الملامح الوثائقية والليتورجية لكنيسة الإسكندرية في الثلاثة قرون الأولى
الملامح الوثائقية والليتورجية لكنيسة الإسكندرية في الثلاثة قرون الأولى
الرَّاهب القس أثناسيوس المقاري
تحميل كتب أخرى للراهب القس أثناسيوس المقاري PDF
مقدِّمة عامة
إنَّ الغموض الذي يكتنف التَّاريخ المبكِّر لكنيسة الإسكندريَّة حتى بدايات القرن الثَّالث الميلادي يمثِّل تحدياً واضحاً للباحثين والدَّارسين. وتتَّضح طبيعة هذا التَّحدي، إذا تذكَّرنا أنَّ مدينة الإسكندريَّة كانت أكبر مدينة يونانيَّة في العالم آنئذ، بل ومركز العلم فيه، فضلاً عن أنها كانت تضم أكبر جالية يهوديَّة خارج فلسطين، ومن ثمَّ كان من اللازم أن يكون لها هدفٌ واضحٌ لرسالة المسيحيَّة.
وفي مقابل هذه الاعتبارات نُفاجأ بمصادر شحيحة نادرة لمصادر ووثائق كنيسة الإسكندريَّة في هذه الفترة المبكِّرة من تاريخها، وهي المصادر التي فحصها المؤرِّخ يوسابيوس القيصري (260-340م) في القرن الرَّابع الميلادي، وأعاد فحصها ودرسها مؤرِّخون عظماء لا يمكن نسيان فضلهم، وكان من أهم هؤلاء المؤرِّخين، العالم أدولف هارناك Adolf Harnack (1851-1930م)([1]).
وإذا نظرنا نظرة فاحصة إلى الوثائق والبرديَّات التي توفَّرت لدينا، والتي اكتُشفت مؤخَّراً في مصر، وتعود إلى الثَّلاثة قرون الأولى للمسيحيَّة، فسوف نتعجَّب أيَّما تعجُّب من قلَّتها ونُدرتها. فالرَّسائل والوثائق القليلة التي جمعها العالم بيل([2]) H.I. Bell ونشرها سنة 1944م، وتلك التي حصرها العالم الأب هولست([3]) J. Van. Haelst ونشرها سنة 1970م وهي التي تغطي السَّنوات من سنة 270م إلى سنة 350م، مع القليل الذي يمكن إضافته، قد جاء إلى النُّور في السَّنوات الأخيرة فحسب.
والدِّراسة التي بين يديك، هي محاولة تأريخ لكنيسة الإسكندريَّة في هذا العصر المبكِّر من تاريخها، وذلك من خلال شهادة الأدب المسيحي المحفوظ في المخطوطات القديمة المكتشفة في مصر، سواء كانت مخطوطات تختص بالأسفار الكتابيَّة، أو بأية كتابات أخرى. فهو إذاً تأريخ لا يعتمد على روايات، بل يعتمد أساساً على وثائق قديمة وصلت إلينا، سواء كانت من البرديَّات papyrus أو الجلد المدبوغ leather أو الرُّقوق parchment .
ومن جهة أخرى تتطرَّق هذه الدِّراسة إلى الحديث عن شكل الحياة المسيحيَّة في كنيسة الإسكندريَّة قبل وصول القدِّيس مرقس الرَّسول إليها، طبقاً للوثائق القديمة التي وصلت إلينا. ثمَّ فحص أوَّل وثيقة معروفة حتى الآن، تشرح لنا كرازة القدِّيس مرقس الرَّسول لمصر بالمسيحيَّة، وهي الوثيقة المعروفة باسم ”أعمال مرقس“.
آملاً بذلك أن أُلقي بعض الضَّوء على جانب لم ينل حظَّه كاملاً في التَّأريخ المبكِّر لكنيسة الإسكندريَّة وثائقياً وليتورجياً، في هذه الحقبة المبكِّرة جداً من تاريخها، ولاسيَّما لقارئ العربيَّة، إذ ظلَّ القَّارئ القبطي العزيز بحاجة إلى المزيد عن هذه الجزئيَّة من تاريخ كنيسته مدوَّناً بالعربيَّة.
المسيحيَّة في مصر قبل وصول القدِّيس مرقس الرَّسول إليها
إنَّ الغموض الذي يكتنف التَّاريخ المبكِّر للكنيسة المسيحيَّة في مصر في القرنين الأوَّل والثَّاني للميلاد، والذي لا تنقشع غمامته إلاَّ مع بداية القرن الثَّالث الميلادي، يشكِّل أمامنا تحدياً واضحاً. ولكن بدراسة المخطوطات البرديَّة، وحالة المجتمع، والعقائد السَّائدة، التي عرفتها المسيحيَّة المصريَّة المبكِّرة، يمكن أن ينفتح أمامنا مجال خصب للتَّعرُّف على بواكير الحياة المسيحيَّة في مصر. هذا ما يقوله العالم كولين روبرتس Colin H. Roberts أحد أبرز علماء البرديَّات في عالمنا المعاصر([4]).
