معجزات المسيح بقوة ذاتية أم بقوة مكتسبة؟ ردا على أحمد ديدات (الأخ وحيد)
معجزات المسيح بقوة ذاتية أم بقوة مكتسبة؟ ردا على أحمد ديدات (الأخ وحيد)
معجزات المسيح بقوة ذاتية أم بقوة مكتسبة؟ ردا على أحمد ديدات (الأخ وحيد)
نتوقف الآن في محطة ليست جديدة، ولكنها إكمال لما سبق، وإنما بعمق أكثر.. لقد كان ديدات مدركًا تماما للنقطة الفاصلة، وهي أسلوب المعجزة وليست مجرد المعجزة، فأسرع مهرولًا لتغطيتها… لاحظ معي عزيزي القارئ; فديدات بدأ بتصنيفنا أطفالًا، فلمجرد أن المسيح أقام بعض الموتى، اعتبرناه إلهًا.. ولعلمه بأنه يكذب، تحول لوحده الآن ليتكلم عن أسلوب المعجزة وليست المعجزة.. فأسرع في هذا الفصل الذي أناقشه الآن، ليقول عن قدرة المسيح: لا إنها قوة مكتسبة وليست قوته الذاتية.. فلماذا إذن، وهو يعرف أننا لا نؤمن بألوهية المسيح لمجرد أنه أقام موتى، يكذب علينا؟ ويتحول الآن ليناقش إيماننا الصحيح بأسلوب المعجزة وليست مجرد المعجزة؟ هل هو يهذي بما لا يعرف؟ لا إنه يكذب وفي كل مرة يفضح نفسه ويكشف كذبه علانية..
ثم، لماذا وهو يعرف أن هذا ليس إيماننا، يقدم عصا موسى، وعظام أليشع؟ إنها إذن أمثلة لا قيمة لها، بعد اعتراف ديدات الفاضح هنا، أن أسلوب المعجزة، هو النقطة الفاصلة وليست مجرد المعجزة..
والرائع فيما هو يحاول الآن مجدد أن ينال من المسيح، إذ به يعترف بألوهية المسيح رغم أنفه.
أولاً: أسلوب المعجزة
إذن فالتركيز ليس على مجرد المعجزة وإنما على أسلوب المعجزة. ولأن ديدات يعرف أن إيماننا في أسلوب معجزات المسيح . وأنه أسلوب مختلق تماماً، وبقوته الذاتية. كتب إيماننا هذا وفضحه نفسه في ص 93 فقال (إن الله يعمل المعجزات من خلال أنبيائه، أما المسيح فإنه ينجز المعجزات بقدرته الذاتية. من أين أخذ المسيح كل قوته هذه؟ نسأل المسيح، وهو سيجيبنا)[1]
إذن فديدات يعرف تميز معجزات المسيح ، وبالتالي هذا اعتراف صريح بكل تدليسه السابق. والآن فقد ادعى ديدات، أنه سيسأل المسيح عن قوته التي يصنع بها المعجزات، ويسمع إجابته: هل هي قوة ذاتية أم مكتسبة. ونحن نرحب بهذا الاتجاه الجدي\ في بحث هذه النقطة. لأنه الاتجاه الصحيح. فلنتقدم ونرى، ولكن لا تثق كثيراً عزيزي القارئ في ديدات.
- قدرة المسيح الذاتية: اختار ديدات بعض كلام المسيح واقتطعه من سياقه، واعتبره الإجابة على سؤاله. فتحت عنوان (ألم تكن القدرة – على إتيان المعجزات – قدرته؟) في ص 94 كتب (جاء بإنجيل متى: “دفع إلي كل سلطان في السماء وعلى الأرض. متى 28: 18” وجاء به أيضاً “ولكن إن كنت أنا بروح الله أخرج الشياطين فقد أقبل عليكم ملكوت الله. متى 12: 28” وجاء بإنجيل يوحنا “أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً. يوحنا 5: 30″ وجاء بإنجيل لوقا: ” إن كنت بإصبع الله أخرج الشياطين فقد أقبل عليكم ملكوت الله. لوقا 11: 20″. القوة إذن مستعارة مستمدة من الله: إن القوة على إتيان المعجزة على وجه الخصوص هنا “ليست قدرته”. “إنها ممنوحة لي” على حد قوله. ممنوحة ممن؟ من الله طبعاً! وهو – عليه السلام – يعزوا كل فعل وكل كلمة إلى الله سبحانه وتعالى).
