرى، لكن داخل مكان وزمان محدد. وبهذه الطريقة تصير الحقيقة المسيحية حاضرة ومحسوسة ومدركة[12]. هكذا نجح آباء البرية أن يحولوا الكلمة إلى حدث[13].
هذا ما يقوله أحد آباء البرية فى القرن الخامس، ويدعى مرقس الناسك، يقول: إن قراءة الكتاب المقدس تظهر فى التطبيق العملى لمحتواها[14]. وهذا المنهج الروحى كان خطًا ثابتًا لدى آباء البرية، فقد تجاوزوا مسألة القراءة النظرية المجردة، إلى تطبيق المحتوى الكتابى فى الحياة اليومية. هكذا يقول القديس يوحنا ذهبّى الفم: “عندما تجلس لتقرأ كلمة الله، فيجب عليك أن تستدعى الله فى البداية، أن يفتح عيون ذهنك ، حتى لا تنحصر فى مجرد القراءة فقط، بل أن تطبقها فى حياتك، حتى لا تصير دراسة الكلمة إدانة لك”[15].
أيضًا يقول القديس مقاريوس: “الله قد أعطانا الكتب المقدسة كرسائل منه للبشر وهو يعلن عن طريقها للناس أنه ينبغى أن يأتوا إليه ويدعونه بإيمان ويسألوا ويأخذوا الموهبة السماوية..لكن إن لم يأت الإنسان ويسأل وينال فإنه لا يستفيد من قراءته للكتاب”[16].
وعندما كان الآباء يتأكدون أن فى محدثيهم شيئًا من عدم الكمال الروحى وعدم الخبرة، كانوا ينصحونهم بالصمت، ودراسة الكتاب المقدس من خلال تعاليم الآباء، لأنه ليس من الممكن دراسة الكتاب المقدس بدون استنارة إلهية[17]. وقد أشار القديس الأنبا باخوميوس إلى أن ثيودوروس عندما كان يسمع عن أحد الأخوة أن لديه معرفة قليلة وأن كلامه بلا قيمة، كان يدعوه إلى البرية ويعلّمه الكتب بصبر كبير، ويقول له إن على الراهب أن يعرف الكلام الذى يرغب فى أن يقوله، لأنه مكتوب الحكيم يعرف ما يخرج من فمه[18].
الواضح إذن أن آباء البرية لم يحيدوا البتة عن خطهم الروحى الذى وضعوه لأنفسهم وبالتالى لكل ابنائهم الرهبان، حيث أكدوا على أن الكلمة الإلهية هى السند الوحيد الذى يشدّد حياتهم، وهذه الكلمة قادرة على أن تُنجب قديسين عندما يتجاوب معها الإنسان، ويضعها موضع التطبيق. هكذا أجاب الأنبا انطونيوس على تساءل بعض الإخوة “كيف نخلص” قال “اسمعوا الكتاب المقدس وهذا يكفيكم”[19].
وقد لاحظ القديس أثناسيوس أن القديس الأنبا أنطونيوس كان منتبهًا جدًا عند قراءته للكتاب المقدس، حتى أنه لم يترك شيئًا قط، وكان يتذكّر كل شئ، حيث كانت ذاكرته مثل كتاب مفتوح، هذا ما يؤكد على أن أهمية الكتاب المقدس فى حياته لم تكن فقط فى تلك اللحظة الفارقة الخاصة بتحوله، بل أن الكتاب القدس كان يسود على كل عمل يعمله، وفى كل مرحلة من مراحل سيرته الروحية وجد سند وتشجيع وتعضيد وتأكيد من العهد الجديد[20].
وعندما سأله أحد الإخوة “ماذا أفعل لكى أكون مقبول لدى الله؟” أجابه الأب القديس “أن تحفظ كل ما يوكل إليك وأن كل ما تفعل أو تقول، فليكن وفقًا للكتاب المقدس”[21]. ولذلك فقد أكد القديس يوحنا ذهبّى الفم على أهمية القراءة المستمرة للكتاب المقدس من أجل نقاوة النفس، ويقول: “إن حقيقة الفردوس تُستعلن بقراءة الكتاب المقدس”[22].