وفي الحقيقة فإنَّ الوثائق البرديَّة لا تستطيع أن تمدّنا بأي أحداث مفيدة عن تلك الفترة المبكِّرة لكنيسة مصر، أي فيما قبل القرن الثَّالث الميلادي. وبمعنى آخر فإنَّ الأحداث الوثائقيَّة للمسيحيَّة في مصر تبدأ مع بدايات القرن الثَّالث الميلادي فحسب. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه ليست هناك أيَّة برديَّات على الإطلاق تعود إلى القرن الأوَّل الميلادي.
ولقد أولى العالم روبرتس Colin H. Roberts جُلَّ اهتمامه بأقدم البرديَّات المصريَّة التي أشارت إلى المسيحيَّة المبكِّرة في مصر. وإنَّ النَّتائج التي توصَّل إليها في هذا المجال هي ذات أهميَّة بالغة. فلقد استطاع أن يغيِّر نظريَّة العالم والتر بوير Walter Bauer تغييراً كُلياً بعد فحصها ونقدها، وهي النَّظريَّة التي انتشرت في الأوساط العلميَّة الدِّينيَّة انتشاراً واسعاً، والتي كانت تقول بأنَّ نوع المسيحيَّة المبكِّرة في مصر كان هرطوقياً، وبالتَّحديد غنوسياً. وهو ما سأشرحه بالتَّفصيل فيما بعد.
لقد قام العالم روبرتس Colin H. Roberts بمسح شامل لبرديَّات محفوظة في مصر تعود إلى القرن الثَّاني الميلادي. وسلَّط الضَّوء على عشر برديَّات كتابيَّة منها([5])، وأربع أخرى غير كتابيَّة([6]). ولم يظهر من بين هذه البرديَّات العشر سوى برديَّة واحدة بها ميل نحو الغنوسيَّة، وهي ”إنجيل توما“، وحتى هذا الميل الغنوسي مُبهم وغير واضح([7]).
لقد ألقت دراسات روبرتس Colin H. Roberts ضوءاً جديداً على أصول المسيحيَّة في مصر. وهو يخلُص إلى القول بأنَّ الدَّلائل الكثيرة تشير إلى أنَّ كنيسة أورشليم هي أقدم مصدر للكنيسة المسيحيَّة في مصر. وأنَّ المسيحيَّة المبكِّرة في مصر كانت يهوديَّة. وفضلاً عن ذلك فإنَّ المسيحييِّن الأوائل في مصر نُظر إليهم كيهود أو كجماعة متميِّزة مستقلَّة، ذات عقائد خاصة. وهذا واضح بالطبَّع لأنَّ الإسكندريَّة كانت موطن أكبر جالية يهوديَّة في العالم القديم، ومن هذه الجالية خرج المبشرون المسيحيُّون الأوائل ليكرزوا بالمسيحيَّة في مصر.
والحقيقة التي يلزم أن تبقى ماثلة أمام أذهاننا – وحتى اليَوم – هي أنَّ تاريخ المسيحيَّة في مصر قبل زمن الإمبراطور هدريان (117- 138م)، مُبهم للغاية. ولقد كان العالم روبرتس Colin H. Roberts على حق حينما يذكر أنَّ معرفتنا بالغنوسيَّة في مصر قبل زمن هدريان([8])، هي أكثر غموضاً من المسيحيَّة غير الغنوسيَّة فيها([9]).
نشأة المسيحيَّة في مصر في وسط يهودي
يرى كثيرٌ من العلماء أمثال العالم روبرتس Colin H. Roberts ، العالم دانييلو Daniélou ، العالم هورنشو Hornschuh ، والعالم كوستر Koester أنَّ المسيحيَّة في كنيسة مصر كانت في بدايتها ذات خاصيَّة مسيحيَّة يهوديَّة A Jewish- Christian Character ، وطبقاً لهذه الرؤية، فعلينا أن نتحدَّث عن نشأة المسيحيَّة في مصر في وسط يهودي أولاً([10]).
ويُفترض في المسيحيَّة اليهوديَّة أنها شكل من أشكال المسيحيَّة وثيق الصِّلة باليهوديَّة من جهة اللُّغة والأفكار واللاهوت. وإنَّ خصائص هذه اللُّغة وهذه الأفكار وهذا اللاهوت تتغيَّر طبقاً لشكل اليهوديَّة التي تبنَّاها وطوَّعها المسيحيُّون في أي منطقة يعيشون فيها([11]).
إنَّ ما يؤكِّد الإجماع على وجود تأثير طاغ لليهوديَّة على المسيحيَّة النَّاشئة في مصر هو بعضٌ من التَّقاليد المبكِّرة عن أصل المسيحيَّة في مصر وتطوُّرها المبكِّر.