لقد نبهت على عدم الثقة بديدات، لأنه ببساطة يريد أن يشوه المسيح، لا أن يفهم كلامه. والدليل اقتطاع كلام المسيح وسرقته ما لا يوافق هدف ديدات. وللأسف أخذ الفرصة ليدرك الحياة، ولكنه رفضها.
ففي كل ما قدمه ديدات، لا توجد ولا آية واحدة، تشير إلى أن قوة المسيح ليست ذاتية، بل على العكس، فقد قدم ديدات الآيات التي تؤكد ألوهية المسيح، وقدرته الذاتية. وعلى كل الأحوال سنناقش كل جزئية على حدة ونقبض عليه متلبساً، فلنتقدم ونرى.
- السلطان المطلق في السماء وعلى الأرض: كتب ديدات سابقاً (جاء بإنجيل متى: “دفع إلي كل سلطان في السماء وعلى الأرض. متى 28: 18”)
وبناء على كلمة “دُفع” بنى ديدات سذاجته. بأن قدرة المسيح إذن هي خارجية. وبالتالي هو مثل كل الأنبياء. ولكن: لنرى الكثير الذي فات ديدات.
(أ) كل السلطان في السماء والأرض للمسيح: هل هذه الآية تشير إلى ألوهية المسيح، أم أنه مجرد نبي؟ فللمسيح (كل سلطان في السماء وعلى الأرض). إن مجرد نظرة سريعة لما تحته خط، تدرك ما كان يعانيه ديدات. فهل يتجرأ أي نبي ويدعي أنه يمتلك كل سلطان في السماء وعلى الأرض؟ لقد اعتقد ديدات أنه يستطيع أن يناور بكلمة “دُفع” ولم ينتبه أنه ورّط نفسه في اعلان المسيح هنا، بأن له (كل سلطان في السماء وعلى الأرض).
إذن بداية، لا يمكن أبداً، لأي إنسان مجرد بشر، أن يكون له حتى مجرد كل السلطان على الأرض، ناهيك عن كل السلطان في السماء وعلى الأرض. كما أكد المسيح نفسه هذا الحق وهذه القدرة. إذن فديدات يقود الآيات التي ضده دون أن يدري.
أما ما لا يعرفه ديدات، هو الشرح اللاهوتي الذي أسوقه في نقطتين كالتالي:
(ب) طبيعة التجسد الإلهي: من يريد أن يناقشنا. عليه أولاً أن يفهم عقيدتنا جيداً، فعليه أن يفهم ما معنى التجسد وكيف صار؟ فالوحي الإلهي يوضح كي شيء، فهو الذي قال (والكلمة صار جسداً وحل بيننا) (يوحنا 1: 14). وقال أيضاً (فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضاً، الذي إذ كان في صورة الله، لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله. لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد، صائراً في شبه الناس، وإذ وجد في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب) (فيلبي 2: 5-8). إذن فهنا، يؤكد الوحي أن كلمة الله الأزلي، أخلى ذاته، لأنه صار في الطبيعة البشرية واتحد بها، وصار ممثلاً لنا نحن عبيد الله، والعبد يأخذ، ولا يُعطي. وهكذا فالمسيح بالطبيعة البشرية وكممثل لنا، أخذ وهو في طبيعتنا (كل سلطان في السماء وعلى الأرض). وكما يقول الوحي هنا: (لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله)، فهو الأزلي عقل الله الناطق ونطقه العاقل، المعادل لذات الله لأنه كلمته وعقله، فهذا مقامه الطبيعي في الجوهر الألوهي، وهو لا يختلس شيئاً ليس له، لكنه بإرادته جاء إلى دائرتنا كبشر، وأخذ طبيعتنا البشرية، وحيث أننا عبيد، وقد أخذ طبعتنا، فقد قال عنه الوحي هنا، أنه (أخلى نفسه آخذ صورة عبد).