كل هذا يوضح أن آباء البرية قد وجدوا فى الكتاب المقدس كنزًا لا ينضب من القيم الروحية النافعة لحياة الرهبان، وأساسًا لا يمكن لأحد تجاوزه حتى يبنى عليه للوصول إلى حالة الكمال الروحى الذى يترجاه الجميع.
الكمال الروحى عند آباء البرية:
إن مسيرة النفس فى جهادها الروحى نحو الكمال، هى مسيرة تصاعدية، فيها ينمو الإنسان حتى يبلغ مرحلة الكمال، بعد أن يجوز التجارب ويتحملّها بصبر وارتياح داخلى. إلاّ أن هذا الجهاد يحتاج إلى التوافق بين التداريب النسكية، وبين عمل النعمة الإلهية المستمر. والنفس التى تتخلّص من ثقل الخطية عن طريق التداريب الروحية والنمو فى الفضيلة تتشدد وتتقوى ويصير لديها إدراكًا وتمييزًا لحيل الشرير المضّلة.
فرجاء الوصول إلى حالة الكمال الروحى لدى الناسك لا يمكن تحقيقه إلا باتحاد النفس بالله، وحيث إن هبات الله ليس لها حدود فإن مسيرة الكمال ليست لها نهاية. وهكذا كلما يكتمل الناسك روحيًا بالتداريب النسكية، كلما يتحد بالله أكثر، الذى هو بالحقيقة كلى الكمال[23].
وعندما تنجح النفس مرة تلو الأخرى، وهى لا تُحزن النعمة فى أى أمر، فإن الإنسان ينال معونة متزايدة والنعمة نفسها تجد لها مرعى فى النفس، وتضرب بجذورها فى أعماق أعماقها وفى كل أفكارها، إذ توجد النفس مقبولة وموافقة للنعمة بعد تجارب كثيرة، إلى أن تشبع تمامًا بالنعمة السماوية، وتبدأ النعمة منذ ذلك الوقت فصاعدًا أن تملك فى الإناء نفسه (أى أعماق النفس) ، إن الشبع بنعمة الروح القدس كما يقرر القديس مقاريوس، هو الذى قاد النساك بأن يشعروا بأنهم غرباء ونزلاء فى هذا العالم، وتأكدوا بأنهم يستطيعون من الآن أن يتذوقوا بشكل سرى خبرة الحياة الأخروية وشركة الطبيعة الإلهية، فى هذه الحياة الحاضرة[24].
إن الهدف الأساسى الذى يرمى إليه الراهب من خلال جهاده الروحى هو أن يعيش متحررًا من الإحساس بالزمان والمكان، ويأتى فى علاقة شخصية مع الله. وقد استطاع النساك أن يجدوا فى حياة البرية مجالاً لتذوق أمور الدهر الآتى، والاغتناء بمواهب روحية مقدسة، يصعب تحقيقها فى العالم[25]. ولذلك يقول البروفيسور تسامس: “إن الناسك يستطيع أن يتذوق بالروح القدس خيرات المدينة السمائية من الآن”[26].
فالبرية هى تجاوز للمكان، لأن ساحة البرية لا تحتوى على عنصر الحياة. ومع هذا استطاع الآباء أن يشكّلوا المكان حسب مطالب الحياة الجديدة التى سيحددونها هم لأنفسهم، والطريق الذى تبعوه أدى إلى خلق نموذج جديد لحياة جديدة مؤسسة على الشركة فيما بينهم، تحقيقًا للهدف الذى ترجّوه دومًا وهو الاتحاد بالله. وهذا ما يوضّحه القديس إيسيذوروس الفرمى بقوله: ” إن حياة النُسك من عفة وصوم وسهر، ليست غاية فى ذاتها، ولكنها مجرد وسيلة للحياة مع الله. فهى تمكِّن الراهب من الوصول إلى ضبط النفس وسكينة الروح وسكون العواطف”[27]. الرحيل إلى البرية إضافة إلى مناخ الهدوء الذى تتميّز به، يعطى الفرصة للراهب لكى يحقق الكمال الروحى الذى يترجاه بصورة أسهل وأكثر أمانًا، وهذا الكمال لا يُفحص فى الإطار الفردى، بل فى إطار الشركة.