فأقدم مصدر معروف لدينا هو ما ورد في سفر أعمال الرُّسُل([12])، حيث نقرأ عن رجل يهودي إسكندري الجنس، يصفه سفر الأعمال بأنه فصيح مقتدر في الكُتُب، حارٌ بالرُّوح([13]) يُدعى أبولوس Apollos وهو أحد المساعدين لبولس الرَّسول في أفسس وكورنثوس، فهذا وفد إلى أفسس قادماً من الإسكندريَّة، وكان يعلِّم في أفسس عن أمور تختص بيسوع بكل تدقيق، عارفاً معموديَّة يوحنا المعمدان فقط، فأخذه إليهما أكيلا Aquila وبرسكلا Priscilla وكانا مسيحييَّن، وشرحا له طريق الرَّب بأكثر تدقيق. والقراءة المدقِّقة لسفر أعمال الرُّسُل (أعمال 25:18) تؤكِّد أنَّ هذا الرَّجل كان قد تعلَّم الكلمة في وطنه([14]). وهو ما يُفترض معه وجود مسيحيِّين من أصل يهودي في الإسكندريَّة في أواخر الأربعينيَّات أو أوائل الخمسينيَّات من القرن الأوَّل الميلادي. أي في فترة حكم الإمبراطور كلوديوس (41-54م).
وهذه النُّقطة لا يمكن أن نعبر عليها بسهولة، لأنَّ هذا الأمر يوضِّح لنا أنَّ جماعة من اليهود في الإسكندريَّة كانوا قد أيقنوا أنَّ يسوع هو المسيح، بعد أن فحصوا الكُتُب، لكن بدون أن يعرفوا شيئاً عن الرُّوح القُدُس وحلوله يوم الخمسين. إذ آمنوا بالمسيح أنه المسيَّا، بل وخرج أناسٌ منهم ليكرزوا بهذا الإيمان خارج وطنهم كما فعل أبولوس في أفسس. فكيف يحدث هذا وحلول الرُّوح القُدُس يوم الخمسين قد شهده يهودٌ من الإسكندريَّة وعادوا إلى وطنهم يخبرون بما رأوه وسمعوه؟ بل إنَّ خبر حلول الرُّوح القُدُس قد انتشر في كلِّ العالم، إذ عاينه جاليات يهوديَّة منتشرة في كلِّ أنحاء الأرض تتكلَّم خمس عشرة لغة على الأقل([15]).
والعجيب حقاً أن يكون أبولوس رجلٌ حارٌ بالرُّوح، وهو لم يقبل بعد الرُّوح القُدُس. والغريب أيضاً أنَّ مجئ أبولوس إلى أفسس كان حوالي سنة 55 ميلاديَّة أو قبلها بقليل، أي بعد مضي أكثر من عشرين سنة على حادثة حلول الرُّوح القُدُس في يوم الخمسين، ولم يعلم بها أبولوس ولا الرِّجال الذين بشَّرهم بالمسيح، وآمنوا به على يديه([16]).
هنا إشارة ضمنيَّة عن تأثير وفعل كرازة يوحنا المعمدان، وكيف مهَّدت فعلاً الطَّريق للإيمان بالمسيح، ليس في فلسطين وحدها، بل تعدَّتها إلى أقطار أخرى أيضاً. وهنا أيضاً إشارة هامة عن يهود من الإسكندريَّة آمنوا بالمسيح قبل أن يسمعوا بخبر حلول الرُّوح القُدُس يوم الخمسين. ممَّا يدفعنا إلى الاعتقاد بأنَّ البعض منهم كانوا على صلة بجماعة ”الأسينيِّين“([17]).
لقد أردتُ أن أوضِّح أنَّ الإيمان بالمسيح بين أناسٍ من الجالية اليهوديَّة التي عاشت في الإسكندريَّة قد حدث فعلاً قبل حلول الرُّوح القُدُس يوم الخمسين، أو على الأقل قبل أن يعرف هؤلاء بهذا الحدث الجلل. وهكذا يتأكَّد لدينا أنه طبقاً لسفر الأعمال فإنَّ المسيحييِّن من أصل يهودي كانوا يعيشون في مصر في تاريخ مبكِّر جداً([18]).
ويقول العالم بيرجر بيرسون B.A. Person : ”إنَّ العهد الجديد يصمُت تماماً عمَّن يكون المنظِّم الأوَّل لكنيسة الإسكندريَّة في هذه الفترة المبكِّرة جداً من تاريخها“([19]). ولكن الحقيقة فإنَّ هذه المسيحيَّة النَّاشئة في مصر في شكل جماعات لا نستطيع أن نسميها كنيسة بالمعني الدَّقيق لمفهوم الكنيسة، بل كانت حتى ذلك الوَقت اجتهادات – حتى ولو كانت جماعيَّة – لم تأخذ صبغتها القانونيَّة ككنيسة مبنيَّة على أساس الرُّسُل، حيث لم يكن القدِّيس مرقس الرَّسول قد وفد إلى الإسكندريَّة ليؤسِّس كنيستها، ولينقل إليها سرَّ الكهنوت المقدَّس بوضع اليد، لإقامة أساقفة يعاونهم القسوس والشَّمامسة، يحملون الأمانة المقدَّسة المسلَّمة إليهم عبر زمان غربة الكنيسة على الأرض.
ولقد كان لهذه الجماعة المسيحيَّة الأولى ذات الأصول اليهوديَّة تأثيرٌ في تشكيل جانب من الحياة اللِّيتورجيَّة لكنيسة الإسكندريَّة، بل وعلى الكنيسة المسيحيَّة في كلِّ العالم. فإنَّ تأثير أفكار فيلو – وهو أحد الشَّخصيَّات المعتبرة بينهم – كان قوياً في مدرسة الإسكندريَّة اللاهوتيَّة([20])، وأنَّ أسلوبه الرَّمزي في تفسير الكُتُب المقدَّسة، والبحث عن المعنى المختبئ وراء الكلمات، قد انتشر في كلِّ أنحاء العالم المسيحي لاسيَّما في كنيسة الإسكندريَّة عبر العلاَّمة كليمندس الإسكندري (150-215م)، ومن بعده العلاَّمة أوريجانوس (185-254م)، وغيرهما. وقد تأثَّروا كثيراً بمنهج فيلو في البحث والدِّراسة.