ولأنه في طبيعتنا البشرية، ويمثلنا وينوبنا في كل شيء، وهو في هذه الطبيعة البشرية، قال (دُفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض). فمع أنه الأزلي صاحب كل سلطان، إلا أنه في تجسده كان في حالة الإخلاء، أي في طبيعتنا البشرية، يستخدم كلمات طبيعتنا أيضاً. ولكن في ذات الوقت، هو يشير إلى طبيعته اللاهوتية ويؤكد عليها. فبطبيعته البشرية يقول “دُفع إليَّ”، وبطبيعته اللاهوتية يقول (كل سلطان في السماء وعلى الأرض). وهذا يؤكد إيماننا بطبيعة المسيح: إنه الله المتجسد. الله الظاهر في طبيعتنا البشرية.
أين ديدات من هذا الإيمان؟ أعتقد جازماً – في هذا الشرح اللاهوتي خاصة – أن ديات لا يعرف عنه شيئاً، حتى يمارس هواية التحريف فيه. أما النقطة اللاهوتية الثانية فهي:
(ج) طبيعة الأخذ والعطاء في الذات الألوهي: أسأل، لو بمنطق ديدات، إن المسيح – مجرد نبي كما يدعي – فهل أصبح الله بلا سلطان في السماء وعلى الأرض، لأنه دفع كل هذا السلطان للمسيح؟ هذا السؤال اللاهوتي، لا أعتقد أن له أي معرفة سابقة في قاموس ديدات.
فإن الله حينما يعطي، لايفقد شيئاً، حاشاه تبارك اسمه، وكذلك حينما نقدم نحن له، فهو لا يزيد شيئاً أيضاً. إنه الله، وإنما يعبر بهذه الكلمات لنفهم نحن طبيعة التعامل معه. والمسيح له كل المجد حينما يقول: (دُفع إليَّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض). لا يقصد أنه كان ناقصاً في سلطانه اللاهوتي، ثم أخذ هذا السلطان من الآب. فكما أن الآب لا يفقد عندما يُعطي فإن الابن لا يزيد حينما يأخذ، وإنما كما سبق وأشرنا، فهو يؤكد أنه، وبالرغم من تجسده في طبيعتنا البشرية، إلا أنه يملك كل السلطان في السماء وعلى الأرض، وأن تجسده لم يبطل هذا الحق الأزلي له.
أختم هذه الجزئية فأقولك إنه وبمنطق ديدات، فقد أصبح السلطان الأول والأخير في السماء وعلى الأرض هو المسيح وليس الله! هذا بمنطق ديدات.
بينما المنطق العاقل يقول: إن لم يكن المسيح هو الله ذاته. فليس من حقه هذا السلطان الإلهي المطلق، في السماء وكذلك على الأرض!
ثانياً: الآيات المسروقة
هل لاحظت عزيزي القارئ، أنني في كل مرة أرد فيها على ديدات، فإن القاسم المشترك الذي تجده، هو “الآيات المسروقة”. كان يجب أن أضع علامة تعجب، ولكنها لا تعمل مع هذا الرجل.
بما أنك يا سيد ديدات تعتمد أسلوب سرقة الآيات الإنجيلية، اعتمد أنا أسلوب إبراز وإظهار هذه الآيات التي تسرقها. أمانة البحث أولاً، واحتراماً للقارئ الكريم ثانياً، وثالثاً إنصافاً للتاريخ الذي لن يتهاون معنا. وهذه هي الآيات المسروقة: (وأما الأحد عشر تلميذاً فانطلقوا إلى الجليل إلى الجبل حيث أمرهم يسوع. ولما رأوه سجدوا له. ولكن بعضهم شكوا. فتقدم يسوع وكلمهم قائلاً: دُفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض. فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم: باسم الآب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به، وها أنا معكم كل الأيام على انقضاء الدهر) (متى 28: 16-20).
- قطع سياق الأحدث: هذا هو سياق الآيات، فقد أخذ ديدات الآية من الوسط، مع أنها في سياق لاهوتي رائع جداً، يؤكد ألوهية المسيح، ومما لم يعجب ديدات في هذا السياق فقطعه، هو:
- سجود العبادة: لقد سجد التلاميذ للمسيح، سجود العبادة، خاصة أن هذا اللقاء كان بعد قيامته من الموت، والمسيح قبل منهم هذه العبادة وهذا السجود، ولا يرفضه.