ولذلك يؤكد الأنبا باخوميوس على أن أولئك الذين يحيون فى شركة هم أسمى مما يحيون فى وحدة، لأنهم يحيون خبرة المحبة المشتركة[28]. والواقع أن البرية بما تتسم به من قسوة، أثارت نموًا سريعًا فى قدرات وإمكانيات هؤلاء النساك، الذين اعتنوا بتأسيس نظامًا للشركة، واهتموا بالتشدّيد على حياة التأمل الداخلى.
وقد تُرجم هذا فى مجوعة “أقوال الآباء الشيوخ” والتى تمثل حكمة كاملة فى الأقوال والأعمال. ويؤكد Peter Brown على أن “الصحراء المصرية أعطت دفعة لبحث داخلى جاد، وتركيز ضميرى متميّز”[29]. ولذلك فإن تفسير رغبة الراهب بالرحيل إلى البرية بأنها حل للتخلّص من صعوبات الحياة، أو اعتبارها مجرد تعبير عن حالة إحباط أو يأس فقط، هو رأى يجانبه الصواب. فالرحيل إلى البرية كما يقول القديس غريغوريوس اللاهوتى هو “استمرار طبيعى ورغبة شديدة للهدوء والوحدة”[30].
وقد حدّد الآباء الشيوخ بعض المبادئ الخاصة بالحياة النسكية، وعلى الراهب إذا ما رغب فى التوصل إلى حالة الكمال الروحى، أن يتّبعها بكل دقة.
من بين هذه المبادئ الطاعة الكاملة، وقد اعتبر الآباء أن أجر الطاعة أسمى وفى مستوى أعلى من فضيلة العفة، كما يقول القديس باسيليوس[31]. ولذلك فإن خطية عدم الطاعة كانت تُعد من الخطايا الكبرى فى أديرة الأنبا شنودة، وهى أسوأ من خطايا السرقة والشهوات الجسدية، وكانت تعاقب بشدة. وقد شدّد الآباء على أن الطاعة تكون حقيقية ومثمرة عندما تكون من اجل الله. إن الراهب الذى يخضع هو فى الواقع يتبع ذاك الذى اطاع حتى الموت، وإذا فعل هذا تصير له إمكانية أن يسير فى خطاه ويحيا له فى هذا العالم.
وفضيلة الطاعة الكاملة كانت من الشروط الواجب توافرها فى اختيار مدبر (إيغومينوس) لأحد الأديرة حيث ينبغى أن يكون راهب مُختبر فى الحياة الروحية، يتصف بالحكمة والاتضاع، ومُتدرب على النسك والطاعة الكاملة[32].
أيضًا يعتبر التجرد مطلب أساسى فى الحياة النسكية الكاملة، تلك الفضيلة التى تساعد الناسك على الوصول إلى معرفة الذات، ثم إنكار الذات. ولذلك نلاحظ أن كثير من آباء البرية، كانوا ينصحون أولئك الذين يرغبون فى الانضمام للحياة الرهبانية، أن يفحصوا أنفسهم جيدًا، قبل الدخول إلى هذه الحياة. وهنا نشير إلى بعض الأمثلة:
1ـ لقد حاول القديس الشيخ بلامون أن يثنى القديس الأنبا باخوميوس عن هذا الاختبار، بسبب قسوة الحياة الرهبانية[33].
2ـ أيضًا اعترف بلاديوس أنه فى لحظة يأس، وصل إلى حد ترك الحياة الرهبانية بسبب صعوباتها[34].
3ـ وقد اعتبر بفنوتيوس أن الحياة فى البرية هى حياة صعبة جدًا، ومن النادر أن يتحمّلها حتى أولئك الذين وُلدوا ونموا فى ظروف فاقة واحتياج[35].
ولهذا عندما سُئِلت الأم سينكليتكى: هل التجرد هو صلاح كامل؟، أجابت “نعم هو هكذا لمن يستطيع تحمله ولمن يستطيع ممارسته”[36]. ومن أجل هذا أيضًا شدّد الآب آيباراخيوس على أن “التجرد الإرادى هو كنز للراهب”[37].