ومن جهة أخرى، كان ليهود الإسكندريَّة والقيروان مجمع خاص بهم في أورشليم([21]). وكانت الصِّلة بين الإسكندريَّة وأورشليم متَّصلة على الدَّوام. لأنه بعد أن آمن بعض من هؤلاء اليهود بالمسيحيَّة وتنصَّروا، لم يكن من السَّهل أن تنقطع الصِّلة بين عوائدهم اليهوديَّة القديمة وديانتهم الجديدة، بل إننا نرى أنَّ هذه هي الجذور الأولى التي ربطت بين كنيسة الإسكندريَّة وكنيسة أورشليم، حتى أصبحت كنيسة الإسكندريَّة هي الحارس الأمين لكثير من الطُّقوس القديمة لكنيسة أورشليم، وحتى اليَوم.
وهناك وثيقة قديمة جداً، تُعد أحد أهم الوثائق التي تلقي ضوءاً ولو قليلاً على وجود مسيحيِّين في مصر بعد صعود السيِّد المسيح إلى السَّماء بما لا يتعدى عشر سنوات فقط. ونقصد بهذه الوثيقة تلك الرِّسالة الشَّهيرة التي أرسلها الإمبراطور كلوديوس (41- 54م) إلى الإسكندريِّين، والمؤرَّخة بتاريخ 10 نوفمبر سنة 41م، ونعني بها الفقرة التي تقول:
”… ولا أن يستقدموا (أي اليهود الذين يعيشون في الإسكندريَّة) أو يزوروا يهوداً قادمين من سوريا أو مصر، وإلاَّ فسأكون مدفوعاً إلى شكٍّ أكبر من جهتهم. وإذا لم يطيعوا فسوف أتعقَّبهم في كلِّ مكان كمثيري إزعاج لكل العالم“. فالاحتمال القائم هنا في عبارة ”يهوداً قادمين من سوريا“ هو أنها إرساليَّات مسيحيَّة يهوديَّة وفدت من فلسطين إلى مصر. وبرغم ذلك فليس لدينا تأكيدات يمكن أن نقطع بها في هذا الشَّأن. وعلى أي حال مهما كان معنى خطاب الإمبراطور كلوديوس، فمن الواضح فيه أنَّ الإرساليَّات المسيحيَّة المبكِّرة التي وفدت إلى الإسكندريَّة ربما كانت يهوداً متنصرين قادمين من سوريا، أي من فلسطين، وخصوصاً من أورشليم([22]).
ولا نغفل هنا ما يشير إليه سفر أعمال الرُّسُل أنَّ يهوداً من الذين سمعوا عظة بطرس الرَّسول قد وفدوا إلى أورشليم قادمين من مصر وأجزاء من ليبيا لاسيَّما من سيرين (أو قيرين) Cyrene([23]). والذين كانوا يقاومون إسطفانوس – الهليني – أوَّل شهداء المسيحيَّة، كانوا هم أيضاً يهوداً من سيرين Cyrene والإسكندريَّة([24]). وإن كان الموطن الأصلي للشَّهيد إسطفانوس وخمسة من مساعديه لم يُفصح عنه، لكنَّهم كلّهم كانوا يهوداً يحملون أسماء يونانيَّة([25])، وربما جاء بعضهم من الإسكندريَّة([26]).
وعلى أي الحالات فإنَّ حركة المرور بين أورشليم والإسكندريَّة كانت واسعة شاملة في كلا الاتجاهين. ويمكن لنا بكل سهولة أن نفترض أنَّ بعضاً من الإسكندريين اليهود الذين تحوَّلوا إلى المسيحيَّة في فلسطين عادوا إلى وطنهم لينشروا الإيمان الجديد. وربما كان من بين هؤلاء يهودٌ تشتَّتوا من وطنهم أورشليم بسبب الاضطهاد العظيم الذي حصل للكنيسة التي في أورشليم، فجالوا مبشرين بالكلمة([27]). إنَّ الأحداث هنا لا تشفي الغليل بسبب أنَّ كاتب سفر أعمال الرُّسُل كان يركِّز جُلَّ اهتمامه ناحية آسيا الصُّغرى واليونان وروما، أكثر من اهتمامه بمصر والإسكندريَّة([28]).
وهكذا انحصرت المسيحيَّة في مصر في بداياتها المبكِّرة جداً – قبل مجئ القدِّيس مرقس الرَّسول إليها – بين جماعات من اليهود آمنوا بالمسيح.