- شك التلاميذ وإعلان ألوهيته: الوحي المقدس، لم يجامل تلاميذ المسيح، بالرغم من أنهم مَن كتبوا هذه عن أنفسهم، فقد كشفوا نقاط ضعفهم. فقد قال الوحي (وأما الأحد عشر تلميذاً فانطلقوا إلى الجليل، إلى الجبل حيث أمرهم يسوع، ولما رأوه سجدوا له، ولكن بعضهم شكوا، فتقدم يسوع وكلمهم قائلاً: دُفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض) ولأن حدث القيامة الذاتي أمراً جديداً على البشرية، لم يستوعبه بعض التلاميذ جيداً، إلا بعد حلول الروح القدس عليهم، ولكن يجب أن نعرف أن (اليقين القوي، يبدأ بالشك). وهنا يأتي إعلان المسيح لهم، بسلطانه الكامل في السماء وعلى الأرض. ليعلن حقيقة قيامته من الموت بلاهوته المتحد به، فهو صاحب السلطان المطلق في السماء وعلى الأرض. لقد جاءت هذه الكلمات قوية، ويكشف سياقها ومناسبتها قوتها بكل جلاء. ولكن ديدات لا يحترم أي سياق، بل يقطع ويقص ويمارس هواياته الصبيانية، في أمور لا تحتمل الهرج، فهي حياة بشر مات المسيح لأجلهم.
- الإرسالية العظمى العالمية: لم يقف المسيح عند هذا الحد، وإنما قال لهم (فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس). وهذ ضمن الآيات التي سرقها ديدات، وذلك لثلاثة أمور. الأول أن الله هو مرسل الرسل، وهنا نجد المسيح يرسل الرسل، وهذا يعني أنه الله المتجسد. الثاني: يضايق دايدت أيضاً، بأن رسالة المسيح هي للعالم أجمع، فها هو يرسل تلاميذه لك أمم الأرض. فأتباع المسيح من كل شعوب العالم، من كل أمة وشعب وقبيلة ولسان، والثالث: أن هذه الآيات تحمل في طياتها عقيدة الوحدانية الجامعة (باسم الآب والابن والروح القدس)، ولن ## الثالوث هنا، ولكن أشير إلى أن المسيح وبعناية يضع ذاته في جوهر الطبيعة الإلهية فهو الابن الكلمة عقل الله، والبسملة الإلهية هو في قلبها، (باسم الآب والابن والروح القدس)، فباسم الابن تعادل وتساوي باسم الآب، وباسم الروح القدس، فهو الله الواحد. فلأنها تثبت طبيعة المسيح وألوهيته، لم ترق لديدات فحذفها.
- نبع الشريعة وربها: كذلك لا بد لديدات أن يحذف السياق، لأن منه التأكيد أن المسيح له كل المجد هو نبع الشريعة وربها، حيث قال لتلاميذه (وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به، وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر، آمين) والحذف هنا لأكثر من سبب. الأول: أن المسيح يؤكد هنا أنه المشرع الأعظم للوصية، (ما أوصيتكم به) فهو رب الشريعة والوصية وسيدها ونبعها. اما السبب الثاني: فالمسيح يعلن عن طبيعته أنه: المسيح الكوني، فها هو يعلن عن ألوهيته بكل جلاء فيقول لهم (وها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر). وأنا أعرف أن هذه الآية كارثية على مشروع ديدات الذي يبنيه هنا، في لن ترحم حجر على حجر، بل ستهدم الجميع، لأن المسيح هنا، ينسب لنفسه الصفة الكونية المطلقة، صفة الإله الذي فوق الزمن وفوق المكان. فلا عامل الزمن يعيقه، ولا عامل المكان يحده. فهو الكائن بذاته في كل مكان وفي ذات الوقت. وهذه الصفة لاهوتية لله فقط، فكيف سيكون المسيح مع تلاميذه كما قال لهم: كل الأيام، وقد أرسلهم في بقاع الأرض المختلفة لجميع الأمم؟ وهنا هو يفهمهم بأن الكاسر لعامل المكان، فيؤكد أنه خارج قوانين المكان وهي لا تحده. ثم كيف سيكون معهم كما قال لهم: إلى انقضاء الدهر، وهو سيصعد للسماء؟ وهنا هو يؤكد لهم، أنه الكاسر أيضاً لعامل الزمن، فيؤكد أنه خارج قوانين الزمان أيضاً. واضح إذن، إنه لا يمكن للإنسان أن يكون مع كل الناس في وقت واحد، بالرغم من تفرقهم وذهاب هذا يميناً وذلك يساراً، ومع ذلك سيظل معهم جميعاً في نفس اللحظة رغم تعدد الأماكن والأزمنة، إن لم يكن هو الله المتكلم؟
- المسيح السرمدي: أيضاً لا أنسى هنا، فقد نسب المسيح لذاته كل الدهور، أي كل وقت وزمان، وليس أحد فوق الزمان غير الله السرمدي، وهنا يؤكد المسيح سرمديته وألوهيته. فسيكون مع تلاميذه -وليس فقط تلاميذ عصره – بل مع تلاميذه في كل وقت وكل زمان، سيكون معهم كل الأيام وحتى نهاية الدهور. فهل يتجاسر بشر على الأرض، أو ملاك في السماء ويتهور وينتحل لنفسه هذه الصفات الإلهية؟ بالتأكيد المسيح هو الله المتجسد.
