أين دعي يسوع إلها (في اليونانية theos) في العهد الجديد؟
أين دعي يسوع إلها (في اليونانية theos) في العهد الجديد؟
أين دعي يسوع إلها (في اليونانية theos) في العهد الجديد؟
سنورد الجواب مختصراً في المتن ومفصلاً في موضوع هل دعى العهد الجديد يسوع إلهاً؟ لاهوت المسيح – د. عدنان طرابلسي. ويمكنك أن تقرأ أكثر عن أدلة لاهوت المسيح على الموقع.
الكنيسة المسيحية تؤمن بأن يسوع المسيح هو الله المتجسد، لا لأن العهد الجديد دعاه “إلهاً”، بل العكس هو الأصح: العهد الجديد دعا يسوع “إلهاً لأن الكنيسة كانت تؤمن بألوهية المسيح. لهذا فالإنجيليين، الذين كتبوا الأناجيل ضمن كنائسهم، عبّروا عن إيمانهم هذا كتابة.
لكن إيمان كتبة العهد الجديد بألوهية المسيح لم يستبن من دعوتهم له “إلهاً” (كما سنرى) فقط، بل أيضاً من استعمالهم للمسيح ألقاباً عبّرت عن ألوهيته وفرادته (ابن الله، ابن الإنسان، المسيح، الرب، المخلّص، الأول والأخير، البداية والنهاية، الألفا والأوميغا، ملك الملوك، الخ…).
يمكن تقسيم المواضع التي دُعي فيها الرب يسوع إلهاً theos في العهد الجديد إلى ما يلي:
1-نصوص يُدعي فيها يسوع “إلهاً” بكل وضوح
2-نصوص ربما دُعي يسوع فيها إلهاً[1]
سأذكر هذه الآيات مع التعليق عليها باختصار من الناحية الكتابية واللغوية واللاهوتية.
أولاً: النصوص التي يّدعى يسوع فيها “إلهاً” بصورة واضحة:
1-عبرانيين 8:1 “وأما عن الابن (فيقول): كرسيك يا الله ho theos إلى دهر الدهور. قضيب استقامة قضيب حكمك”.
الابن هنا يوصَف بصفات الله: فهو خالق، وقادر على كل شيء، ومخلّص وبالتالي فهو مسجودٌ له من قِبل الملائكة. بعد هذه الصفات كلها تأتي الآية 8 كنتيجة منطقية. في هذه الآية يقول الآب لابنه: “كرسيك يا الله إلى دهر الدهور”.
2-يوحنا 1:1 “في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله”
لنحلّل الآية الأولى هذه من إنجيل يوحنا إلى ثلاثة مقاطع كما يلي:
(أ) في البدء كان الكلمة،
(ب) والكلمة كان عند الله ho theos،
(ج) وكان الكلمة الله theos.
كلمة “الله ” في (ب) معرّفة بأل التعريف، وفي (ج) غير معرّفة بأل التعريف.
هذا ما دفع البعض إلى الحيرة بشأن المقصود من هذه الآية وبشأن ترجمتها الترجمة الصحيحة. لكن غياب أل التعريف قبل كلمة “إله theos” في الكتاب المقدس لا يعني أننا نتكلّم عن إله أدنى من الله (من يهوه). فأل التعريف تغيب قبل كلمة “theos” في العهد الجديد ومع ذلك تُتّرجم إلى “الله” في العربية. من الأمثلة على ذلك:
يو 6:1 “كان إنسانٌ مرسَلٌ من الله اسمه يوحنا” “Para theou“. أيضاً يو 12:1، يو 13:1، يو 18:1. ومن الأمثلة الأخرى حيث وردت كلمة “إله” اليونانية غير مسبوقة بأل التعريف ومع ذلك فهي تعني “الله” وليس “إله” نذكر: “طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يُدعون” (متى 90:5). أيضاً: لوقا 38:220.
من الجدير بالذكر أيضاً أن كلمة “الله” مسبوقة بأل التعريف قد تم استعمالها للرب يسوع. مثلاً:
“ربي وإلهي” (يو 28:20).”هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا” (متى 23:1).
“..وأما عن الابن: كرسيك يا الله إلى دهر الدهور..” (عبرانيين 8:1). راجع مناقشة هذه الآيات في أماكنها.
إذاً: الإنجيليين استعملوا الكلمات نفسها (“الله” مع أل التعريف و”الله” بدون أل التعريف) لكلٍ من يهوه ويسوع على حد سواء دون تمييز.
لاحظ أيضاً: أن يوحنا بدأ إنجيله: “في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وإلهاً كان الكلمة” (1:1)، وختمه[2]بتصريح توما: “ربي وإلهي” (يو 28:20). إذاً: لا يوجد في يوحنا أي معنى يدّل أن يسوع هو “إله” أقل من الآب أو أقل من يهوه نفسه.
3-يوحنا 18:1 “الله لم يره أحدٌ قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبّر”
النص اليوناني لهذه الآية هو: “الله لم يره أحدٌ قط. الله الوحيد monogenes theos الذي هو في حضن الآب هو خبّر”. توجد ثلاث قراءات لهذا النص.