وصف للحياة المسيحيَّة في بواكيرها الأولى في مصر
إنَّ مجموعة الكتابات التي استقر التَّقليد على نسبتها إلى كنيسة مصر، لا تعطينا أي أساسيَّات لوصف المسيحيَّة المبكِّرة في مصر، فمحتوياتها خارجيَّة. وهذا يفسِّر لنا الحيرة التي لا زلنا فيها حتى اليَوم بخصوص المسيحيَّة المبكِّرة في كنيسة مصر. ويمكننا أن نخلُص إلى نتيجة مفادها، أنَّ كثيراً من الكتابات الشَّعبيَّة في مصر تظهر لنا بعض التَّأثيرات اليهوديَّة المسيحيَّة، ولكن ذلك لا يعطينا صورة دقيقة عن الوضع الحقيقي لكنيسة مصر في بواكيرها الأولى([29]). ويشير العالم روبرتس Colin H. Roberts إلى أنَّ أقدم الوثائق المسيحيَّة في مصر في تلك الفترة المبكِّرة لا يمكن تمييزها عن تلك الوثائق اليهوديَّة([30]).
إلاَّ أننا نتقابل مع وصف لشكل ومضمون المسيحيَّة في نشأتها المبكِّرة في مصر، كما وردت في كتاب ”تاريخ الكنيسة“ ليوسابيوس القيصري([31]) (260-340م) نقلاً عمَّا يصفه فيلو([32]) Philo الفيلسوف اليهودي (13ق.م-50ب.م) في كتابه ”حياة التأمُّل“، أو ”في المتضرِّعين“ عن المسيحييِّن الأوائل في كنيسة الإسكندريَّة – وهم من أصل يهودي – والذين يدعوهم ”نسَّاك مصر“ أو ”عبَّاد مصر“. ويقول بأنهم قد انتشروا في كلِّ مديريَّاتها، ولاسيَّما في نواحي الإسكندريَّة. وبعد أن يصف لنا حياتهم النُّسكيَّة وبيوتهم التي خصَّصوا فيها مكاناً مقدَّساً للصَّلاة دعوه ”مقدِساً“، يتحدَّث عن كنائسهم التي انتشرت هنا وهناك، وعن الأغاني والتَّرانيم التي ألَّفوها ليرتِّلوها لله في كنائسهم بكل أنواع الأوزان.
فيقول يوسابيوس القيصري نقلاً عن فيلو (260-340م):
”يبدو أنهم كانوا من أصل عبراني، ولذلك كانوا يراعون معظم عوائد الأقدمين حسب طريقة اليهود … إنَّ هؤلاء الرِّجال كانوا يدعَون أطباء، وأنَّ النِّساء المرافقات لهم تُدعَين طبيبات([33]) … كانوا يعالجون ويشفون نفوس الذين كانوا يأتون إليهم، بإسعافهم وإنقاذهم من الشَّهوات الفاسدة، أو من هذه الحقيقة، أنهم كانوا يعبدون الله ويخدمونه بطهارة وإخلاص. وعلى أي حال فهو([34]) يشهد أنهم أوَّل كلّ شئ قد تركوا ممتلكاتهم. ويقول: إنهم عندما يبدأون طريقة الحياة الفلسفيَّة يتنازلون عن كلِّ ممتلكاتهم لأقاربهم. وبعد أن ينبذوا كلَّ اهتمامات الحياة يخرجون من المُدُن، ويقطنون الحقول الموحشة والحدائق، عالمين تماماً أنَّ الاختلاط بمن يختلفون عنهم في المشارب عديم الجدوى ومُضر. والمرجَّح أنهم فعلوا هذا في ذلك الوَقت تحت تأثير إيمان ملتهب بسيرة الأنبياء …
وبعد ذلك يضيف الوصف التَّالي: ’وفي كلِّ مكان في العالم يوجد هذا الجنس … على أنَّ هذا الجنس يكثر في مصر بنوع أخص، في كلِّ مديريَّاتها([35])، لاسيَّما نواحي الإسكندريَّة. وأصبح أفاضل النَّاس من كلِّ ناحية يهاجرون كما إلى مستعمرة الأطباء، إلى موقع مناسب جداً يشرف على بحيرة مريوط، فوق تلٍّ منخفض ممتاز الموقع، بسبب توفُّر الأمن فيه وجودة مناخه‘.
وبعد ذلك بقليل، بعد أن يصف نوع بيوتهم، يتحدَّث كما يلي عن كنائسهم التي كانت منتشرة هنا وهناك. ’في كلِّ بيت يوجد مكان مقدَّس يدعى قُدساً وديراً، حيث يؤدُّون أسرار الحياة الدِّينيَّة في عُزلة تامة. وهم لا يُدخلون إليه أيَّ شئ، لا طعام ولا شراب، ولا أيَّ شئ يتَّصل بحاجيَّات الجسد، بل الشَّرائع فقط وأقوال الأنبياء الحيَّة والتَّرانيم وغيرها ممَّا يساعد على كمال معرفتهم وتقواهم … وكلُّ الفترة من الصَّباح إلى المساء هي وقت رياضة (روحيَّة) لهم، لأنهم يقرأون الكُتُب المقدَّسة ويفسِّرون فلسفة آبائهم بطريقة رمزيَّة، معتبرين الكلمات المكتوبة رموزاً لحقائق خفيَّة أُعطيت في صورة غامضة. ولديهم أيضاً كتابات من القدماء مؤسِّسي جماعتهم الذين تركوا آثاراً كثيرة رمزيَّة. وهؤلاء يتَّخذونهم قدوة لهم ويقلِّدون مبادئهم‘.