فهل انتظر من ديدات ألا يحذف مثل هذه الآيات، وهو يخطط لهذا المشروع الإجرامي الساذج؟ لقد قرأت عزيزي كل شيء، ولك أن تقييم الأمور ولكن لا تستهن بحياتك الأبدية.
ثالثاً: أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً
للمرة الثانية، على حد قول ديدات، يأخذ الفرصة ويسأل المسيح، ولكن ديدات هذه المرة أيضاً، لم يكن أميناً في اغتنام الفرصة، وسماع صوت الحياة في المسيح.
وللأسف سرق الآيات التي تضايقه، ليقدم ما يروق له وبالطريقة التي يرغبها، ضارباً عرض الحائط بكل القيم الروحية والإنسانية. ولكن في هذه أيضاً ضبطناه متلبساً، ونصف الآية مطمور في جيب خداعه. فقد اكتفى ديدات أن يقدم جزء من الآية هكذا (وجاء بإنجيل يوحنا “أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئا) (يوحنا 5: 30). وأنا أقول يا للعار، لأن الآية هكذا (أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً، كما أسمع أدين ودينونتي عادلة، لأني لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي أرسلني) (يوحنا 5: 30).
- أهمية الرجوع للآيات: العجيب أن ديدات يختار آيات في غاية القوة، في شهادتها لألوهية المسيح، ولأنه يعتمد على أسلوب الحذف والقص، يعتقد أن القارئ قد لا يرجع للأصل في الإنجيل المقدس. وهذه الآية هي من الآيات القوية التي تثبت لاهوت المسيح. ولا أتعجب لحذف ديدات لنصفها الذي يضايقه، وأنصح كل قارئ لأي موضوع ديني، أن يرجع إلى سياق الآية التي يتم الكلام فيها. وهي (لا تتعجبوا من هذا فإنه تأتي ساعة، فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة. أنا لا أقد أن أفعل من نفسي شيئاً، كما أسمع أدين، ودينونتي عادلة، لأني لا أطلب مشيئتي، بل مشيئة الآب الذي أرسلني) (يوحنا 5: 28-30). هذه الآيات تنقلنا مباشرة إلى:
- المسيح الديان: في هذه الآية يقول المسيح (أنا لا أقد أن أفعل من نفسي شيئاً، كما أسمع أدين، ودينونتي عادلة، لأني لا أطلب مشيئتي، بل مشيئة الآب الذي أرسلني) هل هذه الآية تؤكد ألوهية المسيح، أم تنفيها؟ فهل النبي يدين الناس؟ وهل النبي يأمر الأموات يوم القيامة، فيقومون من الموت؟
الأمر هنا يختص بإعلان المسيح عن الإرادة الواحدة في الطبيعة الإلهية، فالدينونة في اليوم الأخير. هي بأمر غير منظور من الآب، وبفعل منظور من الابن كلمته الأزلي. فالمسيح هنا يشير إلى أن وحدة الإرادة والمشيئة، فإرادته ليست مختلفة عن إرادة الآب، فالآب لم نسمع أمره بالدينونة، بينما سيرى العالم كله، تنفيذ المسيح لهذه الدينونة، فالله الواحد، قررها بذاته – الآب – وسينفذها بكلمته – الابن – وهذا ما قصده المسيح هنا، وليس كما يفبرك ديدات دائماً، ومراجعنا تشهد بذلك. خاصة أن المسيح ينسب الدينونة لنفسه فيقول (دينونتي)، ولم يقل دينونة الله، ثم يصفها (عادلة). (دينونتي عادلة)، وذلك لأنه هو الله العادل.