وهذا يعنى أنه إن لم يستطع الإنسان أن يحيا حياة التجرد الكاملة، فلن يتحمل الحياة فى البرية. أما من يحيى فى التجرد الكامل فقد اقتنى لنفسه فضيلة تساعده فى جهاده للوصول للكمال الروحى الذى يترجاه كل من سلك فى هذا الطريق. والملاحظ أن وسط هذه الظروف الصعبة، استطاع آباء البرية أن يساهموا فى حفظ عقيدة الكنيسة نقية من أى انحراف، حتى أثناء فترات الاضطهادات[38].
[1] To Mέga GerontikÕn, tom. G1977, sel. 356.
[2] D.J. CHITTY “The Desert A city” London, 1997, P.35
[3] مخطوط عربى (حياة الأنبا باخوميوس) ص111
[4] Pan. K. cr…stou “ ellhnik» patrolog…a “ tom. 5, qessalon…kh 1987, sel. 133.
[5] David Beff “The life of Shenoute by Besa” Cairo 1986, P.11.
[6] W. H. Macken “Christian Monasticism in Egypt” P.97- 98.
[7] D. B. Christis “The word in the Desert”…P.23.
[8] مخطوط عربى (حياة الأنبا باخوميوس) ص135
[9] W.E. CRUM “A Study in the History of Egyptian Monasticism” J.T.S, 5, 1905, p. 129-130.
[10] Armand Veileux “Pachomian Koenonia – the Lirves, Rules and other writing of saint Pachumius ..” Christian studies, Michigan. Vol 3, P.71.
[11] مخطوط عربى (حياة الأنبا باخوميوس) .. 29f – 29v
[12] D. G. Tsam»j “ GerontikÕn tou Sin£ “ qessalonˆkh, 1991, sel. 19.
[13] D. B Christis “The word in the Desert”… P. 15.
[14] Πer… NÒmou pneumatikoÚ, εἰς: H kata id…an cr…sh thj Ag…aj raf»j, Iw. Gal£nh, qessalonik»j 1986, sel. 97.
[15] To Mšga GerontikÒn tom A, … sel 80.
[16] “عظات القديس مقاريوس” ترجمة د. نصحى عبد الشهيد، إصدار المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية، سنة 2000، ص310.
[17] S¦bba Agour…dh “ or¦mata kai pr¦gmata “ Aq»na 1991, sel. 54.
[18] مخطوط عربى (حياة الأنبا باخوميوس) .. 92f – 92f
[19] E…pe Gšrwn, Aq»na. 1983, sel.13.
[20] Derek Baker “st. Antony and Biblical Precedents for the monastic vocation” P. 7-9
[21] المرجع السابق ص10.
[22] Iw. crusostÕmou, per… crhsimÕthtoj Anagnèsewn twn Grafèn 5.
[23] خرستوس كريكونيس “مسيرة الحياة الروحية عند القديس غريغوريوس النيسى” الكتاب الشهرى للشباب والخدام، إصدار بيت التكريس لخدمة الكرازة، نوفمبر 2000، ص8.0
[24] “عظات القديس مقاريوس” ترجمة د. نصحى عبد الشهيد، إصدار المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية، سنة 2000، ص317.
[25] Sabba Agour…dh “ or¦mata kai pr¦gmata “ sel. 122.
[26] D. G. ts£mhj “ Eisagwg» sth skšfh twn patšrwn “ qessalon…kh 1992, sel. 221.
[27] Ισηδ. Ο Πλησιόδης, 1441, 442.
[28] مخطوط عربي (حياة الأنبا باخوميوس) ص138
[29] Peter Brown “Society and the holly in late Atiquiy” 1982, P. 107- 110.
[30] D. G. Ts¦mhj “ Eisagwg» Sth skšfh twn patšrwn “ .. sel. 232.
[31] M. basile…oj, Askhtik£ A’, LÒgoj AskhtikÒj, PG 31, 884 CD.
[32] W. H. Mackean “Christian monasticism” P. 115.
[33] D. J. Christy “The Desert a city” P.9.
[34] H. G. Evelyn White “Historia Monachorum” Cairo, 1989, P. 25.
[35] مناظرات يوحنا كاسيان، جزء1، 1981، ص75.
[36] Apofqέgmata patšrwn, 1, sel. 261.
[37] Ο.Π. σελ. 261.
[38] istor…a Monacèn thj AigÚptou, Aq»na, 1992, sel. 56.