يختم العلّامة براون تحليله لهذا النص الكتابي بالقول إنه منذ اكتشاف بردي Bodmer فإنه يوجد سبب قوي جداً لقبول النص الذي فيه يّدعى يسوع “الله theos” على أنه النص الأصلي.
4-يوحنا 28:20 “أجاب توما وقال له: ربّي وإلهي ho theos mou“.
النص اليوناني الأصلي لهذه الآية هو كالتالي: “أنت هو الرب لي والله لي”. أي “أل” التعريف تسبق كلمتَي “رب” و”إله”، الملحقتَين بياء الضمير الشخصي. وبما أنه في العربية تُحذف أل التعريف بدخول ياء المتكلم على الاسم (كما في الإنجليزية)، صارت الترجمة العربية “ربي وإلهي”. لكن النص اليوناني يوضح أن يسوع هو الرب لتوما والله لتوما. أي في يوحنا 28:20 كلمة الله أُستعملت بأل التعريف ليسوع.
أقرب نص من العهد القديم لهذا النص هو المزمور 23:35 حيث يهتف صاحب المزمور: “إلهي وسيّدي” أو “إلهي وربّي”.
5-أعمال الرسل 28:20 “…لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه” في معظم المخطوطات “كنيسة الله” لا “كنيسة الرب” هي الواردة هنا. أيضاً: “كيسة الله” هو أكثر استعمالاً كم “كنيسة الرب”. تعبير “كنيسة الله” يرد 8 مرات في رسائل بولس، بينما لم يُستعمل تعبير “كنيسة الرب” أبداً في العهد الجديد. لهذا “كنيسة الله” تشير إلى كنيسة يهوه. بما أن يسوع هو الذي سُفك دمه على الصليب ليؤسّس الكنيسة، فالكاتب هنا يدعو المسيح “إلهاًtheos”.
6-1 يوحنا 20:5: “ونعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف بها الحق، ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح. هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية”.
في الجزء الأول من الآية 1 يو 20:5 “ونعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرفه بها الحق”، نجد من الواضح (بحسب النص اليوناني) أن المقصود من عبارة “الذي هو الحق”، أو “الذي هو حق” الآب نفسه.
السؤال هو في الجزء الثاني من الآية: “هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية”: مَن هو المقصود من “هذا”؟ أي: إلى مَن كانت كلمة “هذا houtos” تشير[3]؟ هل تشير إلى الله الآب أو إلى يسوع المسيح الابن؟
يقول يوحنا: “هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية”. يشير يوحنا هنا إلى شخص واحد هو الإله الحق وهو نفسه الحياة الأبدية.
في 1 يو 2:1 يقول يوحنا إن يسوع المسيح كان عند الله الآب ويسوع المسيح هو “الحياة الأبدية” بتعريف يوحنا نفسه.
يشير يوحنا إلى شخص هو “الحياة الأبدية”، وفي مطلع رسالته الأولى يقول إن هذا الشخص هو يسوع المسيح. وفي 1 يوحنا 11-12 إن الحياة الأبدية هي في يسوع المسيح. فالمقصود إذاً من “هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية” يسوع المسيح.
أيضاً: دُعي يسوع بـ “الحياة” مرتين في إنجيل يوحنا (يو 25:11، 6:14) بينما لم يُدعَ الآب هكذا ولو مرة واحدة. هذا ينسجم مع القول إن يسوع هو المقصود بـ “الحياة الأبدية”.
إذاً: في 1 يوحنا 20:4 نجد أن يوحنا يعرّف يسوع المسيح بقوله: “هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية”.
7-رومية 5:9 “ولهم الآباء ومنهم المسيح حسب الجسد الكائن على الكل إلهاً مباركاً إلى الأبد آمين”
تحتمل هذه الآية بحسب النص اليوناني 3 قراءات (بحسب وضع علامات الترقيم) وأصحّها لغوياً: “ولهم الآباء ومنهم المسيح حسب الجسد الكائن على الكل إلهاً مباركاً إلى الأبد آمين”، حيث النقطة هنا في آخر الجملة (كما في الترجمة العربية الحالية). في هذه الترجمة يدعو بولس يسوعَ إلهاً. ففي الآيات السابقة يذكر بولس أن يسوع انحدر بالجسد من الآباء، ومن ثم يؤكّد في هذه الآية على مكانة يسوع كإلهٍ. آباء الكنيسة الذين كانت اللغة اليونانية لغتهم الأم رأوا في هذه الآية دليلاً قاطعاً على ألوهية المسيح.
ثانياً: نصوص ربما دُعي يسوع فيها إلهاً:
1-كولوسي 2:2 “…لمعرفة سرّ الله المسيح المدّخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم”.
النص اليوناني حرفياً هو “لمعرفة سرّ الله المسيح tou theou christou…”.
2-2 تسالونيكي 12:1 “..بنعمة إلهنا والرب يسوع المسيح”
النص اليوناني الحرفي يقول: “…بنعمة الله الذي لنا ورب يسوع المسيح”. حرفياً:
Kata ten charin tou theou hemon kai kyriou Iesou Christou.