رابعاً: بروح وأصبع الله
يواصل ديدات محاولاً عن طريق حذف الآيات وتشويه تفسيرها، الوصول إلى أن قوة المسح، هي قوة مكتسبة وليست ذاتية، محاولاً الوصول إلى مجرد إنسان وليس ابن الله. فكتب (ولكن إن كنت أنا بروح الله أخرج الشياطين، فقد أقبل عليكم ملكوت الله) (لوقا 11: 20).
وردت هذه الآية في سياق معين، أضعه هنا لنفهم معنى كلام المسيح. حيث يقول الوحي المقدس (أما الفريسيون فلما سمعوا قالوا: هذا لا يخرج الشياطين إلا بعلزبول رئيس الشياطين. فعلم يسوع أفكارهم، وقال لهم كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب وكل مدينة أو بيت منقسم على ذاته لا يثبت فإن كان الشيطان يخرج الشيطان انقسم على ذاته، فكيف تثبت مملكته؟ وإن كنت أنا ببعلزبول أخرج الشياطين فأبناؤكم بمن يخرجون؟ لذلك هم يكونون قضاتكم، ولكن إن كنت أنا بروح الله أخرج الشياطين، فقد أقبل عليكم ملكوت الله) (متى 12: 24-28). وأيضاً (ولكن إن كنت بأصبع الله أخرج الشياطين فقد أقبل عليكم ملكوت الله).
سأضع بعض الآيات التي تنير الطريق لمن يبحث عن الحق بحق. قال المسيح (خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني، وأنا أعطيها حياة أبدية، ولن تهلك إلى الأبد، ولا يخطفها أحد من يدي، أبي الذي أعطاني إياها هو أعظم من الكل، ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبي. أنا والآب واحد. فتناول اليهود أيضاً حجارة ليرجموه) (يوحنا 10: 27-31). فقط راجع ما تحته خط.
مرة يقول المسيح: أن الخراف في يده. ومرة يقول أنها: في يد أبيه. فيده هي يد أبيه. فالمسيح يتكلم لاهوتياً وليس جسدياً. وهكذا حينما يقول أصبع الله وروح الله. ولا ننسى هنا الفهم اليهودي في أشعياء، حيث يقول يهوه الله لليهود في رمز صهيون (هو ذا على كفي نقشتك) (أشعياء 49: 16)، فكيف يقول المسيح. أن خرافه في كفه؟! أن لم يكن هو يهوه الله المتجسد؟ ثم يختم ويقول “أنا والآب واحد“. مما أصاب اليهود بالجنون، فأرادوا رجمه. فالمسيح يستخدم أصبع الله وروح الله، لأنه من ذات طبيعة وجوهر الله. فلا يستخدم أصبع الله غير الله. فإن كان المسيح يستخدمه استخداماً ذاتياً. فهو إذن الله المتجسد. كذلك روح الله هو الروح القدس روح المسيح. والمسيح يتعامل مع روحه القدوس، ليس كما يتعامل معنا نحن الروح القدس، فتعامله معنا من باب العمل فينا، أما في المسيح فالتعامل على المستوى اللاهوتي، لأن الروح القدس هو روح المسيح ذاته، أتكلم لاهوتياً. فديدات يفس آيات ليس فقط على هواه، وإنما لا يفهم طبعتها اللاهوتية أيضاً.
[1] عزيزي القارئ: هذا الجزء من كلام ديدات عن إيماننا، طمسه المترجم إلى العربية ولم يترجمه، وذلك ببساطة لأنه اكتشف أن ديدات يكذب وينافق ويفضح نفسه، فأراد أن يغطي على أستاذه، ولكننا هنا نكشف تورطهما معاً في الاتجار بالدين. وياله من سيناريو غريب وبعيد عن البحث والأمانة، ذلك الذي يستخدمه ديدات والمترجم علي الجوهري. والسؤال: لماذا؟