هل إضطر الله للتجسد والصلب والفداء؟!
هل إضطر الله للتجسد والصلب والفداء؟!
من جديد نعود مع منشورات قناة البينة، ولكن هذا المنشور يتميز بمستوى ضحل من التفكير المنطقي واللاهوتي والعلمي. ففي بداية الصورة يوجة كلامه إلى النصارى، ولا يعلم أنهم هم النصارى وأننا فقط مسيحيون، وقد رددنا على هذا الزعم وفندنا أطروحاته بالتفصيل في موضوع ومازلنا مسيحيين ولسنا نصارى ، وهل المسلمون نصارى؟، وثاني خطأ في المنشور في نفس السطر هو أن يوجه الكلام لعقل المسيحي (الذي يسميه بالخطأ بالنصراني) وهو في نفس اللحظة لا يملك من العقل ما يؤهله لفهم سؤاله، فلو فهم سؤاله لما سأله. لكن على كلٍ سنرد على سؤاله كاملاً…
ولنا تعليقات على هذه الصورة.
أولاً: ما معنى “يعيد الخطية الأصلية إلى العدم”؟! ما معنى هذا التعبير “يعيد إلى العدم”؟ هل يقصد هذا النصراني المسلم أن يغفر الله الخطية دون تجسد وفداء؟ لو كان يقصد هذا فليقرأ موضوع: #العيّنة_بيّنة (20): الخطية الأصلية والموت والفداء الخلاصي
ثانيا: نسأله نفس سؤاله، لماذا لا تؤمن أن الله يقدر ببساطة أن يغفر أن يشرك به؟ فالنص القرآني صريح ويقول [ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48) النساء] فلماذا لا يعيد الله الشرك إلى العدم؟ هل لا يقدر؟ ولماذا لم يغفر الله لآدم الذي جحد فجحدت ذريته والذي أخرج بذنبه الناس من الجنة؟ لماذا لم عيد ذنبه إلى العدم؟ فالحديث يقول:
4738 – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ النَّجَّارِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” حَاجَّ مُوسَى آدَمَ، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِي أَخْرَجْتَ النَّاسَ مِنَ الجَنَّةِ بِذَنْبِكَ وَأَشْقَيْتَهُمْ، قَالَ: قَالَ آدَمُ: يَا مُوسَى، أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلاَمِهِ، أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي – أَوْ قَدَّرَهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي – ” قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى»
ثالثاً: ما معنى “المتحكم بالعدم والوجود”؟ وما هو الذي كان موجودا ثم جعله الله عدماً؟ هل يمكن أن يجيب المسلم على هذه الأسئلة أم انه يطرح كلاما لا يفهم معناه؟!
رابعاً: من قال لك أن الله “إضطر” للتجسد والفداء؟! الله لا يضطر لشيء، بل من فائق حبه للبشر ورحمته بنا تجسد إلينا من مجده وهذه هي أفضل وأرقى وأقرب خصيصة خص بها الله الإنسان، أن يتجد آخذا جسده بغير تغير في طبيعته اللاهوتية، فالله لا يضطر لشيء.
رابعا: هو بالطبع يقدر، لكن بهذا لن يكون قد حل المشكلة، ليست القضية في خطية آدم بقدر ما نتائج هذه الخطية الأصلية، فالإنسان إلى اليوم يخطيء كل يوم، فآدم ليس مجرد إنسان، آدم كان المخلوق البشري الأول لله، وكان على صورته في القداسة والبر، ولم يكن آدم قد عرف بعدُ الشر، الخطية الأصلية والعصيان، وكانت وصية الرب له ألا يأكل من شجرة معرفة الخير والشر، ولم تكن الخطية الأصلية في الأكل بحد ذاته بل في العصيان الذي طرأ فجأة في طبيعة الإنسان من مؤثر خارجي، عبر عنه الكتاب المقدس بأنه هو الحية، الشيطان
فليست القضية مجرد خطية وغفران كما يصورها لنا هذا المسلم، بل أن القضية في أصولها هي قضية حب إلهي دائم وثابت نحو بني البشر، فمحبته للبشر جعلته يتجد في صورة بني البشر، فالرب يسوع قد جاء ليعطينا الحياة إذا ما آمنا بإسمه، ومن ضمن هذه الحياة كان فداء الصليب، فداء الله لنا، ليست المشكلة في الخطية الأصلية فالإنسان يخطيء، ولكن المشكلة في دخول الخطية إلى الإنسان الأول فهذا تغييرا قد طرأ عليه فجأة وأفسد نقاءه.
خامساً: يقول هذا المسلم أنه “بمجرد توبة آدم وحواء بكلمة واحدة يعدم الله الخطية” وهنا أسأله، لماذا إذن عندما تاب الله على آدم، إستمر تأثير خطيته على الناس أجمعين بحيث أنهم هبطوا من الجنة ولم يعودا إليها؟ حتى أن موسى حاجج آدم وقال له انه هو السبب في إخراج الناس من الجنة بذنبه، فإن كانت القضية تنتهي بالتوبة -في الفكر الإسلامي- فلماذا لم يعد الناس مجددا إلى الجنة؟ أو بالأحرى لماذا لم يظلوا فيها من الأساس؟!
سادساً: بخصوص قوانين الخالق وسير الكون عليها، فهذه صحيح، لكن ما هي قوانين الخالق؟ نعرف أنه منذ البدء وفقا للكتاب المقدس قد جعل الله الذبائح رمزا أساسيا لغفران الخطايا، حتى في الإسلام فإنهم إلى اليوم يعيدون بالأضحية على مثال إبراهيم! فيلزمنا أولا تحديد ما هي قوانين الخالق لكي نعرف من الذي يسير عليها ومن لا يسير. فحاول أن تدرس دينك ثم ديننا لتعرف أنك كنت جاهل فيهما.