توجد قراءتان محتملتان للنص اليوناني هنا: “بنعمة إلهنا – و – الرب يسوع المسيح”، “بنعمة إلهنا و(بنعمة) الرب يسوع المسيح”. في الحالتين معاً توجد إشارة قوية إلى أن يسوع المسيح هو الله.
3-تيطس 13:2 “منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلّصنا يسوع المسيح”
النص اليوناني لتيطس 13:2 هو حرفياً: “ظهور مجد الله العظيم ومخلّص لنا يسوع المسيح”.
توجد 3 قراءات محتملة لهذا النص يناقشها العلّامة براون[4]. القراءة الأصح هي: “مجد إله – و –المخلص العظيم الذي لنا يسوع المسيح”. هنا لقب “الله – والمخلّص” مُعطى ليسوع المسيح. هذا هو أوضح تفسير وقراءة لهذا النص. فهو يعني أن الكاتب يتكلّم عن ظهور مجد واحدٍ وهو ظهور مجد يسوع المسيح، وهذا على انسجامٍ مع إشارات أخرى إلى ظهور يسوع المسيح في رسائل بولس الأخرى (1 تيمو 14:6-15، 2 تيمو 1:4). أيضاً ما يُثبت أن لقب “المخلّص” هنا المقصود به يسوع لا الآب هي الآية التالية التي تشرح الأعمال الخلاصية التي صنعها يسوع لخلاصنا: “الذي بذل نفسه لأجلنا لكي يفدينا من كل إثمٍ ويطهّر لنفسه شعباً خاصاً غيّوراً في أعمالٍ حسنة” (تيطس 14:2).
4-2 بطرس 1:1 “سمعان بطرس عبد يسوع المسيح ورسوله إلى الذين نالوا معنا إيماناً ثميناً مساوياً لنا ببرّ إلهنا والمخلّص يسوع المسيح”
النص اليوناني الحرفي لهذه الآية هو: “ببرّ إلهنا ومخلّص يسوع المسيح”.
توازي هه الآية 2 تسالونيكي 12:1 حيث كانت القراءة الأصح: “بنعمة إلهنا والرب سوع المسيح” وذلك بسبب عدم وجود أداة تعريف قبل كلمة “الرب” في اليونانية، مما يعطي الانطباع بأن كلاً من “الله” و”الرب” هما اسمان مضافان إلى “يسوع” ومرتبطان معاً في تركيب الجملة ولهما أداة تعريف واحدة جاءت قبل أول اسم منهما “الله”.
ملاحظة أخيرة بخصوص الآيات التي تحتمل ترجمتين. لو كان كتبة العهد الجديد يمانعون دعوة الرب يسوع إلهاً أو لا يؤمنون بأن يسوع هو الله المتجسّد لما كانوا استعملوا على الإطلاق أي تركيبٍ لغوي يحتمل تأويله أكثر من معنى وطريقة. حتماً لاحظ كتبة العهد الجديد أن بعض جملهم قد تحتمل تأويلاً معيناً بأن يسوع هو نفسه “الله” ومع ذلك أبقوها على حالها. السبب الوحيد لهذا هو أنهم كانوا يؤمنون بأن يسوع هو فعلاً “الله”، لهذا لم يجدوا أية مشكلة في هذه الجمل. هذا الإيمان يشهد له القرن الثاني الذي كان استمراراً لإيمان القرن الأول بأن “يسوع هو ربٌ Kyrios”، وهو اللقب التقليدي الذي استعملته الترجمة السبعينية ليهوه في العهد القديم. (د. عدنان طرابلسي)
“الجهل بالكتاب المقدس هو جهل بالمسيح” (القديس إيرونيموس)
“اقبلنا نحن الجاثين لك والهاتفين: أخطأنا، فإننا لك أُلقينا من الحشا، ومن بطن أمّنا أنت إلهنا” (صلاة غروب العنصرة: صلاة السجدة)
[1] في المرجع المذكور لاحقاً للعلاّمة براون يوجد تقسيمٌ مختلفٌ قليلاً عن تقسيمي هنا.
[2] معظم علماء الكتابي يتفقون على أن يوحنا 28:20 هو نهاية الإنجيل في مخطوطاته الأصلية قبل أن يُزاد عليه من يوحنا أو تلاميذه.
[3] من ناحية القواعد: “هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية” تشير إلى أقرب شخص سابق لهذه الجملة ألا وهو يسوع المسيح. يوجد اعتراض بأن الآية السابقة أشارت إلى الآب مرتين عندما ذكرت “لنعرف الحق” و “نحن في الحق”، والمقصود الحق هنا هو الله الآب. لهذا قد تشير “هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية” إلى الله الآب أو إلى يسوع المسيح. هذا من الناحية اللغوية الصرفة.
انجيل توما الأبوكريفي لماذا لا نثق به؟ – ترجمة مريم سليمان
[4] Raymond E. Brown: Jesus God and Man; Macmillan Publishing Co. Inc, New York, 1970.