والمرجَّح جداً أنَّ مؤلَّفات القُدماء – التي يقول إنها كانت عندهم – هي الأناجيل وكتابات الرُّسُل، وربما تفسير بعض النُّبوَّات القديمة، كما تتضمَّنه الرِّسالة إلى العبرانيين، والكثير من رسائل القديس بولس الرَّسول.
وأيضاً يكتب ما يلي عن المزامير الجديدة التي صنَّفوها: ’وهكذا لا يقضون وقتهم في التَّأمُّلات فحسب، بل أيضاً يؤلِّفون الأغاني والتَّرانيم لله بكل أنواع الأوزان والألحان. ولو أنهم يقسِّمونها بطبيعة الحال إلى مقاييس مختلفة …
ولا يتناول أحدهم طعاماً أو شراباً قبل غروب الشَّمس، لأنهم يعتبرون التَّفلسُف كعمل خليق بالنُّور، أمَّا الاهتمام بحاجيَّات الجسد، فلا يتَّفق إلاَّ مع الظَّلام، ولذلك يخصِّصون النَّهار للأوَّل، أمَّا الثَّاني فيخصِّصون جزءاً قليلاً من اللَّيل …
وهل من الضَّروري أن نضيف إلى هذه الأمور اجتماعاتهم وتصرُّفات الرِّجال والنِّساء أثناء هذه الاجتماعات، والعادات التي لا نزال نراعيها إلى اليَوم، ولاسيَّما تلك التي نجريها في عيد آلام المخلِّص، مع الصَّوم وسهر اللَّيل، ودرس الكلمة الإلهيَّة‘؟. هذه الأمور رواها المؤلِّف المشار إليه في كتابه([36])، موضحاً نوع الحياة التي لا زلنا وحدنا نحافظ عليها اليَوم، ومدوِّناً بصفة خاصة سهرات اللَّيل التي يمارسونها بمناسبة العيد العظيم([37])، والرِّياضة (الرُّوحيَّة) التي كانت تُمارس خلال تلك السَّهرات، والتَّرانيم التي اعتدنا تلاوتها، ومبيِّناً كيف أنه عندما كان الواحد يرنِّم في الوَقت المحدَّد، كان الآخرون يصغون في صمت ولا يشتركون في التَّرانيم إلاَّ في آخرها … وعلاوة على هذه يصف فيلو رُتَب الشَّرف الكائنة بين الذين يمارسون خدمات الكنيسة، ذاكراً رتبة الشَّماسيَّة، ورتبة الأسقفيَّة التي تتقدَّم على كلِّ ما عداها … أمَّا أنَّ فيلو عندما كتب هذه الأمور كان واضعاً نصب عينيه سفراء الإنجيل والأوائل المسلَّمة منذ البدء من الرُّسُل، فهذا أمرٌ واضحٌ لكلِّ أحد“([38]).
هذه واحدة من أهم الإشارات المبكِّرة عن وجود جماعات مسيحيَّة في مصر من أصل يهودي، وكان من أشهر هذه الجماعات هي جماعة الثيرابيوتا التي عاشت حول بحيرة مريوط بعد أن تحوَّل أعضاؤها من اليهوديَّة إلى المسيحيَّة إثر أحداث يوم الخمسين في أورشليم، وعظة القدِّيس بطرس الرَّسول فيه. فعادوا إلى وطنهم الثَّاني مصر، حيث كانت الجالية اليهوديَّة في الإسكندريَّة من أكبر الجاليات اليهوديَّة في العالم آنذاك، ليدينوا بدينهم الجديد بعد أن أيقنوا أنَّ المسيَّا الذي ظلُّوا ينتظرونه هذه القرون الطَّويلة هو يسوع المسيح ابن الله، الذي دخل إلى العالم وأكمل الخلاص الذي كان في فكر أبيه منذ الأزل. وهو ما استُعلن في يوم الخمسين عندما حلَّ الرُّوح القُدُس على الكنيسة في العُليَّة التي اجتمع فيها الرُّسُل مع آخرين من رجال ونساء، ليعلن الابن مخلِّصاً ورباً، جاء ليعلن محبَّة الله الآب للعالم، حتى إلى حد بذل ابنه وحيده على الصَّليب عن حياة العالم، تلك الحياة التي فقدها بعصيان الإنسان الأوَّل.
انعدام الشَّواهد الوثائقيَّة لكنيسة الإسكندريَّة في القرن الأوَّل الميلادي
لو كانت المسيحيَّة نشطة في مصر في القرن الأوَّل الميلادي كما كانت في أفسس أو كورنثوس، فإنَّنا يجب أن نتوقَّع وجود بعض النُّصوص من العهد القديم في هذا القرن([39]). إلاَّ أنَّ انعدام الشَّواهد الوثائقيَّة في كنيسة الإسكندريَّة تقريباً في القرن الأوَّل الميلادي، وندرتها في القرن الثَّاني للميلاد سواء في مصادرنا الأدبيَّة أو الوثائقيَّة يرجع إلى عدَّة أسباب.
فبادئ ذي بدء يجب علينا ألاَّ ننكر أنَّ كنيسة الإسكندريَّة في القرن الأوَّل الميلادي كانت قليلة العدد. وهي وإن كانت غير ذي شأن في هذا الوقت، فإنَّ تفسير ذلك يكمن في علاقتها باليهوديَّة.
لقد كان صعباً في البداية أن ينتقل الإيمان المسيحي من اليهود الذين آمنوا بالمسيح إلى الأممييِّن أي الوثنيين المحيطين بهم في هذه البلاد، على الأقل خلال القرن الأوَّل الميلادي أو بعده بقليل، ذلك لأنَّ العلاقات السَّيئة بين اليهود وجيرانهم من الوثنيين خارج فلسطين، أي في الشَّتات، كانت أمراً شائعاً في العالم القديم.
فيقول شاف Schaff إنَّ اليهود كانوا يتحفَّظون تحفُّظ الخوف من الوثنيين، ولذا فقد نالوا احتقارهم كأعداء للجنس البشري. ومع ذلك فقد استطاع اليهود بكفاحهم وحصافتهم أن يجمعوا ثروات طائلة، وأن تكون لهم مكانة في بعض المدن الكُبرى في الإمبراطوريَّة الرُّومانيَّة([40]). لقد كان ناموسهم يمنعهم من التَّعامل أو الاتصال بالأمم الأخرى.
أمَّا في مصر وفي الإسكندريَّة بالتَّحديد فقد حدثت مصادمات بين اليهود واليونانييِّن، وسنعدِّد هنا تلك المصادمات التي حدثت بينهما في القرن الأوَّل الميلادي.
ففي سنة 38م أثناء زيارة هيرودس أغريباس للإسكندريَّة، حدث شغب من اليهود، انتهى إلى مذابح دمويَّة رهيبة بين اليهود واليونانييِّن. وكان رد الفعل من اليهود للانتقام سنة 41م ما اضطر الوالي الرُّوماني لاستخدام قوَّاته لردع اليهود، ممَّا تسبَّب بالتَّالي في إراقة دماء يهوديَّة كثيرة.
وعند بدء قيام ثورة يهود فلسطين سنة 66م، ثار معهم أيضاً يهود الإسكندريَّة متضامنين مع إخوتهم، فقُتل منهم – طبقاً لقول يوسيفوس -50 ألف يهودي.
وأخيرا كانت هناك ثورة اليهود المشئومة في عهد الإمبراطور تراجان (98- 117م) والتي امتدت من القيروان Cyrenaica إلى الإسكندريَّة ومصر الوُسطى، حتى بلغت إلى صعيد مصر، كما تخبرنا الوثائق البرديَّة([41]).
إذاً فقد كان من الصَّعب على مؤمني كنيسة الإسكندريَّة وهم من اليهود المستوطنين فيها، أن تمتد كرازتهم بالمسيح خارج وسطهم اليهودي بسبب بُغضة اليونانيين لهم. فقد كان المسيحيُّون الأوائل معتبرين أنهم يهوداً في نظر الوثنيِّين، وفي أحسن الحالات نُظر إلى المسيحيَّة كشيعة متطرِّفة أو خارجه عن اليهوديَّة. وكما رأينا وتأكَّدنا أنَّ المسيحيَّة التي وصلت إلى الإسكندريَّة كانت متأثِّرة باليهوديَّة، أو كانت ذات صبغة يهوديَّة، لذلك يصبح من العسير أن تمتد الكرازة المسيحيَّة إلى الوثنيِّين أو خارجاً عن نطاقها اليهودي، في هذه الفترة المبكِّرة من تاريخ الكنيسة([42]).
يتبع
[1]- أدولف هارناك Adolf Harnack هو مؤرِّخ كنسي ولاهوتي ألماني الجنسيَّة، وهو أشهر عالم آبائي في زمانه. وصار هو المرجع الأساسي في الأدب المسيحي المبكِّر، وخصوصاً في فترة ما قبل مجمع نيقية المسكوني الأوَّل سنة 325م. وهو صاحب مؤلفات غزيرة لا زالت مراجع أساسيَّة للباحثين.
Cf. Cross, F.L. & Livingstone, E.A. The Oxford Dictionary of The Christian Church (ODCC), (2nd edition), 1988, p. 620.
[2]- H.I. Bell, Evidences of Christianity in Egypt during the Roman period, in HTR., 37 (1944).
[3]- J. Van. Hoelst, Les sources papyrologiques concernant ľEglise en Egypt à ľépoque de Constantin, in Proc. XII, Int congress of Papyrology, Toronto, 1970.
[4]- Birger A. Pearson, Earliest Christianity in Egypt, Some Observations, in The Roots of Egyptian Christianity, Editors, Birger A. Pearson ; James E. Goehring, U.S.A., 1986, p. 132 ; Colin H. Roberts, Manuscript, Society and Belief in Early Christian Egypt, Oxford University Press, 1979, p. 1.
[5]- سبع برديَّات منها من العهد القديم، وثلاث من العهد الجديد، وهي إنجيل يوحنا، وإنجيل متى، ورسالة بولس الرَّسول إلى تيطس.
[6]- وهي: (1) إنجيل إيجيرتون Egerton Gospel ، (2) إنجيل توما Gospel of Thomas (وُجد في برديَّة في مدينة أكسيرينخوس ’البهنسا الحاليَّة‘ P. Oxy. 1, 26-28)، (3) كتاب ضد الهرطقات لإيريناؤس Irenaeus, Adversus Haerses .
[7]- Birger A. Pearson, op. cit., p. 132, 133 ; Colin H. Roberts, op. cit., p. 52.
[8]- أي في أثناء فترة ظهور الغنوسيَّان باسيليدس Basilides وفالنتينوس Valentinus .
[9]- Birger A. Pearson, op. cit., p. 134.
[10]- A.F.J. KLIJN, Jewish Christianity in Egypt, in The Roots of Egyptian Christianity, Editors, Birger A. Pearson ; James E. Goehring, U.S.A., 1986, p. 162.
[11]- A.F.J. KLIJN, op. cit., p. 162.
[12]- أعمال 24:18، 25
[13]- انظر: أعمال 18، 19
[14]- Birger A. Pearson, op. cit., p. 136.
[15]- أعمال 9:2-11
[16]- أعمال 7:19
[17]- لم تُذكر جماعة الأسينيِّين في الكتاب المقدَّس ولا في التَّلمود اليهودي، وقد أشار إليها كلٌ من فيلو (13ق.م-50ب.م) ويوسيفوس (37-101م) وبليني الأكبر. والاسم يعني ”الأتقياء“، ويبدو أنها جماعة تكوَّنت في القرن الثَّاني قبل الميلاد، وظلَّت قائمة حتى القرن الثَّاني بعد الميلاد. وهي لم تخرج عن حدود فلسطين. فقد سكنوا وادي قمران في فلسطين. وفي بدء ظهور المسيحيَّة كان عددهم أربعة آلاف شخص، وكانت حياتهم الشَّخصيَّة منظَّمة للغاية، وكانوا يعيشون حياة مشتركة. وكان طالب الانضمام إليهم يبقى ثلاث سنوات تحت التَّعليم والاختبار، مع إدلاء قَسَم الطَّاعة، والحفاظ على سريَّة الجماعة. ويُظن أن تفاصيل عبادتهم وتعليمهم أتت من مصادر غير يهوديَّة. والاعتقاد بأن القدِّيس يوحنا المعمدان كان من بينهم، هو اعتقاد قابل للاحتمال.
Cf. Cross, F.L. & Livingstone, E.A. The Oxford Dictionary of The Christian Church (ODCC), (2nd edition), 1988 p. 471.
[18]- A.F.J. KLIJN, op. cit., p. 163.
[19]- Birger A. Pearson, op. cit., p. 136.
[20]- ODCC, 2nd edition, p. 1083.
[21]- انظر: أعمال 9:6
[22]- Birger A. Pearson, op. cit., p. 134.
[23]- انظر: أعمال 10:2
[24]- انظر: أعمال 9:6
[25]- انظر: أعمال 5:6
[26]- نيقولاوس فقط هو المهتدي إلى اليهوديَّة، وكان قد قدم من أنطاكية.
[27]- انظر: أعمال 1:8، 4
[28]- Birger A. Pearson, op. cit., p. 135.
[29]- A.F.J. KLIJN, op. cit., p. 167.
[30]- Birger A. Pearson, op. cit., p. 134.
[31]- كتب يوسابيوس القيصري تاريخاً للكنيسة في عشرة كتب، بدءًا من تجسُّد الكلمة وحتى سنة 324م وهو العمل الذي لأجله نال لقب ”أبو التَّاريخ الكنسي“.
[32]- اشتهر فيلو المؤرِّخ والفيلسوف اليهودي الإسكندري (13ق.م-50ب.م) في عهد الإمبراطور كاليجولا (37-41م)، حيث ألَّف تفاسير كثيرة على الأسفار المقدَّسة، بالإضافة إلى مؤلََّفات فلسفيَّة وتاريخيَّة ودينيَّة.
[33]- يحمل الأصل اليوناني لكلمتي ”أطباء وطبيبات“ معنى العبادة أو الطب.
[34]- يقصد به فيلو الفيلسوف اليهودي في كتابه السَّابق ذكره.
[35]- كانت مصر عدا مدينتي الإسكندريَّة وبتولمايس تنقسم إلى 36 مديرية (محافظة).
[36]- يقصد به فيلو الفيلسوف اليهودي في كتابه السَّابق ذكره.
[37]- أي عيد القيامة.
[38]- يوسابيوس القيصري، تاريخ الكنيسة، ترجمة القمص مرقس داود، الطبعة الثانية القاهرة، 1979م، 2:17:2-24
[39]- مثل شذرة عن سفر التَّكوين Genesis موجودة في مكتبة Yale وصفها ناشرها بأنها تعود إلى نهاية القرن الأوَّل الميلادي. ولكن روبرتس Colin H. Roberts يتردَّد في قبول هذا التَّاريخ.
Cf. Colin H. Roberts, Manuscript, Society and Belief in Early Christian Egypt, Oxford, 1979, p. 55.
[40]- Schaff, Vol. 1, p. 63, 64.
[41]- Colin H. Roberts, op. cit., p. 56.
[42]- Ibid., p. 56.